| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الخميس 25/1/ 2007

 

 

إنهم يكذبون بمجرد
أن يفتحوا أفواههم....


د. صادق إطيمش

يبدو أن الكثرة الكاثرة من قادة ومنظري وفقهاء ودعاة وسياسي ألإسلام السياسي عمومآ وأجنحته العراقية على وجه الخصوص لم تعد تأبه بما يقال عنها وما يدور حولها من أحاديث على الشارع العراقي , أحاديث خرجت عن طوق الهمسات وأخذت تعلو وتعلو بمرور الزمن ولا تقف عند حاجز خوف أو تحسب حسابآ لإرتباط ديني أومدهبي أو قومي أو عشائري , إذ قد بلغ السيل الزبى وأوشك الصبر ألأيوبي الذي لم يبخل به ألإنسان العراقي المضطهد سابقآ ولاحقآ على النفاذ . هؤلاء السيدات والسادة الذين كانوا يومآ ما يحاولون , بالرغم من سطحية الطرح وتخلفه لأكثرهم , أن يعكسوا هموم الإنسان العراقي الذي حرمته البعثفاشية من أبسط وسائل الحياة الحرة الكريمة في عصر العلم والمعرفة هذا الذي لا مناص من التعامل معه في أبسط جزئيات الحياة ألإنسانية لإنسان القرن الحادي والعشرين . لقد كانوا يحاولون ذلك أثناء وجود بعضهم بين صفوف المعارضة العراقية الوطنية للنظام البعثفاشي المقبور. ونقول بعضهم لأن الشارع العراقي سمع بهذا البعض وعاش سنين نضاله ضد الحكم المقبور , أما البعض ألآخر من هؤلاء والذي لا نعلم حتى هذا اليوم من أين جاء وأين كان وماذا كان يعمل , أو من ذوي الماضي المعروف بعلاقاته السابقة بالبعثفاشية المقبورة والتي يريد التكفير عنها بلبسه العمامة والبدلة السوداء , بعد أن تنكر للخاكي ووشم جبينه بسيماء كثرة السجود , هذه البقع السوداء التي نراها على جباه بعض الشباب من هؤلاء القادة , في حين لا أثر لسيماء السجود لدى الكثرة الكاثرة من المؤمنين الذين بلغوا من العمر عتيآ . إنهم يكذبون على الناس في كل شيئ , حتى في موقفهم هذا من الدين . هذا الموقف الذي يكذبون فيه على أنفسهم أولآ وقبل كل شيئ . إذ أنهم يعلمون تمامآ بأنهم بمثل هذه ألإجراءات الصبيانية لا يستطيعون الكذب على ألله , فهو القادر على كشف خزعبلاتهم هذه . إلا أنهم يتوهمون بأن إستهتارهم هذا بالخُلق الدينية سيوصلهم إلى النجاح بخداع الناس وخصوصآ البسطاء منهم , فيسوقون بذلك ما يريدون تسويقه في أسواق سياستهم المليئة بالبضائع التالفة والأفكار المتخلفة .

