| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

السبت 28/8/ 2010



أيها العراقيون أبشروا .... ستفطرون على جِرِيِّة

د. صادق إطيمش

إنشغال السياسيين العراقيين بالتعبد والصوم والمناسك الكثيرة في شهر رمضان المبارك ، وهم حقاً أهل هذه المناسك ، جعلهم يوجهون جل قواهم ووقتهم وكل طاقاتهم إلى القيام بهذه العبادات على أحسن وجه إذ أنهم ، والحق يقال ، لا يسعون إلا للتقرب إلى الله من خلال تقربهم إلى الشعب وهذا ما يدل عليه بذل الغالي والنفيس وكل الجهد والطاقة والتضحية في سبيل تحقيق وعودهم التي وعدوا بها الناس منذ سبع سنين على التوزيع العادل للثروة الوطنية ومكافحة الفساد في المؤسسات التي يسيطر عليها رجالهم ونساؤهم ومن تبعهم من ألنُساك العُباد ، وعدم التباطؤ في تحقيق الخدمات للمواطنين ، وقد صدقوا بما عاهدوا الله والمواطنين عليه. لذلك لابد من السماح لهم بأخذ قسطاً من الراحة والإستجمام من هذا العمل المضني ، خاصة ذلك العمل الذي مارسوه في البرلمان الذي تمخض عن إنتخابات السابع من آذار لهذا العام 2010 ، إذ قضى النواب المساكين الأشهر الستة الماضية بالعمل المضني ألذي أرادوا به تحليل الملايين التي يقبضونها من بيت المال مقابل هذا العمل ، إذ أنهم ، يشهد الله ، أعرف مَن يميز بين الحلال والحرام وبين ما يستحقونه من أجر فيأخذونه عن طيبة خاطر ، وما لا يستحقونه فيرفضونه حتى وإن أُعطي لهم ، إذ ان دينهم يقول لهم " الأجر على قدر المشقة " وهم ملتزمون بهذ المبدأ دوماً ، ومن يسعى لإثبات العكس " فذنبه على جنبه " كما يستعمل العراقيون هذا المصطلح للتعبير عن مغبة القيام بأي عمل من هذا النوع لا يستطيع عليه البسطاء من الناس عديمي الحول والقوة . تصوروا جلسة واحدة وهي الجلسة الأولى للبرلمان الجديد مستمرة منذ ثلاثة أشهر ليلاً ونهاراً دون إنقطاع المساكين عن عملهم من نائباتنا الفاضلات ونوابنا الأكثر تفضيلاً يوصلون الليل بالنهار والنهار بالليل في هذه الجلسة الدائمة المستمرة ، الجلسة الأولى . فارحموا بحالهم ايها الناس وتوسلوا بهم أن ينهون جلستهم هذه خوفاً على صحتهم وليس طمعاً في أموالهم وممتلكاتهم ومقاولاتهم ، والعياذ بالله.

المثل العراقي الشائع في وسط وجنوب العراق يقول " بعد ما صام فُطر على جِرِيَّة " . والجريَّة هذه هي نوع من السمك اللذيذ اللحم فعلاً لمن جربوه ، إلا أن الشيعة في العراق يحرمونه ، لذلك يعتبر من اللحوم الغير مستساغة . وإنني اتذكر جيداً كثيراً من الحالات التي رايت فيها عشرات من سمك الجِري مرمية على شارع النهر في المدينة حيث يقذفها صيادوا الأسماك للتخلص منها . ولهذه الظاهرة قصة يرويها المؤرخون ، والعهدة على الراوي ، فيقولون أنه لما دخل الإنكليز العراق بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى كانوا يصطادون هذا النوع من السمك ويأكلونه بشهية بالنظر لطيب مذاقه . وحينما شعر الإنكليز بأن العراقيين قد يشاركونهم في هذا الصيد ، أوعزوا إلى أحد فقهاء السلاطين بأن يجد ما يبرر تحريم أكل هذا النوع من السمك والإفتاء بذلك لكي يتقنن هذا التحريم دينياً . وفعلاً جاءت الفتوى التي تلعن الجرِيَّة التي خبطت الماء على الإمام علي بن أبي طالب (ع) أثناء توضئه على شاطئ نهر الفرات.

فالإفطار على جرِية بعد صيام مضني يعني بالنسبة لشيعة العراق أمر مخيب للآمال ويدعو إلى التاسي مع هذا الصائم اكثر مما يدعو إلى الفرحة بإكمال فريضة الصيام . وهذا ما سيعيشه ويلمسه العراقيون عن قرب بعد إنتهاء شهر رمضان المبارك وإكمال فريضة الصوم .

