| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

سلمان عبد

 

 

الأثنين 7/5/ 2012

 

كلام كاريكاتيري

ملائكة وشياطين

سلمان عبد

بات من البديهي ، حين تفتح اية جريدة وتتقصى الاخبار ، ستجد خبرا او اكثر ، يشير الى ان الدائرة الفلانية تعج بالفساد الاداري والمالي ، وان الوزارة الفلانية نسبة الفساد بها متقدمة ، والمحافظة الفلانية تحيل رئيس مجلسها الى النزاهة لوجود فساد مالي ، والمدير العام في الوزارة  الكذا ضبط متلبسا وهكذا ، فساد في فساد ، زد على ذلك ماينشر من قبل منظمة الشفافية العالمية من ان العراق يشغل مراتب متقدمة بالفساد ، حتى اصبح الفساد ظاهرة ، وهو القاعدة ، والفضيلة والنزاهة اصبحتا من الشذوذ  ومن كان نزيها وعفيفا  بين هذا الطوفان تجري محاولات لاسقاطه و ( يحفرون جواه )  .

في مسرحية " الدنس " لكاتب مصري لا يحضرني اسمه ، يحكي قصة قرية تتعرض لهجوم كاسح من قبل الاعداء ، فيقتلون شبابها ويهدمون بيوتها فيعم الخراب كل القرية وتصبح مدينة اشباح ، ويعمد الغزاة ، الى اغتصاب نساء المدينة بالاجماع ويفضون بكارة الشابات غير المتزوجات ، فتفلح احدى البنات في الهروب و الاختفاء ، فتحافظ على عفتها وبكارتها ، وحين يترك الغزاة القرية  ، تعلم النساء بالبنت التي بقيت عذراء ، فهي الوحيدة منهن التي لم تدنس ، فيعمدن الى طرح الفتاة ارضا وباصابعهن يفتضضن بكارتها . هل نعيش عصر فساد الذمم ؟ وموت الضمائر ؟ وعدم الحياء ؟ والنهب على المكشوف ؟  من الغريب في الامر والمحيّر ايضا ان من بيدهم السلطة جلهم من التيارات الاسلامية ، وهم من يعرف الحلال ويدعون له والحرام فيتجنبوه ويبشرون الناس على الالتزام بما جاء به الدين الحنيف من مكارم الاخلاق والفضائل والحث على فعل الخير ونظافة اليد ونشر الفضيلة ، فعلام يجري كل هذا ؟

كثر الكلام بين الناس ،وعلى صعيد الصحافة او الإعلام  من عقد مقارنات بين مسؤول الامس ومسؤول اليوم ، بين نزاهة مسؤول الامس وفساد مسؤول اليوم ، وان كان لكل قاعدة شواذ .

في سنة 1955 ، رأيت بنفسي سيارات مصلحة نقل الركاب تجوب مدينة كربلاء ، وكنت استخدمها للذهاب الى المدرسة الثانوية لأن بيتنا يبعد عنها مسافة كبيرة وكان الدوام في تلك الايام صباحي ( اربعة دروس ) ومسائي ( درسين ) اي ، علي الذهاب والاياب اربع مرات في اليوم ، وكان وراء هذا المشروع متصرف ( محافظ )  كربلاء الاستاذ المرحوم عباس البلداوي ، ويذكر الاستاذ عبود الشالجي في كتابه " موسوعة الكنايات البغدادية " عن هذا الرجل فيقول : كان المرحوم البلداوي مثالا للعفة والاستقامة والخلق الكريم  ، وليَّ القضاء فكان قاضيا مثاليا ، ووليَّ الادارة فكان اداريا مثاليا  ، وقدحصلت معه  قصة عندما كان متصرفا في لواء ( محافظة ) كربلاء وخلاصتها :  انه انشأ مشروعا لنقل الركاب داخل اللواء بسيارات باص كبيرة ، وقامت بالعمل شركة زودت المشروع بسيارات باص المانية ماركة " مارسيدس " ، وبعد ان انجزت الشركة عملها ، واستوفت اجرها ، تقدم مديرها الى المتصرف وقدم اليه " هدية " من الشركة ، ظرفا يحتوي على عشرة الاف دينار ، فلم يغضب رحمه الله ، ولكنه قابل المدير ببشاشة وقال له : اني اشكرك واشكر الشركة على هذا اللطف ، ولكني ارجو منك ان تقدم هذه الهدية الى ادارة البلدية التي يعود مشروع الباصات اليها ، حيث انها مكلّــفة بالقيام بمشاريع كثيرة تحتاج الى بذل ، وهذا المبلغ يعينها على القيام ببعض تلك المشاريع ، وتم الامر وفقا لأقتراحه ، اذ قدمت الشركة ذلك المبلغ تبرعا منها للبلدية . وللقصة تتمة : ففي الاسبوع الذي ردّ فيه العشرة الاف دينار ، قَـَدِم عباس البلداوي الى بغداد ، واقترض مني مائة دينار اشترى بها ملابس له ولاولاده .

 

 

free web counter