| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

                                                                                     الأربعاء 23/11/ 2011



أردوغان ذو المنطق المفلوج

د. صادق إطيمش

لا أدري لماذا يعتقد أردوغان انه يستطيع ان يخدع كل الناس كل الوقت ولا يعلم بأنه بسياسته في الشرق الأوسط لا يستطيع ان يخدع إلا بعض الناس بعض لوقت ، فحبل الكذب قصير وأقصر مما يتصوره ألأوردغانيون . هل يراهن أردوغان بإعتقاده هذا على إنضمام الأحزاب والتكتلات الشوفينية العربية إلى جوقته المناوئة حتى النخاع إلى كل ما يمت بصلة إلى التطلعات المشروعة للشعب الكوردي على كل ارض كوردستان والتي ترقص على أشلاء ضحايا هذا الشعب وعلى قرع طبول الحرب على القرى الكوردية في جبال قنديل وغيرها من مناطق كوردستان التي يناضل اهلها في سبيل حرية شعبهم ورفع غبن الشوفينية التركية عنه ؟ أم هل يراهن الأوردغانيون العرب والترك على التعتيم الذي يعيشه نضال الشعب الكوردي منذ عقود من الزمن والذي مارسه النظام العنصري التركي منذ تأسيس دولته الكمالية حينما لم يعترف بوجود شعب كوردي أصلاً أخرج له من قاموس شوفينية دولته إسم " أتراك الجبل " ؟ او هل يراهن اوردغان ووزير خارجيته على " حكمة " عدو عدوي صديقي ليجعل من قتل الشعب الكوردي أساساً لعلاقته مع معممي ولاية الفقيه بتوجهها الدكتاتوري المقرف وسياستها الإستيطانية السوداء ؟ أم يتبنى أردوغان وحزبه الذي يتمشدق بارتباطه بالدين الإسلامي سياسة إنتهازية مخادعة تميل حيثما مالت رياح السياسة الإقليمية والدولية التي بدأت فيها ثورات المجتمعات في المنطقة على سلاطينها ، ليس من آل عثمان هذه المرة ، بل من آل عدنان وقحطان الأُصلاء منهم والبدائل ومن لف لفهم ، بنقل الخوف من المُضطَهَدين إلى المُضطَهِدين ، فيبث سموم شوفينيته بعد غمسها بعسل الوقوف إلى جانب هذه الثورات . سم شوفينيته الزعاف الذي يخفيه لفترة ما يستطيع بعدها الكشف عن وجهه الذي ينهج صوب تلك العنجهية العثمانية التي يحلم بإعادة خلافتها هو ومن على شاكلته من راكبي موجة الإسلام السياسي التي برهنت كل التجارب التي عانت فيها الشعوب التي وقعت او التي لا زالت تحت نيرها وجبروتها كم هي على ضلال وكيف ان تصوراتها تجاه الحياة مع الآخر المختلف مشوبة بكل انواع الحقد والكراهية على هذا الآخر .

ما يدفع المرء إلى تكذيب إطروحات أردوغان التي دعى فيها زعيم البعثفاشية في سوريا إلى التخلي عن الحكم ، منتقداً قول هذا الدكتاتور الذي صرح من خلاله إلى انه سيقاتل حتى الموت ومستفسراً منه : هل ستقاتل شعبك ؟ وكأن أردوغان يخاطب نفسه حينما نطق بهذه العبارة . ما أكذبك اايها العثماني العتيق . أفأنت الذي يوجه هذا السؤال إلى الغيرحقاً ، وانت وعسكرك من يواضب على قتل شعبه منذ عقود طوال ، يلاحقه حتى في الجبال والوديان التي يلجأ إليها من بطش وجبروت ضباطك وجنودك الذين تزجهم ، منذ سنين ، في معارك لا تنتفع منها إلا ألعناصر الشوفينية التركية التي تتنكر للشعب الكوردي تنكراً مبدئياً لا تحيد عنه ولا تتهاون فيه .

لقد حق عليك القول : إذا كنت لا تستحي فأفعل ما شئت . لقد اثبت حقاً بأنك إنما تلعب على اكثر من حبل حينما تنحاز اليوم إلى جانب حركات الشعوب في المنطقة . أما إذا تعلق الأمر بتحرك الشعب الكوردي ليطالب بحقوق مشروعة نصت عليها الوثائق الدولية المعبرة عن حق الأمم والشعوب بتقرير مصيرها ، فإنك تنقلب على " ثوريتك " فتكشر عن اسنان الوحشية التي ربطها حزبك بالقتل والتهجير والملاحقات لمناضلي الشعب الكوردي ، وما عملية القرصنة التي قامت بها أجهزتك الأمنية بالتعاون مع أجهزة الأمن الصهيونية وغيرها باختطاف قائد الشعب الكوردي المناضل الأممي عبد الله أوجالان وسجنه سجناً إنفرادياً تحت اقسى الظروف المخالفة لمعاملة السجناء السياسيين ، إلا دليلاً على سياستك الإنتهازية هذه التي سوف لن تنطلي على شعوب المنطقة غداً حينما يذهب الزبَد ، وإن إنطلت اليوم لبعض الوقت .

من المفارقات المضحكة التي نشرتها مجلة (در شبيغل) الألمانية الصادرة بتاريخ 21.11.2011 على الصفحة 106 التصريحات التي اطلقها أردوغان حول سوريا قائلاً: " ألأسد ينبغي له ان يعتبر بتلك النهاية التي انتهى إليها مَن اعلنوا الحرب على شعوبهم ، التاريخ يذكر مثل هؤلاء كمصاصي دماء " . هل سيجد الإنسان حرجا إذا ما غير الأسماء مع إبقاء نفس المضمون ؟ لا اعتقد بذلك ، إذ ان المضمون ينطبق على أردوغان كما ينطبق على الأسد . اردوغان الذي يقتل شعبه أيضاً ببشاعة وهمجية السلاح الحديث الذي يوظفه الجيش التركي ، عضو حلف الناتو ، ضد المناضلين الكورد الذين لا يريدون سوى نيل حقوقهم التي نصت عليها المواثيق الدولية والعيش بسلام كبقية شعوب العالم الأخرى . هذه الحقوق التي تنكرت لها سياسة الدولة التركية بشقيها ما يسمى بالعلماني او ألإسلامي .

نعم ، التاريخ سوف لن يرحم مضطَهِدي الشعوب ، خاصة إذا كانت هذه الشعوب شعوبهم ، وإن أمهلتهم اليوم فإن غدهم سيكون غير ذلك ، ولا فرار من إرادة الشعوب .

 

free web counter