| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سنان أحمد حقي

 

 

 

الخميس 18/9/ 2008



أضواء على جوانب من الواقع الحضري والإقليمي العراقي

سنان أحمد حقي

دأبت الدوائر المعنيّة بتخطيط وتنفيذ السياسة الحضريّة والإقليميّة عند توقع الشروع في اعمال تنموية أن توصي بإعادة إعداد المخططات التنموية أو الإنمائيّة للمدن لا سيما المدن الكبرىوالعواصم الإقليميّة وهذا ليس اتجاهٌ خاطيءٌولكنه ناقص وتحفّهُ إجراءات غير سليمة ومنها أن إعداد المخططات الإنمائيّة لا يجب أن يُستهدف من أجل تكريس وإكساء الأخطاء الكبيرة التي حدثت إبّان تنفيذ المخططات السابقة وإضفاء الصفة القانونيّة عليها دون تحليلها ووضع الإجراءات اللازمة التي تحول دون تكرارها وتضع المخالفين الذين تسببوا بأضرار في البرامج السابقة تحت طائلة التحقيق والحساب، فهذهِ هي إحدى أهم النكبات التي ابتُليَ بها الواقع الحضري والإقليمي في بلادنا.ومن ناحية أخرى ليس هناك هيكل منهجي متّبع في تسلسل الأولويات مع غياب أو حضور باهت للمخططات الإنمائيّة الإقليميّة ومن المعروف أن النشاط الحضري إنما هو واقع وفعاليات تنتمي لمجموعة المحتويات الإقليميّة ولذلك يجب أن تسبق عملية الإنماء الحضري عمليّة أكبر منها وهي عمليّة الإنماء الإقليمي .إن الإهتمام بالواقع الإقليمي ومحتوياته تؤسس لحسن توزيع المدن والقصبات والأنشطة الحضريّة ضمن الإقليم الواحد وتمهّد لإنماء الأنشطة الحضريّة والريفيّة على حد سواء ضمن الإقليم الواحد ووفق متطلبات تنمية ذلك الإقليم. وبالتالي تُساعد على توزيع السكان توزيعا سليما يُساعد على التخفيف من الأزمات وعدم نشوء مدن مليئة بالاختناقات والأزمات الإقتصادية والإجتماعيّة والخدماتيّة .
ومن ناحية أخرى فإن الدراسات المتعلقة بالواقع الإسكاني يجب أن تدرس المناطق السكنيّة داخل المدن بشكل دقيق وعميق بحيث تصنّف المناطق من حيث إمكانيّة صيانتها من عدمه أي أن تكون هناك مناطق تراثيّة يجب الحفاظ عليها وصيانتها بكل حذافيرها المعماريّة والهندسيّة
Conservation Area ومناطق أخرى تجدها صالحة للتجديد والصيانة بشكل يتم معها تحديثها وتجديدها والعمل على تطويرها(Renewal Area) وأخرى تجب إزالتها تماما وإنشاء أحياء بديلة (*) عنها لأن الإنفاق عليها ليس اقتصاديا أبدا فضلا عن كونها لا تشتمل على عناصر معماريّة أو حضريّة تناسب معايير الإسكان والحضارة , وفي الغالب توضع برامج تنفيذيّة تناسب تسهيل هذا الإجراء.
ما أرمي له الآن أن تباشر الجهات المختصّة بإعداد المخططات الإنمائيّة الإقليميّة وذلك باشتراك الإختصاصيين من علماء أو متخصصي الإجتماع والإقتصاد والجغرافية والزراعة والهندسة والعمارة والتاريخ والمخططين الإستراتيجيين وأن يكون لكل إقليم وهو ربما محافظة واحدة أو أكثر وحسب أسس تحديد الأقاليم أو الأقاليم الثانويّة بالدراسات الإجتماعية الإقتصاديّة التي يعرفها المتخصصون حيث من المعلوم أن حدود الإقليم تمثّل المسرح الذي تقوم عليه مجمل الفعاليات الإجتماعيّة الإقتصاديّة له.وأن يكون الطاقم المذكور قائما ومستمراً لكل إقليم وبشكل دائم ومتفرّغ
