| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

سلمان عبد

 

 

الخميس 23/6/ 2011

 

كلام كاريكاتيري

خط مصخـم

سلمان عبد 

لا زلت اتذكر ، وكنت وقتها ابن الثامنة عشرة حين اشرت لي ( افطيمة ) من بعيد :
- ها افطيمة ؟
- الحقنــي
تبعتها ، وانا ارتجف ، ماذا تريد مني افطيمة ؟ فالكل في المحلة يعرف افطيمة امرأة مكرودة حايرة ابظيمها فهل جرى لعقلها شيئا ؟ ثم لم تتصرف هكذا وهي امرأة معروفة بعفتها وسمو اخلاقها ، وسلوكها لا تشوبه شائبة اضافة الى انها مثال المرأة المسحوقة المعذبة وكانوا يطلقون عليها كنية ( عكماش ) لان وجهها لا يعرف الابتسام ابداً بل التجهم والالم والعذاب ، ماذا تريد مني افطيمة هذه ؟ حين دخلت بيتها سحبتني من يدي وادخلتني الغرفة ، وكنا وحدنا ، واولادها في ساحة الدار ، وانا مستسلم لها اطيع امرها بدون ان اطرح عليها سؤالاً اشارت لي بالجلوس ، فجلست .
- انت ولد حباب ، وخوش وليد ، وعندي سر ، ما اريد يطلع . لان هذا الكلب - تقصد زوجها - لو يدري ، يذبحني مثل النعجة .

لا حول الله ماذا تريد مني ؟ ماذا دهاها ؟ وبددت افطيمة حيرتي حين فتحت صندوقا واخرجت منه مظروفا و ورقة ، اعطتني المظروف واملت علي العنوان فكتبته ، اخذت المظروف مني ، ثم استلت الورقة واخذت قطعة فحم كانت قد احضرتها من قبل واخذت - تصخم - الورقة بانفعال وانا انظر اليها مندهشا ومستغربا من فعلها ، وحين انتهت من التصخيم طبقت الورقة بعناية وادخلتها في المظروف والصقته وطلبت مني ايداعه بالبريد . وحتى تجلو حيرتي ، حدثتني عن الخط المصخم ، فهو انذار سريع الى الاهل - اهل المرأة - بأن ابنتهم تستنجد بهم لان الامر خطير وينذر بحدوث كارثة والاستجابة لا بد ان تكون سريعة ولا تقبل التأجيل ولما كانت افطيمة كما يعرف اهل المحلة متزوجة من رجل شرير يضطهدها ويسومها العذاب مما جعل حياتها واطفالها لا تطاق حتى فكرت ان تنتحر كما اخبرتني مرة ، فأرسلت هذا الخط المصخم بالبريد لاهلها لنجدتها من زوجها وهي تصرخ - واهلاه - وفعلاً لقد نجحت افطيم ولبوا ندائها واهتزت شواربهم وشاهدتهم يتقاطرون على بيتها وملأ قلبي الفرح لان المكرودة اخيراً سيطيب خاطرها وتحصل على مطاليبها دون التظاهر في ساحة التحرير كما يفعلون هذه الايام ولا يضيع حق وراءه مطالب ، وتمنيت لو ان المتظاهرين استلهموا خط فطيمة المصخم وارسلوه للمسؤولين بدون الحاجة لسد الطرق وتعطيل شغل الناس كما يقول الاستاذ قاسم عطا ، وتلهفت للقاء افطيمة لتهنئتها على نيل المطالب .
- ها فطيمة ؟ اللي ردتيه صار ، بعد اشتردين ؟
- الله يصخم وجههم بالدنية كبل الاخرة ، ضحك عليهم الكواد ، وجمالة كالولة حيل وياهة .







 

free web counter