| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

السبت 12/4/ 2008



لماذا إمتنع السيد السيستاني عن الإفتاء في هذا ألأمر.......؟

د. صادق إطيمش

ربما أراد السيد القائد لجيش المهدي بطلب الفتوى من المرجعيات الدينية حول بقاء أو حل هذا الجيش المزود بالأسلحة الحديثة التي لا تملكها المليشيات عادة ، بل الدول, أن يحقق عدة أهداف في آن واحد. نحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه ألأهداف بقدر ما يهمنا أمر إمتناع مرجعية السيد السيستناني عن البت في هذا السؤال وعدم إعطاء أية إجابة عليه سلباً أو إيجابا وترك الحبل على الغارب يفسره المفسرون كيفما يطيب ويحلو لهم . فالمؤيدون لهذا الجيش الذي يضم بين صفوفه مختلف ألأصناف والأجناس التي يصعب التمييز بينها وبين أسباب إنتماءاتها إلى هذا الجيش الذي لا يتوانى حتى بعض قادته عن تسميته بالمليشيا الصدرية ، يعتبرون أن السكوت من الرضى . أي أن السيد السيستاني راض عما يقوم به هذا الجيش سواءً أعجبت هذه ألأعمال المواطنون الذين يعايشونها يومياً أم لا . إن تفسير هؤلاء لهذه القاعدة " الفقهية " بأن السكوت دليل الرضى يعني الرضى على كل شيء قام وسيقوم به هذا الجيش حتى إكمال رسالته التي يعبر عنها فقهاؤه بأنها ستنتهي حين ظهور ألإمام المهدي الذي سيتولى قيادة جيشه بنفسه ويبت هو في أمر حلِّه أو بقاءه .
أو ان السكوت عن كل ما يقوم به هذا الجيش , حتى وإن كان مصحوباً ( أحياناً ) بأضرار وعواقب وخيمة على أبناء وبنات هذه الامة التي يوجهها السيد السيستاني باعتباره أحد مراجعها العظام , يدخل ضمن فقه التقية . وكما هو معروف في الفقه الشيعي, إن التقية تُمارَس لدرء شر أو إلحاق ضرريأتي من جبار غاشم متهور متسلط لا يقف دون تسلطه أحد ولا يحد من جرائم زبانيته عرف . لذلك فإن تجنب هذا المتسلط وما يمكن أن تجر إليه أفعاله من أذى على الطائفة وأهلها وذلك بتوظيف مبدأ التقية يعتبر من ألإجراءات الدينية السليمة التي يجب أن يتبعها المرجع في ظروف كهذه. إلا ان ألأمر لا يقع ضمن هذا التفسير في هذه الحالة ، إذ أن ألأذى واقع أصلاً والشر منتشر على أوسع نطاق ، وإن من واجب القادة الدينين أن يدرءوا هذا الشر خاصة إذا توفرت لديهم مثل هذه ألإمكانية بإطلاق الفتوى التي قد تساعد على ذلك . لقد أصبح حتى الطفل العراقي يعي بأن نزع سلاح مليشيات جيش المهدي سيساهم بكل تأكيد في زيادة فرص ألأمن والسلام في الوطن
أو ان الإمتناع عن ألإجابة على هذا السؤال يقع ضمن شعار عدم تدخل المرجعية الدينية بالسياسة . ومن المعلوم فإن هذا التبرير لا يُقنع أي أحد , إذا ما علمنا أن قادة ما يسمى بالعملية السياسية ، الشيعة منهم والسنة ، يتبركون في كثير من ألإجراءات التي يتخذونها برأي السيد السيستاني , كي يضفوا على قراراتهم هذه مسحة التدين التي جاءوا بها ضمن شعاراتهم الإنتخابية التي زينوها بصور السيد المرجع , دون أن يكون هناك أي إعتراض من مكتب سماحته أو منه شخصياً على ذلك , وليبرهنوا للناس أنهم لا زالوا يخططون سياساتهم بالإتفاق مع المرجعية الدينية والتزاماً بخطها . فالمرجعية الدينية ممثلة بالسيد السيستاني الذي توَجَه إليه السيد القائد بسؤاله السياسي هذا , هي ضمن ما يسمى بالعملية السياسية الجارية في وطننا منذ خمس سنوات ، ومنذ إستلام الأحزاب الدينية التي تأتمر بأمر هذه المرجعية الحكم في العراق .

