| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الأحد 20/6/ 2010



حينما يحاول المُشرعون الإلتفاف على ما شرَّعوه بأنفسهم

د. صادق إطيمش

كل ما سمعناه لحد الآن عن الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد والتي كان الشعب يعوِّل على إنعقادها كخطوة أولى مهمة جداً لتجاوز الأزمة السياسية التي يمر بها الوطن منذ أن تجاوز أهله كل المعوقات الإرهابية في السابع من آذار الماضي حينما أقبل على صناديق الإقتراع آملاً منها تحقيق ما لم ينجزه برلمانه القديم في السنين السبع المنصرمة ،هو أن هذه الجلسة كانت بروتوكولية ، شكلية أكثر مما هي جدية ضمن المفهوم الرسمي لجلسات البرلمان الذي يناقش فيه ممثلو الشعب كل أو بعض ما يسعون إلى تحقيقه لمن إنتخبوهم وصدَّقوا برامجهم الإنتخابية . ومما زاد في الأمر تعقيداً وحيرة هو أن شكلية هذه الجلسة لم تقتصر على اللقاء الأول لممثلي الشعب هؤلاء ، بل انهم قرروا ان يستمر ذلك إلى ما شاءوا هم وأحزابهم ومرجعياتهم السياسية الحزبية والدينية المجازية لا الحقيقية وذلك بجعل هذه الجلسة مفتوحة دون تحديد لموعد نهاية هذا الإنفتاح . والأدهى من ذلك كله هو تفسير هذا الإنفتاح الذي ورد على لسان بعض ممثلي الشعب هؤلاء باعتباره إلتفاف على الدستور ومخرج قانوني من التعثر الذي يصاحب حوار المحاصصات وتقسيم الغنائم بين الكتل النيابية التي لا يفرط أي منها حتى ولو بأبسط ما تتضمنه مؤشرات العمل السياسي الجدي المخلص الذي ينتهجه العارفون حقاً ببواطن هذا العمل ، وهم قلة في برلماننا الجديد هذا وكما عهدنا ذلك في البرلمان القديم الذي ظل ممثلو الشعب فيه يأكلون أموال هذا الشعب بكل الطرق التي سلكوها لذلك حتى آخر يوم لهم تحت قبة هذا البرلمان الذي  قد يرينا العجائب والمصائب في نفس الوقت.

النواب الذين شرعوا القوانين يريدون الإلتفاف عليها وإبطال مفعولها وعرقلة ألإجراءات التي تنص عليها ، لا لشيئ يستحق ذلك ، بل بغية إيجاد الوسائل الملائمة ، وبكل راحة ، التي تُمكن هؤلاء البرلمانيون من الوصوبل إلى الصيغ التي تناسب تحقيق أكبر ما يمكنهم الحصول عليه من المكاسب والمنافع سواءً عن طريق إقتسام ما يسمى بالوزارات السيادية أو المخصصات الأمنية أو أية موارد مالية إخرى تقع ضمن الغنائم التي يرجوها النائب من وراء جلوسه على مقعده في البرلمان العراقي الجديد . إلتفاف النواب على القوانين التي شرعوها بأنفسهم يشير إلى أحد أمرين : أولهما إما أن يعي هؤلاء النواب ما يفعلونه فيحققون بذلك موهبتهم في إيجاد الذرائع والحجج للتنصل من المسؤليات الدستورية والقانونية التي تترتب على مخالفاتهم ضمن هذه المجالات . فإن كان الأمر كذلك فإن الشعب والحالة هذه قد أرسل محتالين ليمثلونه في البرلمان الجديد . وإن ألسنين الأربع القادمة ستكون بالتأكيد حبلى بمثل هذه المواقف التي لا نُعول فيها على اللجوء إلى دستور البلاد وقوانينه ، بل إلى براعة نوابنا ألأفاضل بإيجاد المخارج القانونية للإلتفاف على أي نص دستوري أو قانوني يقف عثرة أمام ممارساتهم المحاصصاتية التي يسمونها اليوم شراكة ، وهي بالفعل شراكتهم الفجة هذه بنهب خيرات هذا الوطن الذي يإن أهله من العطش والحر والفساد وأكاذيب المسؤولين الحكوميين الذي لم يبدأ أي منهم خطاباته النارية الكاذبة قبل ان يُبلسم ويُحوقل .

