| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

الأحد 1/1/ 2012

 

المنطق الجدلي والنظريّة الفلسفيّة..!

سنان أحمد حقّي *

لست من دعاة أي شكل من أشكال الفكر التوفيقي ولكن أن نواصل نقد وتحليل أفكارنا خصوصا ما كان منها أساسيا وجوهريا مهمة لا يجب أن نتنازل عنها و لا أن نكفّ .
وأجد هذه الأيام جدلا وحوارا متنوعا يبرز في بعض وسائل الإعلام الفكري النظري منه ما يتعرّض للأديان ويُعيدنا إلى الأدبيات التي عرض فيها المفكرون الأوائل الماركسيّة والفكر الإشتراكي ونقدهما للأديان ، ومن جهة أخرى يُدافع البعض الآخر عن الفكر الديني خصوصا هذه الأيام التي تشيع فيها الحركات الدينية السياسيّة ومع ما يتضمنه هذا الفضاء الفكري من تناقضات وتعقيدات وتداخلات وما يتطلّبه من مواقف أشدّ تعقيدا إذ لا تلقى معضمها تفهّما فكريا يناسبها ويندفع بكثير من التعصّب كل فريق للدفاع عن ما يتبناه من عقائد ترسّخت عبر جهود طويلة ومضنية فالمدافعون عن الأديان يعارضون ما يُدعى بالفكر العلمي ويُنكرون طروحاته كلّها جملة ً وتفصيلا وكذلك يفعل أصحاب الفكر العلمي بإنكارهم للفكر الديني المثالي (الغيبي) وهذا ما نشأت عليه المنافسة والمماحكات بين الفريقين منذ أن ظهرت الطروحات الفكريّة والفلسفيّة التي قادت فريق الفكر العلمي إلى وضع نظرياتهم التي تُسمّى بالعلميّة.

والحقيقة أن لي منذ بدأت مطالعاتي في الفلسفة النظريّة منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما أو يزيد هوامش وملاحظات على كل من الفريقين على ما أحدثته الماديّة الجدليّة من بريق وموجة إعجاب في نفسي ولكن كما تعرفون أن من يريد أو يسعى للتزوّد بالفكر والثقافة لا يركن إلى جانب وحيد من المعرفة فكلما أطالع شيئا من فكرٍ ما ؛ أحاول أن أرجع لأفتّش عمّا يقوله الفريق المقابل وليس خافٍ على أحد ما مرّت به بلادنا وما تمرّ به، فقد أثّر سير الأحداث وخصوصا السياسية منها ،وفيها ،على جوهر مطالعاتي المختلفة فكّل يوم يرمي الأهل وأنا معهم أحيانا عددا من المصادر المهمّة إلى الناربسبب خشية ضبطها لديّ وبالتالي قد ألاقي مصيرا مجهولا وحتّى عندما تتغيّر الظروف العامّة فإن الإحتفاظ بعدد آخر من المصادر يُصبح مستهجنا ومصدرا للخطورة أيضا حتّى بلغ الأمر ما بلغ من فقدان كل مرجع ومصدر بل حتّى دواوين الشعر والكتب الأدبيّة والحديث طويل وأرمي من وراءه أنني انقطعت عن المطالعة تماما سنين طويلة بدوافع خشية السلطات على اختلافها ،وبسبب تعذّر الحصول على المصادر المناسبة أحيانا كثيرة أخرى وهكذا تفكّكت الكثير من تصوراتي وتفاصيلها عن عالم الفكر الفلسفي .

أمّا اليوم وعندما توفّر الحاسوب وشبكة المعلومات الدوليّة( Internet ) فقد توفّرت فرصة لاسترجاع عددا لا بأس به من المصادر التي ضاعت نتيجة الظروف السابقة والتي وصفتها آنفا.