ومن جانب آخر وحيث تبين في السنوات الأخيرة أن الهجرة المتفاقمة إلى المدن الكبرى لم تتم بدافع ما هو معروف ومتعارف عليه من أسباب الهجرة من الريف إلى المدينة حيث فرص العمل أو التعليم أو أضواء المدن أو العوامل الإقتصاديّة والإجتماعيّة الأخرى ولكنه بسبب جزء كبير من دوافع سياسيّة ساهمت بعض التنظيمات السياسيّة والدينيّة منذ أمد بعيد في تأجيجه كمحاولة من محاولات الإستقطاب العرقي أو الطائفي أو الديني و بهدف إقامة كيانات سياسيّة تحكم نفسها بعيدا عن السلطات المركزيّة التي أعطت صورة بائسة للدولة متعددة الإعراق و الطوائف وساعدت بشكل فعال على بلقنة الواقع السكاني العراقي عبر سياسة مركزية سيئة وجائرة وغير مسؤولة،وأشاعت الممارسات التي تبنّت التهجير والتصفيات العرقيّة والطائفيّة سياسةً لها وقامت بنسف جسور التعايش المشترك بدلا من أقامة جسور جديدة له،لذلك وحيث أن العالم لن يتّجه إلى حال يكون فيه ظهر كل مكون بل كل شخص جالسٌ إلى ظهر الآخر! فمن ناحية يبلغنا نداء العولمة وغيرها من الإتجاهات الأمميّة الأخرى والتداخل والتكامل الإجتماعي والإقتصادي والثقافي الإنساني وحريّة التجارة والتعاون والشراكة العالميّة ؛ ومن ناحيةٍ أخرى نغذ ّ السير في قطع جسور التواصل والتفاعل بين مكونات الشعب الواحد!لنقيم عوالم منعزلة ومتفرقة في عالم جديد أصبح كقريةٍ صغيرة بسبب التقدم الحاصل في ميادين الإتصالات والمواصلات الواسعة.
لا شك أن كل مجتمع أو كل مدينة وكل إقليم بل وكل بلد له طابع يميّز مكوناته ويحتفظ كل منها بتاريخه وذاكرته وأخلاقه وسماته ولكنه لا يجب أن ينطلق كل ذلك من أسس عرقيّة أو طائفيّة أو عنصريّة أو دينيّة إنعزاليّة؛ لكي نؤسس إلى تطور متجانس يشمل مختلف الشرائح ويوفر الفرص المتكافئة للجميع لتمتين النسيج الإجتماعي وتقويته
إن بلادنا تمتلك واحدةً من أهم عناصر الغنى الإنساني وهي التعدد العرقي الذي من شأنه أن يوفر أغنى مجتمع أنثربولوجيا يتمتع بفرص الحصول على أجيال متجددة وغنية بالصفات الوراثيّة التي تستطيع أن تتفاعل مع تحولات البيئة والفعاليات الإجتماعية والإقتصاديّة والسياسيّة ومع التغيرات الوراثية للعنصر البشري!
لذلك أرجو أن يُدرك كل مكون عراقي ان له دورٌ فاعلٌ في الحقب التاريخيّة اللاحقة بالإشتراك مع المكونات الأخرى وأن التناحر المستمر سيقضي على هذه الفرصة التي شاء الله أن يمنّ بها على بلادنا ووضحها التاريخ عمليا عبر فعاليات سياسيّة واجتماعيّة واقتصادية وبيئية متفرّدة
 

(*) هنالك تجارب ووسائل متعددة لتنفيذ مثل هذه الإجراءات منها نقل سكان المنطقة تحت الإزالة إلى مخيم مؤقت ثم البدء بتنفيذ المشروع الذي قد يتّسع لأعداد أكبر منه قبل التطوير عن طريق اعتماد السكن العمودي .أو تجزئة المنطقة الموصوفة إلى مواقع أصغر يجري تنفيذ المخطط الأساسي فيها على مراحل وغير ذلك من الإجراءات التخطيطيّة والقانونيّة مع كافة التسويات المتعلقة بحقوق المواطنين مع اتباع الحزم في ردع المتجاوزين الجدد بالإزالة الفوريّة عند حصولها.





 


 

free web counter