وإما ان يعتبر النواب الجدد أن ما شرعه زملاؤهم في المجلس القديم لا ينص بالضرورة على إلتزامهم هم به بالذات ، وعلى هذا الأساس فإنهم يرون أنفسهم في حِل من ذلك ولا ندري اية نية يبيتون لما سيشرعونه هم في المستقبل . وهنا فإننا ، والحق يقال ، لا نجد أنفسنا إلا أمام جمهرة من التوفيقيين الإنتهازيين الذين قالوا لنا شيئاً في برامجهم الإنتخابية يختلف تماماً عما كان يضمرونه في صدورهم .

وعلى هذا الأساس فإن مستقبل الشعب العراقي للسنين الأربع القادمة ستتحكم به مجموعة لا يمكن أن توصف إلا بالمخادعين أو بالإنتهازيين . وإلا فما معنى كل هذا اللف والدوران الذي ينشط في كل ساحاته مثل هؤلاء الذين يسعون لعرقلة وضع البلاد على مساره الصحيح على أمل ان يجري بعض الإلتفات إلى المآسي التي سببها أصحاب الكراسي هؤلاء لمجموع الشعب العراقي الذي ينتفض اليوم في الناصرية وأمس في البصرة وربما غداً في كربلاء أو الموصل او الرمادي ليعبر عن تلك المعاناة التي لم تعد تُحتمل والتي تنسحب على الناس صيفاً بغياب كل ما يقترن بالحياة الإنسانية بأبسط مفاهيمها في حياة شعوب القرن الحادي والعشرين من عمر البشرية والتي يشكل الماء الصالح للشرب وتوفر الطاقة الكهربائية إحدى مقوماتها الأساسية . أو شتاءً حينما يلجأ الناس إلى الإصطفاف امام محلات بيع المشتقات النفطية التي يحتاج إليها المواطن لإنجاز متطلبات حياته اليومية حتى  بهذه الأساليب التي تعتبر بدائية مقارنة لما يعيشه مواطنو دول لا يملكون ما يملكه الشعب العراقي من ثروات وخيرات وخبرات إلا أن أهل هذه الدول التي تعتبر فقيرة بالنسبة للعراق إستطاعوا من تسخير وسائل الحياة المدنية لمتطلباتهم اليومية .

إلى متى سنظل نطالب ونطالب والسادة أصحاب الكراسي الحكومية في الوزارات السيادية التي تقاتلوا عليها كالنفط والكهرباء والمالية والداخلية والدفاع ومجالس البلديات والمحافظات قابعون خلف كراسي المآسي التي إحتلوها لينهبوا أموال الشعب وليثروا على حساب جوع الملايين وتشردهم وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة الإنسانية ، وكل من السيدات والسادة المنتفعون من هذه المناصب ينعمون بالعيش الرغيد لا يفكرون بحمل قنينة غاز أو شراء إمبيرات كهربائية أو السهر ليلاً ونهاراً على سلامة أطفالهم وعوائلهم أو إنتظار سلم الرواتب ومخلفاته على الطبقات الفقيرة من الشعب أو....أو ... التي يعجز اللسان عن تعدادها لأن جبل المآسي يعلوا يومياً ليزداد أمامه تقزم مُسببي هذه المآسي والكوراث التي تحل بوطننا وشعبنا منذ أكثر من سبع سنين على سقوط البعثفاشية التي كنا ننتظر من زوالها خيراً لهذا الشعب الذي عانى من جبروتها أربعة عقود من تاريخه الحديث .

في الرسالة التي نُشرت مؤخراً على مواقع كثيرة من الإنترنت ومنها موقع صوت العراق في 31.05.2010 والتي وجهها المجلس البلدي في البصرة إلى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي والتي جاء فيها :

الرسالة : سيادة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وحامل راية مجد العراق , نبعث إليكم بأحر التهاني والتبريكات بمناسبة نيلكم رئاسة الوزراء مجددا , نحن نعلم إنكم سوف تنالوها رغما على أنف فلتان وعلان .. ونحن نعرف حق المعرفة إنها لا تليق إلا بسيادتكم , ونحن لا نريد هنا ان نتكلم عن الأحقية في إدارة شؤون هذا البلد , لأننا لا نحيد ولو قيد شعرة عن قيادتكم الحكيمة وقوانينها الصارمة ضد الفساد والعهر والتي على اساسها تم القضاء على جميع روافد هذا الفساد ومن ضمنها دور السينما المبثوثة في جمهوريتنا الإسلامية العراقية .. وعليه نزف لكم آخر خبر عن غلق آخر دور سينما في محافظتنا , البصرة الفيحاء .. لقد تم يا سيادة الرئيس إغلاق سينما " أطلس " .. سينما أطلس آخر منابع الرذيلة في مدينتنا الجهادية الإسلامية .

