| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الثلاثاء 27/3/ 2007

 

 

قمامة الرياض.......عفنة قبل أن تتحلل


د. صادق إطيمش

مؤتمر القمة القادم للجامعة العربية في الرياض سيبحث مواضيع عربية آنية تتعلق بالعراق والسودان ولبنان وفلسطين كأهم محاور هذا اللقاء الذي إنتهى من إعداد برنامج عمله وزراء الخارجية العرب يوم أمس وهم ألآن بانتظار" المهيوبين قادتهم ألأشاوس التي بدأت فرائص العالم في الشرق والغرب والشمال والجنوب ترتعش لمجرد سماعها بلقاء كهذا لمغاوير أبطال كقادة العرب اليوم بعروشهم وكروشهم ."
لا نريد أن نستبق ألأحداث والتنبؤ بما سيفرزه هذا المؤتمر إنطلاقآ من إفرازات مؤتمرات كهذه لمنظمة كهذه المنظمة, إلا أن كل من له أدنى معرفة بتاريخ الجامعة العربية والظروف التي إكتنفت تشكيلها وطبيعة عملها طيلة مدة وجودها يعلم تمامآ بأن هذه المؤسسة هي مؤسسة للحكومات العربية قبل أن تكون للشعوب . فإذا علمنا مدى سعة الهوة التي تفصل الحكومات العربية عن شعوبها علمنا بمدى إبتعاد هذه الجامعة العربية عن الشعوب التي تتبجح , وبصفاقة أحيانآ , بتمثيلها في المحافل الدولية وفي مجمل نشاطها ألإعلامي . ولا نريد سرد ألأدلة لتبرير ذلك , إذ أن دليلآ واحدآ فقط في هذا المجال يغنينا عن السرد وهو القرار الذي تتبناه الجامعة العربية منذ تأسيسها بعدم السماح للعاملين في مؤسساتها ذات الطبيعة الدبلوماسية أو ألإدارية الهامة دون موافقة حكومات هؤلاء والسماح للجامعة العربية بإستخدامهم في مؤسساتها . وإنطلاقآ من هذه ألإلتزامات التي تربط هذه الجامعة بالحكومات ,إتخذت مواقفها بالنسبة لتحرير العراق من الحكومة البعثفاشية التي تجاوزت علاقتها بها محاور العلاقة الحكومية التقليدية لتصب في مجرى العلاقات المرتبطة بالمنافع الشخصية بين بعض المتنفذين بها وبإعلامها حكومات وأفرادآ وبين النظام البعثفاشي المقبور بالعراق , وكوبونات النفط أوضحت جانبآ واحدآ فقط من جوانب مثل هذه العلاقات . وإستنادآ إلى كل ذلك تلكأت الجامعة العربية طويلآ بإتخاذ الموقف المؤيد للعراق الجديد بعد تحريره من البعثفاشية وكانت صدمتها قوية جدآ بحيث إستهانت بالمبادئ التي وضعتها بنفسها وفقدت توازنها فاستقبلت , وربما لأول مرة , وفود ما يسمى بالمعارضة العراقية للعراق الجديد والتي كان يقودها زملاؤهم بالأمس من البعثيين قتلة الشعب العراقي . لقد كان عدم لقاء ممثلي الجامعة العربية مع أي وفد من وفود المعارضة العراقية للبعثفاشية طيلة سيطرة هذا الحكم الجائر على ربوع وطننا ينطلق أساسآ من مبادئ عملها القاضية بعدم جرح مشاعر أعضاءها من الحكومات العربية العتيدة . إلا أنها سرعان ما تجاهلت هذا المبدأ بعد سقوط النظام البعثفاشي بالعراق.
ثم إستمر موقف الجامعة العربية هذا من العراق الجديد والذي لم يتجاهل تحرير وطننا من البعثفاشية وحسب , بل سعى إلى التأليب والتشويه ونشر ألأكاذيب التي كانت تنشرها فلول وعصابات الصنم المنهار . أذ أن التلكؤ والتباطئ المقصود بإرسال أي ممثل للجامعة العربية إلى العراق الذي يشكل أحد ألأعضاء الرئيسيين في تمويل هذه المؤسسة كان يُفسَر دومآ بأسباب ألأمن الذي تربطه هذه الجامعة بما يسمى بالمقاومة التي أعمت عيون العاملين بها عن ألإرهاب الذي يعاني منه الشعب العراقي والمتمثل بالقتل والذبح والإختطاف وترويع الناس ألآمنين وتخريب الإقتصاد وتدمير المؤسسات الخدمية بحيث لم نسمع , إلا في وقت متأخر جدآ, عن أية إدانة مباشرة أو غير مباشرة لمثل هذه الجرائم بحق الشعب العراقي .

