نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشاد الشلاه

 rashadalshalah@yahoo.se

 

 

 

 

الجمعة 21/7/ 2006

 

 


السيد النائب .. ونقطة نظام


رشاد الشلاه

بتداول النكت السوداء، التي يندر أن يسلم منها مسؤول أو شخصية سياسية أو اجتماعية أو دينية في عراق الطائفية والإرهاب والجريمة والاحتلال. يغالب العراقيون حياة النكد اليومية الموشحة بالدم. وظاهرة شيوع النكت، تستحق دراسة اجتماعية سياسية لما لها من مدلولات هامة وعميقة، والكثير من هذه النكات لاذع في مفرداته وإيحاءاته. تقول إحداها الخفيفة الوقع والإيقاع، إن احد الأعضاء الغفلة في مجلس النواب وبعد مشاركته في جلستين للمجلس اتصل هاتفيا برئيس قائمته مستفسرا بالقول: أنا دايخ من "نقطة نظام".. فبادره الرئيس: لماذا..؟ أجاب السيد النائب: أنا اعرف معنى " نظام" وقد سقط ، لكن ما هي علاقة هذا النظام بالنقطة ..؟.

للمواطن العراقي الحق بتوصيف حالة هذا النائب بالسخرية المرة، وهو يشهد مفارقات عديدة تحدث أثناء جلسات مجلس النواب ومنها مفارقة المقاطعة أو الانسحاب اللتان تؤكدان حاجة الكثير من نوابنا، أولا إلى الغيرة على الوطن قبل الغيرة على الطائفة، و ثانيا إلى الثقافة النيابية التي انعدمت في العراق شأنها شأن الثقافات الأخرى إبان الحكم الدكتاتوري السابق، وثالثا احترام القسم و المهمة التي أوكلها لهم ناخبوهم، وخصوصا قادة القوائم والنواب الكبار الذين يستنكفون حضور جلسات مجلس النواب إلا ما خصص منها للاستعراض أو "للبوزات" الإعلامية.

في جلسة يوم 3/ تموز/2006، قاطع اجتماع مجلس النواب، السادة النواب أعضاء جبهة التوافق احتجاجا على جريمة اختطاف نائب البرلمان عضو جبهة التوافق السيدة تيسير المشهداني مع سبعة من حراسها، وفي جلسة يوم 17/ تموز/2006 انسحب من الجلسة، السادة النواب ممثلو التيار الصدري احتجاجا على مجزرة المحمودية الدموية، ولا يدري المرء من يقاطع هؤلاء السادة النواب من كلا الطرفين ؟ فمجلس النواب انتخب جل نوابه بدوافع طائفية وقومية، و هيئة الرئاسة والحكومة التي تولدتا منه بعد مخاض عسير، بل بعملية قيصرية، شكلتا على مبدأ المحاصصة على ذات الدوافع، والاحتراب الطائفي المشتد اليوم يستمد وقوده من سدنته قادة القوائم الطائفية.

أن مقاطعة اجتماعات مجلس النواب احتجاجا على جريمة بحق أتباع هذه الطائفة أو تلك، يشير إلى فجاجة هذا التصرف، وعدم جدواه في فك الاشتباك الطائفي ومن ثم إطفاء لهيبه، بل يزيد المواطن العادي حيرة ويعمق لديه الإحساس الطائفي ما دام ممثلوه يؤدون هذا السلوك. كما أن أسلوب المقاطعة أو الانسحاب يؤكد "نيابة " هؤلاء السادة لطوائفهم وليس لوطنهم ومواطنيه ككل. وهذا حنث بالقسم النيابي الذي أدوه، الذي نص على الإخلاص للوطن ولم ينص على الإخلاص للطائفة.

لقد أكدت معالجات مجلس النواب للتطورات الكارثية الحاصلة، أن الكثير من أعضائه لا يمتلكون مؤهلات عضوية مجلس نواب خصوصا في مثل هذه الظرف العصيب، وهم في واقع الحال أسماء رصفت في القوائم الانتخابية استكمالا للعدد الانتخابي المطلوب في كل قائمة، أما القرار و الفعل فهو لسدنة هذه القوائم، وهم من يفرض على نوابه التحرك بيادق رقعة لعبة الشطرنج كل حسب أجندته الطائفية أو القومية، ثم ليذهب الوطن إلى الجحيم.... إن فاقد الشعور بالمواطنة لا يعطيها.