| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الخميس 24/7/ 2008



أهازيج الشارع العراقي اليوم

د. صادق إطيمش
 
يُقال ان بعض الشعوب تلجأ إلى النكتة أحياناً لتعبر بها عما تعانيه من آلام وانتكاسات في المراحل التي تمر بها بسبب تسلط حاكم ظالم أو جاهل على توجيه دفة الحكم والذي يتمخض عنه الوضع المأساوي الذي يعيشه هذا الشعب او ذاك . وشعبنا العراقي الذي خرج من دكتاتورية البعثفاشية التي صوَّر بعض مآسيها بالنكتة والأهازيج الشعبية التي إنتشرت في ذلك الوقت ، تنفس الصعداء حين زوال ذلك النظام الجائر ودكتاتوره الأرعن ، فانحسرت النكتة السياسية واختفت الأهازيج التي رافقت مآسيه ، ظناً منه أن وقت ذلك قد ولى ولم يعد ، إذ أن الوطن أصبح بيد ابناءه الذين سيحرصون حتماً على تعويض كل ما سلبته البعثفاشية منه . وانتظر السنة تلو الأخرى ، إلا ان ما رآه بعد دخوله في السنة السادسة من سقوط النظام البائد لم يكن له علاقة بالأسباب التي دأب الحاكمون الجدد على ترديدها ، وفي مقدمتها الإرهاب والإرهابيين ، كتبريرعلى استمرار الوضع المأساوي الذي يعيشه الناس في العراق الجديد . إذ ان الإرهاب لم يمنع ، لا بل ساعد ، بعض الحكام الجدد ، وخاصة المتدينين منهم ، على جمع الذهب والفضة والمال والعقار والقصور والمزارع والحسابات البنكية داخل وخارج الوطن وظل المواطن العراقي يواصل الحسرة والألم التي تفتقت عنده على شكل نكات واهازيج خص بها أولئك الذين جاؤوه باسم الدين ليحرموا عليه كل شيئ إن لم يتبعهم في الوقت الذي أثروا فيه هم وحاشيتهم من الأقارب والأصدقاء والمعارف حينما نكثوا عهودهم معه . ولم تقتصر ردود الفعل هذه على نمط واحد من التعبير . فمنها ما جاء على شكل الفن الغنائي العراقي المعروف ب ( ابوذية ) ، حيث قال أحدهم :

وعدْ أهل العمايم شو طلع بوش
عِمه ايصيب الخِذل شعبه وبلابوش
بس نسمع إجه ( براون ) طلع ( بوش )
وبليتنا تظل أعظم بلية

ومن المواطنين مَن إتجه إلى لون آخر من التعبير الشعري الذي ضمنه بعض مآسيه اليومية حينما قال :

يا ربي ديم الخير واهل العمايم
لا كهربا لا ماي عالسطح نايم

أما المسبب الرئيسي لمثل هذه المآسي فإن أغلب الناس تراه في ذلك الرجل الذي غير لباسه وشكله فجأة ليظهر بالمظهر الديني الذي سهل له طريق الإثراء وقاد الآخرين إلى ما هم عليه الآن من مصائب يومية ، حيث وصفوه بما يعتقدونه فيه حينما قالوا عنه :

شيوخ وعمايم بيض واربع محابس
قبل السقوط بيوم زيتوني لابس

او

وبﮔصته ﭴويات سوده وثخينه
حسباله الكلاوات تعبر علينه

وتعبيراً عن الندم الذي شعر به الكثير من المواطنين الذين يعتقدون الآن بأن ما جاءهم به اهل الثواب والعقاب اثناء الإنتخابات لا علاقة له بالدين ، بل ان جل ما اراده هؤلاء هو الجاه والتسلط والإثراء على حساب المواطنين . لقد عبر بعضهم عن ندمه هذا بقوله :

تنساني هيﭿ إبساع وآنه إنتخبتك
كل همك الدولار يترس جنطتك

أو :

لا تظل نايم دوم افتح عيونك
وبﭻـذبة الخمسات لا أيقشمرونك

ومن المواطنين من طوَر بعض الأغاني الشعبية العراقية ليعبر بها عن الواقع اليومي المُعاش . ومن هذه الأغاني الشعبية أغنية : يا حلو يا بو السدارة ، حيث أصبح الشارع العراقي يغنيها اليوم :

يا حلو يابو العمامة
إلﮕِصته تلوﮒ العَلامة


عبقري ومداسه يلمع
وبلحيته فلّي واﮔـصع
بس دعاءه ربنا يسمع

يدعي حلو الجهامة
هالحلو يابو العمامة

يدعي دومه مع الحق
ولو حﭼـه ما عنده منطق
لا تلومه إستاده عفلق
إمنين يتعلم شهامة

هالحلو يابو العمامة
الﮔِصته تلوﮒ العلامة

والمقصود طبعاً بالعَلامة هنا هي ( المودة الإيمانية ) التي يستعملها بعض المشايخ الجدد وذلك بكََي الجبهة ليحق عليهم القول : سيماهم في وجوههم من أثر السجود . ونقول المودة لأننا لم نر هذه العلامات عند أغلبية المؤمنين الحقيقيين الذين بدأوا الصلاة منذ الصبا وحتى وافاهم الأجل وهم في الثمانينات من العمر . أي انهم قضوا سبعين سنة من عمرهم وهم يؤدون فرائض الصلوات الخمس يومياً ،هذا إضافة إلى الصلوات الأخرى في المناسبات المختلفة كالأعياد والزيارات وغيرها . اما أن ترى معمماً في الثلاثينيات من عمره وجبهته مرصعة بالمثلثات او المربعات او الدوائر من ( سيماء السجود ) هذه ، فهذا أمر يستحق أكثر من أغنية .
أما الهوسة العراقية المعروفة في الجنوب العراقي فلها حظور دائم في مثل هذه المناسبات ، إذ أنها الفن الشعبي الذي رافق حياة الفلاح العراقي في أفراحه واتراحه ، وقد إستخدمها هذا الفلاح اليوم لكي يثبت أنه لم يشعر بتغيير ملموس في وضعه الحالي ، حينما قال :

وﮔـف يحﭽـي إبنفخ كل يوم إله خُطبه
وطلع يقره الحَمد ويخاف من ربه
فدائي جان امس واليوم ابو الجُبة
ها.....ها......ها........
بدلنه إعليوي إبعلاوي

وهو لم يقصد هنا بالطبع ألأسماء بالذات ، بل إستعمل الأسماء بالطريقة التعبيرية المعروفة في جنوب العراق ب (الحسﭽـة) التي تستعمل الإستعارة للتعبير عن مضمون لا يرمز إليه الشكل بالضرورة .
هذا بعض يسير مما يتداوله الناس على الشارع العراقي في محاولة منهم للتخفيف عن بعض همومهم ومعاناتهم اليومية التي لا يرون نهاية سريعة حاسمة لها بعد أن طال إنتظارهم لهذه النهاية . إلا أن ألأمل لا يُهزَم والحق لا يضيع طالما هناك مَن يتفائل بهذا ألأمل ومن يعمل على إحقاق الحق ، وكلاهما لا يتحقق بالإنتظار، بل بأخذ زمام الأمور بمسؤولية تترفع عن المصالح الأنانية الشخصية او الحزبية أو الطائفية أو العشائرية أو القومية أو المناطقية لتضع الوطن وليس غير الوطن وأهله جميعاً على أولويات مهامها . والإنتخابات القادمة تعطينا جميعاً هذه الفرصة لكي نضطلع بهذه المسؤولية الوطنية الكبرى ، فهل نحن أهل لها....؟




 


 

free web counter