نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سهر العامري

 

 

 

 

الخميس 18 /5/ 2006

 

 

 

قتل شيوخ العشائر العربية في جنوب العراق !

 

 سهر العامري

منذ ما يزيد على أكثر من سنة بدأت تتوارد أخبار من جنوب العراق عن ملاحقة وقتل بعض شيوخ العشائر فيه ، وقد كانت مدينة البصرة هي المدينة التي شهدت أكثر حالات الملاحقة والقتل هذه ، ولا يشك أحد في أن اليد التي ارتكبت هذه الجريمة هي ذات اليد التي قامت بتصفية الكثيرين من أبناء البصرة المنكوبة من مسلمين على مختلف مذاهبهم ، ومسيحيين ، وصابئة ، ولم تكتف هذه اليد بعمليات القتل والتصفية تلك ، بل فرضت نوعا من السلوك الغريب على الناس في تلك المدينة ، جاءت به من إيران التي حاول عملاؤها تطبيقه فيها بقوة السلاح ، كما وصل الحال بالقتلة هؤلاء الى قطع أرزاق الناس، وذلك من خلال مهاجمتهم في محلات بيعهم ، وفي أماكن عملهم .
لقد كان الهدف من كل هذا هو فرض النفوذ الإيراني على البصرة وأهلها ، ذلك النفوذ الذي عجز حكام إيران فرضه على زمن ملوكها ، وأكاسرتها ، ولسبب واحد لا يريد الإيرانيون ، ولا عملاؤهم في العراق فهمه الساعة هذه ، وهو أن العشائر في جنوب العراق مع أنها على المذهب الشيعي ، لكنها لا تريد للإيرانيين وعملائهم في العراق أن يتحكموا بها ، فالعشائر تلك التي ترى رأي العين كيف يذل حكام طهران الحاليون عرب الأهواز ، وكيف يسلطون ظلمهم وجورهم عليهم رغم أنهم شيعة كذلك . يضاف لذلك أن العشائر العراقية العربية في جنوب العراق هي التي وقفت بوجه الغزو الإيراني للعراق على امتداد تاريخ ذلك الغزو ، وذلك حين أبادت تلك العشائر جيوشا إيرانية جرارة على مشارف أهوار البصرة والناصرية رفضا للهيمنة الإيرانية على أرضها ووطنها .
واليوم تريد إيران ، ووفق مخطط مدروس ينفذه عملاؤها في أجهزة شرطتها التي يقودها ابنها صولاغ ، وزير الداخلية في العراق ، وفي زمن رديء ، أن تثأر من كل عراقي شريف وقف بوجه بسط النفوذ هذا ، مجندة بعضا من باعة الضمائر ، ومن استطابوا خيانة الوطن ، ولهذا فقد طالت عمليات التصفية والترويع تلك ، ووفقا لذلك المخطط ، كل الضباط الذين قاتلوا ضدها في حرب الثماني سنوات ، وكل رجال العلم من الذين سعوا الى تقدم بلدهم وازدهاره ، وكل الرجال من الديانات الأخرى ، ثم جاء المخطط الجهنمي هذا على شيوخ العشائر في جنوب العراق ، وحتى على رجال الدين الشيعة الذين يختلفون في توجهاتهم وآرائهم عن حكام طهران .
يقول ( رجل دين شيعي مستقل من محلة المشراق في البصرة القديمة ان اقطاب الجمهورية الاسلامية الايرانية وخاصة مخابراتهم ورجال الدين يريدون ربط شيعة العراق بهم مع اننا نختلف فقهيا عنهم ولا نؤمن بولاية الفقيه ثم اننا عرب ونفخر بعروبتنا وبعلاقاتنا الاخوية مع السنة والاكراد والمسيحيين في العراق )
وهكذا صار أهل البصرة يشعرون بالخطر الإيراني الذي تصاعد يوما عن يوم ، وبات يستهدف وجودهم ، مثلما يستهدف مدينتهم التي استعصت على حكام طهران ، وعلى مدى محاولاتهم القديمة الجديدة في إخضاعها لنفوذهم ، وبأساليب شتى ، مثل تلك الأساليب التي راح عملاؤها يفرضونها على الناس فيها الآن .
لقد تصرف هؤلاء العملاء في فرض تلك الأساليب البالية والمتخلفة ، وكأن البصرة أصبحت بعرفهم مدينة إيرانية ، وليست عراقية ، وكان كل ذلك قد تمّ تحت أنظار قوات الاحتلال البريطانية التي تتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك باعتبارها هي الجهة المسؤولة عن حفظ أمن العراقيين في تلك المدينة ، وفقا للقوانين الدولية .
