| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

السبت 26/11/ 2011

 

تحكيم المباني ضد الزلازل من الجوانب التصميميّة !

سنان أحمد حقّي *

قبل شهر أو يزيد حدثت هزّات أرضيّة بالغة التدمير في تركيا وفي منطقة فان وأحدثت الكثير من الخسائر في الأرواح والأموال واستٌنفرت مؤسسات الهلال الأحمر والصليب الأحمر وكثير من المؤسسات الخيريّة وشملت تلك الهزّات مناطق في كردستان بالأخص منطقة محافظة دهوك وتطرّقت بعض المواقع الألكترونيّة  للموضوع ورأيت أن أطرح للقراء الكرام ولكل الإختصاصيين منهم من المهندسين والإداريين في المؤسسات المحليّة بعض الأفكار والأسس الهندسيّة لتحكيم المباني ضدّ الهزّات الأرضيّة من باب الثقافة العامّة والتخصّصيّة وللتعرّف على تقنيات الأسس التصميميّة لذلك ولا يضرّ أن نواصل التحدّث عن الأسس التصميميّة الموصوفة وعسى أن لا نثقل عليكم ففي الموضوع بعض الجفاف لأنه موضوع علمي  ولكن الفائدة مرجوّة طبعا

فقد وجدتُ أن الكثير من المهندسين يترددون في تعزيز تصاميم المباني التي يقومون بها بتحكيمها ضدّالهزات الأرضيّة والزلازل لأسباب تتعلّق بعدم شيوع مثل هذه الإحتمالات التصميميّةولهذا أحاول هنا أن أصف بعض تلك الوسائل بشكل استعراضي عام

تُعتبر الهزّة الأرضيّة مصدر لقوّة ديناميكيّة إضافيّة تتسلط على هيكل المبنى إضافةً إلى القوى الأساسيّة الأخرى مثل قوى الأحمال الطبيعيّة من أحمال ثابتة وأحمال متغيّرة فضلا عن قوى الرياح وقد تكون هناك قوى أخرى كثيرة ولكن ما ذكرناه يشكّل أغلب القوى احتمالا وتاتي بعدها قوى الهزات الأرضيّة والزلازل ويتم تتبّع القوى الشاقوليّة بالتحليل بواسطة طرق متعددة كان من أهمها شيوعا طرق تُسمّى بتوزيع العزوم وهي طريقة لتحليل هياكل المباني باتباع أسس تقريبيّة وذلك بسبب كون الطريقة التي تستند عليها وهي طريقة منحنى الهبوط تؤدّي في الغالب إلى معادلات آنيّة كثيرة يتطلّب الأمر حلها بواسطة المصفوفات التي تصبح هي الأخرى في الغالب مملّة وطويلة ومحفوفة بالأخطاء خصوصا في الماضي عندما لم تكن الحاسبات والبرامجيات العلميّة قد استُحدِثت بعد ، ولكننا اليوم يمكن أن نشتري برنامجا جاهزا لحل المعادلات الآنيّة لأي عدد كان ولأي عدد من المجاهيل وبعد تشغيل البرنامج فورا نحصل على نتائج سريعة وباهرة ودقيقة

ولهذا فإنني سأحاول أن أشرح منطق التصميم لتحكيم المباني ضد الزلازل فقط ، ويقوم على تحليل القوّة التي تتولّد بعد الهزّة الأرضيّة إلى قوّة مستقرّة في أسفل هياكل البناء وكأنها مطرقة تضرب الأسس جانبيا وطبعا ستؤدّي تلك القوّة إلى اهتزاز الهيكل العام للبناء وإمالته جانبيا من الأعلى بأكثر من الإزاحة الجانبيّة ( يمكننا أن نصف معنى الإزاحة للقارئ على أنها المسافة التي تتحرّك بها مفاصل المبنى أفقيا أو عموديا )من الأسفل ويمكن بالتحليل العلمي توزيع تلك القوّة على الطوابق المختلفة وفق معادلات خاصّة لتتحوّل إلى قوى متدرّجة بالمقدار من أعلى إلى أسفل وبعد ذلك يمكن المباشرة في تحليل الهيكل وفق الأسس نفسها التي يتم بها تحليل القوى الجانبيّة للرياح مع فارق واحد وهو أن القوى الجانبيّة للرياح تكون في العادة متساوية في المقدار عند مستوى كل طابق بينما هذه القوى أي الناتجة عن الهزّات الأرضيّة ليست متساوية كما أسلفنا وبعد استعمال التحليل الهندسي ورسم مخططات قوى العزوم وقوى القصّ والقوى المحوريّة يمكن أن تضاف جبريا إلى الأحمال الشاقوليّة وإلى قوى الرياح الجانبيّة وفق تعليمات مدوّنة البناء المتّبعة بنسب موضّحة في معادلات خاصّة وبذلك يتم تصميم كل أعضاء الهيكل بالحاصل الناتج سواء من ناحية العزوم أو قوى القصّ أو القوى المحوريّة ويمكن إيجاز العمليّة التصميميّة على النحو التالي:

1.    إستحصال خرائط خاصّة بالهزّات الأرضيّة من دوائر الرصد الزلزالي أو من المؤسسة المختصّة بالأعمال الجيولوجيّة وفي الغالب تتضمن هذه الخرائط مرتسم عام لخارطة العراق ومنزّل عليها خطوط كونتوريّة يحمل كلّ منها رقما يبين قوة الهزّة المشتركة على الخط الزلزالي وهي إمّا أن تكون مبيّنة بمقياس ريختر المكون من سبع (7) درجات كحد أقصى أو بمقياس ميركالي المكون من أحد عشر درجة(11) كحد أقصى أيضا والأرقام ليست ذات تدرّج بمعدّل متساوي بل هي تعبّر عن فوارق لوغاريتميّة فيما بينها أي الزيادة بين الرقم 3 و4 مثلا ليست هي نفسها كالزيادة بين 4و5 وهكذا وفي حال بلادنا العزيزة فإن الخطوط الزلزاليّة غالبا ما تبدأ بالحدود بين العراق وتركيا وبالذات تكون فعّالة بين محافظة دهوك في كردستان وبين المناطق الجنوبيةّ الشرقيّة لتركيا وهناك مركز نشاط زلزالي في تركيا يقع تقريبا في المنطقة إلى شمال الحدود العراقية التركية من جانب دهوك أي تقريبا في المناطق التي حدثت فيها هزّات قبل بضعة أسابيع ومنها منطقة (فان) التركيّة وكلما انحدرنا جنوبا فإن الخطوط الزلزاليّة تصغر بالمقدار وتتفرّق فيما بينها إلى مديات أبعد ويبقى تأثيرها إلى أن نصل إلى بغداد تقريبا ولكن بمقادير أدنى كثيرا أي أن مدينة بغداد هي الأخرى تخضع للخطوط الزلزاليّة أو الهزّات الأرضيّة ولكن بمقادير أو قوّة أقلّ بكثير وربما لا تزيد عن درجتين بمقدار ميركالي أو أكثر ولكن يجب أن نتوقّع بعض الهزات فيها أحيانا وقد تنحدر الخطوط المذكورة إلى بعض المناطق الجنوبيّة أيضا ولكن نادرا بيد أن المناطق الجنوبيّة يمكن أن تساعد على ترديد وتضخيم الهزّة الأرضيّة بسبب كونها تقع ضمن السهل الرسوبي وهو تكوين جيولوجي طيني يساعد على التصرّف كأمبلفايرـ Amplifier ( أي كمضخّم للموجة الإرتداديّة ولهذا لا يجب أن نستبعد تماما تعرّض المناطق الجنوبيّة لفعل ارتدادات الهزّات التي هي بالأساس ضعيفة جدا)

2.    إن أساس التحليل للهزات الأرضيّة يقوم على نفس معادلة نيوتن F=m.a حيث أن F هي القوّة وm هي الكتلة وa هي التعجيل ولكن هناك عدد من المعاملات التجريبية    Empirical Factors العمليّة على النحو التالي:

V=ZKCW                                        

حيث أن V هي القوّة الإجماليّة

Z   ......    .هو معامل المنطقة ضمن الفعاليات الزلزايّة ويقدّر من 0.25 إلى    1.0 حسب قدرة الهزّة على التدمير وهي أربعة مراتب توضّحها المخططات التي تستند إلى الإحصاءات برفقة مخططات الهزات وخطوطها الموصوفة سابقا

K ....... هي معامل القوة الجانبيّة ويعتمد على نوع الهيكل المعتمد ونوع التحكيمات المستخدمة فيه ويتراوح من 1.0 إلى 2.0

C .......وهو معامل زلزالي

    C=0.05/(T) to power .333                                  

T....... وهي الفترة الأساسيّة لاهتزاز عموم المبنى بالثانية وباتجاه القوهV

W.......الوزن الكلي للمبنى (بآلاف الباونات) وهذه المعادلة تجريبية لهذا لا ننصح باستخدام وحدات أخرى

3 .   بعد استخراج القوّة الكلّيّة الناتجة عن الزلازل والهزّات والتي تتسلّط على المبنى      

      جانبيا فإنه يتم توزيعها على مختلف الطوابق جانبيا أيضا على النحو التالي:

       Fx=(V-Ft) Wx.hs/Σωίhί                            

                        حيث أن (i) من 1 إلى  n))

