| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سامر عنكاوي

 

 

 

 

السبت 6/1/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس



مشروع الدولة الإسلامية بين التكفير والإلغاء


سامر عنكاوي

على قناة الحوار الفضائية رأيت وسمعت عراقيا يقول:- مع الأسف المشروع الإسلامي في العراق انحدر إلى المذهبية الطائفية- وكأنه يريد أن يوهمنا بأنه هناك في غير العراق مشروع إسلامي غير مذهبي وغير طائفي، ولا اعرف إن كان المتكلم يتجاهل أم انه يجهل حقيقة أنه لا يوجد مشروع إسلامي خالص، فمنذ سقيفة بني ساعده والى يومنا هذا لم يتحقق هذا الشعار الذي يطلقوه منظرو مشروع الدولة الإسلامية، فسواء بالعراق أو في باقي بقاع الدول الإسلامية لا يوجد مشروع إسلامي يقوم على نظرية الإسلام الكلي (إن كان هناك نظرية إسلامية جامعة في مشروع الدولة الإسلامية المزعوم)، فكل الأحزاب الإسلامية التي تحمل مشروع الدولة تنطلق في رؤيتها من الإطار المذهبي الضيق المختلف عن الأخر في مجمل التفاصيل الضرورية وهذا الخلاف في التفاصيل يدفع هذه الأحزاب أو الدول الحاملة لمشروع الإسلام السياسي تتمحور على نفسها وترفض الأخر وكل هذا يدفع للتخندق الذي يؤدي لتكفير بعضهم بعضا .

فالمشروع الإسلامي كان دائما مذهبيا طائفيا لأنه لا يوجد لحد ألان اتفاق على شكل الدولة الإسلامية، وكيفية تطبيق الشرع فيها لاختلاف الاراء حولهما، فاذا اخذنا شكل الحكومة عند المشروع الاسلامي الشيعي نراها قائمة (في اغلبها) على نظرية ولاية الفقيه التي تعطي الفقيه السلطة المطلقة "على اساس له ما للإمام المعصوم عند الشيعة وهذه النظرية هي السائدة اليوم بشكل كبير" اما في المشروع الاسلامي السني فالسير للدولة الإسلامية قائم على نظرية الخلافة المدعومة بشورى اهل الحل والعقد. وهنا يحق لنا ان نتساءل ايهما هو المشروع الاسلامي الحق والمعتمد حسب القران والسنة، والإجابة ستكون عند الاثنين متطابقة كل فريق سيقول أنا الصحيح المطلق واليقين القطعي، وعنده أدلة وإثباتات وبراهين من نفس الكتاب ومن نفس السنة ولكن الاجتهادات والتفاسير والتخيلات وألاوهام مختلفة.

ولو كانت النظرة الى هذه الموضوعات الحيوية المهمة جدا موحدة لما كان هناك مبرر منطقي مقنع لوجود الفرق والطوائف والمذاهب في الإسلام، ثم لو تم الاتفاق على كل هذه الموضوعات (لا سامح الله) واقول لا سامح الله لاستحالته, وهذا لن يكون إلا على المدى البعيد ربما, فأين هو الحزب الاسلامي الذي يضطلع بمهمة بناء الدولة وهو لم يوجد لحد الان في أي مكان من هذا العالم، فالكل يعرف بأنه كل الاحزاب الاسلامية الموجودة على الساحة السياسية هي أحزاب طائفية اعضاؤها من طائفة واحدة، ولا يوجد أي حزب إسلامي في أي مكان يجمع المسلمين في كتلة واحدة موحدة ببرنامج اسلامي ومشروع بناء دولة، ولكن مؤسسي الاحزاب الاسلامية يأبون إلا أن يسموا أحزابهم بالإسلامية تعسفا وهذا يعني تكفير الاخرين الذين هم خارج الحزب من باقي الطوائف الإسلامية، وبعد تكفيرهم يمكن تصفيتهم جسديا، فالمسلم لا يقتل اخاه المسلم أبدا, ولكن المسلم يكفر المسلم أولا ثم يقتله وبالتالي فهو يقتل كافرا، وهذا ما حصل لكثير من الكتاب والادباء والشعراء والمثقفين على يد الجماعات التكفيرية الاسلامية.

