| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

الأثنين 1/3/ 2010



إتحاد الشعب في مواجهة التخلف الفكري

د. صادق إطيمش

المفلسون سياسياً يحاولون تبرير إفلاسهم باللجوء إلى ألأساليب التي يحاولون من خلالها الطعن بأبرز مناوئيهم على الساحة السياسية وأكثرهم خطراً على كشف زيف ما يرمون إليه وما يسعون إلى تحقيقه خاصة إذا تعلق ما الأمر بالعمل الجدي المسؤول في الظرف السياسي العراقي الراهن المعقد والمتشابك . وقد يقود هذا التشابك إلى ضياع " راس الشليلة " لدى أولئك الذي نسميهم بسياسي اليوم أو سياسي الصدفة الذين برزوا مؤخراً على الساحة السياسية العراقية التي لم تكن قد سمعت عنهم في معظم فترات النضال السياسي الذي خاضته القوى الوطنية العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة لحد الأن والذي لعب فيه الشيوعيون العراقيون وحزبهم ، الحزب الشيوعي العراقي ، الدور القيادي في كثير من الحقب التاريخية ، والدور البارز في حقب أخرى وذلك حتى قبل تأسيس هذا الحزب المناضل رسمياً عام 1934. ومَن يجهل هذه المعلومات فما عليه إلا ألرجوع إلى المصادر التاريخية التي تتحدث عن تلك الحقب ليثقف نفسه بهذا الأمر . والسيد عزت الشابندر هو أحد الجهلة بهذا التاريخ العراقي ، على ما يبدو، وإن لم يكن كذلك لما تفوه بما لا يليق برجل يدعي أنه يخوض العملية السياسية بوعي ديمقراطي ومنافسة سياسية نظيفة ويسعى إلى خير هذا الوطن والشعب . لقد أراد السيد الشابندر الدعاية الإنتخابية له ولقائمته من خلال الهجوم على الشيوعيين والمقارنة البائسة التي طرحها بين مَن أثبت القاصي والداني نزاهتهم وتفانيهم في سبيل الشعب والوطن والذين يمثلهم مرشحو قائمة إتحاد الشعب للإنتخابات البرلمانية القادمة في السابع من آذار وبين عتاة مجرمي البعثفاشية الذي خبر الشعب العراقي جرائمهم خلال العقود الأربعة الماضية من تاريخه الحديث . إنه الهجوم الذي يدل على اُلإفلاس السياسي بين الجماهير ، هذا الذي تتعرض له قائمة إتحاد الشعب من قبل هؤلاء الجهلة حتى بتاريخ الوطن الذي يدعون الإنتساب إليه .

الجدل السياسي العلمي بين الأطراف التي تؤمن بالعمل السياسي الديمقراطي والنقاش المبدئي الواعي الملتزم بإحترام الرأي الآخر والتعامل معه من منطلق مقارعة الحجة بالحجة ضمن الضوابط الأخلاقية والقيم الإجتماعية والقوانين المرعية التي لا تشرع للعنف ولا ترسخ قمع الآخر المنافس سياسيآ , ظواهر لابد منها في أي مجتمع يسعى للسير ضمن الركب العالمي المتحررلضمان عيش أفضل وحياة أسعد لكل مواطن يتعامل مع هذا المجتمع على أساس ضوابط العقد ألإجتماعي الذي تشكل الظواهر أعلاه قاعدته العريضة التي يتحرك عليها الجميع .

