| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سهر العامري

 

 

 

 

الثلاثاء 10 /10/ 2006

 

 

العشائر العراقية ترفض الفدرالية الإيرانية !

 

سهر العامري

أنا لست من أولئك العراقيين الذين يريدون الحط من الوعي عند العشائر العراقية العربية ، الشيعية منها والسنية ، فلقد تميزت العشيرة العراقية بوطنية فطرية ، صادقة ، ورغم الحيف الذي نزل بها على مر سنوات كثيرة ، والذي تجسد في حرمان أبنائها من فرص التعليم ، ومن العيش الكريم ، وكانت وطنيتها تلك تبرز في أحرج المنعطفات التاريخية التي يمر بها العراق ، وحين تستشعر الخطر الداهم هي ، فساعتها تهب هبة رجل واحد للدفاع عن أرضها ووطنها .
ولا أراني بحاجة ماسة الى استعراض الهبات الوطنية والتاريخية الكثيرة التي قامت بها تلك العشائر على مدى تاريخها المجيد ، وتاريخ العراق المحمل بصنوف من الظلم والاضطهاد .
المعروف أن العشائر العراقية الحالية في أغلبها هي امتداد لتلك القبائل العربية التي هاجرت من جنوب شبه الجزيرة العربية ، ( اليمن ) واستوطنت العراق منذ قرون طويلة ، سبقت ظهور الإسلام ، ولكن هجرتها إليه ازدادت وقت ما سمي بالفتوحات الإسلامية ! زمن الخليفة الثاني ، عمر بن الخطاب ، الذي كان هو السبب الرئيس في زوال الامبراطورية الفارسية ، وتحكم ملوك الفرس في المنطقة ، والى الأبد ، ولهذا حقد حكام إيران على الخليفة ذاك على مدى دهور وأزمان ، واعتبروه هو من أنزل بهم تلك النكبة التاريخية المميتة التي لم تقم بعدها لهم قيامة أخرى .
لقد اسهمت العشائر العربية العراقية المنحدرة في جلها من أصول يمنية اسهاما مباشرا في المعارك التي اسقطت تلك الامبراطورية ، وفي كل المعارك التي خاض العرب المسلمون في الشرق من ديارهم ، بينما ظلت القيادة دائما بيد عرب الشمال ( السعودية حاليا ) ، وخاصة أولئك القادة المنحدرون في أصولهم من القبيلة العربية المعروفة ، قريش ، التي ينحدر النبي الكريم بنسبه منها .
ويبدو لي أن هذا التاريخ الحافل بالتجارب والعبر الذي تحمله العشيرة العربية في العراق على امتداد مسافة زمنية طويلة هو الذي يحرك الروح الوطنية في نفوس أبنائها ، ويجعلهم يلوذون به في كل انكسار يصيبهم ، ويصيب وطنهم ، ويدفعهم الى رص صفوفهم من أجل إنقاذ أنفسهم أولا ، ووطنهم ثانيا ، وهاهم اليوم ، ومثلما كانوا بالأمس يتجاوزون في طروحاتهم طروحات تلك الأحزاب الطائفية ، الشيعية والسنية معا ، والتي مزقت العراق ، وأحالته الى ساحة حرب يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد ، وبإيحاء من دوائر خارجية ما فتأت تؤجج نار الحقد والكراهية بينهم ، وإلا ففي أي عصر كان العراقي يُقتل لأنه يحمل اسم الحسين أو اسم عمر ، وفي مهزلة تذكر بمهازل القرون الوسطى .
لقد هب أبناء العشائر العراقية العربية في محافظة الانبار منذ أيام هبة مشهودة في انتصارهم للعراق وللعراقيين ، وذلك حين طاردت تلك العشائر أفراد تنظيم القاعدة الذين نصبوا أنفسهم حكاما على تلك العشائر ، وراحوا يقتلون هذا ، ويذبحون ذاك ، وكأنهم عادوا هم أبناء الوطن ، وعادت تلك العشائر هي الغريبة على العراق ، وهذا بعد أن أقام أولئك الارهابيون أمارة هنا ، وأمارة هناك ، وراحوا يحكمون العراقيين بقطع الرقاب ، وبحد السيوف ، ولكن بعد أن تكشف للعراقيين من أهل الانبار سفاهة عقول هؤلاء ، وكثرة جرائهم ، هبوا لملاحقتهم ومطاردتهم ، ودفع شرورهم ، ورد كيدهم الى نحورهم . وفي هذا الوقت بالذات تكشف للعشائر العراقية في الوسط والجنوب زيف ثقافة الضرب بالزنجيل