| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

الأربعاء 6/8/ 2008

 

نداء:

إمنعوا توزيع الأراضي على المواطنين لأغراض السكن ،أرجوكم!؟

سنان أحمد حقي

شاع في العهد السابق توزيع الأراضي على المواطنين لأغراض السكن لأهداف أهمها معالجة التذمر ومواساة عوائل العسكريين والشهداء وضحايا الحروب ،وإشغالهم بأعمال البناء وتوفير المواد والتعامل مع مشاكل البناء والبنائين وما إلى ذلك عن الإنشغال بمآسيهم الحقيقيّة و بأسرع الوسائل دون النظر إلى ما ستجرّه تلك المعالجات من كوارث ومصائب على البيئة التخطيطية والإجتماعيّة للمدن والقصبات وما تؤدي إليه من تفاقم مشاكل الخدمات العامّة والبنى التحتيّة خصوصا فيما يتعلق بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب والطرق ومجاري الأمطار ومجاري الصرف الصحّي والإتصالات واختناقات المرور والخدمات الأساسيّة الأخرى مثل الخدمات التعليميّة والصحيّة والخدمات القطاعيّة والحكوميّة والبلديّة وأعمال النظافة بشكل خاص فضلا عن مشاكل لا حدّ لها ولا مجال لحصرها في مقالنا هذامن مثل المشاكل الإجتماعية والتربويّة والنفسيّة والإقتصاديّة.
والنتيجة الآن واضحة للعيان ففي معظم المدن العراقيّة نجد الآن أحياءً كبيرةً ومترامية أحيانا تمثّلُ البؤس المرير وتُجسّد معنى الفوضى والتخبّط وسوء التنظيم ليس بالنسبةِ للعراقيين فقط بل لكل الحضارة الإنسانيّة لا سيما أنها مما تمّ تشييده عن قصد وإصرار وليس عن إهمال فقط.
وليس بوسع أحد أن يعطي صورة ولو سريعة لكل تلك المعالم المتخلفة والبائسة إذ أن الواقع يفوق أي تصوير.
وليس إعداد هذا المقال مما يتعرّض لهذه المعضلة الكبرى أو يطرح لها شيئا من المعالجات الضروريّة إذ أن الوقت لم يحن بعد للخوض في مثل هذه المصاعب الجسيمة ولكننا نوجّه الآن نداءً إلى كل المعنيين في هذا الإطار إلى ضرورة الإسراع في وقف تلك الممارسات غير المسؤولة والتي لمسنا آثارها المدمّرة على المستوى الحضاري والبيئي والإنساني قبل تناول أية أنواع من الحلول ، إن العديد من المناطق أصبحت الآن عسيرة على الحلّ ولا يُجدي من جميع النواحي وضع أية معالجات حضريّة لها فضلا عن جسامة تكاليف أية أنواع من المعالجات المطروحة بشكل يفوق أضعاف قيمة ما متوفر من مباني وإنشاءات وموجودات فضلا عن إبقاء المواطنين لعقود بل ربما قرون يئنّون تحت وطأة التخلف والمساكن غير الصحيّة وغير الإنسانيّة فيما تتقدّم الشعوب والأمم المجاورة في نفس الميدان قرونا وقرونا وتزداد الفجوة الحضاريّة وتخلّف للبلاد معضلات تتضاعف مع الزمن ولن تقوى أية قوّة على خفض الفوارق العظيمة تلك دون تكاليف وتضحيات لا مثيل لها.
إن الحلول المثلى في معالجة أزمة السكن تكمن في تنفيذ مشاريع الإسكان المتكاملة حيث يُمكن معها توفير معظم الخدمات الرئيسية وفق أحدث الدراسات وكذلك الإقتصاد في إستغلال الأرض وحُسن استعمالاتها وتوفير الأجواء الصحيّة والمناطق الخضراء والخدمات المختلفة ،كما أن التنفيذ يمكن أن يخضع إلى الإشراف الدقيق وأن لا يصبح المواطنون وخصوصا الأيتام وألأرامل عرضة للإبتزاز والنهب والنصب من قبل أدعياء يُسمّون أنفسهم مقاولين أو بنائين