أو أن عدم ألإجابة على هذا السؤال سلباً أو إيجاباً يدخل ضمن ألإبتعاد عن الفتاوى التي لا تمس القضايا الشرعية البحتة المتعلقة بالعبادات أو المعاملات أو العلاقات وليست المليشيات . قد يكون هذا التبرير مستساغاً لو شمل ألإبتعاد عن كل المليشيات التي تعددت أسماؤها الدينية , وكأن المسألة أصبحت سباق على كسب ألألقاب الدينية وليس مِن مرجع مَن نطق بكلمة واحدة بحق هذه التسميات التي جعلت من ألله والنبي والأئمة والخلفاء ملاذاً لجرائمها وانتهاكاتها لكل القيم الدينية والإنسانية , وربما يسمح لنا البعض أن نقول والوطنية أيضاً . كثيراً ما سمعنا من التصريحات هنا وهناك والتي قد تقع ضمن مفهوم الوقوف ضد هذه المليشيات نظرياُ , إلا أن الواقع العراقي الأليم الذي تسمع به وربما تعيشه المرجعيات الدينية ، والذي سببه تواجد مثل هذه المسميات من المليشيات , يتكلم بلغة أخرى غير أللغة التي تتكلم بها مكاتب المرجعيات الدينية ، ولا أحد يعلم إلى متى سيستمر هذا السكوت على هذا البلاء . فإن كان هناك إعتراف حقيقي بالدور القيادي للمرجعيات الدينية والإمتثال لأوامرها شرعاً , فلماذا لا نسمع القول الفصل في مثل هذه المآسي التي تمر بها ألأمة . هل هناك مخاوف حقيقية , كما يشير ألبعض إلى ذلك أو يلمح به , من عدم إمتثال المُقلِدين لهذه المرجعيات لمرجعياتهم مما يعني تهميش دور المرجعيات الدينية لدى عامة الناس....؟

او أن عدم الجواب على سؤال مهم كهذا وفي هذا الوقت بالذات الذي يعاني منه الوطن من وجود هذه المليشيات بالدرجة ألأولى والتوجه الجدي للحكومة ، التي تحظى بتأييد السيد السيستاني , للنيل من مليشيات جيش المهدي أولاً باعتبارها أقوى المليشيات الموجودة الآن على الساحة واكثرها عدداً وأحسنها تسليحاً , يقع ضمن التخلي عن الحكومة في الوقت الحاضر وعدم نصرتها في هذا ألأمر الخطير الذي تواجهه والذي يهدد مستقبلها . ولكن لماذا التخلي عن هذه الحكومة التي باركتها مرجعية السيستاني في كل محاصصاتها التي قادتها إلى هذه الهاوية السحيقة التي وصل بها ألحد إلى تخلي أقوى مناصريها عنها . يقول البعض , والعهدة على الراوي , إن مرجعية السيد السيستاني لا تريد أن توصف بأنها أفتت بصحة إشتراك الجيش ألأمريكي مع القوات العراقية في ضرب المليشيات لكن هذه المرجعية المحترمة أفتت بوجوب إجراء ألإنتخابات , لا بل كانت هي الأولى المطالبة بها , والتي إنبثقت عنها هذه الحكومة التي ما كان بإمكانها أن ترى الحياة لولا ألإسناد ألأمريكي المالي والعسكري والسياسي ، وما هذا المفصل الذي تواجهه الآن إلا واحداً من هذه المفاصل الكثيرة التي حظت دوماً بتأييد المرجعية السيستانية الموقرة لها . فكيف يمكننا تفسير هذا الموقف بالتردد عن البت في مهمة من أعسر المهمات التي تواجهها هذه الحكومة وعدم الوقوف إلى جانبها , لا بل أن يكون السكوت من العوامل التي تساعد على إضعاف إجراءاتها في مكافحة المليشيات والحد من جرائمها بحق الشعب والوطن .




 


 

Counters