| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الخميس 28/9/ 2006

 

 

لن يجف النبع السومري...

 

د. صادق إطيمش

بألم وحرقة تجرع الوسط الديمقراطي التقدمي العراقي خارج الوطن وداخله علقم توقف نبع عراقي أصيل من ينابيع الفكر الثوري وداعية رائد من دعاة العراق الجديد , عراق النضالات البطولية التي سجلتها كل حقب التاريخ التي مر بها هذا البلد والتي لم يبخل بها أهله الكرماء من تقديم كل ما يمكن أن يجود به الحبيب الهائم بحب حبيبه , النفس والمال والصحة والمنصب . حتى التشرد والحِل والترحال في أرض ألله الواسعة لم يستطع أَن يدفع بمن أحب العراق أرضآ وسماءً جبالآ وبطاحآ برآ وبحرآ أن يشك ولو من أبعد البعيد بجدوى هذا الحب ألأزلي الذي ظل يتدفق من ينبوع الفكر السومري الذي شفى به موقع ناصرية نت ظمأنا وأروى به غليلنا بما حمله إلينا من خلال الوريث السومري والإبن ألأزلي الفنان عدنان الشاطي عبر البحار والفيافي من جرعات سلسبيله العذب الذي حملنا في كل رشفة منه إلى سلسبيل دجلة الخيرأو إلى هدير الفرات الجاري. إن يتوقف هذا الموقع اليوم عن البذل والعطاء فأنه لن يتوقف عن ديمومة سيل النبع الذي يظل يراهن على توهج خزينه الثري يومآ ما , خزين سومر وأكد , خزين دجلة والفرات, خزين الهور والبردي, خزين العلم والفن والأدب, خزين الثورة التقدمية وفكرها الرائد الذي وضعه أبناء سومر على طريق المسيرة العراقية الثورية الغنية بكل شيئ تاريخآ وحاضرآ وسوف لن يكون غير ذلك مستقبلآ, فالنبع السومري, كأي نبع أصيل من هذه الأرض الطيبة المعطاء , لا يجف حتى وإن توقف عن التدفق لبعض الوقت .
ألألم الذي نتجرعه اليوم لهذه الخسارة التي لا ينبغي لها أن تدوم ولا يجوز لها أن تتكرر يجب أن لا يمرعلينا اليوم لننساه غدآ . إنه ألم يوحي لنا بأن نفقه خطورة المرض الذي يعترينا اليوم . المرض الذي يإن تحته وطننا الجريح الذي ما إنفك يداوي جراح البعثفاشية ألأليمة حتى أثخنته العصابات الجديدة بجراح أعمق وابتلته بنكبات تعيد بها مآسي مجرمي البعث الذي جعل من الفكر الشوفيني الرجعي المتخلف غطاءً سياسيآ للجريمة وطريقآ للهيمنة والتسلط والقتل والتجويع والتشريد حتى إذا ما خلت جعبته الخاوية أصلآ من الفكر السياسي الذي خدع به نفسه والآخرين , لجأ في آخر أيامه السوداء إلى الدين علّه يجد فيه ضالته المفقودة على الواقع السياسي فكانت حملته الإيمانية التي ما عرفت غير ألإيمان بالجريمة وكانت صرخاته الدينية التي شرعنت الذبح والقتل تشريعآ دينيآ يريد به أيتامه اليوم المحافظة على نهج أسيادهم فبدأوا بعد سقوط صنمهم بما توقف عنده الجرذ واستمرت حملتهم ألإيمانية محمولة على جثث العراقيين رجالآ ونساءً شيبآ وشبابآ أطفالآ وصبيانآ , يجوبون بعصاباتهم التي تمترست وراء هذا المرجع الديني أو ذاك القائد المجاهد , أسماءٌ لم يسجل لها النضال الوطني ضد البعثفاشية المقيته حتى ولا حرفآ نيرآ واحدآ في سجل النضال الوطني المليئ بصفحات التضحية والفداء الذي لم يبخل بها المناضلون والمناضلات ممن ينتمون حقآ وحقيقة , لا دجلآ ونفاقآ , إلى هذا الشعب المظلوم وإلى هذا الوطن الجريح. أسماءٌ كانت بالأمس تتباهى بلباسها الزيتوني وسلاحها البعثي القمعي , فأصبحت اليوم تقود مفارز العصابات السائبة تتبجح براية الدين لتقتل وتنهب وتختطف وتسلب وتُهَجِر من تشاء , حتى إقتسموا الوطن فيما بينهم مؤسسين لكيانات طائفية عشائرية يظنون أنها ستكون لهم كما يريدون مستقبلآ . هذه العصابات ومن يقف وراءها تمويلآ ويدعمها سياسيآ في الكيانات الجديدة الهزيلة التي لا يغير إختلاف أسماءها, وزارة كانت أو برلمانآ أو جيشآ أو شرطة, من هزالتها وإستخفاف العصابات السائبة بها بحيث أصبحت , وبفضل ما تتستر وراءه من دين ودولة , هي صاحبة المبادرة في الحرب الدائرة ضد الشعب العراقي الذي تكالبت عليه القوى الشريرة من كل حدب وصوب .
