| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رياض الحسيني

 

 

 

الخميس 3/7/ 2008

 

"المعدان" يتسائلون و "المرجعية"
اذن من طين وأذن من عجين!

رياض الحسيني *

مع قرب موعد انتخابات مجالس المحافظات والتي من المتوقع اجراؤها في تشرين الاول المقبل من العام الجاري فقد بدأت مبكرا الدعايات والمزايدات والزيارات وحتى المناوشات. فضجّت الصحف ومحطات التلفزة والفضائيات بأخبار التحالفات وتصريحات المسؤولين وغير المسؤولين فاتكأت بعض الاحزاب على الوجوه التي ترى ان لديها بعض القبول الشعبي للترويج لقائمتها الجديدة التي لن تختلف عن سابقتها حتما لان التوجه هو التوجه وليس في الافق مايترجم النضوج السياسي للاحزاب العراقية بكل توجهاتها. بيد ان المواطن العراقي بات يعرف اليوم اكثر من ذي قبل ان الحاكم والمسيطر على هذه الاحزاب لن يتغير في ليلة وضحاها كما انه لن يقدّم مصلحة الوطن على مصلحة حزبه والتجربة اثبتت ان الهاجس الاول للجميع هو المكاسب الفئوية والحزبية والمصلحة الذاتية. لذلك اصيب الناخب العراقي اليوم باحباط كبير تتحمل كل الاحزاب الحاكمة والشخصيات المتصدرة بلا استثناء مسؤوليته وتبعاته.

مثلا في الوقت الذي كان يُذبح فيه الصحفي العراقي كالنعجة صار اليوم مثار اهتمام كل السياسيين من مختلف التوجهات، كيف لا وهم يعلمون مدى حساسية مايمرون به من منافسة شرسة يعتمد عليها الوجود السياسي والمكاسب الفئوية للاحزاب عموما والحاكمة خصوصا. فهذا الصحفي الذي لايملك الا القلم كان يُعامل لحد الامس بحذاء افراد الحمايات لكل السياسيين والمسؤولين فضلا عن استهدافه من قبل الارهابيين ووفقا لاحصائيات نقابة الصحفيين فانه قد قتل مايقارب 270 صحفي اثناء اداء الواجب. فأين كان هؤلاء الذين يدعون اليوم لاحترام الصحافة والصحفيين؟! لماذا لم نسمع منهم اي كلمة بحق صاحبة الجلالة الا في ايام الانتخابات ويوم تزيد المزايدات؟! ما الذي فعلته الحكومات المتعاقبة للصحفيين العراقيين والصحافة العراقية بشكل عام؟ لايختلف اثنان ان مايقدمه الصحفي للوطن والمواطنين اجل واعظم مما يقدمه "بومات" البرلمان المتهالك النافق ورغم ذلك لم يلاحظ هذا البرلمان الفرق الواسع بين مرتبات الصحفيين ومرتباتهم فضلا عن مخصصاتهم التي تساوي او تزيد احيانا على مخصصات "وزراء المحاصصة". ما الذي فعله هؤلاء المتباكون اليوم على الكلمة الحرة والصحفيين لعوائل شهداء الصحافة؟ ما الذي فعله هؤلاء البرلمانيون لعوائل الشهداء من منتسبي الجيش والشرطة الوطنية والذين دفعوا حياتهم لكي يجلس "بومات" البرلمان بأمن وامان؟ شخصيا تعرّفت على احد منتسبي الحرس الوطني وهو في حال يُرثى لها وقد دفع ساقيه ثمنا لاجل الوطن فكافأته وزارة الدفاع الموقرة بأن قطعت راتبه واضحى متسولا بين جوامعنا وحسينياتنا بينما ارتفع رصيد هذا البرلماني المتباكي زورا في البنوك الخارجية والعقارات المحلية والاقليمية.

مرة اخرى عادوا لنا باسطوانة "المرجعية" وذلك لاحراز المزيد من الاستحواذ السلطوي والثراء والشطب على الاخر رغم رفض الاخيرة استغلال اسمها للدعايات الانتخابية. هذه محاولة طبعا لن تأتي ثمارها كما السابق حين كان الناخب العراقي يثق برؤية المرجعية السياسية وبالقوائم الطائفية يوم صوّرت له ان العراق سيكون جنة الله في الارض لو استلمت حكمه. لكن ما ان دخلت فلول تلك الاحزاب قبة البرلمان حتى طالبت بزيادة مرتبات السادة النواب ثم تدرّجوا شيئا فشيئا حتى صار لكل نائب جيش من الحمايات وجيش من الموالين وجيش من المحسوبيات وجيش من المرتشين وجيش من المفسدين اما الملايين ممن ضحّوا بارواحهم للوصول الى صناديق الاقتراع فقد افترشت عوائلهم العراء والتحفت السماء، والسماء لا تمطر ذهبا!

لو صدّقنا تأييد "المرجعية" لقائمة بعينها كما حدث في السابق فأي مرجعية تقصدون ومن من هذه المرجعيات العتيدة قد نزل الى الشارع واطّلع على هموم الناس ومشاكلهم؟ هل يعلم المرجع ان العراء قد ضج بالايتام والارامل وما من مأوى وملاذ لهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء الا السماء؟ هل يعلم مراجعنا العظام ان ثروة الاحزاب قد تضاعفت بشكل مخيف وان الفقر يتسع والفضاء الفسيح على اهل العراق يضيق؟ من من المراجع كلّف نفسه في زيارة ولو شكلية لاي مركز محافظة ولانقول قرية خوفا على المرجع من خشونة أيادي "المعدان" ممن سيأتون للتبرك بتقبيل يديه طبعا؟ بالمناسبة هؤلاء "المعدان" هم الخزين الذي لاينضب يوم النوائب للاحزاب والمرجعية على حد سواء؟ ترى هل لازال "المرجع" حيا يُرزق، "المعدان" يتسائلون والمرجعية كالعادة "اذن من طين واذن من عجين" كما يقول المثل المشهور؟ الخوف وكل الخوف ان سيأتي اليوم الذي يثور فيه الناس على "المرجعية" كما ثارت اوربا على الكنيسة من قبل وقتها لا ينفع رتق ولا خياط! حسبنا الله ونعم الوكيل.

لا أحد افضل من رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفقا لكلام الخالق جل شأنه ومع ذلك كان يمشي في الاسواق ويتفقد احوال رعيته ومن بعده الامام علي عليه السلام كذلك. اما في لغة اليوم فان بابا الفاتيكان يمثل اضعاف ماتمثله اية مرجعية شيعية كانت او سنية وهو يجوب الاقطار والامصار يتفقد احوال رعيته فعن أية مرجعية تتكلمون؟ "يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد"!

تموز-03-2008

* كاتب وناشط سياسي عراقي مستقل
www.alhusaini.bravehost.com 


 

free web counter