ولكي لا أطيل في هذه المقدّمة التي لم أجد بدّا منها ،أحاول أن أدخل صلب الموضوع.
فيما قرأته وصدّقته نظريّة الماديّة الجدليّة وأُعجبت كثيرا بالكتاب الذي وضعه مجموعة من الأساتذة السوفييت في حينه ووجدت فيه تلمّسا لجوهر الفكر العلمي أي لعلوم الطبيعة والعلوم الطبيعيّة على اختلافها فضلا عن كثير من المصادر الأخرى والتي وجدتها أقلّ بريقا من المصدر المذكور وحيث انني طالب علوم (مهتمّ بالهندسة) فقد استنرت كثيرا واستفدت من تلك النظريّة بل أنني إنتقلت مسرعا إلى تطبيقاتها في مجال العلوم الإنسانيّة مثل التاريخ وهكذا أصبحت أرجّع معظم الظواهر السياسيّة والتاريخيّة إلى نفس النظريّة الفلسفيّة في الجدليّة والماديّة.

وكان ذلك مدخلا لمحاولات في التقرّب قليلا من علوم الإجتماع والإقتصاد وإن لم أكن بتلك الجرأة في الخوض في تفاصيلهما ولكنني فهمت أن صراع أرباب العمل مع العمال يرجع إلى ان أرباب العمل يسرقون قوّة عمل العمال وعلمت كيف يحدث ذلك وتعقّبت أسس الظلم الإجتماعي وكانت الإشتراكيّة فكرة برّاقة ليس بالنسبة لي وحدي بل لكثير من أقراني وكنّا نعتقد أنه يمكن تطبيقها بسهولة وفورا رغم أنني على سبيل المثال كنت أحد أوائل الطلاب الذين درسوا تطوّر أنماط الإنتاج وتحولات المجتمعات ابتداء من الصيد حتّى المجتمع الصناعي المتقدم.

وكم حاولت أن أجعل بين النظريات الإقتصاديّة التي كشفت سرقة أرباب العمل لجهودالعمال وبين الفكر النظري الذي يبحث في أولويّة من ؟ المادّة أو الفكرة، لأنه أمر يعرقل الجهود والنضال من أجل استرداد حقوق الطبقة العاملة ويربطها بصراع أوسع لا لزوم له في البداية،ولكن هكذا يشاء المثقفون دائما.

وما أرمي إليه الآن هو أن نراجع ما يُسمّى بسؤال الفلسفة الأساسي، وهو أولويّة من الفكرة المطلقة (الوعي والعقل) أم المادّة وهي التي توجد خارج وعينا وإرادتنا؟

وبالرغم من أن المفكرين والفلاسفة قد أشبعوا هذا الموضوع بحثا ولكن لهذا السؤال أهمية كبرى في ميدان الفكر والأدب الفلسفي ومعروف لدى القارئ الكريم أن من قالوا بالمادّة هم الذين يُسمّون بالمادّيين ومن قال بالفكرة أو الوعي يُسمّون بالمثاليين ومن الفكر المثالي نفهم الفكر الديني .

ولكنّ ما قدّمه لنا العالم الألماني هيغل (إيغل) من منطق جديد وقواعد للتفكير الجديد وهو المنطق الجدلي أو الديالكتيكي وقد أوجزه بثلاث قوانين الأول هو أن التراكم الكمّي يُؤدّي إلى تغيّر نوعي والثاني وهو قانون وحدة وصراع الأضداد والثالث وهو ما يُسمّى بقانون نفي النفي أو نقض النقيض وعُرفت هذه القوانين بقوانين المنطق الجدلي ومن المعروف أنه أي (إيغل) طبقها على الفلسفة باعتبار أن الأولويّة للوعي والعقل والفكرة المطلقة لأنه فيلسوف مثالي بل رجل دين مسيحي! ولكن كارل ماركس قلب المنطوق في الإجابة على سؤال الفلسفة الأساسي وطبّق المنطق الجدلي نفسه على إجابته التي تعتبر أن المادّة هي التي لها الأولويّة وقد اعتبر الفكر الماركسي أن الفكر الذي ينادي بأولويّة الفكرة أو الوعي والعقل فكرا مثاليا وبالتالي كانت الأديان من فريق الفكر المثالي وبدأ الأمر بين الفريقين سجالا.