ولكن لماذا العجب لكل ذلك , فقد سبق القول بأن هذه المؤسسة هي مؤسسة حكومات , فكيف نطلب منها أن تقف إلى جانب الشعب العراقي إذن....؟

وما يتضمنه برنامج عملها الجديد في الرياض يشير بوضوح صارخ أيضآ إلى نهجها الحكومي هذا الذي يزيد في سعة الهوة بينها وبين الشعوب العربية . إذ أن ما ينوي أصحاب العروش والكروش مناقشته في تجمع قمامة الرياض هذا هو الوضع في السودان منطلقين من تثبيت الأسس العامة لهذه المعالجة التي يجب أن تنحصر ضمن النطاق العربي وعدم السماح لأية جهة أو منظمة عالمية التدخل في وقف المجازر البشعة التي تديرها حكومة البشير من خلال عصاباتها المسلحة وميليشياتها الهمجية ضد أبناء الشعب السوداني سواءً في دافور أو في الجنوب السوداني . هذا الموقف الذي يريد قادة العرب تثبيته كمبدأ ينسحب على كثير من المناطق العربية التي يخشون إندلاع وهج نارها التي ستأتي عليهم وعلى عروشهم الملكية والجمهورية والعشائرية والطائفية التي يشعرون يوميآ بابتعادها عن حياة ألإنسان في القرن الحادي والعشرين .