      وتكون Wx هي جزءالأبنية الكليّة لغاية المستوى أو الطابق x                           

3.    عندما نحصل على توزيع للقوى الجانبيّة الناتجة من الهزّات والزلازل نستطيع أن نتّجه إلى التحليل الإنشائي ويقوم على ما يّسمّى بالتحليل الدقيق أي ليس التقريبي مع أنه برأي العلم لا يوجد تحليل دقيق جدا لأسباب عمليّة ولكننا نقصد تجنّب الطرق التقريبيّة التقليديّة ونقصد به أيضا الإنتهاء بمعادلات آنيّة عديدة وهنا لو كان عندنا مثلا هيكل متكون من ثلاث فضاءات أفقيا وعشرة طوابق عموديا فإننا نتوفّع أن نحصل على أربعين معادلة آنيّة كل واحدة كما هو معلوم تتكوّن من عدّة مجاهيل الواحد من تلك المجاهيل يتعلّق بالزاوية التي يصنعها منحنى الهبوط عند كل مفصل ولكن طبعا توجد إضافة لذلك مجاهيل إضافيّة ناتجة عن الإنبعاج الجانبي الذي تولّده القوى الجانبيّة الناجمة عن الهزّات فيكون عندنا زوايا ناجمة عن إزاحات جانبيّة لكل طابق والجدير بالذكر هنا أن الزاوية العلويّة عندالطابق العاشر مثلا هي مقدار الإزاحة الناجمة عن طرح الإزاحة الكليّة الظاهرة مطروحا منها إزاحة الطابق ما تحته وبالنسبة لما تحته تكون الناتج السابق مطروحا منه ما تحت الذي تحته وهكذا حتّى الطابق الأرضي ولهذا يكون عندنا خمسون مجهولا وليس أربعون بسبب زوايا الإنبعاج الجانبي أو الزوايا الناتجة عن الإزاحات والتي يمكن تكوينها بواسطة معادلات القص عند كل طابق ( أسفل كل طابق مباشرة على وجه التحديد)وبعد تركيب المعادلات  الأساسيّة وعددها أربعون نضيف لها معادلات القصّ وهي الناتجة عن قوى القص التراكميّة تحت أيّ سقف وهي الأخرى عشرة فيصبح عندنا خمسون معادلة آنيّة وخمسون مجهولا وبعد استخدام أحد برامج حل المعادلات رياضيا وهناك (Math lab أو  MathCAD )أو أيّة برامجيات متخصصة بحل المعادلات الآنيّة نستطيع بها إيجاد قيمة جميع المقادير المجهولة ثم يتم التعويض في المعادلات الأساسيّة لكي نستخرج قيمة العزوم في طرفي كل عضو إنشائي وهي بمثابة العزوم السلبيّة (Negative Moments) من حيث الإشارة الإفتراضيّة والتي نستطيع بواسطتها استخراج مخططات العزوم ومخططات قوى القص والقوى المحوريّة لكل عضو من أعضاء الهيكل

4.    نضيف جبريا وبشكل تحدّده أنظمة البناء والمدونات المعمول بها(Code )لكي نحدد ما هو متوقّع من قوى مسلّطة على كل عضوأو ضلع إنشائي ويمكن أن يتم التصميم على هذا النحو

5.    توجد قوى إضافيّة يجب أخذها بنظر الإعتبار على نفس المنطق منها العزوم الإلتوائيّة الناتجة عن الهزّات والفكرة هي نفسها مع بعض التغييرات

من الجانب الآخر يتوجّب على الوحدات الإداريّة أن تأخذ بعين الإعتبار كثيرا من الإجراءات الإحترازيّة والوقائيّة عند التعامل مع منح إجازات البناء للأبنية المختلفة في المناطق التي يظهر انها معرّضة لتدمير متوسّط أو كبير ناتج عن الهزّات وأن يقدّم كل شخص أو جهة أهليّة أو رسميّة عليا كانت أم دنيا خرائط وحسابات تفصيليّة تؤكّد الأخذ بالحسبان لمثل تلك الهزّات وتقوم الوحدات الإداريّة بالإشراف على تنفيذها فعلا وفق كشوفات موقعيّة وكل هذه الإجراءات يقوم بها مهندسون متخصصون ولديهم خبرة كافية للمصادقة على الخرائط والتأكّد من التنفيذ

ومن جانب آخر يمكن أن يتم إصدار تعليمات حازمة بصدد الهزّات تجبر أصحاب العلاقة ممن يُزمعون تشييد الأبنية ضمن الأحزمة الزلزاليّة  باتباعها بل وإن تطلّب الأمرإصدارقوانين جديدة تضمن السلامة العامّة ومصالح المواطنين 

 

* مهندس ومنشغل بالثقافة

 

 

free web counter