ولو تعمقنا بدراسة وتحليل الفكرألإنساني الذي تبلوركواقع ملموس بعد الحرب العالمية ألأولى لوجدنا أن هناك ظاهرة مشتركة جمعت بين ألأضداد على إختلاف مشاربهم الفكرية ومناهلهم الفلسفية وعقائدهم الدينية ومواقعهم الجغرافية . وقد يعجب المرء أشد العجب أحيانآ حينما يرى ظاهرة إجتماع ألأضداد هذه تكاد تكون متشابهة إلى حد بعيد بأساليبها رغم إبتعاد منفذي هذه ألأساليب عن بعضهم البعض وربما عدم معرفتهم ببعضهم البعض أيضآ. ألظاهرة العجيبة الشبه هذه في كل زمان ومكان هي ظاهرة العداء للشيوعية كنظام إقتصادي إجتماعي ومنطلقاتها الفلسفية ذات الطابع ألإرشادي العام . لم يختلف جوهر الفكر المعادي للشيوعية لدى النازية عن مثيله الفاشي أو عن الجوهر الميكافيلي وما يماثله لدى البعث العربي أو لدى أجهزة مخابرات بهجت العطية أو المخابرات العربية ألأخرى أو لدى التوجه المتخلف عن ألركب الإجتماعي الحضاري العالمي المتلبس بالدين كنظام الطالبان ألإرهابي . إن ألأسس التي إنطلق منها هذا الفكر المعادي للشيوعية هي نفسها سواءً أكان ذلك في ألمانيا أو إيطاليا أو شيلي أو العراق أو أفغانستان . ولم يقتصر هذا الفكر وأسسه التي إستند عليها على جيل بذاته أو طبقة بعينها , بل جرى التواصل بالعمل ضمن هذه الوتيرة ذات الوصفات الجاهزة لكل قطر والمناسبة لكل عمروالملائمة لكل بيئة , طالما أن ألأمر يتعلق بالعداء للشيوعية ومحاربتها كفكر وفلسفة وكمبدأ وكنظام , أعطت للتوجه المعادي للشيوعية زخمآ لم يتوان المنخرطون فيه عن التفاخربهذا الفكر القمعي غير آبهين بمصدره الذي لم يروا فيه صفة ألإستيراد تلك التي طالما لصقوها بالفكر الشيوعي .

لو أن أحفاد هتلر وموسوليني وبينوشت وملا عمر ونوري السعيد وصدام الذين يريدون اليوم مواصلة رفع رايات العداء للشيوعية بالعراق هم جهلاء فقط , لهان ألأمر ولتدبرنا أمرهم بالتعليم والتثقيف وتكرار التعليم والتثقيف حتى يعوا من أمرهم شيئآ . إلا أنهم جهلاء وأغبياء أيضآ أولئك الذين يخططون وينفذون حملة العداء للشيوعية التي ظهرت بوادرها هنا وهناك سواءً بين بعض من ركبوا ناقة الإسلام السياسي أو حتى بين مَن يدعون التوجه العلماني الذي مثَلَه مؤخراً السيد عزت الشابندر في تصريحاته الأخيرة المعادية للشيوعيين العراقيين التي تبرهن بما لا يقبل الشك على جهل هذا الرجل بتاريخ العراق الحديث والنضالات التي سالت من خلالها الدماء الزكية على أرضه الطاهرة.

المخططون والعاملون والمنفذون لنشر هذا الفكر الأهوج ، الفكر المعادي للشيوعية ، الذي أثبت التاريخ سقوطه وفشله وعدم جدواه وشمولية إجراءاته القمعية التي تبدأ بالشيوعيين لتنتهي بكل ما يمس حرية ألإنسان , أغبياء حقآ ليس في مفصل واحد من مفاصل حياتهم التي لا يعون كنهها أصلآ في عالم القرن الواحد والعشرين الذي سوف لن يعيقه تخلف بعض العقول عن كنس هذه الأفكار وإزاحتها عن طريق البشرية التي لا مجال فيها بعد ألآن لتنابلة الفكر وعديمي القابلية على الحركة والسير نحو التاريخ البشري الذي سيكتسح كل من يقف أمام عجلته .