لم يستوعبوا الدرس من إنتفاضة الشعب العراقي في آذار عام 1991 حينما ألبسوها ثوبآ طائفيآ جعل أعداء الشعب العراقي يهرعون لسحقها تحت طائلة الشعارات الهمجية التي صبغوا بها هذه الإنتفاضة الشعبية العارمة التي عمت الوطن ولم تختص بمنطقة معينة بالذات . نفس التوجهات الصبيانية التي مارسوها إبان تلك ألثورة الشعبية ضد البعثفاشية , أعادوا ممارستها بعد سقوط الصنم الجرذ . عقولهم الضامرة لم تستوعب الفكر الذي ساد الشارع العراقي وعكسه المواطن العراقي من خلال التشكيلة العراقية الأثنية والدينية والسياسية التي رافقت تاريخه الحافل بالنضال في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب . أرادوا شارعآ عراقيآ ضيقآ وضيقآ جدآ يملأون به نفايات عقولهم التي ستلقى مصيرها في قمامة الشارع العراقي الواسع الرحب المليئ بالفكر النير والمشرق بالألوان التي تعكسها أطياف هذا الشعب الذي بات اليوم مغلوبآ على أمره تجاه من تسلطوا على وطنه وخيراته وأفكاره وتنوعه وعطاءه وتاريخه الذي لم يكن يعرف من قريب أو بعيد هذا العداء الذي ينشرونه اليوم بين أطيافه ويتخذون من الدين ومن عمائمهم الخرقة ولحاهم المُقززة وتصرفاتهم البدائية وخطبهم الجوفاء ورقة التوت التي يريدون بها ستر عوراتهم التي لا تسترها غابات العالم حيث أن نتانة وجيف تصرفاتهم الطائفية الفجة المتمثلة بجرائمهم تجاه أبناء الشعب العراقي وسرقاتهم لأموال وخيرات هذا البلد ألذي ينفثون في جسده اليوم سمومهم التي يسمونها دينآ ومذهبآ وشريعة وتراثآ وهي عن كل ذلك بعيدة غريبة , وما هي إلا إنعكاسات فكرهم البدائي المتخلف وهمجيتهم . ولا يمكنهم التستر وراء الدين أيضآ وهم يسرقون ويحتالون ويكذبون ويتاجرون بكل ما تقع عليه أيديهم في هذا الوطن الذي أثخنوه جراحآ ويزيدون في جراحاته في كل لحظة تمر عليه تحت هذا الوضع البائس الذي خلقه هؤلاء المحتالين . فأي دين هذا الذي يتمشدقون به وقد أصبح واحدهم من أصحاب العقارات والحسابات المصرفية داخل وخارج العراق , أي دين هذا الذي يسوقونه في أسواق التجارة الإنتهازية التي يتعاملون معها في كل أرجاء الوطن والذي يخولهم بالتنكر لعوائل وأرامل ويتامى شهيدات وشهداء الشعب العراقي الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل هذا الوطن وسكنوا المقابر الجماعية أو أصبحوا في عداد المقابر المجهولة . أربع سنين تمر على هذه العوائل وذوي الشهداء ولا يتحرك ضمير أي من هؤلاء للسؤال عنهم أصلآ والإستفسار عن أبسط مقومات الحياة التي يحتاجونها بعد أن سلبتهم البعثفاشية المُعيل والسكن وأبسط مقومات الوجود ألإنساني . إن السيدات والسادة من ذوي النقاب والحجاب والعمائم والسدائر واللحى , ذوي الجباه المبقعة بالسواد في الدنيا قبل أن تسوَّد كل وجوههم في ألآخرة , يكذبون في كل شيئ , إنهم يكذبون بمجرد أن يفتحوا أفواههم . لقد أصبح ألإنسان العراقي الذي ملأ جوفه تردديدهم الببغاوي لخزعبلاتهم التي يسمونها دينآ يريدون من خلاله ألإستمرار في خداع الناس , نقول لهم لقد تقيأ ألمواطن العراقي قذاراتكم هذه التي ملأتم بها جوفه في السنين ألأربع الماضية , وفضحت علاقاتكم الكاذبة فيما بينكم وبينكم وبين الآخرين ما تريد أن تحققه نفوسكم الشرهة الشريرة من سلب ونهب وإثراء وتكريس للتطرف المذهبي في كل إتجاهاته وأفكاره السوداء , والمحسوبية العائلية والعشائرية , وتجنيد الوكلاء لجمع الرشاوي والأتاوات من المواطنين الذين يسعون لإنقاذ عوائلهم من خلال العمل بوظيفة حكومية أو عمل مضمون يدر عليهم مردودآ بسيطآ يستغنون به عن ألإنخراط في مليشياتكم وجيوشكم المحمدية والبدرية والعمرية والمهدية وتلك التي إتخذت من الجريمة بحق الوطن والمواطن بضاعة رائجة لها في أسواقكم الطائفية ومن خلال تصرفاتكم الهمجية .