كيف يمكننا أن نفسر , في دولة كهذه , من يجلسون في برلمان المفروض به أن يمثل الشعب العراقي الجريح وقواه الوطنية التي تصدت للبعثفاشية , إلا انهم يمثلون البعثفاشية قولآ وفعلآ ويدافعون علنآ عن العصابات التي تقتل الشعب العراقي من خلال ما يسمونه بالمقاومة الشريفة التي إكتسبت هذا الشرف الجديد من قذارات البعث وأفكاره النتنة ؟ لقد إختفت وجوه عن الساحة السياسية العراقية بُعيد سقوط الصنم لتبرز اليوم مجددآ وهي تدعوا جهرآ للبعثفاشية وتهدد كل من يطالب بمحاسبة مجرميها والإقتصاص منهم. وجوه كسيحة جاءت بهم القوائم ألإنتخابية عمدآ لتقول أنهم لم ينهزموا بعد وليصرخ من يريد أن يصرخ بكل ما لديه من قوة فالبعث يجلس اليوم في البرلمان العراقي الجديد منضويآ تحت رايات بعض القوائم الإنتخابية التي تسترت عليه بالدين تارة وبالعشائرية والطائفية والمناطقية تارة أخرى .ما يُسَمون اليوم بنواب الشعب هؤلاء لم يتوقفوا لحد الآن عن شتم الشعب العراقي والتهجم على نضاله ضد سيدهم الجرذ ونظام حكمه الأسود كلما سنحت لهم الفرصة بالحصول على إيفاد حكومي أو إجازة خارج العراق , وما أكثر هذا وذاك لهؤلاء , حين خروجهم على شاشات بعض الفضائيات التي أعلنت وقوفها صراحة ضد الشعب العراقي وعبرت عن نيتها بالإنتقام من هذا الشعب الذي هلل وكبر لسقوط جرذهم ولم يقم بأية بادرة للدفاع عنه . ولم تُساءل الحكومة الموقرة أذناب البعث هؤلاء يومآ عن موقفهم هذا ضد الشعب العراقي وهم يجلسون في مجلس المفروض أن يمثله ويمثل تطلعاته . والأنكى من ذلك أن تتكفل حكومة الشعب هذه بتدليل هؤلاء أيضآ ضمن حملة الرعاية الجديدة لتدليل البرلمانيين , ألمساكين والمحتاجين جدآ, الذين تُصرف لهم سلفة مالية بآلاف الدولارات لتغطية تكاليفهم المستمرة والتي تزداد بإستمرار. ولا ندري هل يتم صرف هذه السلفة للمواظبين على الدوام في البرلمان فقط أم للجميع من البرلمانيين العاملين والبرلمانين العاطلين عن العمل والذين يتسكعون في عواصم العالم ومدنه التي كانوا فيها وعوائلهم , فتركوها دون عوائلهم ليعودوا لها ولعدة مرات في السنة وهم محملون بآلاف الدولارات من قوت الشعب العراقي, وآلاف من العوائل التي فقدت معيلها أيام البعثفاشية السوداء لا تجد ما تسد به رمق أطفالها , تفترش الأرض وتلتحف السماء , في حين تعج المؤسسات العراقية جميعها وبدون إستثناء بحرامية النهار والليل.
او كيف نفسر , في دولة كهذه , خروج بعض الشباب المعممين الذين لم تسعفهم تجربة أعمارهم أن يتعلموا معنى العمل السياسي بأن يضعوا أنفسهم وعصاباتهم كَندِّ للدولة التي يدخلون هم وأحزابهم في تشكيل كياناتها ومؤسساتها فيأمرون بحمل السلاح هنا ومنعه هناك وجواز إستعماله من قبل هذا وتحريم إستعماله على ذاك وكأن ألأمر لا يتعدى مشيخة عشائرية مغموسة بعمامة سوداء أو بيضاء حتى يأخذ ألأمر العشائري الديني هذا طريقه إلى التنفيذ وعلى الدولة السلام وعلى الشعب الطاعة والإحترام وألا........ وما أكثر هذه العمائم التي أصبح الكثير منها حجة ومرجعآ وقائدآ ومجاهدآ بين عشية وضحاها , ضاعت بينها المفاهيم وأختلطت عليها ألأوراق فلم تعد نفسها تعلم ما أرادته بالأمس وما تريده اليوم وماذا ستفعل غدآ , رؤووس فارغة إلا من حب السيطرة والتبجح بالقدرة على القيادة والإصرار على إنتهاك القيم التي يدّعون التشبث بها , أوصلت البلاد والعباد , بغباءها هذا , إلى متاهات إقتتال طائفي لا وجود له قبل أن يبتلي الوطن بهم ولم يستوعبوا , لجهلهم المطبق , ما ستؤول إليه عنجهيتهم التي لم تجلب للشعب والوطن غير إستمرار القتل وفقد ألأمان وإختفاء ألخدمات والفساد ألإداري وهجرة العقول والتلاعب بثروات الوطن والثراء الفاحش والتدخل ألإقليمي الذي يضمر الشر بالوطن وأهله وهم يتفرجون على كل ذلك غير آبهين لما يدور ما دامت بيوتهم زاهرة وجيوبهم عامرة وسياراتهم فارهة ولا يفكرون متى يكتفون فيرحلون ويُريحون بذلك ويستريحون .

