| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

                                                                                     الأحد 13/5/ 2012



سأكون شاكراً للسيد سليم مطر لو دلني على بيتي العامر في اربيل

د. صادق إطيمش 

تحت عنوان :
الشيوعيون العراقيون الشرفاء، وكفاحهم لتحرير حزبهم من طغمة القادة التجار التابعين للبعث الكردي؟
سليم مطر
الأربعاء، 9 أيار، 2012

كتب السيد سليم مطر مقالاً منشوراً على موقع بحزاني بتاريخ الأربعاء 9 آيار 2012 بمناسبة إنعقاد المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي ، أسهب فيه وبخيال خصب في توزيع الأموال والبيوت على قادة الحزب الشيوعي العراقي من قبل الأحزاب الكوردية ومن قبل البرزاني والطلباني بالذات، وعلى آخرين قال عنهم " باللاضافة (هكذا وردت) الى مثقفين باعوا ضمائرهم من اجل (هدايا الرئيس البرزاني) من بيوت عامرة في اربيل، اصبحوا يتجاوزون البعث الكردي في مشاريعه القومية العنصرية، امثال(تيسير الآلوسي) و(صادق اطيمش)(ومنذر الفضل)، والاسلامي السابق(ضياء الشكرجي ".
يبدو لي ان السيد مطر وكانه كاتب حسابات أوأمين سر صندوق هذين الحزبين الكورديين وقائديهما البرزاني والطالباني ،إذ ان التفاصيل التي جاء بها توحي وكانه متأكد بما لا يقبل الشك قيد شعرة من صحة هذه الهِبات التي توزعها الأحزاب الكوردية وقادتها على " عملاءهم " من العرب المستكردين أو من الأكراد المستعربين .وذكر اسماءً وحسابات بالأرقام لكل من هؤلاء " العملاء " .

لا أريد ان اسرح مع السيد سليم مطر في خياله الخصب هذا ، إذ إنني من محبي الواقع والحقائق المترتبة على هذا الواقع . واستناداً إلى هذا الواقع ارغب ان اتحدث مع السيد مطر حديثاً هادئاً حول هذه الهدايا والهبات باعتباري واحداً من المشمولين بها كما جاء في مقاله أعلاه .

الحقيقة ألأولى تتعلق بالأسلوب الذي إتبعه السيد مطر في خطابه والذي اراد به ان يناقش سياسة الحزب الشيوعي العراقي من خلال تبنيه نظرية " منذ سقوط المعسكر الشيوعي " . إن تبني مثل هذه النظرية ينم عن إنخراط السيد مطر في جوقة المطبلين والمهرجين بفكرة " سقوط الشيوعية " مبررين ذلك بسقوط أنظمة حاولت ان تتبنى الإشتراكية العلمية في تحقيق المجتمع الشيوعي ، إلا انها لم تستطع ، لأسباب ذاتية وموضوعية لا مجال لنقاشها الآن ،( وإن رغب السيد مطر بفتح حوار في هذا الموضوع فعلى الرحب والسعة ،إن كان يحرص على الدفاع عن الفكر الإشتراكي والشيوعي حقاً )، حتى من الوصول إلى الإشتراكية التي تشكل المرحلة الأساسية والاولى لبناء المجتمع الشيوعي ، فهل يعي السيد مطر ذلك عندما يغوص في اوحال المتخلفين والرجعيين الحاقدين على كل ما يمس الفكر الشيوعي بصلة . إن الإنزلاق في هذا التيه المظلم للفكر المتخلف المعادي للفكر الشيوعي والذي يحاول ربط هذا الفكر بسقوط انظمة بذاتها لا يجلب للسيد مطر ما يريد الوصول إليه في عداءه للحزب الشيوعي العراقي ، بل يضعه في خندق أعداء الشيوعية الذين لم يفقهوا التفريق بين الفكر الشيوعي وأسس بناء المجتمع الشيوعي وبين مَن يتبجح بتمثيله لهذا الفكر إلا انه يعمل على العكس من اسسه ومبادءه العلمية . فالذي ارجوه من السيد مطر ان يراجع موقفه هذا والتخلي عن مقولة " سقوط المعسكر الشيوعي " إذ انه لم يكن هناك وجود أصلاً لمعسكر شيوعي ، فكيف يسقط إذاً مَن لم يكن موجوداً على الأرض فعلاً.

أما الحقيقة الثانية فتتعلق بالعقدة التي يعاني منها السيد مطر في علاقته مع قادة الحزب الشيوعي العراقي والتي تتسم بالحقد والكراهية اكثر مما تتسم به من روح النقد البناء . إن مشكلة السيد مطر ، كما يبدو لي ، مرتبطة بعلاقته الشخصية مع قادة الحزب الشيوعي العراقي ، لا مع الحزب باجمعه ، إذ انه يدعو إلى إنقاذ الحزب ، الذي يحرص عليه كما يدعي ذلك في مقاله أعلاه ، من هذه القيادة التي يصفها بكثير من النعوت التي يعتقد السيد مطر بانها تستحقها إستناداً إلى قناعاته الشخصية ومصادره الإعلامية والتي تركزت جميعها على الجوانب المادية بشكل اساسي . إنه لمن المؤسف جداً ان يتحول الإنسان من ناقد علمي يجول في الأسس العلمية للفكر الذي يناقشه إلى مقاتل عشائري يسعى لأخذ الثار من هذا أو ذاك الذي يعتقد بأنه أساء إليه أو يكن له الحقد والكراهية شخصياً . وهذا ما بدى جلياً في مقالة السيد مطر اعلاه ، إذ انها لم تتطرق إلى اية مناقشة فكرية اوطرح مسألة تخص تطبيق النظرية التي يتبناها الحزب الشيوعي العراقي والغير غائبة عن السيد مطر ، كما أعتقد . إن تحويل التاريخ الذي ربما قد ساهم به السيد مطر شخصياً يوما ما إلى نزاع شخصي وأحقاد عشائرية يشير إلى مدى الفقر النظري والجدب الفكري على ساحة هذا التاريخ الذي هو جزء لا يتجزأ من تاريخ اليسار العراقي الذي يجب ان يتناوله كل من ينتمي إلى هذا اليسار بعمق فكري لا بعداء شخصي .