إنهم متخلفون وأغبياء سياسيآ لأن عقولهم المتحجرة لا ترقى إلى فهم الحقائق المرتبطة بتاريخ النضال السياسي العراقي وموقع الحزب الشيوعي العراقي المتصدر في هذا النضال دومآ . ليس هناك أية حقبة سياسية في تاريخ العراق السياسي الحديث منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى يومنا هذا, طالت هذه الحقبة أم قصرت , لم تتسم بنضال الشيوعيين العراقيين ولم يعط الشيوعيون فيها الضحايا على سوح النضال الوطني العراقي الذي يعترف به أعداء هذا الحزب قبل أصدقاءه . إن جهل هؤلاء ألأغبياء بهذه الملاحم البطولية من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي إنما هو جهل مطبق بتاريخ العراق الحديث, فكيف يسولون لأنفسهم ألإنتماء إلى تربة هذا الوطن وهم يجهلون مفاصل تاريخه الحديث ولا يعلمون كم من الدماء الزكية التي سالت دفاعآ عن عزة وكرامة هذه ألأرض الطيبة , شكلت دماء الشيوعيين العراقيين وتضحياتهم قسمآ كبيرآ منها , فارتبط وجودهم بوجود العراق وتاريخهم بتاريخه . إن العودة إلى ممارسة سياسة ألأجداد القدامى ضد الحزب الشيوعي العراقي هو إعتداء على التاريخ النضالي للوطن العراقي برمته. إلا أن هؤلاء ألأغبياء في واد والوطن في واد آخر .

إنهم متخلفون وأغبياء إجتماعيآ لأنهم لا يرون ولا يريدون أن يروا ما لهذا الحزب وتاريخه النضالي الحافل من مكانة في قلوب الجماهير وبين طبقات المجتمع المسحوقة التي نذر الحزب الشيوعي العراقي نفسه لخدمتها والدفاع عن مصالحها وعكس إرادتها على سوح النضال المتعددة . لقد مرت فترات إضطهاد وجور ودكتاتورية بغيضة على الشعب العراقي كان فيها الشك ,مجرد الشك, بالتعاطف مع الحزب الشيوعي العراقي , وليس ألإنتماء للحزب , يوقع صاحبه في غياهب السجون تصل إلى فقد الحياة أحيانآ , ناهيك عن النفي والإبعاد والتشريد وحتى ألحكم بالإعدام . فهل لمثل هؤلاء الأغبياء من المخططين والممولين والمنفذين لعودة حليمة إلى عادتها القديمة بتوجيه النار إلى مَن لا يتبادر إلى ذهن أي عراقي مهما كان بسيطآ , أللهم إلا مَن فقد البصر والبصيرة , أن يشك مجرد الشك بإخلاصهم المتناهي للوطن وليس لغير الوطن , قومية كانت أو عشيرة أو طائفة , هل لهؤلاء ألأغبياء أية علاقة قريبة أو بعيدة بالجماهير الكادحة والطبقات المسحوقة لتفتح أدمغتهم المتحجرة على مدى إلتصاق أفكار هذا الحزب بهذه الجماهير وعمق النضال الذي يخوضه في سبيلها...؟ إلا أن هؤلاء ألأغبياء في واد والجماهير الكادحة المسحوقة في واد آخر. إن مخططاتكم التي تتدارسونها ألآن لوصل ما إنقطع من ألإرهاب البعثفاشي ضد الشيوعيين ومن ثم ضد كل القوى التقدمية المخلصة للوطن فقط وليس لطائفة أو عشيرة , سوف توصلكم إلى نفس النهاية التي آل إليها من سبقوكم في هذه الجرائم , فهلا تتعظون بمن سبقوكم ...؟

إنهم متخلفون وأغبياء فكريآ لأنهم لا يملكون الحجة التي يمكنهم أن يقارعوا بها مَن يخالفهم سياسيآ . إنهم لا يملكون المنطق الذي يستطيعون به إيصال أفكارهم , إن كانت عندهم أفكاراً حقآ , للجماهيرالتي بدأوا يشعرون بلفظها لهم رغم ما ينشروه من شعارات براقة , يؤول بريقها إلى الزوال والإختفاء يومآ بعد يوم . إنهم لا يعون شيئآ من المسميات والمصطلحات التي يتداولها أهل الفكر والعلم حينما يتعلق ألأمر بهذه المشكلة الوطنية أو تلك وبهذا المشروع السياسي ألإجتماعي أو ذاك . لذلك فإنهم لا يجدون في مستودعات أفكارهم المظلمة سوى أطروحات العنف وإستعمال القوة التي يؤمنون بها , كوسيلتهم الوحيدة التي يمتلكونها , لإيصالهم إلى التحكم برقاب الناس وتقرير طبيعة حياتهم حسب ما يرونه هم وليس حسب ما يراه ألإنسان السوي وما يدعو له أهل العلم والمعرفة . إلا أن هؤلاء ألأغبياء في واد وأهل العلم والمعرفة في واد آخر .