ولي أن استعرض بعضا نزرا من تلك الأساليب ، والأعمال الرهيبة التي تتصاعد وتائرها يوما عن يوم ،والتي طالت حياة البصريين جمعيا ، وهي :
* قامت المخابرات الإيرانية بتشكيل عصابات قتل أطلقت عليها مسميات اتصلت جميعها باسم الله ، فمنظمات مثل ثائر الله ، وبقيت الله ، وحزب الله ما هي إلا امتداد لأجهزة المخابرات الإيرانية ، مهمتها هي العمل على قتل كل من ينتصر لوطنه العراق ، ويرفض بسط النفوذ الإيراني على المدينة وأهلها ، ولهذا فقد شملت عمليات القتل تلك الكثير من البصريين ، ومن مختلف المذاهب والأديان والشرائح فيها ، ووصلت معدلات القتل تلك الى أرقام مخيفة ، ومرعبة في وقت واحد ، فقد ذكرت صحيفة الإندبندنت الانجليزية ، ونقلا عن مسؤول في وزارة الدفاع العراقية أن معدل القتل في المدينة بلغ شخصا واحدا في الساعة الواحدة ، وهذا الرعب يمثل الكيفية التي تريد من خلالها إيران أن تتحكم برقاب الناس في تلك المدينة ، ويعكس في الوقت نفسه فشل سياسة المهادنة التي اتبعتها قوات الاحتلال البريطانية على مدى سنوات ثلاث مع عملاء طهران في البصرة ، والى الحد الذي حلت به القوات الأمريكية بدلا عنها في كثير من المواقع ، خاصة تلك المواقع الواقعة على الحدود الدولية ما بين البصرة والمدن الإيرانية .
* نهبت إيران من خلال عصابتها المنظمة ثروات طائلة من ثروات المدينة ، خاصة الثروة النفطية ، والتي بلغت معدلات تهريبها أرقاما خيالية ، وبشكل مكشوف ، وتحت إسناد وحماية قوات الحرس الثوري الإيراني العاملة في مياه شط العرب العراقي ، وقد قدرت مريم رجوي ، وأمام لجنة من أعضاء البرلمان الأوربي في بروكسل أن مقدار ما قامت إيران بسرقته من نفط البصرة ، وعن طريق عملائها ، قد بلغ عشرين مليار دولار على مدى السنوات الثلاث التي أعقبت سقوط صدام ، والملفت للنظر إن حكومة إبراهيم الإشيقر الجعفري ، التي يتبارى أعضاؤها في الإدلاء بالتصريحات الطنانة ، لم تجرؤ على تكذيب ما أدلت به رجوي ، فالعلاقة بين هؤلاء ، وبين إيران علاقة سادة بالعبيد .
* قام عملاء إيران في العراق بالضغط على شيوخ العشائر العراقية في العراق ، وأقاموا لها مؤتمرات ، وقدموا لها إغراءات ، وشكلوا مجلس أعيان ، أناطوا رئاسته بالجعفري الذي ليس له عشيرة أو حمولة ، او فخذ بين العشائر العراقية قاطبة ، ومع هذا فقد صار هو رئيس عشائر العراق الفخري ، أما كيف أصبح من لا عشيرة له رئيسا لعشائر العراق ، فالله وحده هو العالم بذلك .
ومع ذلك فالمخطط الإيراني لم يقف عند الضغط وحده ، وإنما تعداه الى قتل كل شيخ عشيرة في جنوب العراق لا يريد أن يخضع للنفوذ الإيراني ، خاصة شيوخ العشائر العربية الشيعية في الجنوب ، ممن يرتبطون بعلاقات قربى ببعض القبائل العربية في دول الخليج العربي ، ويبدو أن قتل شيخ عشيرة الكرامشة ، التي هي فرع من قبيلة العتبان الحجازية ( العتيبي ) ، على يد أفراد يتزيون بزي شرطة صولاغ ، قد سار وفق هذا المخطط الشرير ، ولهذا وجدنا أن أفراد العشيرة تلك قد نزلوا الى شوارع مدينة البصرة مسلحين ، وقاموا بقتل أكثر من أحد عشر شرطيا ، كما قاموا بإحراق مقرين لمجلس الحكيم الأعلى ، وهم بذلك قد حددوا الجهة التي تقف وراء قتل شيخ عشيرتهم ، حسن جارح الكرمشي ، وهذا الرد السريع نذير شؤم لعملاء النظام الإيراني يتجسد في وعي العشائر العراقية الجنوبية بمخططاتهم الشريرة ، ومن ثمّ التصدي لها .