أي منكم خرج على المواطنين في خطبه الجوفاء , التي لم يعد يستسيغها حتى ألأبله من الناس , ولم يُصرح علنآ وجهارآ بأنه ضد الطائفية . عبارات رنانه تتقيأون بها كل يوم ولعشرات المرات . إلا أن الواقع الذي يلمسه أبسط المواطنين من خلال تصرفاتكم الفعلية وتصرفات أزلامكم ووكلائكم جامعي الرشاوي والأتاوات لا تدل إلا على فكركم الطائفي البغيض وسطحيتكم المذهبية الفجة . أليس هذا بكذب على ألناس , يا أيها المتدينون...؟ وهل تستوي هذه التصرفات مع ما تلبسونه من حجاب وعمائم وسدائر وجُبب تخفون بها سيئاتكم عن الناس الذين أخذوا يكشفون عنها حتى من وراء ما تتسترون به . أي منكم لم يتباكى أمام الناس بسبب ما يجره الفساد المستشري في الجسد العراقي وما يسببه من ويلات ومآسي بهدر المال العام وسرقة ثروات البلد , ولكن الشارع العراقي يعلم تمامآ أن بكاؤكم هذا هو التباكي بعينه لأن واقع الحال الذي تعيشون فيه يتكلم بلغة غير اللغة التي تتكلمون بها . إن واقع الحال هذا يرينا ثرائكم الفاحش بعد أن كان واحدكم لا يملك شروى نقير , وواقع الحال يرينا إنتشار شركائكم ووكلائكم وشركاتكم ومقاوليكم وحساباتكم داخل وخارج الوطن . فهل هناك كذب يفوق على كذب الجبب والعمائم واللحى هذا...؟ من منكم لم يخرج على الناس بخزعبلاته حول ما يشعر به كل منكم مما يعانيه المواطن من النقص في كل شيئ من الخدمات ومن مقومات الحياة ألإنسانية البسيطة ,ولا نريد التجاوز على مقاماتكم العالية ونقول الحياة ألمرفهة , إذ أن مثل هذه الحياة لا تليق إلا بالمؤمنين أمثالكم وليذهب الشعب والوطن إلى الجحيم . إن واقع الحال يفضح أكاذيبكم الصارخة هذه فالحشم والخدم والحراسات والسيارات والخدمات وتوفير كافة المستلزمات التي تحتاجونها والتي لا تحتاجونها يصل إليكم دون عناء ولا يعكر صفو حياتكم إلا عدم وجود حواجز الصوت التي يمكن إستخدامها لمنع الضوضاء التي قد تسببها لأسماعكم المُرهفة الحساسة أصوات إنفجارات ومدافع وقنابل ورشاشات ميليشياتكم وجيوشكم التي تجوب الشوارع ليل نهار للنيل من المواطن الذي أصبح لا حول ولا قوة له إتجاهها . أليس هذا بكذب أيها القابعون خلف متاريسكم تتفرجون على قتل الناس وتهجيرهم وملاحقتهم وكلكم تشاركون بما يسمى بحكومة أراد لها هؤلاء الناس أن تكون لهم عونآ على تجاوز مخلفات البعثفاشية فأصبح كل منكم فرعونآ آخر عليها ...؟ ما أكثر فراعنة اليوم فيك يا وطني , في وطن ما كاد يصدق أن ينجو من فرعون سلالة العوجة حتى خرجت له فراعنة من كل حدب وصوب من سلالات عائلية وعشائرية ومناطقية وقومية تمترست جميعها خلف الدين لتعطي جرائمها سمة الشرعية الدينية المذهبية التي يحسبها هؤلاء الفراعنة الجدد بأنها ستنطلي على الناس حتى وإن كانوا بسطاءً لا يفقهون كثيرآ , إلا أن الحالة المريرة التي يعيشها الإنسان العراقي اليوم لا تتطلب الغور في علم الفقه لإكتشاف أسباب هذا الدجل الديني وهذا الكذب الصارخ .
هل من موسى جديد يُنذر فراعنة العراق الجدد , كما أنذر موسى فراعنة مصر ...؟ وحتى لو كان ألأمر كذلك فالفراعنة مجبلين على الطغيان ولا خلاص من طغيانهم إلا بزوالهم .