| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سربست مصطفى رشيد اميدي

 

 

 

الثلاثاء 29/5/ 2012



الضمير الانساني ومذابح البعث السوري

سربست مصطفى رشيد اميدي

نقلت الفضائيات العربية والعالمية الصور المروعة للمذبحة التي أقترفها أزلام البعث السوري في بلدة (الحولة) بريف مدينة حمص، والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد، وكان ضمن هؤلاء عشرات الاطفال مع أمهاتهم الذين تم تقييدهم واطلاق النار عليهم وذبح عدد منهم، والذين لم تتعدى أعمارهم العشر سنوات.هذه الجريمة المروعة هزتني من الداخل بحيث لم اسيطر على مشاعري ودموعي لمشهد هذه الجريمة النكراء بحق الطفولة والانسانية. والانكى من ذلك ان الاعلام البعثي في سوريا يصر على ان هذه الجريمة ومثيلاتها التي تقترف يوميا بحق ابناء الشعب السوري هي من فعل العصابات المسلحة والجماعات الدينية المتطرفة. هذا الكذب الفاضح يذكرني بصورة نشرتها جرية (الثورة) للنظام السابق في العراق أحد أيام ربيع سنة 1982، عندما اندلعت المظاهرات الاحتجاجية في عدد من المدن والقصبات الكوردستانية. وكانت مدينة (قلعة دزه) السباقة في تلك المظاهرات حين اندلعت مظاهرة كبيرة ضد نظام البعث منطلفة من مقبرة المدينة بعد زيارة أمهات الشهداء لضحايا مجزرة القصف الجوي لقوات النظام للمدينة في نيسان سنة 1974. هذه الصورة نشرت ضمن موضوع يدعي كذبا وبهتانا بان المظاهرات في تلك المدينة المنكوبة هي موجهة ضد الاعتداءات الايرانية على المناطق الحدودية العراقية، في حين انها كانت ضد النظام. هذا الموقف اللا مهني واللا اخلاقي من الاعلام البعثي في سوريا ليس غريبا على نهج الاعلام لدى حزب البعث طوال تاريخه الدموي في العراق وسوريا.

ان هذه المجزرة الدموية التي يندب لها جبين الانسانية لم تحظى بالاهتمام الكافي وبحملات الادانه والاحتجاج الدولية والاقليمية الرسمية والشعبية، حيث تم ادانتها من بضع دول عربية واوروبية، مع دعوة الامارات العربية المتحدة لعقد اجتماع عاجل للجامعة العربية، ودعوة بريطانيا وفرنسا لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الذ اصدر بعد عوائق من قبل روسيا بيان ادانة لا يرقى لمستوى حجم وهول هذه الجريمة. ان هذه المجزرة من الوحشية والفظاعة بحيث يستوجب ادانتها من قبل جميع الشعوب والحكومات في العالم ، وخاصة من قبل الشعوب والحكومات العربية والاسلامية. لأن قتل الاطفال والنساء بهذا الشكل بدم بارد وباصرار على المضي في قتل المدنيين من أبناء الشعب السوري، يجب أن يحاسب عليها مفترفوها، خاصة القيادات الامنية والحزبية للنظام، وكذلك رأس النظام ومعاونيه. وان فضح الحكام المستبدين وقاتلي الاطفال يجب ألا يخضع لأية توازنات سياسية أومصالح دولية أو توجهات دينية ومذهبية، مهما كانت جنسية وديانة ومذهب ذلك الدكتاتور. فللأسف ان هذه الجرائم تذكرنا بمثيلاتها التي اقترفها البعث في العراق وسوريا والمنطقة العربية طيلة عشرات السنين، ولكن للاسف لم نسمع مجرد بيان ادانة واستنكار لحد الان من روسيا او الصين أو لبنان او ايران التي يلبس حكامه عباءة الدين.

وفي الحقيقة لا نعرف هل ان بيانات الادانة والاستنكار التي اصدرتها عدد من الحكومات ومجلس الامن، ودعوة الجامعة العربية للانعقاد ستؤدي الى اتخاذ خطوات جدية نحو سحب الشرعية دوليا واقليميا وعربيا من نظام بشار الاسد لوضع حد للمذابح اليومية التي تقترف بحق السوريين؟ بعد ضربه الحائط لكل المواثيق والاتفاقيات والاعراف الدولية. وهل سيتم انهاء مهمة كوفي عنان والمراقبين الدوليين في سوريا؟ هؤلاء المراقبين الذين اثبتوا انهم يراقبون استمرار عمليات القتل والاعتقال والتعذيب لابناء الشعب السوري من قبل قوات النظام، دون أن يكون لهم اية مواقف واضحة في ادانة النظام، والذي يقترف الجرائم تلو الاخرى بحق أبناء الشعب السوري منذ اكثر من اربعة عشر شهرا. ومع هذا لم تؤدي ذلك الى موقف دولي واضح لمساندة الشعب السوري في التخلص من الدكتاتور المدلل. أم ان التاريخ يمكن ان يعيد نفسه؟ من خلال الموقف الدولي والعربي الذي كان داعما أو على الاقل متفرجا ازاء الجرائم التي كان يقترفها نظام صدام حسين البعثي بحق العراقيين وخاصة الشعب الكوردستاني طيلة سنوات حكمه.

وهل أن الرأي العام الدولي والضمير الانساني سيبقى عاجزا عن فعل اي شيء لوقف مجازر النظام السوري؟ وهل ان هذا النظام سيبقى يتحدى المجتمع الدولي دون رادع؟ وان الشعب السوري سيظل يستنجد بالمجتمع الدولي وبالشعوب العربية والاسلامية دون مغيث؟

اسئلة واسئلة تبقى دون اجوبة في ظل غياب اجماع عربي قبل كل شيء للوقوقف الى جانب الشعب السوري ، وفي ظل سياسة الكيل بمكيالين في العلاقات الدولية وفق المصالح السياسية لكل دولة.
 


دهوك 29/ 5/2012
 

 

free web counter