أما ما يتعلق بفلسطين وما يسمى بمبادرة السلام العربية الجديدة فلا يمكن وصفها إلا باجترار تلك التقيؤات التي سوف لا تزيد هذه القمامة إلا نتانة ولا تسبب إلا غثيانآ لكل من يعرف كنه هذه الجمع من المتاجرين بالقضية الفلسطينية , تلك التجارة التي يحصدون ريعها كل يوم من أيام تسلطهم وجبروتهم على شعوبهم التي جعلوا منها , ومن الشعب الفلسطيني خاصة , شعوبآ تستجدي المساعدات , شعوبآ تعيش لتأكل لا لتنتج , شعوبآ يعيش أكثرها في ظلمات القرون الأولى يبارك لها ذلك مشايخهم وفقهاؤهم , شعوبآ لا تعرف " لون السماء لفرط ما انحنت الرقاب " , شعوبآ تلجأ إلى ما يطلق عليه معمموهم وملتحوهم " بلاد الكفر " لتشعر هناك بحياة ألإنسان بعد أن جارت عليها " بلاد ألإيمان " , شعوبآ لا تجد في هذه القمامة التي تتجمع اليوم في الرياض أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة التي يمكن أن توصف بالإنسانية . وما ستحويه أوعية هذه القمامة من تفاهات أخرى سوف لن يختلف كثيرآ عن إجترار بضاعة فلسطين , سواءً تعلق ألأمر بلبنان أو بالعراق أو بأية بضاعة أخرى يجري رميها في قمامة الرياض هذه .
وبقدرما يتعلق ألأمر بوطننا العراق فإن مؤتمر الرياض القادم الذي سوف لن يأتي بما يختلف عن المؤتمرات السابقة التي إقتصرت على إبراز العضلات التي كانت مدار نكات بعض المشاركين على البعض الآخر وحفلت بالولائم التي أثقلت الكروش المتهرئة , هذا المؤتمر بالرغم من هزالته وإفلاسه لابد وأن يطرح فيه ممثل العراق الجديد الذي سيكون الوحيد الذي يمثل شعبه حقآ وحقيقة أسس العمل الهادفة إلى إرغام جامعة الحكومات العربية على فهم موقف الشعب العراقي الذي لفظ البعثفاشية وليس هناك أية قوة عربية كانت أو غير عربية قادرة على إيقاف مسيرة التاريخ العراقي الجديد الذي لا مكان فيه للنهج التسلطي القمعي الذي تمارسه الحكومات العربية داخليآ وتضطلع به جامعتها خارجيآ . الموقف العراقي الموحد من أمر كهذا هو إيفاء لبعض الديون التي في رقابنا لشهيدات وشهداء شعبنا الذين عصفت البعثفاشية بأرواحهم الطاهرة في العقود ألأربعة الماضية .
لا نريد أن نكون قساة على هذه المؤسسة الحكومية العربية , فلا نمنحها الفرصة لتكفرعن بعض سيئاتها تجاه الشعب العراقي ولتسترد بعض ما فقدته من ماء الوجه , وذلك برفضنا الأساسي والفوري للمشاركة في مؤتمراتها وفعالياتها , إلا أن المشاركة يجب أن تكون مشروطة من قبلنا , نعم مشروطة بعدم إشتراك كل من أجرم بحق الشعب العراقي والوطن العراقي بأجمعه في مثل هذه اللقاءات التي لا يرتضي أي إنسان عراقي شريف لنفسه أن يجلس فيها وجهآ لوجه مع قتلة ومختطفي ومشردي ومرعبي إخوته وأخواته وأطفاله ومخربي إقتصاده الوطني ومن يضعون العصي في عجلة تقدمه وإزدهاره ولحاقه بركب العالم المتحضر المتحرر الذي حرمته منه البعثفاشية لأربعة عقود مضت . ولنضع أمام الجامعة هذه إرادة الشعب العراقي الذي سوف لن يسمح بإعادة البعثفاشية على أرضه أو أي نوع من ألأنظمة التسلطية القمعية التي تباركها هذه الجامعة يوميآ , ولنقل لهم بما لا يقبل التأويل وسوء الفهم : هكذا قرر الشعب العراقي وتلك هي إرادته التي سيستجيب لها القدر حتمآ . إن بعض حثالات هذه القمامة تساهم اليوم علنآ بقتل الشعب العراقي وهي تفخر بذلك وما العبد الطالح في اليمن إلا عنصرأ متعفنآ من عناصر هذه القمامة التي تُسخر حتى جيوشها لقتل الشعب العراقي , كما إعترف بذلك المجرمون اليمنيون الذين أرسلهم تاجر القات للمساهمة مع بقية المجرمين من ألأعراب وألأغراب لقتل الشعب العراقي وتدمير إقتصاده الوطني والتجاوز على ثوابته في التحرر والديمقراطية.
إرادة ألشعب العراقي هذه ربما ستكون المبادرة ألأولى التي يطرحها ممثلون حقيقيون منتخبون إنتخابآ ديمقراطيآ من قبل شعوبهم أمام قمة من المتسلطين على رقاب شعوبهم . إرادة الشعب العراقي هذه يجب أن تدركها وتعيها هذه الجامعة , ولتبرهن مرة واحدة على ألأقل على أنها تستطيع أن تقف إلى جانب الشعوب أيضآ , فإن لم تفعل فإن مصير قمتها هذه سوف لن يختلف عن مصير القمم ألأخرى التي آلت إلى قمامة التاريخ.