الحقيقة الثالثة ، وهي المفزعة حقاً ، والتي يلخص فيها السيد مطر عداءه الشخصي هذا على ابشع صوره بربطه بمبدءٍ أممي ينص على " حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها " والذي ربما كان قد إقتنع به السيد مطر يوماً ما ليتنكر له اليوم ، لا لسبب سوى ان تصرفات بعض القادة او السياسيين الكورد لا تصب في مجرى تصوراته الشخصية التي يتبناها اليوم . إن مَن يكتب بقناعة حول حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره ، كمبدأ أممي ينسحب على شعوب الأرض كافة ، لا يكتب ذلك تزلفاً لهذا القائد او السياسي الكوردي او ذاك ولم يتخلى عن الكتابة حول هذا الأمر إذا ما صرح هذا القائد او السياسي الكوردي او ذاك بما لا يتفق وتوجهات هذا الكاتب ، بل انه يكتب حول حق الشعب الكوردي في العراق وفي عموم كوردستان ، كأي شعب آخر ، بتحقيق المصير الذي يريده الشعب الكوردي والذي ناضل من اجله وقدم آلاف الضحايا في سبيله . إن الظروف الذاتية والموضوعية التي يصب فيها نضال الشعب الكوردي مناطقياً وعالمياً هي التي ستقرر ما يريد الشعب الكوردي تحقيقه في كل ارجاء كوردستان كأكبر شعب على وجه الأرض لا دولة له ، وليس كما يريده القادة انفسهم . وهنا يجب على السيد مطر ان لا يتنكر للحقيقة المبداية التي تجعل الشعوب وإرادتها هي الفيصل في امر تقرير المصير وليس القادة فقط ، مهما كانت اهمية مثل هؤلاء القادة في مراحل قيادتهم المختلفة .

وهذا ما يقودني إلى الحقيقة الرابعة التي تتعلق بي شخصياً حيث ذكرني السيد مطر في مقاله أعلاه ضمن " مثقفين باعوا ضمائرهم من اجل (هدايا الرئيس البرزاني) من بيوت عامرة في اربيل، اصبحوا يتجاوزون البعث الكردي في مشاريعه القومية العنصرية، امثال(تيسير الآلوسي) و(صادق اطيمش)(ومنذر الفضل)، والاسلامي السابق(ضياء الشكرجي) " .
بيع الضمير ، ايها السيد سليم مطر ، مفردة قد توزعها أنت على الآخرين دون حساب، إذ ربما لم تعلم كنهها لحد الآن. بيع الضمير يعني تجريد الإنسان من كل القيم والمبادئ والأفكار التي تعطي لهذا الإنسان كينونته ضمن المجموعة البشرية التي تتفاعل في قيمها مع الحياة ضمن هذا المفهوم . وبيع الضمير يعني التخلي عن التفتيش عن الحقيقة ورمي الناس بحجر الحقد الأعمى والكراهية السوداء التي لا مبرر لها إطلاقاً في مجال النقاش الفكري . ومن يلجا إلى هذا الأسلوب ، دون ان تكون لديه المعلومات الكافية والأكيدة على رمي الآخرين بحجر إتهاماته ، فقد يكون قد فقد شيئاً من حساب الضمير على ما يرمي به الناس من أكاذيب . وفقدان حساب الضمير يعني بمعادلة رياضية بسيطة فقدان الضمير بذاته . فإن اراد السيد مطر ان يثبت غير ذلك فليدلني ، مشكوراً جداً ، على بيتي العامر في اربيل الذي وهبني إياه القادة الكورد ، أو إذا لم يسعفه وقته لذلك فليدلني على المحلة وإسم الشارع ورقم هذا البيت العامر في اربيل ، ولا بأس ان يجلب لي المفتاح معه إن امكن ، وبعكسه فإنني لا اريد ان اواجهه قضائياً على هذا الإتهام الذي لا مبرر له إطلاقاً ، بل اتركه ليعطي لنفسه ما يراه من وصف من خلال هذه الحقائق والمعطيات .
كما إنني اتحداه وبكل قوة وإصرار ان يأتي لي بجملة واحدة من عشرات المقالات التي كتبتها حول حق الشعب الكوردي في تقرير مصيره توحي من قريب او بعيد إلى مدح او التزلف لأي قائد كوردي او حزب كوردي . إن الأمر بعكس ذلك تماماً ، إذ انني طالما تعرضت في مقالاتي هذه إلى نقد الساسة الكورد العراقيين وبعض مواقفهم من القضية الكوردية نفسها حينما يتعاملون معها من جانبها العاطفي وليس المبدأي . ولتسهيل الأمر على السيد مطر وتجنيبه البحث في المواقع المختلفة عن كتاباتي حول القضية الكوردية أحيله إلى كتابي الأخير الصادر عن دار الشطري في شارع المتنبي ببغداد تحت عنوان " والعراق على ما اقول شهيد " حيث يتضمن فصله الأخير المعنون " وقلبي ايضاً يخفق لكوردستان " بعض كتاباتي حول هذه القضية .
ارجو من السيد مطر ان لا يبخل على قراءه بقول الحقيقة حتى ولو بعد حين ، والإعتراف بالخطأ فضيلة .


 







 

free web counter