لا نريد أن نستطرد لإثبات غباء هؤلاء وتخلفهم الفكري الذي لا يصعب حتى على الطفل إثباته . إلا أننا نريد أن نقول لهم كلمة واحدة , ربما لا يفهمونها أيضآ , ولكننا نقولها مع ذلك للتاريخ . لقد تكالبت قوى عاتية , ولعشرات من السنين دون ملل أو هوادة , تفوقكم عدة وعتادآ بآلاف المرات, على الحزب الشيوعي العراقي محاولة النيل منه ومن نضاله الوطني وتاريخه المعمد بدماء شهداءه وتضحيات مناضليه , فماذا جنت هذه القوى الآثمة الشريرة....؟ إنها لم تجن غير الذل والهوان ولم تحصد غير ألإنحطاط وولوج دروب الخيانة والرذيلة ولم تجد مهربآ لها من غضب الجماهير ولعنة التاريخ ألأبدية التي آلت بها إلى جحور الفئران وإنتهت بها إلى القتل العشوائي لإهلنا في الوطن , وظل الحزب الشيوعي العراقي رافع الهامة ماشيآ على درب العراق , يستعيد عافيته كل مرة من سلسبيل دجلة والفرات ومن نسيم زاخو والفاو ومن بذل وعطاء كل المخلصين للعراق أولآ وللعراق أخيرآ وليس لغير العراق . فهل أنتم بذلك معتبرون أيها ألأغبياء . ما أكثر العِبَر وما أقل ألإعتبار .

وحينما ينطلق احد هؤلاء اليوم ليجعل من العداء للحزب الشيوعي العراقي إعلاناً إنتخابياً له ، فإننا والحالة هذه لا يسعنا إلا أن نُذكر السيد عزت الشابندر وأمثاله بأن الذين أرادوا تثبيت أنظمتهم القمعية الجائرة من خلال العداء للشيوعية والشيوعيين ، سواءً كانوا في العراق أو في شيلي أو في أفغانستان أو السودان أو في أية بقعة أخرى من بقاع هذا العالم الواسع ، قد رحلوا مصحوبين بلعنة الشعوب الأبدية وظلت الشيوعية وظل الشيوعيون يعملون بين جماهيرهم حتى وإن إعترى هذا العمل بعض التراجع أحياناً ، إلا أن إستمرار تواجد ونشاط الفكر الشيوعي ، رغم كل ما أصابه من إنتكاسات ، ظل السمة المميزة لهذا الفكر الذي لا يمكنه البقاء والإستمرار إذا لم يكن يتناغم وما تطمح إليه الجماهير وإن لم يسع بكل ما لديه من طاقات فكرية وبشرية لتحقيق هذه الطموحات .

فلا غرابة إذن أن يشكل البرنامج الإنتخابي الذي طرحته القوى الوطنية والتقدمية المؤتلفة في قائمة إتحاد الشعب هاجساً مخيفاً للسيد عزت الشابندر وأمثاله من المراهنين على العداء للشيوعية في كسب أصوات الناخبين في الإنتخابات العراقية القادمة . نصيحتنا للسيد عزت الشابندر وأمثاله أن لا ينسى محاولات مَن هم أكبر منه عدة وعتاداً في محاربة الشيوعية ، وأين هم الآن وماذا جنوا من محاولاتهم البائسة هذه .
 

 

free web counter