| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الخميس 29/3/ 2007

 

 

شموع آذار

د. صادق إطيمش

لقد أبى آذار أن يودع أرض العراق الطيبة وأهلها الكرام عام 1934 قبل أن يترك فيها ما تستحقه هذه الأرض المعطاء وأهلها ألأخيار من عطر ربيعه ونفحات نسيمه وإشراقات شمسه وألوان أزهاره واخضرار ربوعه وصفاء سماءه , فأضاء شمعة توهج شعاعها لوهلته ألأولى ليرسم هذا الفسيفساء الجميل على جبهة وليد الوطن , ومن ذلك اليوم وشموع آذار تتوهج وتتوهج حتى بدى نورها يُضيئ عتمة الطريق.
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يترك فيها حبآ عارمآ , حب الهائم بحبيبته أرض العراق . ألحب الذي عَلَمَه حب كل ألأرض , حب كل البشر. حب وليد آذار هذا لهذه الأرض التي حملته لسنين بين أحشاءها تحبو عليه ليرى النور عليها وفيها ومن خلالها , فما أحلاك يا نور آذار , وما أحلاك يا أرض آذار , وما أحلاك يا وليد آذار , وما أحلاك يا حب آذار .
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يزرع فيها زنابق من كل لون وورودآ من كل صنف ,.زيّنها بجمال أبدي ظل ملتصقآ بها , إذ لا قدرة للنبت على فراق منبته . زنابق آذار هذه ووروده رأيناها أمس ونراها اليوم وسنظل نراها ما دمنا نلتصق بهذه ألأرض وسيراها من تنجبه هذه ألأم بعدنا , فزنابق آذار زنابق أبدية , ورحيقها سرمدي .
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن ينشر فيها بريق ألأمل بما هو آت . ألأمل الذي ظل ينتظره أهل هذه الأرض الطيبة ويمنون أنفسهم به قبل أن يجعل آخر يوم من آذار هذا الأمل حقيقة وهذه الأمنيات واقعآ . ألأمل الذي رفعته سواعد جنود آذار ورددته حناجرهم بنشيد ترتعد له فرائص أعداء آذار, أعداء الربيع , وطن حر وشعب سعيد ,نشيد يكدر على أعداء أرض آذار صفو حياتهم التي إعتادوا عليها في سحق الكادحين وسلب المعوزين قبل أن يسلط عليهم آذار أشعة نوره وشعاع فكره. لينشر عليها بيارق تخفق مع خفقات قلوب بنات وأبناء آذار , قلوب وبيارق تخفق لنغمات أناشيد آذار التي أراد إسكاتها أعداء آذار, أعداء التحرر , أعداء الشعب , أعداء ألأمل , أعداء ألأرض ,أعداء ألإنسان والإنسانية . فإلى أي منحدر إنحدروا وعلى أي قمم تألقت يا وليد آذار .
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يغرس فيها شموخ ربيعه بكل ما في هذا الشموخ من بأس الإرادة وقوة العزيمة وعمق الجذور الثابتة في أعماق أرض آذار . وشموخ آذار سيظل ما بقيت هذه ألأرض التي إرتبط بها آذار بعقد وفاء أبدي وعهد فداء سرمدي . الوفاء والفداء هما سر هذا الشموخ الذي يتسامى ويتسامى كلما مسه نور جديد من أنوار شموع آذار, فشموخ وليد آذار يعانق السماء ويحتضن الشمس.
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يُفجر فيها ينابيعه الصافية , الينابيع التي لا تعرف الجفاف , الينابيع التي يظل سلسبيلها الأزلي يروي ظمأ هذه ألأرض الطيبة المعطاء كلما جار الدهر عليها بزمهريره , لتقوم وتنهض وتواصل ما دام خزين ينابيع آذار لا ينضب وشموعه لا تضمر وعود وصاله لهذه ألأرض وأهلها لا يذبل .
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يبث فيها وعيآ ينشر ثقافة السهرعلى قيم الأرض وما عليها , فأرض كهذه حَرية بالحرص عليها من الطامعين فيها , ممن يكيدون لها كيدآ لا خير فيه , ويضمرون لأهلها شرآ لا رحمة فيه , إلا أن وعي آذار لهم جميعآ بالمرصاد , ونور شموع آذار يكفل أن لا يدع لخفافيش ظلامهم حيّزآ يتحركون فيه , هذا النور الذي لا يتوقف عن التوهج والذي ينير درب أجيال وأجيال.

لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يجعل من عظمته تتجلى بأروع صورها حينما ينهض بعد كل كبوة ويشمخ بعد كل هفوة ويواصل بعد كل قطيعة ويقول هاأنذا بعد كل المحاولات الدنيئة التي أرادت أن تجعل من حطام آذار حطامآ لأرض الوطن التي إحتضنه , المحاولات البائسة التي أرادت أن تنال من الجبل والهور ومن البادية والبسانين , من دجلة الخير وفرات العطاء . فكيف لا تبوء مثل هذه المحاولات الدنيئة بالفشل وآذار وأرض آذار وأهل آذار ووليد آذار لها دومآ وأبدآ بالمرصاد .
لقد أبى آذار أن يترك هذه ألأرض قبل أن يُفجر فيها يَمّآ تلاطمت أمواجه لتبتلع قراصنة البغي والسوء والجريمة الذين توافدو على هذه ألأرض من كل حدب وصوب يريدون بها سوءً ويضمرون لها ولأهلها كيدآ , لا همّ لهم إلا خرابها , وهل يجيد القراصنة غير الخراب والتدمير والجريمة....؟ ولكن ليس بوجود آذار وأجيال آذارووليد آذار على أرض آذار.
الحب الصادق والزنابق الشذية والبيارق المنشورة والشموخ الصامد والينابيع الصافية والوعي المتفجر والعظمة الحقة واليّم الهادر, تركها آذار قبل أن يودع آخر أيامه على أرض العراق في ذلك العام الذي أبى فيه أن يترك هذه ألأرض قبل أن يرى عليها ولادة :
الحزب الشيوعي العراقي