| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. صادق أطيمش

 

 

 

                                                                                     الأربعاء 12/9/ 2012



تدَني التدَيُن

د. صادق إطيمش 

حينما يبدأ القول الذي أطلقه المصلح الديني والإجتماعي محمد عبده ينطبق على الدين الذي يمارسه بعض مَن يصفون أنفسهم بالمتدينين  إلى أدنى درجات التدني ، فما ذلك إلا نذير شؤم ليس على الدين الذي يتبناه هؤلاء وثوابته وحسب ، بل على المجتمع ككل ، خاصة ، كما في وطننا العراق اليوم ، إذا كان هؤلاء المتدينون المتدنيون يملكون مفاتيح الحل والربط في المجتمع ويسيِّرون سياسته ويقررون سبل ووسائل  تعليمه ويديرون مؤسساته المالية ويخططون لبرامجه الإقتصادية ويوجهون حياته الإجتماعية بما فيها من فنون وعلوم ونشاطات ثقافية وفنية قد لا تفقه تلافيف ادمغتهم المتخلفة كنهها ، إلا انهم يصرون ، وكما قال الجواهري الكبير " ضراوة وتكالبا " على قابلياتهم على القيادة والتوجيه والتخطيط حتى يصلون بالمجتمعات التي تُبتلى بهم إلى اسفل السافلين واحط درجات التدني في كل شيئ بحيث يصح على هذه المجتمعات المثل القائل " لا دين ولا دنيا " ، والأمثلة على ذلك كثيرة في دولة الطالبان الساقطة ودولة آل سعود البائسة وحكم البشير المتخلف وخزعبلات ملالي ولاية الفقيه التي لم تتحمل حتى بعض كلمات من رفيق درب ديني كالمرسي فتلجأ إلى الكذب والتزوير بإسم الدين الذي تتبناه . كل هذه الأمثلة وغيرها تشير إلى ماهية الدولة العراقية التي يريدها الإسلام السياسي ومعمموه الأصليون او الفوتوكوبي في وطننا. هؤلاء المعممون الذين قال عنهم محمد عبده :

                ولكن ديناً قد أردت صلاحه         مخافة ان تقضي عليه العمائم

بأي تدني ودناءة نبدأ في دولة يريد حكامها ان يقنعوا الناس بأنهم إنما يعملون ذلك إنطلاقاً من ثوابتهم الدينية ؟

هل نبدأ بالكذبة الكبرى التي اطلقها السيد رئيس الوزراء بعد ان ضاق به الدرب إثر الإنتفاضات الجماهيرية التي حدثت في الخامس والعشرين من شباط في العام الماضي  والتي حددها بفترة المئة يوم لوضع الوزارات العراقية والمؤسسات المرتبطة بها على محك العمل الوطني المجدي والتوجه نحو إجتثاث ما علق بهذه الوزارات ومؤسساتها المختلفة من أساليب في عملها أقل ما يقال عنها بأنها لا تنسجم والتطور التقني والتطلع السياسي والتوجه الديمقراطي الذي كان يتنظره الشعب بعد سقوط دكتاتورية البعث ؟ كل الأحداث التي تعاقبت على الساحة السياسية العراقية بعد هذا الوعد العرقوبي  أثبتت ان السيد المالكي لم ولن يستطع ان يحقق ما وعد به الناس ، إذ ان الإصلاح الجدي لمرافق الدولة المتهرئة ومؤسساتها المتدنية تنظيمياً وأخلاقياً أصبح فوق طاقاته السياسية وطاقات الأحزاب المشاركة له في الحكم المحدودة والمحكومة بالمحاصات الحزبية والتوجهات الطائفية والإلتزامات العشائرية . لذلك فإن ما يكذبون به على الناس من تبني فكرة الإصلاح التي تطلقها أحزابهم ما هو إلا ضحك على الملأ واستهتار بمشاعر الناس وتدني خلقي لحمته الكذب وسداه مواصلة النهب والسلب واللصوصية والتزوير .

أو نفتش عن التدني الأخلاقي المرافق للمتدينين في الحكومة العراقية بين الثلاثين ألف شهادة المزورة والموزعة بين الوزراء والبرلمانيين والمدراء العامين ورؤساء المؤسسات في الدولة العراقية التي تسير على مقاسات هؤلاء المزورين الذين لا تخلو جباه اكثرهم من كيات العبادة وتعتمر اصابعهم بالمحابس الفضية وتتطاول لحاهم طردياً مع تطاول السنتهم في الكذب والنفاق والتزلف والتملق لكل من يمد لهم يده بالعظام حتى وإن تكن جرداء من بعض اللحم ؟ فإن لم يكن هذا نفاقاً ، فما هو النفاق إذاً ؟

أين يمكننا ان نجد التدني الخلقي والإنحطاط الإجتماعي ؟ أنجد ذلك بين شاربي الخمر أو بين شاربي دماء الشعب العراقي ولا يزالون مستمرين على شربه بعد ما يقارب العشر سنوات على ملئ كؤسسهم بدم هذا الشعب وليس في نيتهم التخلي عن ذلك حتى وإن إمتلأت أجوافهم النتنة وجيوبهم العفنة ليس بدم هذا الشعب فقط ، بل وبكل ما يهيئ لهذا الدم من مفردات البطاقة التموينية وأموال المقاولات الوهمية التي بلغت عشرات الملياردات من الدولارات ، وكل ما إقترفه الحكام من نجاسات بحق هذا الشعب الذي لا يزال أكثر من ثلثه يئن تحت طائلة الفقر المدقع ويعيش معظم ثلثيه الآخرين عيشة الكفاف في بلد يعتبر من اغنى بلدان العالم بموارده الطبيعية ، إلا انه اصبح  بفضل هؤلاء الحكام المتدينين جداً اغناها بفساد حكامه وتدني اخلاقهم . إن فهمنا البسيط للدين يشير إلى ان حساب شارب الخمر عند الله يتحقق بما يتفق وارتكاب معصية تتعلق بالشخص نفسه . اما شارب دم إنسان آخر من خلال سرقة قوته أو ماله أو إنتهاك حقوقه وكل ما يقوم به بعض متديني حكومة ألمحاصصات اليوم فيقع ضمن القتل الجسدي والنفسي بغير وجه حق ودون إستناد إلى مبرر وهذا ما ينطبق عليه " كأنما قتل الناس جميعاً " أليس كذلك ، ام ان لكم في هذا النص تأويل آخر مما تفقهون ؟

قاتل الله المنافقين واللصوص والمزورين والمتسلقين على الدين ، فهل يجرأ فقهاء الإسلام السياسي ان يقولوا معي  : آمين رب العالمين ؟ وحتى وإن قالوها فإنهم كاذبون.

 

free web counter