سيادة الرئيس : نحن نعلم إن مشاغلكلم كثيرة في القضاء على الفساد في هذا البلد , بلد الأوصياء والأولياء .. المغرضون يقولون الفساد هو الرشوة وفساد الذمم 0وعدم اهلية موظفي الدولة وشرذمة وعهر المتنفذين والكهرباء والماء والسرقات وإنحدار الدولة إلى حضيض لم يشهده حتى عهد النظام السابق .. هؤلاء الذين يقولون مثل هذا القول بالتأكيد إنهم بعثيين , والأكيد ان البعثي يبغضه ان يرى سينمات الفساد تنتشر وتزدهر في بلاد المسلمين , ومن المؤكد يُحزنه أن يرى الرايات والمواكب الحسينية تزدهر وتعتمر , وتحت رايتكم أيها الرئيس المجاهد سوف تعتمر ونعتمر ونواصل تصدينا لمظاهر الفساد من سينما ومسرح وجميع الفنيات الفاسدة من أجل نصرة جمهوريتنا الإسلامية العراقية .

ودمتم لنا زعيما إسلاميا مجاهدا مولانا المالكي


المُرسل : بلدية الجهاد الإسلامية في محافظة البصرة .

هل سنعيش إنحطاطاً في الأخلاق ، وتنكراً لهموم الناس ، وتزلفاً لذوي السلطة كذاك الذي كان يلقاه الجرذ المقبور ، فهل أن الكتبة أنفسهم ...ألله أعلم ، ومراوغة في تلبية أبسط إحتياجات الحياة اليومية ،وضحكاً على ذقون الجماهير ، وانحداراً في أبسط مفاهيم العمل السياسي ،وجهلاً في أبسط المبادئ التي يتبناها حكم يدعي الديمقراطية  ، وعداءً لحقوق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة المرفهة ، وانتهاكاً واستغلالاً للقيم الدينية ، أكثر من هذا الذي يسجله وعلى رؤوس الأشهاد الملتصقون على كراسي بلدية البصرة الفيحاء التي شاء " فقهاء " هذا المجلس منحها إسم جديد يلغي تاريخ البصرة بجرة قلم لتصبح " بلدية الجهاد الإسلامية في محافظة البصرة " ...؟ قد يقول هؤلاء أن الشعب هو الذي إنتخبهم لمناصبهم هذه ....وهذه هي الطامة الكبرى حينما يساهم الشعب نفسه بتضييق الخناق على نفسه من خلال التصويت لمثل هذه الإمعات التي ينطبق على كل واحد ، او واحدة ، منها قول الشاعر " باع الضمير بزرقة الدينار " والتي قد تتحول اليوم إلى " خُضرة الدولار " . وهذا ما حذرنا منه مراراً وتكراراً سواءً في إنتخابات المجالس البلدية أو في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ، وقلنا في أكثر من مناسبة بإن لا يسعى العراقيون إلى حتفهم بأنفسهم بإعادة إنتخاب هؤلاء الذين إنتقلوا به من مأساة إلى أخرى إبان تسلطهم على أمور البلاد والعباد في السنين التي تلت سقوط البعثفاشية المقيتة ونظامها الأسود . لقد وصل الأمر ببعض الناس بأنهم أصبحوا يضعون المقارنات بين النظام البعثفاشي وهذا النظام الذي يقوده  اليوم الطائفيون والشوفينيون والمفسدون في مختلف مؤسسات الدولة . وهنا يكمن الخظر الأكبر حينما تلجأ البعثفاشية إلى تأجيج مثل هذه المقارنات لتنفذ من خلالها إلى مؤسسات الدولة بصيغ وشعارات قد تبدوا وكأنها تصب في مجرى المصلحة الوطنية إلا أنها مليئة بكل المكائد والجرائم والإنتهاكات والخيانات التي تميزت بها البعثفاشية طيلة مدة حكمها الأسود في العراق .

ما على الجماهير التي إنتخبت هؤلاء سواءً في المجالس البلدية أو في مجلس النواب إلا ألإنتفاض على مَن يحاولون ألإلتفاف على القوانين وتسخيرها لأغراضهم الذاتية ووضع الوطن في متاهات الظلام والجهل والتخلف الذي يقننونه بقوانينهم ويبررونه بتأويلاتهم وتفسيراتهم التي لا تنم إلا عن جهلهم بالعمل السياسي وبراعتهم في الكذب على الجماهير والسعي على المضي في طريق الفساد والإثراء اللامشروع.

 

free web counter