ولكننا لو شئنا تطبيق هذا المفهوم على أيٍّ من المقولات الفلسفيّة (التطبيقات) لوجدنا أن الفكرة الأساسيّة في المنطق الجدلي وهو كما يُقال علم الفلسفة الأساسي مقصود بها وصف علاقة بين متناقضين أو أكثر تتبادلان التأثير فيما بينهما ويعني هذا أن أي تغيير يحصل في أحد المتناقضات يؤدّي إلى تغيير في المتناقض الآخر والذي بدوره يؤثّر في الأوّل وهكذا هي العمليّة وليس المقصود أن أحدهما يؤثّر في الثاني على طول من دون تأثير للثاني فيما بعد على الأول.

وهي عمليّة تُشبه عمليّة المحاولة والخطأ في حل المسائل الرياضيّة حيث يغذ ّي المتغيّر الأول ُ الثاني ومن ثم يؤدّي المتغيّر الثاني تأثيره في الأول وهلمجرا، ولا طائل من البحث مَن من الشحنتين الكهربائيتين لها التأثير في إنتاج الشرارة الكهربائيّة ؟ فكلاهما تؤثران ببعضهما الآخر. فلو أخذنا المتناقضين الذين يتسببان في السؤال الأساسي للفلسفة وهما الوعي أو الفكرة والآخر هو المادّة لوجدنا أننا عندما نطبّق المنطق الجدلي عليهما نرى أنهما يتبادلان التأثير فيما بينهمافحينا تؤثّر المادّة على الوعي والعقل ومن ثمّ ينعكس ذلك التأثير على المادّة مرّة أخرى وهكذا دواليك.والتأثيران متلازمان غير منفصلين لأن القانون الثاني يقول بوحدة وتناقض أو صراع المتناقضات إذاً نجد أنفسنا في مواجهة عقد مغلق ينتظم فيه مجموعة من اللآلي لا يهمّ أن يكون أيّها هو الأول لأن ما يأتي بعده له ما بعده وله ما قبله أيضا وهكذا وبذلك يكون المنطق الجدلي بذاته يُغني عن ما يُسمّى بسؤال الفلسفة الأساسي.

إنني بكل تواضع وجدتُ أن الفكرة أو العقل والوعي يدخل في وحدة مع المادّة وهما بموجب قوانين المنطق الجدلي مرتبطان بصراع في ظل تلازمهما ينتج عنه تأثير المادّة على الوعي والفكرة وما أن يطرأ التأثير المذكور عليه حتّى يغذ ّي التغيّر في الوعي والعقل الطرف الأول وهو المادّة فتتغيّر هي الأخرى بتأثير الوعي في هذه الحالة ثم تعود المادّة لتغذ ّي التغيّر في الوعي وهلمجرّا حتّى يفعل قانون التراكم الكمّي فعله في تراكم وحدة وصراع هذين المتناقضين الذين سيجنحان ويؤديان بالتراكم الكمّي إلى إنتاج تغيّر نوعي يؤدّي إلى ظهور نوعين جديدين من المتناقضات وهما متّحدين ومتصارعين بشكل أو طور آخر ثم تستمرّ هذه الآليّة حسب قوانين المنطق الجدلي الموصوف ، بهذا لا يكون الجواب على سؤال الفلسفة الأساسي بالشكل الميكانيكي الذي سبق طرحه أي لا يكون الجواب أن الأولويّة للمادّة أو الوعي والعقل بل أن الأولويّة في كل طور لأحدهما ثم في نفس الوقت يكون للآخر بمفهوم تبادل التأثير وهذا يحقق منطوق العلاقات الجدليّة بالتتابع والتوالي المتلاحق وإذا صحّ هذا الرأي فإن ما تمثّل بقول الماديين أي أولويّة المادّة يكون صحيحا في طور ويكون للوعي والعقل الأولويّة من جانب آخر في نفس الوقت بالتتابع المتسارع والتأثير وهذا كما قلنا يحقق منطوق قوانين المنطق الجدلي الذي قدّمها إيغل ودان لها ماركس وأنجلز وسواهما من مفكّري الإشتراكيّة العلميّة والماركسيّة.

