نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشاد الشلاه

 rashadalshalah@yahoo.se

 

 

 

 

الخميس 16 /2/ 2006

 

 

 

القرقوش العراقي

 

رشاد الشلاه

كما في الجلسات السابقة، حفلت الجلسة الثانية عشرة من محاكمة صدام حسين، وعدد من أركان حكمه، في حادثة تعرضه لمحاولة اغتيال في مدينة الدجيل صيف العام 1982، حفلت بقدر من المفارقات، بينها مفارقتان فاقعتان، الأولى للدلالة على"الحنكة" السياسية، عندما وجه صدام حسين إلى نظرائه الحكام، نصيحة مجربة، تتمثل بهيمنة الشك و الحس المخابراتي والأمني على علاقته بأقرب مساعديه، عبر تشديد المركزية الصارمة، فموظفيه الأقرب إليه لا يعلم احدهم بمهمات الآخر على الإطلاق، وهو الوحيد الآمر الناهي في بريده اليومي، عبر الظروف المفتوحة و المغلفة بيديه هو ولا أحدا سواه، وهذا الأسلوب هو الذي أعجز الأمريكان واضطرهم إلى الغزو العسكري للعراق على حد زعمه!!! .

والمفارقة الثانية في تلك الجلسة أيضا والدالة على سمة حكمه القرقوشية، اعتراف الرئيس المؤمن وشقيقه من أمه برزان التكريتي، بان هناك " فقط" شخصين قد تم تنفيذ حكم الإعدام بهما قبل تصديق الحكم من قبل الدكتاتور، بسبب خطأ ضابط امن غبي على حد تعبير برزان، وتم اكتشاف هذه الخطأ البسيط !!بعد مرور أربع سنوات!!، وتم الاكتفاء بتوبيخ ضابط الأمن الذي ارتكب هذه الهفوة البسيطة!!!.

وهنا تتجلى العدالة" المفقودة" في محاكمة صدام المعقودة هذه الأيام ، في أبهى صورة لها في عهد الرئيس العادل الميمون،فيتحكم الجلادون بمصير الضحايا إعداما، بلا وازع من ضمير، وبغياب كامل لحقوق الإنسان التي تذكرها ويطالب بها عتاة المجرمين وهم تحت رحمة العدالة اليوم ، ولا ندري كم من أبرياء آخرين أزهقت أرواحهم بسبب "أخطاء" جلادي شعبنا. وتأسيسا على ذلك لم يعد من مبرر لكثير من المشاهدين بعد عرض وقائع الجلسة الثانية عشرة من المحاكمة، الاعتقاد بان شخصية "قرقوش" المصرية التي تمادت في أحكامها وممارساتها الظالمة المنسوبة إليها، هي شخصية فريدة لم تتكرر، فقد بات في تأريخ العراق المعاصر، بالدليل والاعتراف، حكم قرقوش عراقي اسمه حكم صدام حسين، ولكن الفرق بين قرقوش العراق و قرقوش مصر،ان الثاني لم يكن قليل الأدب مع خصومه، رغم وسمه بالظلم و خفة العقل أيضا، بينما القرقوش العراقي الذي يدعي تحليه بخصال الأدب الجم و الخلق الرفيع، والحريص على حمل نسخة من المصحف الشريف وهو في قفص العدالة، ضرب لنا أمثالا عديدة في سوء الخلق والاستهتار، منها توجيه سيل من الهتافات و الشتائم بمفردات مبتذلة موجهة منه ومن شقيقه برزان التكريتي لهيئة المحكمة والادعاء العام وحتى ضحايا نظامه الأبرياء من أبناء شعبنا العراقي.

إن قلة الأدب هذه جاءت لتفضح ضعف حيلة الطغاة وهم يواجهون مصيرهم، وتؤكد بؤس الخلق الاجتماعي لمسئولين يفخرون بأنهم قادوا العراق لمدة خمسة وثلاثين عاما. لقد فاتهم أن تصرف الشقاوات هذا، يفضح معدن أخلاقهم وممارساتهم بشهادة موثقة بالصوت والصورة، خصوصا للبعض الذي عميت أبصارهم ولا يزال مخدوعا بهم وبصراخهم.

ولا غرابة بعد في أن يورث هكذا حكام خلفهم بلدا يعج بأتباعهم من محترفي السرقة، والفساد السياسي والإداري والمخدرات، و أوغاد السيارات المفخخة، والقتل على الهوية..لأن المجرمين على دين اسيادهم.