لقد صرح الكثير من السياسيين العراقيين بان تشكيل الحكومة الجديدة سوف لن يتم قبل نهاية شهر رمضان . ومن المعتقد أن هؤلاء السياسين يرغبون بتقديم هدية إلى الشعب العراقي بمناسبة عيد الفطر المبارك وإن هذه الهدية يمكن أن تكون الحكومة المُنتَظَرة ، وإنهم في الحقيقة قد تعمدوا في تأخير الإعلان عن تشكيلها لهذا الغرض فقط لا غير . إلا أن السؤال الذي لم يجد العراقيون جواباً له لحد الآن هو نوعية هذه الحكومة التي كثرت عليها الأقاويل وترددت حولها الشائعات المختلفة وعمن سيرئسها ويستوزرها خاصة في تلك الوزارات التي يسميها التمحور الطائفي الحزبي العشائري المقيت بالسيادية . هذه الحكومة ستكون هدية العيد ، إن شاء الله ، وإن لم يشأ سبحانه وتعالى فلا عتاب لنا على السياسيين وقادة الشعب العراقي المخضرمين إذ أنهم لا يعملون إلا بمنطوق الآية الكريمة " ولا تشاؤون إلا أن يشاء الله . فما ذنبهم هم في كل هذا ، إلا يكفي هذا الشعب الناكر للجميل أحياناً سهرهم معه حينما تنقطع الكهرباء في ليالي تموز الحارقة التي لا تغمض فيها عين . ألا يكفي تعرضهم كما يتعرض الشعب لكل تلك الأمراض التي سببها تلوث المياه والعواصف الترابية وانتشار المزابل حتى أمام بيوتهم ، إذ أنهم لا يتعالون على الشعب ، كما يعمل حكام دول الكفر ، فيسكنون في قصور مشيدة محروسة ومؤثثة بأحسن الأثاث بدءً بالحمامات وانتهاءً بمكيفات الهواء ، لا أبداً إذ أن كل ذلك يدخل في باب التشبه بالكفار ,هم عن كل ذلك بيعيدون بُعد السمك عن الماء ، وإليكم الدليل القاطع والبرهان الساطع :


وعلى ذكر السمك هذا نعود إلى الجريَّة التي سيفطر عليها العراقيون في عيد الأضحى المبارك . إنها ستكون حتماً مليئة بكل ما جمعته تجربة المحاصصات الطائفية وفعاليات النشاطات العشائرية الحبلى بالفساد الذي تديره مؤسسات أصبحت لها اليد الطولى في كل ما يمس المواطن في دينه ودنياه . إنها ستكون حكومة لا يستطيع رئيسها أن يشير بإصبعه ولو مجرد إشارة إلى أحد أعضائها لان مثل هذه الإشارة ستترجم فوراً إلى لغة التمحور الطائفي أو القومي أو العشائري الذي لا يعرف هؤلاء الساسة سواه ، فكيف سيكون الأمر إذن لو أراد أي مواطن مسكين يتفيأ تحت ظلال قصر من القصور الملثمة والمعممة أن يسأل سكنة هذه القصور من أين لكم هذا ...؟ إنها ستكون حكومة " داريني واداريك " وإلا لماذا عراك الديكة هذا إن لم يكن في الأمر ما يستحق اللغف واللف وكأن لغف ولف السنين السبع الماضية وما أسسوا به من مؤسسات تجارية ضخمة وما وفروا به من ملياردات في بنوك عالمية وما شيدوا به من مشيدات عالية لم يكفهم لتحقيق ما قرأوه عن المال باعتباره زينة الحياة الدنيا ، وفي قتالهم على المناصب هذا لا يرجون إلا ألمزيد والمزيد حيث أن عقولهم وبطونهم لا تعرف غير جواب واحد لسؤالهم لها هل إمتلئت ...؟ فتجيبهم : هل من مزيد ...؟ وهم لا يعملون ويكدحون ويتأسون ويتعذبون مع الشعب إلا للوصول إلى هذا المزيد ، ومن يعتقد بأنهم سيصلونه خلال السنين الأربع الماضية فهو على خطأ جسيم .

لقد حاولت ان اجد مثلاً من الأمثال السائدة لنواجه به ساستنا ألأفاضل تقديراً لما قدموه لشعبهم لحد هذا الوقت الذي إختفت فيه الحكومة المنتظرة والذي إقتنصه الإرهاب خير إقتناص ، فلم أجد إلا المثل القائل : إن كنت لا تستحي فأفعل ما شئت ، ينطبق خير الإنطباق على ساستنا . والله المستعان .

 

 

free web counter