أما ألظاهرة العجيبة في العمل الحكومي والتي يعجز عن تفسيرها حتى الجهاز الحكومي نفسه فهي ظاهرة تنَكُر الأجهزة الحكومية لعمل بعضها البعض وكأن الوطن إكتسب إسم المسرحية الهزلية لدريد لحام والمسماة , كلمن إيدو إلو , فأصبحت بعض أحزاب الحكومة تتنكر للإجراءات الحكومية التي تحمل تواقيع وزرائهم في الحكومة أو نوابهم في البرلمان . فالحكومة العراقية المنتخَبة هي التي طلبت من مجلس ألأمن الدولي تمديد وجود القوات ألأجنبية بالعراق , وبغض النظر عما يكنه العراقيون لوجود قوات أجنبية على أرض وطنهم , فإن الأمر يتعلق بالموقف من سياسة الحكومة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ وطننا والذي يحتم على كل من ساهم في العملية السياسية أن يدعم التوجه الحكومي مع ألإحتفاظ بالموقف النقدي من أي إجراء حكومي ومحاولة التوصل إلى حلول يتفق عليها أكثرية المشاركين في الحكم في حالة وجود خلاف على هذا الأمر او ذاك . أما أن يخرج بعض المنظرين من بين هذه الأحزاب الحكومية ليعلن عن , مفاخرهم البطولية , بتصديهم بالسلاح للقوات الأجنبية ولمن يعمل مع هذه القوات من العراقيين ويعدّون ذلك ضمن قناعاتهم وتوجهاتهم الدينية, فبالإضافة إلى مساهمة مثل هذه الأعمال برفع وتيرة ألإرهاب وازدياد الجريمة , فإن المنفذين لمثل هذه الجرائم يلتقون مع قتلة ألشعب العراقي ألآخرين خارج السلطة , وهذا أمر يحتاج إلى بهلوان سياسي قدير جدآ لهضمه ومن ثم تفسيره للحكومة أولآ ولعامة الناس ثانية , وكيف يمكن فهم هذه المعادلة ضمن تقاليد مجتمعنا وإلتزاماته حينما تدعو إنسانآ إلى بيتك لتوجِه له سلاحك بغية قتله بعد أن يلبي لك هذه الدعوة ....؟ وماذا ستكون سمعة حكومة كهذه بين أمم العالم , حكومة تطلب رسميآ مساعدتها في عقر دارها فيقوم بعض أعضائها بقتل من نفذوا هذا الطلب....؟
وما أكثر هذه الظواهر التي أصبح البلد يئن منها والشعب يتجرع مرارتها فتتقطع أوصال أبناءه الغيارى الذين ناضلوا لعراق غير هذا الذي يرونه اليوم مُحملآ بأدران الطائفية والعشائرية والقومية الشوفينية والمناطقية . وحينما ينتاب ألإحباط بعض المخلصين الغيارى وتسوء صحتهم ويتكدر عيشهم بما يحملونه من هموم الوطن ومآسيه حتى وإن كانوا في أجمل بقاع الدنيا ولهم من الموارد ما يغنيهم عن ألآخرين وبإمكانهم العيش بسعادة ونعيم مع عوائلهم وأطفالهم , وحينما يلجأ بعض المتنكرين للوطن بإسم الوطن تارة وبأسم الدين تارة أخرى إلى سرقة هوية العراق بعد سرقة خيراته فينعتونه بشتى النعوت الغريبة عليه وعلى أهله الطيبين الذين ما حملوا هوية غير هوية العراق أولآ وأخيرأ , حينما يرى المناضلون المخلصون ذلك كله فيعجزون عن رده أو إصلاحه فإن بعضهم قد يحتاج بعض الوقت لشحذ الهمم مرة أخرى وإستعادة الصحة التي أفناها بحب العراق وأهل العراق ,وهذا أمر طبيعي , ليعاود مجددآ ذلك العطاء الأصيل النقي الصافي . وهذا ما سنجده ونراه يومآ ما حينما ينفجر خزين النبع السومري الذي لا ينضب ويحمل إلينا الفكر العراقي الثوري التقدمي من خلال ناصرية نت مرة أخرى , نفحات الفنان الرائد عدنان الشاطي وكل من يقف معه لرفد السيل العراقي الثقافي بهذا السلسبيل السومري ألأصيل .