الآن ماذا يعني كل هذا؟ إنه قد يؤدّي إلى أن لا خلاف بين أولويّة من على الآخر المادّة أم الوعي والفكرة المطلقة وهذا من شانه أن يؤدّي إلى أنه لا خلاف بين الفكر المادّي والفكر المثالي في النهاية بل هما يعملان بالتتابع والتتعاقب المتسارع لتبادل التاثير بينهما وهذا يمكن توضيحه لو أخذنا أي جانب في المتضادّين الفكريين ومكونا الفكر الفلسفي فإن أي تقدّم في المعرفة أو التغيّر الذي يحصل على المادّة هو ناتج عن وعي وفكرة وسيؤدّي إلى تغيير في المادّة والتي عبر قوانين الجدل ستؤدّي إلى تغيير في الوعي وبعد أن يتبادلان التأثير فإن التغيير في الوعي والعقل سيعود بالتأثير على المادّة مرّة أخرى وهكذا وكأن العلاقة تشبه حبّات عقد مغلق لا طائل من البحث عن بداية له ولا البحث عن نهاية له أيضا ولكن طبعا بعد كل دورة منه ترتقي العلاقة إلى طور أو مرتبة أعلى وبهذا يصبح الفكر الفلسفي لا يحتاج إلى البحث عن أجوبة عن أولويّة من ولا يحتاج إلى إجابة عن سؤال الفلسفة الأساسي بل يحل المنطق الجدلي محلّ النظريّة الفلسفيّة فلا نعود نقول فلسفة ماديّة أو مثاليّة بل ننشغل بالجدليّة كنظريّة يتّحد فيها منطقها بنظريتها معا .

وهذا لو صحّ أيضا فإن المواجهة بين الفكر المادّي والمثالي ستؤدّي بنا إلى أن نتمكّن من الإحاطة بتفاعلاتها دون أن نضطرّ إلى خوض مواجهات نظريّة عويصة، وهذا سيعني فيما يعنيه ظهور صلات وحدة وصراع بين الماديّة والمثاليّة دون أن نحتاج إلى تقديم دفوعات عن كل واحدة ضد الأخرى .

وليس ضربا من الشطحات الذهنيّة أن نجد شواهد في التراث الأدبي والفنّي والفكري لنتمثّل به تبادل التأثير الموصوف.
ففي علوم اللغة وخصوصا في علوم وفنون اللغة العربيّة نجد أن هناك دائما نصّ ظاهر وتأويل باطن متلازمان في النصوص المقدّسة حصرا وربما في بعض النصوص الأدبيّة التي تحاكيها والنص الظاهر يرسم علاقة بين متغيّرات مختلفة قائمة على واقع مادّي دقيق التوصيف ومحكم التعبير العلمي لكنّ الباطن الذي يحتويه النص يتضمّن تشبيها أو تمثيلا مختلفا عنه لكنّه متلازمٌ معه وقد يكون متناقضٌ معه أيضا ويتّضح كل هذا بأدبياتنا المتوارثة جميعا في الجناس والطباق البلاغيين فعند ضرب مفردتين مختلفتي المعنى لكنهما مرتبطتان بالشكل معا ندرك مدى تلازم المفردتين مع اختلافهما في المعنى وهذه كلّها تمثيل مبسّط لوحدة وصراع متناقضين مختلفين وأحدهماـ إن كان الجناس تامّا أي كامل التشابه ـ مع الأخرى يمثّل وعاد مادّي للمعنى في حين يمثّل المعنى الآخر وعاء لمعنى آخر في فضاء آخر.

وكل كلامنا هو وصف لعلاقات ماديّة في الأساس يتم التعبير عنها بدقّة علميّة في حين نفس الكلام يمكن أن يكون له تأويل آخر يفضي إلى فضاء آخر من المعاني وهذا كلّه متوفر له شروحات وتفصيل في علوم البيان والبلاغة وعلوم المعاني والبديع وسواها، إذا أن المقولة الفكريّة والفلسفيّة الرصينة والدقيقة والتي تعبّر عن علاقات ماديّة حقيقيّة بين متغيّرات في الواقع في أي فضاء فكري يمكن أن يكون لها ما يناظرها من معاني وعلاقات أخرى في فضاء فكري ومعرفي آخر ، قد يكون هذا شائك بعض الشئ ولكنّه للأسف ممكن جدا والتأويل في الفضاء الآخر يتبادل التأثير مع الفضاء الأول بشكل مترابط بقوّة .

