موقع الناس     http://al-nnas.com/

الدبلوماسية العربية وبراعتها في ألكذب والإنتهازية

 

د. صادق إطيمش

الجمعة 17 /2/ 2006

نشرت وسائل ألإعلام ألأوربية يوم أمس تقريرآ عن إجتماع ستة عشر من الدبلوماسيين العرب في أوروبا مع مجموعة من البرلمانيين ألإسبان وقد تم الإجتماع في مدريد وتم ألإتفاق بين المجتمعين على إصدار بيان عن إجتماعهم الذي تناول المحاور التالية : أبدى المتحاورون أسفهم وحزنهم ألشديد على إعمال العنف الأخيرة التي سببتها الرسوم ألكاريكاتورية . أيد المتحاورون ضرورة ألإتفاق على تقنين التصرفات التي تسيئ إلى ألأديان أو تحط من سمعتها والعمل على منع ذلك. ألسفراء العرب أعلنوا أنهم مع ضمان حقوق حرية ألرأي التي يجب أن تحترم المقدسات الدينية وتحافظ عليها . وأضاف التقرير بأن هذا البيان قد تم توقيعه من قبل سفراء مصر, ألجزائر, ألعراق, أليمن, ألأردن, قطر, ألكويت, لبنان, ليبيا, المغرب, مورتانيا, ألعربية ألسعودية, ألسودان, سوريا, تونس , ألإمارات العربية ألمتحدة, وممثل عن ألجامعة ألعربية وممثل عن ألسلطة الفلسطينية .

