| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

الأحد 9/9/ 2012

 

الحاجة أم الإختراع..!

سنان أحمد حقّي * 

يجري إستهلاك كبير جدا للطاقة على سبيل توفير أجواء تلطّف حرارة الجو وخصوصا في بلادنا التي تزداد فيها درجات الحرارة إرتفاعا حتّى وصلت كما بلغنا أربعة وخمسين درجة في بعض الأيام وفي بعض المناطق ولهذا لم يعد من الممكن تحمّل مثل هذه الأحوال المناخية القاسية خصوصا إذا اضفنا لها عدم توفّر الطاقة الكهربائيّة ولا المنتجات النفطيّة بصورة يسيرة وهذا كلّه ساهم في تصعيد أزمة معاناة المواطنين بشكل لا يُطاق.

وحيث أن كثيرا من المواطنين يعملون لكسب قوتهم وأسباب معيشتهم في أجواء مكشوفة مما يُضاعف درجات الحرارة تحت أشعة الشمس والتي تبلغ في هذه الأحوال حوالي ثمانين أو خمسة وسبعين درجة مئويّة نهارا وهذا يجعل من ممارسة العمل أمرا محفوفا بالمخاطر بل كثيرا ما يؤدّي إلى ضربة شمس حادّة وتتزايد أيضا حالات كثير من سرطانات الجلد فضلا عن الشعور بالتعب الشديد لو تمت مزاولة أي عمل تحت أشعة الشمس المباشرة وقد يُصاحبها الإغماء ايضا، وهناك عدد من التقارير التي ظهر منها أن وضع الطقس والمناخ عندنا يتزايد بفعل فاعل كما أخبرت به دائرة الأنواء الجويّة والرصد الزلزالي العراقي مؤخّرا وأن الحرارة ربما تبلغ في العقود المقبلة أكثر من سبعين درجة في الظل وهذا ما سوف يجعل الحياة شبه مستحيلة ناهيك عن ما ستؤول له درجة الحرارة في الأوضاع المكشوفة لأشعة الشمس المباشرة ؟!وينعكس كل هذا على الحياة الإقتصاديّة وأسباب المعيشة بشكل مباشر فترتفع أسعار الثلج بشكل واسع جدا ويتضاءل حجم الناتج الزراعي ويزداد التبخّر مع شحّة المياه أساسا ولا يتّسع المجال للإسترسال في تأثير هذه الأحوال على مختلف جوانب الحياة وللقارئ اللبيب أن يستنتج كثيرا من المعاناة والمصاعب التي لا توصف ، فضلا عن معاناة كثير من العمال الذين تتطلب حياتهم العمل في البناء والأماكن المكشوفة والعالية وكذلك الجنود وأبناء القوات المسلّحة ممن يعملون في الحدود وخاج المدن وما يُعانيه أيضا سكّان الصحاري والأهوار وغيرهم كثير.

إن نظام التبريد المعمول به حاليا والذي يشمل تبريد حجوم واسعة من أجل تثبيت درجة الحرارة عند درجات تلائم نشاط الإنسان وصحّته ولأجل تثبيت درجة حرارة الغرفة عند 18 أو 16 درجة مئويّة (سيليزيّة) في مقابل درجة حرارة خارجيّة بحدود 55 أو 52 درجة سيليزيّة وفي ضوء ابعاد الغرفة الإعتياديّة  4 * 5 مترا وبارتفاع 3 مترا فإننا سنعمل على تبريد حجم مقداره 60 مترا مكعبا من الهواء بشكل مستمر واضعين في الحسبان جميع التراكيب التي يمكن أن تعمل على زيادة درجة الحرارة مثل المصابيح وكذلك ما يفعله جسم الإنسان بإنتاج طاقة حراريّة طبيعيّة وما يحصل من تسريب أو توصيل وللقارئ الكريم والمختصّون بعلم التبريد أن يتوصّلوا إلى ما يلزم من طاقة لازمة لعمل جهاز تكييف وما قدرة ذلك الجهاز وما يحتاجه من طاقة كهربائيّة عالية الجهد بشكل مستمرّ وغنيّ عن القول أنه لا يمكن في هذه الظروف أن تتوفّر مثل تلك الطاقة الهائلة فضلا عن الأجهزة التي تزداد أسعارها يوما بعد يوم .

ومن ناحية أخرى لو نظرنا إلى نظام التبريد الحالي وتاريخ التبريد سنجد أن النظام الحالي يقوم على أساس إستعمال غاز الفريون الذي يتم ضغطه بواسطة الضاغطة الكهربائيّة والتي تعمل على تحويل الطاقة الكهربائيّة إلى طاقة ميكانيكيّة لتسييله ثم تبريده بواسطة المراوح الخاصّة ومن ثم تمريره على مكثفات على تماس بالهواء أو الوسط المحيط حيث يتم تبادل الحرارة فيسخن سائل الفريون ويبرد المحيط ولنقل الهواء ثم يتبخّر السائل ليعود إلى الضاغطة أو المكبس لتسييله مرة أخرى ومن ثم تبريده وتمريره عبر المكثفات وهكذا دواليك حتّى يتم تبريد الوسط أو المحيط والضاغطة أو المكبس هو سرّ الحاجة الكبيرة للطاقة الكهربائيّة وطبعا كذلك المراوح التي تعمل على تبريد السائل الساخن .

