نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سهر العامري

 

 

 

 

الثلاثاء 11 /7/ 2006

 

 

هاتوا الانقلاب العسكري !

 

سهر العامري

قبل أن تتشكل حكومة المالكي التي سميت بحكومة الوحدة الوطنية ! مع أن واقع تلك الحكومة لم يكن يحمل حرفا واحدا من اسمها ، وذلك لأنها قامت على أساس من المحاصصة الطائفية المقيتة ، هذا المبدأ الذي أغرم به الأمريكان من قبل ، وفي تشكيل أول إدارة حكم لهم في العراق غبّ انهيار حكم صدام الساقط ، وأعني بذلك مجلس الحكم ، وبعد ذلك سرى وباء المحاصصة الطائفية في كل تشكيل أعقب قيام ذلك المجلس .
ورغم أنني والكثير من الكتاب العراقيين قد طالبنا ، وعن متابعة مستمرة للوضع السياسي في العراق ، بتشكيل حكومة إنقاذ وطني ، وترك فكرة حكومة الوحدة الوطنية التي أصرت على تطبيقها الإدارة الأمريكية ، والتي تحولت منذ ساعة ولادتها الى حكومة المحصاصة الطائفية ، وكان سبب الدعوة الى تشكيل حكومة انقاذ وطني يكمن في أن مسار تدهور الوضع السياسي على الأرض قد تجاوز فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية هي في حقيقتها حكومة طوائف .
لقد كان تدهور الوضع السياسي وقتها يتطلب قيام حكومة إنقاذ وطني تتكون من عسكريين ومدنيين ، تعطل البرلمان المعطل أصلا بالمماحكات الطائفية ، وبالغيابات الكثيرة لأعضائه ، وبالمساومات الرخيصة من هذا الطرف أو ذاك ، خاصة تلك التي تصدر من طرف قوات الاحتلال أو من بعض الفصائل العراقية المرتبطة بجهات أجنبية ، وكان على حكومة الانقاذ تلك أن تعلن قبل ذاك حالة الطواريء في عموم العراق ، يرافقها العمل الجاد في بسط الأمن من خلال القضاء المبرم على فوضى السلاح التي تفشت بين الناس بشكل مريع ، وصار الأطفال في العراق يلعبون به ، ويتحكمون من خلاله بهذا الشارع أو ذاك ، وفي هذا الحي أو غيره .
لقد كتبت أنا بعيد قيام حكومة المالكي متوقعا أنها ستكون أضعف الحكومات المنتشرة في العراق اليوم ، وقد بينت الأسباب ساعتها ، وقلت إن أرسخ الحكومات على الأرض في العراق الآن هي حكومة قوات الاحتلال الأمريكية ، ثم تعقبها بالرسوخ حكومات المليليشيات التي استبدت بشوارع العراق ، وصارت تفرض هيمنتها على الناس ، وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتهم اليومية ، وصار لها أن تقتل من تشاء ، وتذبح من تريد ، والعجيب في الأمر أن هذه المليليشيات تأتمر بأوامر من أحزاب ممثلة في حكومة المحاصصة الطائفية ، وبعض الأحيان تأخذ الأمر على عاتقها ، وتفعل ما تريد أن تفعله ، ووصل الأمر بها الى أن تفرض هي إرادتها على شرطة وجيش حكومة الوحدة الوطنية ! وكل واحدة من تلك المليشيات تدعي الإسلام دينا ، وهي في ذات الوقت تقتل المسلمين كل يوم ، وتهدم جوامعهم وحسينياتهم ، وتخطف نساءهم ورجالهم وأطفالهم ، ومع كل هذا تجدها تنفي ، وبصوت مبحوح ، تهمة الطائفية عنها ، مع أنها جميعا غارقة في بحر تلك الطائفية حتى الآذان .
والآن ، وبعد الأحداث الفظيعة التي شهدتها شوارع بغداد في الساعات الماضية أثبت التجربة فشل فكرة حكومة الوحدة الوطنية ( المحاصصة ) ، ثم إن فكرة قيام حكومة إنقاذ وطني في العراق ، وبعد مرور هذا الوقت الطويل ، قد صارت فكرة متخلفة الآن ، فهي لن تستطيع أن تنقذ المواطنين العراقيين الذين عادوا يذبحون كل دقيقة بسبب من انتمائهم الديني ، أو المذهبي ، أو القومي ، وحتى العشائري ، كما إن التمسك بهياكل الديمقراطية الكسيحة من مثل المجالس البلدية التي يهيمن عليها المتخلفون ، والمرتشون من العراقيين ، أو من مثل البرلمان الذي ( لا يحل ولا يربط ) على حد تعبير الناس في العراق ، قد كلف الشعب العراقي الموت والدمار ، والفقر والعوز والحرمان ، وتراكم الأزمات الاقتصادية على أكثر من صعيد ، فلا كهرباء ، ولا غاز ، ولا بنزين ، وفوق كل هذا فقدان الأمن والأمان ، وصار الموت لعبة يمارسها الأشقياء في شوارع مدن العراق صغيرها وكبيرها .
لقد ( وصف عضو مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني محمود عثمان الوضع الامني في العراق بانه"متدهور جدا وقد تصل الامور الى نقطة اللا عودة". وأضاف : ( لا بد من حل جذري ) .
والحل الجذري الذي يعالج هذا التدهور المريع ، استنادا للواقع المر الذي يعيش في العراقيون الساعة ، هو الانقلاب العسكري الذي يتوجب على أصاحبه أن يفرضوا النظام بقوة القانون والسلاح ، وإنقاذ رقاب المواطنين من سيوف الذبح المستبدة بهم على مدار ثلاثة سنوات من ديمقراطية لم يعرف الناس فيها غير الموت والخوف والتسلط ، وأن يبادر الانقلابيون الى إعلان حالة الطواريء ، وتعطيل البرلمان والدستور ، ومنع جميع الأحزاب السياسية العاملة في العراق الآن من مزاولة نشاطها في الظرف الحالي ، وتحريم وجود المليشيات تحريما تاما ، وجمع السلاح من الناس بعد حثهم على تسليمه للدولة طواعية ، وخلال مدة شهر واحد ، وبعدها يعرض كل من يحمل السلاح الى المسألة القانونية ، ووفقا لأحكام حالة الطواريء المعلنة .
وعلى السياسيين العراقيين الحاليين الذين تحركهم غايات وأهداف حزبية ضيقة أن يعيوا جيدا الوضع السياسي الذي ينحدر فيه بلدهم الى هاوية الفوضى ، والموت الأعمى ، وفي ظل حالة من سياسة بائس أوهموا بها أنفسهم حين اعتقدوا أنهم أشادوا حكومة هي أضعف الحكومات في العراق ، أو برلمانا هو برلمان معطل بالغياب ، وبالمماحكات السياسية ، وإن يدركوا أن الدماء التي تسيل في شوارع العراق هي في أعناقهم جميعا ، وهم المسؤولون عنها أمام الشعب والتاريخ ، وليعلموا أن الناس في العراق الآن قد تركت التفكير بالماء والكهرباء وصارت تفكر بدلا عن ذلك بالخلاص من طوفان الموت الذي يجتاحهم ، وهم في بيوتهم .