من كل هذا سوف لن نعود نتمسّك بالماديّة كأولويّة ومظهر وحيد للعلاقات بين المتغيّرات بل أن الوعي يمكن أن يكون فضاء لآخر كالوعي والعقل يتبادل التأثير مع فضاء الحقائق الماديّة وعندها لن تكون هناك فلسفة مثاليّة ولا ماديّة بل فكر جدلي محض وهو النظريّة الفلسفيّة وهو في نفس الوقت علمها الأساسي أو منطقها الذي توزن وتقوّم به مفاهيمها .
في ظل مثل هذه النتائج هل سيتأثّر علم الإقتصاد؟ أو الإجتماع أو العلوم التي تُشتقّ منهما؟ طبعا لا إذ ستبقى نظريّة فائض القيمة فاعلة وسنبقى ننظر إلى ان أرباب العمل ما زالوا يسرقون العمال وأننا يجب أن نناضل من أجل انتزاع حقوق الطبقة العاملة كما أن النضال الطبقي لن يتأثّر لأن الإنقسام الطبقي والفوارق الطبقيّة ما تزال قائمة ولكن ملامح الصراع الطبقي سننظر لها بمنظور جديد إذ أن العلاقة بين أرباب العمل والطبقة العاملة ستدخل في منظور تبادل التأثير وعلى طور زمني محدد سيؤدّي الصراع بينهما إلى ظهور علاقة جديدة بموجب منطق قوانين الجدل التي ذكرناها مرارا ، إذ أن بلوغ الوعي لدى الطبقة العاملة حدّا يمكنها من قيادة عمليّة الإنتاج مرّة واحدة محفوفة بالمخاطر وغير مضمونة العواقب وقد رأينا أن هناك ظواهر نجمت فعلا عن تحوّل مساحة من العمال في ظل التحوّل في نمط الإنتاج إلى أرباب عمل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ولم تؤدّي التحولات الإجتماعيّة إلى قيادة الطبقة العاملة للمجتمع وإدارة الإنتاج والأسباب والأمثلة لا حد لها ولا حصر والإنهيارات أكثر من أن تُحصى.

وعندما نعود إلى المنطق الجدلي مدار مقالنا نجد أنه من شأنه أن يهدّئ التوتّر بين الفكر الجدلي والمادّي وبين الأديان باعتبارها الفضاء المعني بالفكر المثالي والمعني بالعقل والوعي والفكرة المطلقة.
وبشكل واضح إن صح التحليل يمكن أن نصل إلى أن الدين والفكر المادّي العلمي يتبادلان التأثير في بعضهما البعض ما دام لكل قول أو مقولةٍ تأويل في فضاء المعرفة العقلي عبر الوعي والفكرة المطلقة ، وأن فكرة الإشتراكيّة والفكر العلمي وما إليهما يتناقضان مع بعضهما ولكن بموجب قوانين المنطق الجدلي فعندما تتأثّر الفكرة والوعي الذي هو في داخلنا بالواقع المادّي الذي هو خارج إرادتنا فإن ما يطرأ على أفكارنا يعود ليؤثّر في الواقع المادّي الذي هو خارج إرادتنا ليغيّره ويجري عليه تأثيرا مهما ثم يؤثّر هذا الواقع المادّي الذي هو خارج وعينا وإرادتنا يؤثّر في وعينا مرّة أخرى ثم وعينا يعود ليؤثّر في الواقع وكل متناقض يؤثّر ويتأثّر بتغذية متعاكسة متبادلة مع الآخر، فلا نلغي المعرفة الماديّة ولا نلغي المعرفة الروحيّة لأنهما متلازمتان ومتناقضتان حسب منطق الجدل الموصوف في هذا المقال، وهذا من شأنه أن يضفي الشرعيّة الماديّة والشرعيّة الروحيّة على مطالب الطبقة العاملة والطبقات التي ما انفكّت فئات وطبقات أخرى تواصل سرقة جهودها دون التقاطع مع الفكر الديني باعتباره فكر مثالي إذ لن تعود الأولويّة عذرا في التنصّل من الدفاع عن الحقوق الشرعيّة.

وللحديث صلةٌ والسلام عليكم


 

في 30/12/2011

 

* مهندس ومنشغل بالثقافة

 

 

free web counter