لنأخذ العراق مثلا :

الحزب الاسلامي العراقي هو في الحقيقة الحزب السني العربي لأنه لا يوجد فيه أي مسلم شيعي ويقتصر على السنة فقط ولا يوجد فيه أي من مكونات الشعب العراقي من اكراد واشوريين وتركمان الخ.....لذلك هو حزب طائفي قومي وارى التسمية اقرب الى الواقع والحقيقة من الحزب الاسلامي العراقي وفي أحسن الأحوال يمكن تسميته الحزب السني في العراق وليس العراقي إلا إذا كان القصد بان الاخرين كفار او بقية مكونات الشعب العراقي عبيد وهم المكون العراقي الاساسي الوحيد.

المجلس الأعلى للثورة الإسلامية حزب طائفي لوجود الشيعة فيه فقط من دون المسلمين الآخرين، لذلك أرى أن اسمه يكون المجلس الاعلى للثورة الشيعية افضل واكثر واقعية, والإصرار على الإسلامية هو تكفير للاخرين.

حزب الدعوة الإسلامية حزب طائفي لأنه يقتصر على الشيعة فقط دون كل العراقيين الاخرين من مسلمين وغيرهم، لذلك أرى ان يكون اسمه حزب الدعوة الشيعي هو اقرب الى الواقعية والعدالة، والاصرار على الاسلامية تكفير للآخرين.

فمشروع الدولة الإسلامية مشروع تكفيري دموي كارثي لأنه غير ممكن وستكون الدولة حتما طائفية تطبق نظرة الطائفة المسيطرة على الدولة والشرع وستكون دولة استبدادية ووبال وويل وثبور للطوائف الأخرى والأديان الأخرى فضلا عن النزاعات المستمرة بين مكونات الطائفة الواحدة الحاكمة.
وبنظره بسيطة على الواقع نرى صحة ما ذهبنا إليه، فالحكومة في إيران ليست إسلامية بل شيعية والحكومة في السعودية العربية ليست إسلامية وإنما سنية وهكذا لكم النظر في كل الدول الإسلامية فهي ليست إسلامية وإنما إما سنية أو شيعية أو علوية أو غير ذلك.

فالإسلام كلمة عامة ولا يجوز اختزالها بطائفة واحدة والاسلام ملك للجميع، وليس لاين كان ومهما كان ان يحتكر الإسلام لنفسه او لجماعته او لدولته فقط. ولعلنا لا نجافي الحقيقة عندما نتحول لمحاكمة مشروع الإسلام السياسي الذي لا يقف عند إلغاء الآخر من الديانات والطوائف والفئات غير المسلمة بل ويلغي المكونات المذهبية الإسلامية بفكره الطائفي، وأن مؤسساتية الدولة الطائفية المتأسلمة هي عملية ضد الدولة الإسلامية كما كانت أهدافها يوم جاء الإسلام، وهي بالتأكيد ضد الدولة الحديثة وضد سنن التطور والبناء في الحياة الإنسانية التي تمضي إلى الأمام ويستحيل إعادتها إلى الوراء إلا بمشهد دموي كالذي يجري في العراق على سبيل المثال في قراءة المشروع الطائفي للدولة...

اعتقد إنني أستطيع أن استنتج ألان ومما تقدم بأنه من الصعب جدا على مشروع الإسلام السياسي أن يقوم بمهمة بناء وطن حر ديمقراطي معاصر يقوم على المحبة والتآخي بين المختلفين بالدين والطائفة والمذهب والقومية والأفكار، لأنه بالضرورة سيؤدي مشروع الإسلام السياسي إلى انقسامات حادة في المجتمع ثم إلى صراعات تتصاعد حتى السلاح والقتل والدم توصلنا إلى نتيجة حتمية وهي للأسف ضرورة ثنائية الحرب الأهلية وتقسيم العراق.

نحن بحاجة إلى مشروع وطني, الوطن يحتاج إلى وطنيين لبنائه ويحتاج إلى طائفيين لتقسيمه وهدمه ونحن لسنا هدامين لوطن طالما أحببناه.

ولحقن دماء العراقيين والمحافظة على العراق، لاسيما ونحن شركاء متساوون بالحقوق والواجبات تماما, ولسنا ضيوف احدنا على الأخر أو مستأجرين في فندق اسمه العراق تنتهي أقامتنا بعد انتهاء المدة، أدعو الى إبعاد الدين وفصله عن السياسة في الدولة العراقية الجديدة المدنية الحرة الديمقراطية المعاصرة لكي يعيش العراقيين بأخوة ووئام وأمان وحرية وسلام.