| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رياض الحسيني

 

 

 

الأحد 4/1/ 2009

 

سياسيون غير مسؤولين!

رياض الحسيني *
www.alhusaini.bravehost.com
www.riyad.bravehost.com


التنافس الانتخابي على مجالس المحافظات امر طبيعي ونتمنى الا يخرج عن دائرة المنافسة الشريفة فلطالما وعد الساسة العراقيون بان عراق اليوم يختلف كثيرا عن عراق الامس لكن ممارساتهم تفضحهم لدرجة انهم قد اصبحوا عراة ظالّين مظلّين لا هادين مهديين كما وعدونا ولا زالوا كذبا وزورا. فكلما اقترب موعد الادلاء بالاصوات كلما ازدادت الهبات والرشاوى والاغتيالات والمناوشات والملاحقات حتى بات المرء يظن انه في بلد لا قانون فيه ولا دولة الا دولة الاحزاب الخمسة. هذه الاحزاب بصريح العبارة تتلاعب بمقدرات العراق والعراقيين من دون ادنى مبالاة وأعمالهم لا ترقى الى المواطنة الصالحة والخوف ان تُدخل العراق في جحيم مرة اخرى. بيد ان الصراع السلطوي بين هذه الاحزاب لم يعد خافيا على احد ودسائسهم ومؤامراتهم باتت مفضوحة لكن المؤلم هو ان العراق كبلد والعراقيين كمواطنين هم فقط من يدفع الثمن فالمعروف ان اغلب هؤلاء قد تملّكوا في بلدان غربية وعربية حتى ان عوائلهم لا زالت هناك!

لا زلنا نتوقع الاسوء كلما اقترب موعد الادلاء بالاصوات لانتخاب مجالس المحافظات المقرر في الحادي والثلاثين من يناير الجاري. ان ما جادت به قريحة السياسيين من تفنن في تحسين وجوه احزابهم وحركاتهم لا اعتقد انها ستنطلي على الناخبين فكل ناخب يعرف ما سيفعله في القادم من الايام لذلك فان على البعض ان يوفّروا نعيقهم وصراخهم وسرقاتهم لخدمة هذا الشعب الذي صبر وصبر حتى ملّه الصبر!

ما يزيد التوتر والنهم على حد سواء هو انتقال السيادة الى الحكومة العراقية الذي لا زال البعض منا ينظر اليه كنعمة ستعود على كل العراقيين على النقيض مما تراه الاحزاب الخمسة التي لم تدّخر جهدا لملئ الفراغ الذي ستتركه القوات الامريكية. فبدلا من ملئه من قبل الحكومة والقوات الحكومية نرى ان الاحزاب ومليشياتها قد سال لعابها لتلك المواقع وبدأت بالزحف فعلا على اخر معاقل الحكومة وفقا لسياسة المحاصصة السيئة الصيت والسمعة والتي يسمونها زورا "سياسة التوافق" وهو اسم اكثر جمالية واخف وطأة للحقيقة الميدانية الواضحة لسياسة المحاصصة الحزبية باسم الطائفة والقومية.

كان العراقيون ولا زالوا ينظرون الى توقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الامريكية على انها ستجلب المزيد من الاستقرار والرفاهية لهم ولابنائهم ومن قبل ذلك للعراق كدولة لكن منذ اليوم وهو اليوم الاول لتسلّم الحكومة العراقية فعليا مواقع جديدة حتى استبقتها الاحزاب المتضخمة على حساب الوطن والمواطنين بالتخوين حينا وبالتهديد حينا اخر. في هذا المقام يحضرنا تسريبات من اطراف محددة تتحدث حول سحب الثقة من حكومة المالكي من دون مراعاة لادنى حق للعراقيين في اختيار شكل الحكومة او من يمثلهم في المحافل الدولية! الغريب ان هذه الاحزاب كانت تتحدث وعلى مدى السنوات الماضية كيف ان هذه الحكومة وطنية وتمثل كل الاطياف وهي حكومة منتخبة وشرعية لكن ما ان اصطدمت مصالحهم مع توجهات الحكومة حتى صارت "حكومة فاقدة للشرعية" يجمعون الاصوات لاقالتها! الانكى من ذلك ان هؤلاء انفسهم يقولون انهم لن يمضوا بهكذا مشروع لو رضخت حكومة المالكي لشروطهم! من هنا يمكن لنا قراءة مدى تجاهل هذه الاحزاب لاصوات ثمانية ملايين ناخب عراقي ذهبوا للتصويت وسط التفجيرات والتهديدات والمصاعب فضلا عن تجاهلهم لمصلحة العراق واستقراره.

الحكومة برأي البعض وطنية حينما تخضع لشروطهم وفاقدة للشرعية اذا ما استمرت في برنامجها لبناء وطن يسع الجميع ويشارك فيه الجميع! هنا يكون مصدر قلقنا ولا يسعنا الا ان نسجّل تخوّفنا ليس على الوطن العراقي فحسب بل وعلى كل ما تحقق من تقدم في النواحي الامنية والمكتسبات المدنية فالقادم من الايام ووفقا لتحركات هؤلاء السياسيين غير المسؤولين يبقى الوضع العراقي العام كوضع الجمر تحت الرماد.


*
كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
 

Counters