واللطم على الصدور ، تلك الثقافة المستوردة من ايران الاسلام ! خاصة بعد أن وصلت السكين الإيرانية ، التي حملها عملاء إيران معهم منها ، الى رقاب أكثر من شيخ من شيوخ تلك العشائر العربية من الرافضين للتحكم الإيراني فيهم ، وفي شؤون وطنهم ، وبعد أن شاهدت تلك العشائر كذلك أن أبناءها أصبحوا خارج السلطة ، وليس من أصحاب القرار والحكم ، ذاك الحكم الذي صار بيد أولئك الذين حملتهم الدبابات الأمريكية على ظهورها ، والذين ينحدرون في أغلبيتهم من أصول إيرانية ، وفي مؤامرة أعدت بالخفاء ما بين إيران الدولة وأمريكا الغازية ، والتي كان من بين أهم أهدافها ، ليس القضاء على صدام ونظامه وحسب ، وإنما من أجل الانتقام من العراق ، والشعب العراقي عامة ، وما تلك المجازر اليومية التي يشهدها العراق اليوم إلا دليل ساطع على مؤامرة الخفاء تلك ، رغم كل ما يقال عن العداء الإيراني – الأمريكي .
لقد شهدت مدينة كربلاء في الساعة القليلة الماضية تجمعا كبيرا للعشائر العربية في الوسط والجنوب ، وقد ضم هذا التجمع أكثر من ستمئة شيخ عشيرة عراقية قاموا بإصدار وثيقة تجاوزوا فيها طروحات الأحزاب الطائفية الخاسرة التي قادت العراق اليوم الى دمار ما بعده دمار ، ناشرة فيه ثقافة التخلف والانحطاط ، مبتعدة عن الروح الوطنية العراقية التي ابتعد عنها صدام الساقط من قبل .
لقد كان من أبرز بنود تلك الوثيقة هو رفض فدرالية الحكيم الإيرانية رفضا قاطعا ، تلك الفدرالية التي كانت في حقيقة الأمر ما هي إلا مؤامرة يُراد منها ضم الوسط والجنوب من العراق الى الجارة المسلمة إيران ! ، وعلى رغم أنف محمود المشهداني ، وبرلمانه البائس ، وذلك حين سعى عبد العزيز الحكيم ، وأبنه عمار ، الى تنفيذ هذا المشروع الإيراني بشتى السبل ، وبمختلف الحيل ، فقد طاف ابنه ، عمار ، أو عدي الحكيم ( مثلما يسميه العراقيون اليوم ) على العشائر العراقية في الوسط والجنوب ، مبشرا بذلك المشروع الذي ستقوم بقيامه جنة عدن على الأرض في العراق ، وباذلا من المال الحرام قسطا لهذا الطرف او ذاك من ضعاف النفوس هناك ، ولكن رغم كل ذلك جاءتهما الضربة المتوقعة من العشائر العراقية في رفض الفدرالية الإيرانية ، ومن مدينة كربلاء هذه المرة ، تلك المدينة التي استغل عبد العزيز الحكيم تجمع الجماهير فيها بمناسبة الزيارة الشعبانية لمرقد الأمام الحسين عليه السلام قبل أيام قليلة ، وراح يخطب فيها ، طالبا تأييده في مؤامرة التقسيم تلك ، وذلك بعد أن اعتبر هو تلك الجماهير هي جماهير مجلسه الأعلى ، بينما الحقيقة هي أن العراقيين شعة وسنة اعتادوا على زيارة أضرحة الأئمة من أهل البيت في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء قبل أن يخلق الحكيم نفسه .
واليوم توقع عشائر العراق في الوسط والجنوب في مدينة كربلاء بالذات وثيقة تفرض على الموقعين عليها من بين ما تفرض الآتي :
1 – الدعوة الى وحدة العراق أرضا ، وشعبا ، وحكومة .
2 – نبذ الطائفية المقيتة .
3 – رفض فدرالية تقسيم العراق بكل شكلها ، وتحت أي عنوان .
4 – دعم مشروع صحوة إنقاذ الأنبار والتضامن مع عشائر المحافظة في مواقفها .
وعلى أساس من ذلك تكون الجماهير العراقية في عموم مدن الوسط والجنوب قد رفضت فدرالية أمارة الحكيم الإيرانية جملة وتفصيلا ، كما أنها وجهت في نفس الوقت إنذارا للذين يحاولون اللعب بمصير الشعب العراقي والعراق ، أولئك الذين يجلسون تحت قبة البرلمان من المنطقة الخضراء ، وينشدون مع محمود المشهداني نشيد القنادر على مرأى ومسمع من الناس في العراق ، وفي العالم أجمع .