| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

 

الجمعة 22/6/ 2007

 

 


بس لا يزعل كارل ماركس ...


د. صادق إطيمش

ألإنسان أثمن رأس مال في الوجود...مقولة أرادت بها ألإشتراكية العلمية أن تميز نفسها عن الرأسمالية التي جعلت من ألرأسمال النقدي قاعدتها ألأساسية في التعامل مع ألإنسان الذي قيَّمَته على أساس ما يدر عليها من أرباح حينما تستغل قوة عمله , في حين قَيَّمتْ ألإشتراكية الإنسان على أساس وجوده فقط , هذا الوجود ألذي سعت الماركسية من خلال نظريتها العلمية على تطويره نحو ألأفضل دومآ . فهل أن ألإنسان الذي تبنته الماركسية وراهنت عليه هو نفسه في كل زمان ومكان....؟ من الناحية البايولوجية يمكن ألإجابة بنعم لا لبس فيها على هذا السؤال . ولم يؤيد ذلك العلم فقط , بل وأقرته جميع الأديان خاصة السماوية منها . والدين ألإسلامي الذي يدين به معظم سكنة العراق لا يشذ عن هذه الأديان والذي أكد على أن كل الناس من آدم وآدم من تراب . ولكن هل تكفي المواصفات البايولوجية لإطلاق كلمة إنسان على البعض...؟ سؤال أصبحت الإجابة عليه , بعكس السؤال السابق , بلا ومن ثم لا واضحة لا لبس فيها ولا غموض , حتى وإن زعل علينا كارل ماركس لهذا الموقف المخالف لنظريته العلمية . ولهذه أل..لا..أسبابها العديدة التي تؤكدها على المستوى العراقي على ألأقل , إذ لا نريد ألآن وفي هذا المجال أن نتنقل بين حدائق الحيوانات , فما عندنا من وحوش شابة حديثة الولادة أثبتت وحشيتها بكفاءة في السنين ألأخيرة ,خاصة وبعد سقوط النظام البعثفاشي الوحشي القديم , يكفينا لأن نقدمها كأمثلة حية يستطيع العالم القاصي والداني أن يلمسها لمس اليد , إذ أنها لا تتجول في ألليالي الظلماء ولا تسكن الكهوف والمغارات , بل تسير وبكل علانية وجبروت أيضآ على الشوارع العامة وتحت أنوار الشمس وتحتل المكاتب ألإدارية وتملأ ألأندية والمحافل وتضج وتعج بها الجوامع والحسينيات والتكايا الدينية وتملأ أصوات بنادقها ورشاشاتها وقنابلها كل زاوية من زوايا الوطن , ليس لها حد تقف عنده ولا موقع تخشى بعده , مكشرة عن أنيابها الصفراء والسوداء ليل نهار , أصواتها المرعبة تملأ آذان ألأطفال والشيوخ والرجال والنساء , روائحها العفنة النتنة تنبي عن وصولها قبل أن تدنس أقدامها ألمناطق التي تريد نشر الذعر والرعب فيها . هذه الجيوش من الوحوش المحلية والمستوردة التي تفترس العشرات من أهلنا في العراق يوميآ , وتعوق المئات منهم حينما تشبع جوعها ألحيواني فتلجأ إلى العبث بالإنسان لتشبع غريزتها السادية منه . هذه الوحوش المعادية لكل شيئ تنبعث منه بعض الشمائل والصفات ألإنسانية , لأنها تعتبر ألإنسان أرخص شيئ في الوجود , لذلك فهي لا تتوانى لحظة واحدة عن تطبيق قوانينها عليه حال مصادفتها له . القتل , التدمير, الإرهاب , ألإختطاف , الهدم , نشر الرعب وكل المناظر المرعبة التي تنشرها بعض ألأفلام السينمائية عن هذا الوحش أو ذاك الذي يستبيح مدينة ما . هذه المناظر وكثير غيرها أصبحت حقيقة واضحة على أرض العراق ولم تعد مجرد أفلام سينمائية. أفلام رعب الوحوش التي تتحقق الآن في العراق يتم تحقيقها وإنتاجها وإخراجها وتمويلها على كل شارع في العراق . المنتجون والمخرجون والممولون والمنفذون من الوحوش العراقية المحلية أو المستوردة ,من العرب كانوا أم من المسلمين يتحركون بكل حرية وراحة على أرض هذا الوطن الذي تكالبت علية الضواري .
لم أصدق عيني حينما قرأت الخبر المصور عن ملجأ ألأيتام في بغداد والحالة التي وُجد فيها هؤلاء الذين إختلت بهم بعض هذه الوحوش . هذا ما ظهر للعيان , وكل الدلائل تشير إلى وجود المزيد من هذه الضحايا التي تفترسها الوحوش كل يوم ولا أحد يعلم بها وليس هناك من يفتقدها أو يسأل عنها . لماذا...؟ وما ذنب هؤلاء الأطفال الذين فقدوا كل شيئ حتى قذفت بهم ألأقدار بين براثن وحوش مفترسة لم يشبع نهمها حتى تكديس مخازنها بمأكل وملبس هؤلاء ألأبرياء الذين جعلتهم هذه الحيوانات متعة لهوها وسببآ لإشباع غريزتها الوحشية .

سواءً قضت الوحوش على فريستها على شارع عام أو سوق تجاري أو محل عمل أو بيت آمن أو معهد علمي أو مؤسسة خدمية أو ملجأ للأيتام أو في اي موقع من المواقع التي تتكرر فيها هذه الإنتهاكات اليومية لكل ما له علاقة بالإنسان والإنسانية , لا تجد تفسيرآ لها إلا بالنزعة الحيوانية للوحوش المفترسة المقترنة بالتفتيش عن الصيد الضحية . وإلا هل يعقل إنسان سوي أن يقوم إنسان مثله بمثل هذه الأعمال الوحشية التي لا تجيدها فعلآ إلا الوحوش المفترسة بأي لباس تلبست وبأي مظهر بدت . إنني لا أعتقد بالطينة البشرية لمثل هذه الحيوانات حتى وإن زعل كارل ماركس .