لكننا لو عدنا إلى نظام التبريد القديم سنجد أن نظاما آخر كان مستعملا في البدء ولم يكن يعتمد على غاز الفريون بل على غاز آخر وهو الأمونيا ومع أن غاز الأمونيا يمكن أن نقول عنه أنه مضرّ بالصحّة ولكن العمليّة كانت تحتاج لمقدار أقل من الطاقة كثيرا فضلا عن حاجتها لطاقة حراريّة وليس كهربائيّة وتحوّلها إلى ميكانيكيّة بالضرورة أي أن نوع الطاقة مختلف ولا يتطلّب الإعتماد على توزيع الطاقة الكهربائيّة بل تعتمد على توفير طاقة حراريّة حتّى لو كانت نفطيّة أو بإشعال أي وقود محلّي وعندذاك فإن غاز الأمونيا المذاب في الماء في الأحوال الإعتياديّة عندما يُسخّن كسائل فإنه يحرر غاز الأمونيا الذي يمرر في شبكة المكثفات وهنا سيتساقط فيها كسائل وليس كغاز وعندما يلامس الوسط المحيط ــ بهذا الشكل ــ  كالهواء مثلا فإنه سيتبخّر ويتم التبريد ويعود إلى حالته الغازيّة ولكنه عندما يُعرّض للماء فإنه يذوب في الماء لأنه شديد الذوبان فيه ويذهب إلى التسخين وهكذا وليس في هذه الطريقة من عيوب سوى عيب واحد ولكنه مهم وهو أن الغاز مضرّ بالصحّة وقد يصح القول فيه أنه سام لو تعرّض الإنسان إلى كميات كبيرة منه .

لقد كانت هذه الطريقة مستعملة في التبريد وفي تصنيع الثلاجات المنزليّة سابقا خصوصا عندما لم تكن الطاقة الكهربائيّة متوفّرة في كل مكان أو في البساتين وفي المناطق النائية كالصحارى .وتوجد بدائل هذا اليوم لغاز الأمونيا أي باتباع نفس الطريقة التي تُسمّى اليوم بطريقة الإمتصاص واغلب الظن أن غازا ت أخرى قد تم التوصّل إليها بخواص تتيح إستخدام طريقة الإمتصاص مثل غاز(بروميد الليثيوم).

اما ما نبتغي طرحه هنا فهو ليس فقط تغيير طريقة التبريد وهو أمر مهم جدا؛

بل توفير طاقة كهربائيّة كبيرة والإستغناء عن مشاريع كبرى لتوليد الطاقة ومن ثم الإعتماد على طاقة بديلة نظيفة هي الأخرى كالطاقة الشمسيّة

 كما يمكن أيضا أن يتم تصميم بدلة للأفراد على غرار بدلة رواد الفضاء في هيأتها ولكن بشكل أكثر تبسيطا  وهنا سنحتاج إلى نسيج أو رداء من مواد عازلة يمكن أن تمنع توصيل الحرارة بكفاءة مناسبة وتحتوي على أنابيب مرنة يتم تمريرها بين ثخانة قماش الرداء تعمل كمكثّف وان يتم جمع الغاز في وعاء يُحمل ربما على ظهر الأشخاص أو على صدورهم أو في أي مكان مناسب آخر حيث يتم إذابته في الماء ثم تعريضه إلى الحرارة وهنا ينبغي تجهيز البدلة هذه بخلايا شمسيّة على الرأس والكتفين وما جاورهما وكذلك الإفادة بشكل أو بآخر من الحرارة الناتجة عن أشعة الشمس بهدف توجيهها لتسخين السائل الذي سيأتي والغاز مذابٌ فيه وهكذا سنحصل على بزّة تبريد للإشخاص خصوصا أولئك الذين يتعرّضون لأشعة الشمس المحرقة وفي ظروف قاسية كأن يعملوا في الصحارى او الأجواء المكشوفة أو العمال وأيضا للأفراد أينما تجوّلوا وذهبوا وحتّى الذين يستهدفون قضاء أوقاتهم في البيوت أو المساكن عندها يمكن تحويل مصدر الحصول على الطاقة الحراريّة إلى أي مصدر ثابت آخر يعمل بأي شكل من أشكال الطاقة بما يوفّر طاقة حراريّة ويستطيع تسخين السائل المذاب فيه الغاز.

لا شكّ أن الطريقة الموصوفة ستوفّر مقادير هائلة من الطاقة الكهربائيّة التي يتم صرفها على مختلف أنواع وأشكال التبريد وخصوصا تبريد المنازل والمكاتب والأبنية المختلفة وما يُصاحب ذلك من حاجة عالية لأنواع مختلفة من الوقود الهيدروكاربوني والذي تتزايد الحاجة له لأغراض إقتصاديّة أخرى فضلا عن تزايد أسعاره العالمية.

كما أن طرح ثلاجات وأدوات منزليّة  وثلاجات صناعيّة مختلفة تعمل بهذه الطريقة القديمة الجديدة سوف توفّر مقادير من الطاقة تجعل الحاجة لمشاريع ضخمة كالتي يجري بناؤها أمرا غير ضروري .

ومن ناحية أخرى فإننا بتواضع كبير نرى أنه عند إستخدام الطاقة الشمسيّة والحراريّة بالإستفادة من الطقس لا يتوجّب صنع محطات كبيرة لتوليد الطاقة بل أن يتم تصنيع وحدات وشبكات محليّة ومنزليّة وشخصيّة تعمل على ذلك فهذا أيسر وأكثر إقتصادا من صنع مكملات وتوصيلات وأسلاك وغيرها .

 

 دهوك في 7 أيلول 2012

 

* مهندس ومنشغل بالثقافة

 

 

free web counter