| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

الثلاثاء 8/11/ 2011

 

من وراء الربيع العربي؟

سنان أحمد حقّي *

بدأنا منذ طلائع عام 2011 نتابع الأحداث العربيّة وما يُدعى بالربيع العربي منذ احتجاج بوعزيزي وحتّى اليوم .

كلنا نتابع ما يجري في كل مكان في المنطقة .

تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين ولم نغفل متابعة الحراك الذي حدث في البعض من دول التعاون الخليجي والعراق وكنّا قد تابعنا قبل مدة منه أحداث إيران والإنتخابات وقد ظهر أثرٌ بشكل أو آخر لهذا الربيع في دول المغرب العربي في مراكش بل وفي الجزائر أيضا .

وبدأت معظم الأحداث بشكل شبه عفوي وغير مخطط له مما يبعد الإشارات والتلميحات  عن الدول الكبرى ومخابراتها رغم أنها طبعا تحاول أن توظف الأحداث لصالحها وهذا أمر طبيعي ومفهوم.

من إذاً الذي خطط لكل هذا؟ من الذي أحدث أو تسبب بكل هذه الأحداث؟ هل وراءها حركة سياسيّة محددة؟ هل هناك حزب أو جماعة سياسيّة وراء الأحداث وما هي أهدافها ما هي شعاراته؟ ماذا يريدون؟ الشعب يريد إسقاط النظام، ولا شعار يهدف إلى مشروع محدد.

هذا هو الشعار المشترك بين كل أركان هذا الحراك الذي وحّد الأمّة العربيّة بعد أم كلثوم!

هل أن البوعزيزي هو الذي تسبب بكل هذا ؟

أم أن وائل غنيم وثلّة الشباب هم الذين عملوا كل هذا في مصر ؟

أم..أم؟

هل نقول الشعب؟

ولكن لابدّ للشعب من طلائع ثوريّة تقود نضاله كما تعلّمنا.

ولكن كانت معظم القرائن توحي أنّه لم تكن هناك وراء الأحداث هذه كلها أية أحزاب أو قوى سياسيّة محددة.

نعم لقد قام عدد التنظيمات والشخصيات السياسيّة لاحقا بمساندة هذه الثورة الكبرى وتعضيدها ولكن للأسف نقول أن معظم النخب السياسيّة كانت تسير في مؤخرة الصف طيلة مدّة معاناة شعوبها .

نعم كان القمع شديدا ووطأة قدم الدولة وأجهزتها ثقيلة جدا ولكن كان النضال المنظّم ضدّ كلّ هذا ضعيفا ومتوانيا ومثيرا للإحباط

إذا من الذي فعل كلّ هذا؟

تذكّرتُ أنني يوما من الأيام قرأت حوارا بسيطا دار بين القائد النازي الذي احتلّ باريس ومعه جمع من الضباط الألمان من الذين رافقوه في زيارة للفنان العالمي الشهير بيكاسو في مشغله وقد شاهدوا هناك عددا من أعماله المختلفة وأبدوا إعجابهم بها ولكن سرعان ما استوقفهم عمله الشهير والمعروف بإسم (جيرنكا) وهو يعبّر عن حال مدينة جيرنكا بعد القصف النازي في الثلاثينيات ، وقف جميع الزائرين طويلا وفي مقدمتهم القائد المذكور معجبين ومندهشين بالعمل الكبير فقال القائد موجها سؤاله إلى الفنان بابلو بيكاسو : هل أنت حقّا من فعل هذا يا سيّد بيكاسو؟

فأجاب بيكاسو بمباشرة وعفويّة مدهشة لا تقلّ عن العمل الذي وقفوا جميعا أمامه قال بيكاسو: لا.. بل أنتم الذين فعلتموه.

والآن من فعل كل هذا الربيع العربي الذي هزّ العالم ولا شكّ؟

هم الذين فعلوه..نعم! الحكام ورجال السلطة والأمن والمخابرات التابعة للأنظمة العربيّة التي أحالت حياة الناس إلى ما هو أقسى من الجحيم وجرّبت كل الأحابيل والمناورات للإستحواذ على حقوق المواطنين ونهب ثروات الشعب ، إنّهم هم الذين فعلوه ، هم الذين اتبعوا الإستئثار بالثروة والسلطة معا وفرضوا أنظمة يمكن أن يحمد معها الشعب كل عيوب الرأسماليّة او الإشتركيّة أو سواهما جميعا ويغفروا لها فعالها

رجال أمن في كل مكان كالذباب ينكّدون على الناس ويسلبون حقوقهم الشرعيّة الأساسيّة وسلطة تحرّف وتزوّر كلّ شئ فحقّ ما يقوله رحمة الله عليه معروف الرصافي: علمٌ ودستورٌ ومجلسُ أمّةٍ ......كلٌّ عن المعنى الصحيح محرّفُ

           أسماءُ ليس لنا سوى ألفاظها...........  أمّا معانيها فليست تُعرفُ

فالإنتخابات لا أحد يثق بها بل قد بلغ بالمصريين أن عزفوا عن ارتياد صناديق الإقتراع لأنهم يعرفون النتيجة مسبّقا والعدد الآخر من البلدان غالبا ما تكون النتيجة       99.9999%لرجال السلطة  ولا حاجة لوصف الحياة الإجتماعيّة التي تم تحطيمها بشكل لم يسبق له مثيل فلم يبقَ من منظمات العمل المدني أو التنظيمات الشعبيّة ولا من النوادي الخاصّة والعامّة سوى الأبنية شبه المقفلة بل حتّى المقاهي الشعبيّة كادت أن تنتهي لفرط تحولها إلى أوكار لرجال الأجهزة السرّيّة وكتّاب( أقلام لا تنام)وتحوّلت حقوق المواطنين الشرعيّة إلى أكبر المحرمات وقد أخذ الحكام المتسلطون بمبدأ الظنّ من فرط معاناتهم من هاجس التآمروالقلق وجميع السلطات مجتمعةٌ بيد أجهزة المخابرات ولم يسلم لا القضاء ولا الإعلام ولا الثقافة ولا المهن الحرّة ولا التجار ولاالدين من الهيمنة والإستبداد حتّى استحال الأمر إلى أن تجد ضابط صغير بالأجهزة السريّة يهيمن على ميدان اجتماعي واقتصادي وسياسي واسع جدا وهؤلاء طبعا أصبحوا يمتلكون الصلاحيات والقدرة لجعل الحق باطلا والباطل حقّا وتفنّنوا في حبك الروايات وتحريفها لمجريات الواقع وهكذا ..

كلّ الزعامات التي سقطت كانت تتّبع خطى متشابهة ومنهجا متماثلا لأنها تقتبس من بعضها البعض ما يحرزونه من نجاحات في قهر الشعوب وقمع الحريات الأساسيّة والتلاعب بالعدالة ومبادئ الحقّ فابن علي لم يكن ليختلف عن القذافي ولا عن حسني ولا عن صالح أوصدام.أوً ليسوا هم إذا الذين فعلوا كلّ هذا؟ هل الشعوب هي التي فعلته أم هم الذين فعلوه؟

أم

كلاّ أنتم الذين فعلتموه!

 

* مهندس ومنشغل بالثقافة

 

 

free web counter