| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الجمعة 28/8/ 2009



لقطات من المهرجان الثقافي العراقي في برلين

د. صادق إطيمش

في كل لقاء كبير كاللقاء الذي جرى في برلين بين 20 ـ 23 من شهر آب الجاري بمناسبة الأسبوع الثقافي الخامس الذي نظمه ونفذه بكل حرص ووعي ومسؤولية نادي الرافدين الثقافي العراقي في برلين الذي نتقدم له بكل آيات الشكر والإمتنان والتقدير على هذا ألإنجاز الرائع ، أقول في كل مهرجان ثقافي كهذا يمكن أن يسجل المرء بعض اللقطات التي تختلف في تأثيرها على الآخرين كونها مفرحة أو مترحة. وهذه اللقطات التي أدونها هنا عن هذا المهرجان الكبير تقع ضمن هذا التقييم .

· ( حادث أليم ) أللقطة الحزينة الأولى ، والتي ظلت لحسن الحظ الوحيدة كما أعتقد ، تتعلق بما تعرض له المفكر العراقي الكبير الأديب الدكتور حسين كركوش بعد وصوله إلى برلين قادماً من باريس للمشاركة في هذا المهرجان وإغناءه بأفكاره النيرة وطروحاته التي ما عرف عنها كل مَن عرفه غير الثراء الثقافي والنهج المستنير والإلتصاق بالوطن . لقد تعرض الدكتور حسين إلى حادث مؤلم أدى إلى بعض الكسور في ساعده وجبهته أُدخل على أثرها المستشفى في برلين حيث أُجريت له عمليتان جراحيتان تمتا بنجاح . وإننا المشاركون في المهرجان الثقافي العراقي في برلين إذ نأسف أشد الأسف على تعرض الصديق الدكتور حسين كركوش لهذا الحادث المؤسف الذي حرمنا من الإستزادة من ينابيع علمه ومعرفته ، نرجو له كل الصحة والسعادة وسرعة الشفاء وكثرة العطاء الثقافي في المستقبل .

· ( المُحَرِفون ) في إحدى ندوات المهرجان وقفت الشاعرة العراقية المعروفة بلقيس حميد حسن لترجو الجمهور الذي دخل تواً قاعة المحاضرات قائلةً : " يا جماعة رجاءً الموبايلات إغلقوها أثناء المحاضرة ". وهنا إستفسر منها الفنان العراقي الكبير فيصل لعيبي بسؤاله : زين والموبايلين شلون ...؟

· ( أللهم إجعلها خير ) حدثنا الدكتور المهندس قاسم العكايشي قائلاً : " يا جماعة تره هذا المهرجان كل سنة يﮝرط واحد من عِدنا ، العام راح المرحوم الدكتور عبد الأخوة التميمي ، وهذي السنة راح الدكتور خضر عبد الحسن ، فخاف السنة الجاية يصير السره عليّه وتكون هذي المرّة آخر مرَّة أشوفكم بيها ". نرجو أن لا يكون ذلك لا لك ولا لنا ايها الصديق العزيز أبو محمد .

· ( العصبية القبلية ) حينما قدَّم الدكتور الأديب السوداني حامد فضل الله الدكتور الأديب اللامع صلاح نيازي لإلقاء محاضرته القيمة عن الشاعر السوداني الطيب صالح قال :إن الدكتور نيازي من ولادة مدينة الناصرة في العراق . وهنا تعالت الأصوات من كافة أنحاء القاعة ..ناصرية....ناصرية.....مو ناصرة....ناصرية بحيث جلب ذلك إنتباه أحد الزملاء الحضور (طبعاً هذا الزميل " أجنبي " من بغداد مو من الناصرية ) الذي علق على ردة الفعل هذه قائلاً: " يابه هاي شنو ... إشخبصتونا بالناصرية....عمي النعرة الطائفية ولا النعرة الناصرية ".

· ( الضحك مفتاح الفرح ) من الطبيعي ان تكون للنكتة وروادها المساحة الواسعة في مثل هذه اللقاءات . وإحدى هذه النكات دارت حول رئيس الجمهورية العراقية السيد جلال الطالباني. السيد الطالباني سأل الأمريكان : متى تخرجون من العراق...؟ فقال ألأمريكان 01/01 فقال السيد جلال الطالباني : ليش واحد واحد ليش ما تطلعون كلكم سِوَه مرّة وِحدة .

