| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الأربعاء 22/7/ 2009



نَفَسٌ عراقي أصيل يتهاوى أمامَه الرقعاء

د. صادق إطيمش

إحتضنت مدينة فرايبورغ في منطقة جنوب بادن في الجنوب الغربي من ألمانيا يوم أمس الثلاثاء ، الحادي والعشرين من تموز الجاري الشخصية العراقية المرموقة الأسقف جيان سليمان ، أسقف بغداد للكنيسة الكاثوليكية ، حيث حلَّ ضيفاً على المنظمة الكنسية الإجتماعية الألمانية " كاريتاس ". وقد إستغلت صحيفة " بادشه تسايتوىغ " الواسعة الإنتشار في منطقة جنوب بادن هذه الزيارة وأجرت معه المقابلة الصحفية التالية التي أنقل نصوص ألأسئلة والأجوبة التي طُرحت فيها قبل التعليق عليها . ومن يرغب بالإطلاع على النص الأصلي لهذه المقابلة باللغة الألمانية ، يمكنه فتح الرابط التالي لهذا الغرض :

http://www.badische-zeitung.de/nachrichten/ausland/bagdads-erzbischof-nur-iraker-koennen-den-irak-retten

لقد كان عنوان المانشيت الكبير الذي تصدر الصفحة الخامسة من الجريدة ، صفحة السياسة الدولية ، هو النص الذي طرحه الأسقف سليمان خلال المقابلة والذي قال فيه :

" العراقيون فقط هم الذين ينقذون العراق "

وقبل البدء بالمقابلة قدمت الصحيفة لها بذكر الهجوم الذي تعرضت له سبع كنائس في العراق خلال 24 ساعة في منتصغ هذا الشهر . وقد توفي أربعة أشخاص في واحد من هذه الهجمات بينما جُرح فيها ثلاثون شخصاً . وحول وضع المسيحين تحدثت الصحفية أناماري رويش مع أسقف كنيسة الروم الكاثوليك في بغداد جيان سليمان الذي زار " كارِتاس " يوم الثلاثاء .

الجريدة: سيادة الأسقف ، هل هناك للمسيحيين أي مستقبل في العراق ؟
سليمان: يجب علينا أن لا نرى وضع المسيحيين في العراق بمعزل عن وضع العراقيين الآخرين . لحد الآن لم يشف العراق من العنف ، بالرغم من أن الوضع قد تحسن بشكل ملحوظ . كثير من الناس يعانون من صعوبة الحياة ، ثلاثة ملايين طفل يعانون من نقص وسوء التغذية . الهجمات الموجَهة ضد الكنائس يُراد منها بث الرعب بين المسيحيين ، وربما دفعهم للذهاب إلى الشمال الآمن أو لمغادرة البلد. ولكن هناك أيضاً هجمات ضد الجوامع السنية والشيعية أو على ألأسواق ، الهدف منها نشر الرعب .

الجريدة: ما هو الهدف من ذلك ، ومن يقف خلف ذلك ؟
سليمان: إنه من الصعوبة بمكان القول ، من يقف خلف ذلك ، حيث لم تعلن أية جهة لحد الآن عن مسؤوليتها عن ذلك . إلا أنه من الثابت بأن هناك في العراق صراعات كبيرة وتوترات بين الأديان المختلفة والتجمعات الأثنية . وهناك بالتاكيد مَن يريد الإستمرار بدفع هذا النهج ولذلك يقوم هذا البعض بتكرار الهجمات دوماً ضد الكنائس ، ولكن أيضاً ضد الجوامع .

الجريدة: تحت هذه الظروف ، ما هي إمكانيات العيش سوية بين المسلمين والمسيحيين ؟
سليمان: هناك اربع حالات مختلفة (ما ورد في النص أربعة سيناريو: ص.إ.). ففي المناطق التي يسيطر عليها المتطرفون ، تجري هناك ملاحقة للمسيحيين . فمنظمة الكاريتاس أُُجبرت بعد التهديدات على غلق ثلاثة من مراكزها ، إثنان منها في بغداد وواحد في الموصل . الإستقطاب الآخر يمثله شمال العراق الذي يتمتع بالأمان والحرية . وبين هذين هناك حالتين أُخريين . في بعض المناطق تخضع الأقليات لضغوط مستمرة . وهناك أيضاً حالات التعايش السلمي . وعلى سبيل المثال فمما يؤثر بي في بغداد بصورة دائمية متكررة هو وجود مسلمون بين زوار الكنيسة في مناسبات الزواج والتأبين . وهذا يعني وجود صداقات تتسامى فوق الأديان .