أو معماريين وهم ليسوا في الواقع سوى عبءٍ على واقع المقاولين والبنائين والمعمارين ،ومع ذلك وفي هذه العجالة أجد فرصة ولو بسيطة للإشارة إلى أن المشاريع الإسكانيّة يجب إمّا أن تّعدّ استشاريا من قبل جهة رسميّة مختصّة تتحمّل مسؤوليّة التفاصيل والأسس التصميميّة والمواصفات الفنية أو أن تكون من إعداد جهة استشارية أخرى لا يمنع الأمر من أن تكون محددة حسب العقد المتفق عليه مع الجهة المنفّذة ولكن تحت تدقيق ومصادقة جهة رسميّة تكون حاضرةً طوال فترة التنفيذ في الموقع إلى جانب جهتي التنفيذ والإشراف لتساعد على شرح التفاصيل وإعطاء البدائل والحلول لما يعترض المنفذين ولكن من الممنوع جدا أن يُترك أمر التصاميم والإستشارات إلى المقاولين أو الشركات المنفذة على أساس مايسمى بالمشروع الجاهز أو ما معناه تسليم المفتاح أو سوى ذلك، والإكتفاء بدور الجهة المشرفة، إن هذا الأمر غاية في الأهميّة ولو قمنا بتفقّد مشاريع من هذا النوع تم تركها بالكليّة إلى تصرف الجهة المشرفة حسب ؛لوجدنا كمّا هائلا من الأخطاء والتجاوزات بل والتلاعبات التي يؤسف لها حقّاًخصوصاً فيما يتعلّق بالجودة والنوعيّة.
المهم هنا أن نوجّه ندائنا إلى كل من يهمه الأمر سواءً في القيادات السياسية العليا للبلاد والمتمثلة في سدّة الرئاسة أو مجلس النواب أو مجلس الوزراء الموقرين أو في الوزارات المعنيّة مثل وزارة التخطيط أو وزارة الإسكان أو وزارة الأشغال والبلديات أو وزارة شئون المحافظات أو الأقاليم أو المحافظات ومجالسهاأو في نقابة المهندسين العراقيين .
إن الإنفاق الرأسمالي بما يستحقّه ويستوجبه المشروع هو السبيل إلى الإقتصاد في التكاليف الكلّية على المستوى البعيد ،كما يقول المعماري الأشهر (ميس فان دير روهه):ـ (
The more is less) وبذلك فإننا لو استهدفنا الإقتصاد في النفقات الإجماليّة فإننا يجب أن نستهدف المباني والمشاريع المتينة والجميلة والتي توافق الأذواق والحاجات الإنسانيّة لأطول فترة ممكنة دون أن نحتاج معها إلى إحداث تغييرات وإدامة جدّية تكون تكاليفها مع مرور الزمن أكبر بكثير من تكاليف بنائهالأول مرّة،وأوصي بهذه المناسبة أن يتم توجيه المنفذين إلى خفض استخدام الخرسانة الموقعيّة كلما أمكن ذلك واستخدام ما هو مسبق الصب والقطع الجاهزة أو نصف الجاهزة خصوصا في المحافظات الجنوبيّة بسبب تدنّي مستوى الأعمال والمهارات المتوفرةوبلوغها حدّا غير مقبولٍ أبدا حيث ترجع معظم المهارات المتوفرة إلى الممارسة التي لم يصاحبها الإعداد المنهجي والفني أي بلا تأهيل دراسي ماعدا بعض الحالات المعدودة والتي لا تسدّ الطلب المتزايد أبداً فضلا عن مسببات عدم النزاهة وتفشّي الفسادو المقاولين الزائفين.
أجدد ندائي ورجائي إلى كافة السادة المسؤولين ، أنْ أَوقفوا توزيع الأراضي للمواطنين لأغراض السكن أرجوكم! وسارعوا في إعداد مشاريع الإسكان المتكاملة فالسكن أو المسكن هو الحضارة! هو الثقافة!هو السبيل الوحيد لرفع مستوى المواطنين إنسانيا وتحسين أحوالهم من مختلف الوجوه، أرجوكم!
كما أن إهمال هذه الأهميّة أمرٌ سيؤدي إلى أحوال لا يمكن إصلاحها أبدا كما نشاهد الآن في كل مكان .
أرجوكم!

 

free web counter