حقيقة لم يخطأ المثل القائل : إذا كنت لا تستحي فأعمل ما شئت . هل وصل ألأمر بالدبلوماسية العربية إلى هذا الحد من ألسقوط الذي جعلها تتمادى أكثر في فضح عوراتها المخجلة أمام كل من يتقزز برؤيتها يوميآ على صفحات الجرائد وعبر ألقنوات ألتلفزيونية والتي تتكاثر يومآ بعد يوم فتزكم رائحتها حتى فاقدي حاسة ألشم...؟؟ ألم يكتف هؤلاء ألدبلوماسيون بالأكاذيب التي ينشرها سادتهم في أوطانهم يوميآ , ليطلقوا بالونات أكاذيب جديدة في أوربا التي تلتقي معهم لا حبآ بطالعهم , بل حرصآ على المصالح ألإقتصادية مع ألرابضين على كراسي الحكم في بلدانهم ..؟؟ لقد إكتشف العالم منذ أمد بعيد بدائية الدبلوماسية العربية التي تكم حكوماتها ألأفواه حتى ألإختناق في بلدانها ولسنين طويلة وطويلة , ثم تتباهى أمام ألدبلوماسية الغربية بأنها مع ضمان حقوق حرية ألرأي . ربما سيقول هؤلاء الدبلوماسيون ألعرب , لو سألهم سائل كيف يفسرون ذلك, لأجابوه : وماذا في ألأمر..؟ ألبيان لم يُحدد المكان الذي يجب أن تُضمن فيه حقوق حرية ألرأي . في ألحقيقة لم أستطع أن أجد الصفة المناسبة لمثل هذا ألضحك على ألذقون , هل هو ألكذب..؟ هل هي ألإنتهازية..؟ أم ألإثنين معآ..؟ وهذا ما أرجحه .
ألسفراء العرب , وجه ألأمة العربية التي أُبتليت بهم , لدى دول العالم ألأخرى حزينون على أعمال ألعنف التي سببتها ألرسوم ألكاريكاتورية ...ولماذا الحزن أيها المحترمون..؟ ألم يتم ذلك كتحصيل حاصل عن زواج المتعة المفاجئ بين حكوماتكم وبين ألحركات ألسلفية المقيتة التي جعلت أليوم من بعض الرسوم البذيئة الهزيلة التي نُشرت في أيلول الماضي مادة خصبة لتبرير إرهابها وتقنين تحركاتها بعد أن بصق عليها الشارع العربي بسبب ألأعمال ألإجرامية التي تقترفها ضد ألأبرياء في بعض المجتمعات العربية والإسلامية..؟ من ألذي قام بالحرق والسلب والنهب وكل ألأعمال ألهمجية في بلدان ,تمثلونها أنتم دبلوماسيآ , لا تتحرك فيها الذبابة إذا لم تسمح لها بذلك أجهزة أمن ومخابرات وشرطة وجيش سادتكم الذين توقعون مثل هذه البيانات بدلآ عنهم ..؟ ألم يصّب ذلك ماءً سلسبيلآ باردآ على النار التي تكتوي بها اليوم ألسياسة الرعناء لبعض دولكم والتي جعلتها تحت بوصلة الرادار العالمي الذي يحصي عليها كل حركاتها وسكناتها , فهللت وكبرت لهذه المناسبة ألكاريكاتورية التي أرادت بها كسب بعض الوقت , لأنها تعلم تمامآ بأنها لا تستطيع كسب كل الوقت...؟ هل أنتم حزينون حقآ بسبب ذلك..؟ حسنآ... فالأمر لم يزل طريآ بعد.... إقترحوا على حكوماتكم , إذا لم تفقدوا مناصبكم أوحريتكم أو ربما حياتكم بسبب إقتراح كهذا , أن تعتذر للدول التي تضررت مؤسساتها في بلاد ألضيافة العربية جراء هذه التصرفات ضدها بإعتبارها تصرفات لا يمكن حصرها ضمن التوجهات ألإنسانية ألحضارية للتعبير عن وجهة نظر ما سلبآ أو إيجابآ , ناهيك عن ألأخلاق التي نتبجح بها بإحترام ألضيف وحمايته . هل تفعلون ذلك..؟ أم أن تواقيعكم على البيانات شيئ والحقيقة التي تضمرونها شيئ آخر..؟ فعلى من تكذبون إذن ..؟ أعلى حكوماتكم.......أم على أنفسكم ......أم على شعوب وحكومات العالم التي كشفت زيفكم ....أم أن تصرفكم المخجل هذا هو ألإنتهازية بعينها...؟
إن ما يزيد ألأمر سوءً في تصرفات الدبلوماسية العربية هذه هو قدرتها على تبديل أقنعتها متى أراد لها حكامها ذلك دون أي وازع من خجل . وهذا أمر محزن حقآ يضع أناسآ لا حول لهم ولا قوة , شخصيات فاقدة ألإرادة , كل ما تعلمته في مدرسة الدبلوماسية العربية كيفية الصعود على ألأكتاف مع هذا الحاكم أو ذاك كي " تطير إن طار أو تهوى إذا وقعا " كما عبر عن ذلك ألجواهري ألكبير , يضع مثل هؤلاء لتمثيل مصالح دول وحكومات لا زالت تستجدي المعونات في كل المجالات من هذه الدول " ألكافرة " التي يمثلون بلدانهم فيها والبعيدة عنها في كل شيئ والتي أُسيئ إلى مؤسساتها من قبل تلك اليد العربية التي تمتد لها كل يوم لتحصل على بعض ما يعينها على الحياة . في حين يرفل " أشقاؤها " القريبون لها بكل شيئ بملياردات البترودولار التي تبتلع الملايين منها ليليآ طاولات القمار ومواخير البغاء , وملايين أطفال " أشقائهم " في العروبة والأسلام تموت جوعآ على الجانب ألآخر من حدودهم أو تلجأ لخدمة " العدو أللدود " , كما يحلو لبعضهم أن يسميه , كي تحصل على ما يسد الرمق اليومي .

زواج المتعة هذا بين السلفية الدينية والسياسة العربية التقليدية مصيره ألطلاق العاجل , كغيره من هذه الزيجات , إلا أن البلاء ألأكبر للدبلوماسية العربية المبني على ألكذب والمراوغة والإنتهازية سيظل ما ظلّت حكومات القمع والتسلط وكم ألأفواه التي تعشعش فيها هذه الدبلوماسية العربية . وستظل سمعة العربي الرسمية مثارآ للهزل والسخرية في أي حلقة نقاش علمي تبحث في شِؤون شعوب هذه ألأمة التي أبتليت بمن لا يكف عن الصراخ بوجهها كل يوم للقيام دفاعآ عن شرفها وعزتها وكبريائها الذي لا يعني به إلا شخصه أو حزبه أو عشيرته وما يدور حولهم من زبانية وسماسرة .