الصحيفة: هل تعمل منظمة الكاريتاس من أجل المسلمين أيضاً ؟
سليمان: لدينا على سبيل المثال برنامج لتغذية الأطفال . 70% من هؤلاء الأطفال هم مسلمون . نحن لا نفرق ، مَن هو بحاجة يتلقى المساعدة منا . وهذا يشمل مستشفياتنا أيضاً . منظمة الكاريتاس تعمل أيضاً سوية بشكل جيد مع منظمة الهلال الأحمر . فحينما تكون هناك حاجة إلى أدوية فإننا نساعد بعضنا البعض . نحن نعمل سوية على التعايش بين الأديان .

الصحيفة: كيف تُقيمون عَرض الإتحاد الأوربي باستضافة 10000 مسيحي عراقي ؟
سليمان: نحن نُحيي مساعدة الإتحاد الأوربي للمسيحيين في العراق ، ولكننا نعتبر الطريقة غير ملائمة . لقد تم فهم هذا العرض من قبل المسيحيين على انه دعوة للمجيئ إلى أوربا . وهذا مما يؤدي إلى زعزعة المجتمع . ومن ال 1,2 مليون مسيحي سابقاً في العراق هناك اليوم ربما النصف تقريباً . المسيحيون في العراق متواجدون منذ 2000 سنة . وهم يُغنون الفكر والحضارة هناك . وسيكون شيئاً جميلاً لو تحققت إمكانية الإحتفاظ بهم في العراق . إن ما نفضله هو مساعدة العراقيين في العراق . ومع ذلك فهناك بالتأكيد عراقيون أيضاً مهددون بشكل يحتم عليهم مغادرة البلد . ومثال آخر يتعلق بالناس المرضاء جداً الذين لا يستطيعون الحصول على العلاج الطبي الكافي .

الصحيفة: كيف يستطيع الإتحاد الأوربي أن يقدم مساعدة أفضل للعراق ؟
سليمان: الإتحاد الأوربي يضم بلداناً قوية كألمانيا وفرنسا وإنكلترا تستطيع ان تزيد من ضغطها على الحكومة بدفعها إلى تحسين الوضع الأمني . وهناك مثال حي يرينا بأن ذلك ممكناً . لقد هاجر كثير من المسيحيين من مدينة الموصل لأنهم لم يشعروا بالأمان هناك . الإتحاد ألأوربي طلب من الحكومة أن ترسل قوات أمنية إضافية أخرى إلى هناك . والحكومة نفذت هذا الطلب فعلاً . وكثير من المسيحيين إستطاعوا العودة ثانية . والأوربيون ينبغي أن يعملوا أيضاً على أيجاد فرص عمل في العراق . البطالة منتشرة بنسبة 40% . ويمكن مساعدتنا على احسن وجه حينما تتم المساعدة على إعادة بناء العراق . لا يوجد هناك مَن يستطيع إنقاذ العراق غير العراقيين أنفسهم .

بهذه الكلمات الرائعة أنهى هذا العراقي الأصيل هذه المقابلة التي لم يطالب بها جني ما يقدر عليه له او للمسيحيين العراقيين فقط ، او لفئة دون أخرى ، بل أن جل إجاباته وتوجهاته إنصبت على العراق وكانت وجهتها العراق واهل العراق جميعاً . هذا الإنسان الذي لا يريد إخلاء العراق من أهله الأصلاء الذين يحتلون مساحة واسعة من تاريخه الطويل الممتد لآلاف السنين ، في الوقت الذي إنطلقت فيه بعض الأصوات الداعية لذلك والتي أثبتت فيما بعد بإنها بنداءاتها هذه لا تريد سوى دعم كنائسها ومجموعاتها الدينية في أوربا ، أما الوطن فلم يدخل في حساباتهم ولم يشكل لهم هماً كذلك الهم الذي يحمله للعراق واهل العراق الأسقف سليمان . فإليك يا سليمان النبيل حب كل مَن أحبوا الوطن مثلك . وليتعظ بك تجار المحاصصات الطائفية وسماسرة القومية الشوفينية وعبيد العشائرية القبلية الجاهلية وكل من لا يضع الوطن اولاً نصب عينيه ، كما تفعل أنت أيها الأسقف الجليل .


 

 

free web counter