· ( أللاءات وما أدراك ما أللاءات ) جرى النقاش في بعض اللقاءات الجانبية حول الثوابت التي تتبناها القوى الوطنية العراقية والمتمثلة بشعارات اللاءات الثلاثة وهي : لا للإحتلال ، لا للإرهاب ، لا للمحاصصات . وهنا إنبرى أحد الفنانين قائلاً : "عيني هاي لاءات المثقفين ، إحنا لاءاتنا غير شكل . ولما سُئل كيف ..؟ أجاب عدنا أربع لاءات . وحينما سأله الآخرون عن هذه اللاءات أجاب : لا خبر....لا ﭼفية.....لا حامض حلو......لا شربت ".

· ( فلم هندي ) في ندوة واحة الشعر الشعبي أبدع وأجاد الشاعر القدير آشتي حينما ترنم بصوته الجهوري وإيقاعه المتمكن بقصيدة يرثي بها شهيد الثقافة العراقية كامل شياع . لقد كان إلقاؤه يشكل الحلقة الأخيرة في هذه الندوة وبشكل أخرج الدموع من مآقيها ولم يستطع الكثير من إخفاءها حتى بعد إنتهاء هذه الفقرة وهَّم الجميع بالخروج من القاعة والكثير منهم مَن يحمل منديله أمام أنفه حابساً به دموعه . لقد علق أحدهم على ذلك قائلاً : "عبالك طالعين من فلم هندي ".

· ( ألأم ومرة ألأب ) في إحدى النقاشات التي جرت حول ما يجري الآن في الوطن تكرر مصطلح " الوطن الأم " وعلى هذا المصطلح علق الدكتور كاظم حبيب قائلاً :" إذا كان الوطن هو الأم ...فإن الغربة هي مرة ألأب ".

· ( سبحان مغير الأحوال ) من المعروف عن الشرقيين عموماً بأنهم لا يلتزمون بالوقت بشكل جيد ، كما هو المعروف عن الألمان مثلاً . إلا ان لهذه القاعدة شواذ في هذا المهرجان . لقد كان من المفروض أن تُقدِم الشاعرة المُبدعة بلقيس حميد حسن المُحاضِرَة الدكتورة سالمة صالح لمحاضرتها حول الأدب في المنفى . إلا أن الشاعرة بلقيس تأخرت خمس دقائق عن الموعد وحين وصولها كانت الجلسة قد بدأت ، مما إضطر الشاعرة إلى مساهمتها في العرض بعد إنتهاء المحاضرة مع إبداء عجبها على هذه الدقة في الإلتزام بالوقت والذي لم تعرفه من قبل في لقاء كهذا .

· ( إلما يخاف مو إزلمه ) أحد الزملاء الأعزاء الذي لا أريد ذكر إسمه لأسباب سنعرفها حالاً كان جالساً بجانبي أثناء الحفل الختامي الذي كان حفلاً غنائياً راقصاً بحق . وقد طلبتْ منه بعض الزميلات المشاركة معهن في الرقص فكان يعتذر في كل مرّة وحينما سألته عن سبب ذلك قال لي : " حقك إنت ما تدري بجهاز المخابرات الموجود هنا يشتغل لزوجتي " .

· ( مَن حَبك لاشاك ) الشاعر العراقي المُبدع سامي عبد المنعم إفتقد ، كما إفتقد الآخرون أيضاً ، الصديق العزيز الشاعر طارق حربي في الأماسي التي يتم إحياؤها بعد العشاء حيث أن سامي كان في المهرجانات السابقة بالمرصاد لكل أغنية يبدأ بها طارق مراهناً على أنه لا يحفظ منها غير المقدمة فقط وكان يردد دائماً " فنّه إيكمل ....فنه إيكمل " إلا أن طارق كان يخيب آماله دائماً ماسكاً منتصف دشداشته بيد وملوحاً بكلمات الأغنية حتى نهايتها باليد الأخرى . وهكذا ظل سامي لا يجد من " يلاشيه " بغياب الصديق طارق حربي .

· ( إضحك تضحك لك الدنيا والآخرة معاً ) كما إفتقد عشاق النكتة الشخصية العراقية الوطنية الباحث القاضي زهير كاظم عبود الذي أغنى المهرجانات السابقة بأبحاثه العلمية في القانون وفي التعريف بمكونات المجتمع العراقي المختلفة، كما أبهج الحاضرين بخزينه الذي لا ينضب من النكات حيث قاد ذلك إلى تشكيل جبهتين في المهرجان السابق قاد إحداهما الأستاذ زهير وقاد الثانية الفنان الكبير البارع الأستاذ فيصل لعيبي الذي لم يجد له كفؤاً في هذا المهرجان .

إن ما نرجوه ونأمله أن يتكاتف محبو الثقافة العراقية جميعاً للأخذ بيد القائمين على نادي الرافدين الثقافي في برلين ليعود بنا إلى هذه الأجواء العراقية كل عام لننفض بعض ما أثقلنا به غبار الغربة ونستنشق بعض عبير الوطن .
 

 

free web counter