| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشاد الشلاه

 rashadalshalah@yahoo.se

 

 

 

الأحد 13/11/ 2009



قانون الانتخابات المعدل غير عادل

رشاد الشلاه

بعد أن اقر مجلس النواب قانون الانتخابات مع التعديلات عليه بجلسته في 6/12/2009، يكون قد أنهى سجالا صاخبا استغرق أربعة أشهر، تفرغ خلالها له نواب الكتل المتنافسة وقادة الدولة، ويا ليتهم كانوا بهذا الحماس وهم يناقشون و يقرون مشاريع القوانين الهامة الأخرى المكدسة لدى لجان المجلس، ويراقبون أداء الوزارات والمؤسسات الأمنية و الخدمية، في الوقت الذي تتعمق فيه معاناة المواطن وحاجته إلى الخدمات الأساسية وتأمين أمنه وعيشه، ويستشري الفساد السياسي والإداري، و يتجذر سرطان التحاصص، وتسرح أثناء وسط النهارات جحافل حمامات الدم في شوارع وأسواق و منشأات بغداد .

لقد كان "انجاز" تشريع هذا القانون بالضد من طموح إرساء دعائم متينة تنظم قواعد الممارسة الانتخابية السليمة الضامنة لمشاركة أوسع في عملية إعادة بناء البلد، وتجنب تعرضه لازمات سياسية لاحقة. فإذ اخذ القانون بمبدأ القوائم المفتوحة الذي يلبي طموحات المطالبة الشعبية بتحقيقه، إلا أن هذا القانون كرس ِبنيةٍ مسبقة وإصرار من مشرعيه، هوية التقسيم المناطقي والقومي والطائفي للمواطن، وإعلاءها على صفة الانتماء الوطني. و بصيغته وتعديلاته التي أقرت بمشورة وبمباركة أمريكية، قد أسس التجربة السياسية العراقية الحالية وفق النموذج اللبناني الذي لا يشرف، والذي كان منذ الأربعينات وحتى اليوم في مقدمة أسباب تمزق هذا البلد أوصالا ودويلات متحكمة مرهونة بمصالح القوى الإقليمية والدولية. وإذا كانت جميع الكتل السياسية الحالية المتحكمة " تشكوا" من التدخل السلبي الإقليمي والدولي بالشأن العراقي الداخلي، فان فترة تشريع هذا القانون شكلت ممرا رحبا لهذه التدخلات، و داعما امتداداتها العقائدية، ومرسخا مصالحها، في بلد متهالك ترى فيه دول الجوار الضالعة في إدمائه، عمقها الاستراتيجي!.

وقراءة موضوعية لهذا القانون، تؤكد دون لبس، أن تفصيله وخياطته جاءتا تماما على مقاس الكتل السياسية الثلاث المهيمنة على البلد، مما يضمن لها استمرار هيمنتها التشريعية والتنفيذية في الأربع سنوات القادمة. وقد يكون منصفا القول بان هذه الكتل قد أبلت بلاء حسنا في الدفاع عن امتيازاتها وضمان بقائها في مركز التشريع والتنفيذ الحكومي وهي تتابع المزاج الانتخابي العام وما تتوقعه من اهتزاز وتغيير في موازين القوى التي ستفرزها الانتخابات التشريعية في السابع من آذار العام 2010، تغيير قادم بسبب جملة عوامل منها التناحر الطائفي والقومي، وخيبة العراقيين من هذه الكتل، و التطور النسبي في وعيهم الانتخابي. أي أن هذا القانون هو قانون تحقيق مصالح وأهداف القوائم المتنفذة الحالية وبامتياز. لأن مضمون فقراته صريحة بالإشارة إلى أن الممارسة "الديمقراطية" التي يرسم ملامحها هذا القانون تضيق ذرعا بالتنوع السياسي والعقائدي والعرقي، وان لا فرصا مضمونة للقوائم أو الأحزاب والفئات الصغيرة. كما تفنن المشرعون عند صياغته في إبعاد أضيق الفرص لهذه الأحزاب في وصول ممثليها إلى مجلس النواب، عبر مصادرة أصوات ناخبي الأحزاب والقوائم التي لم تصل إلى رقم القاسم الانتخابي المطلوب، مبررين بان هذه المصادرة "مشروعة" لأنها بمثابة مكافئة لهم لأنهم هم القوائم الكبيرة الفائزة!. وما على هذه الأحزاب و الفئات الصغيرة إلا الانضمام تحت خيمة إحدى تلك القوائم.

إن كتبة ومشرعي قانون الانتخابات المعدل، يعيدون ذات الممارسة التي تعلموها من الحكم الدكتاتوري السابق، ممارسة قضت بان لا حياة لمن لا ينضوي تحت خيمة القائد الفرد الضرورة وحزبه الأوحد.


 

 

free web counter