| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   الخميس 9/2/ 2012

 

8  شباط   1963
نموذج  لجرائم الاباده الجماعيه

رفعت نافع الكناني

كلما مرت هذه الذكرى ، يستذكر العراقيون بألم ما حل بهم وبعراقهم من اهوال ومصائب  ونكسات منذ ذلك التاريخ المشؤوم والى يومنا هذا، فالاسباب والنتائج هي وليده تلك الاحداث . فهذا الحدث اعتبر مشروع  البدايه لوأد تقدم العراق واسقاط مشروعه الحضاري والتنموي ، والذي ابتدات ثماره تأتي اكلها بعد سنوات قليله من عمر ثوره 14 تموز المباركه . فتناخت قوى الداخل من رجعيين وبقايا الاقطاع وعملاء  الدول العربيه الاشد تخلفا ، وبعض رافعي رايه  المد العروبي الناصري  والشركات النفطيه العالميه ، وبتعاون وتنسيق من قبل اجهزه الاستخبارات الغربيه والامريكيه ، وفي تنسيق مريب لوقف عجله الحداثه في بلد ينهض من ركام التبعيه والتخلف  والاستعمار بطريقه ارعبت كل قوى التخلف والبداوه في المنطقه من خطر هذا العملاق العراقي الناهض  .

لم يكن انقلاب 8 شباط انقلابا عسكريا اراد تغيير وجوه واحلال اخرى مكانها والعمل على بناء البلد بطريقه جديده وبمنظور مغاير لقاده ثوره تموز . انما فجرالانقلابيون في صبيحه ذلك اليوم بركانا من الحقد الاسود والقتل الهمجي والاغتصاب الجماعي والتعذيب الوحشي  وفتحت ابواب الملاعب والمدارس ودوائر الدوله كسجون ومعتقلات لعشرات الالوف من العراقيين الشرفاء ومن مختلف القوميات والطوائف وبقاسم مشترك بينهم هو حبهم للعراق وعدم قبولهم لتبعيه البلد المذله للاخرين . وبدأت منذ ساعات الانقلاب الاولى قطعان الحرس القومي ومجرمي المافيات الحزبيه  وبعض ضباط الجيش المغامرين الانتهازيين ... تجسيد نظريه الانقلابيين الفعليه والعمليه بما يسمى  بمصطلح ( المقابر الجماعيه ) سيئ الصيت الذي أسسوا له منذ ذلك التاريخ .

البدايه كانت اغتيال ابن العراق البار الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم  وقاده الثوره ورجالها الابرار وخيره العلماء والمفكرين وقاده الرأي والحداثه والوطنيه ... وبدأت عمليه اباده منظمه ومعد لها مسبقا وبأطار رسمي اعلن عنه في دار الاذاعه والتلفزيون وهو القرار المشؤوم رقم ( 13 ) الذي  دعا الى اباده كل الوطنيين  والشيوعيين والعراقيين الشرفاء وبصوره صريحه ومباشره لم يشهد العالم له مثيل . استمرت عمليات الاباده والقتل والتنكيل بالضحايا بطريقه ساديه لم يعرفها العراق طوال عصره الحديث . وامتلئت مزارع ديالى وصحاري النهروان  واعماق نهر دجله  بجثث الضحايا رجالا ونساءا في عمليه اباده جماعيه تسجل تاريخا مخزيا لقاده الانقلاب والمنظرين له الى ابد الابدين ، سوف تذكره الاجيال على مر العصور والازمان ، بالرغم من التعتيم والتغطيه  والتشويه الذي يريد البعض منه التخفيف من هول الكارثه والتغطيه على هذه الجرائم ومن دعمها واستفاد من نتائجها حتى يومنا هذا !! .

مارست سلطات الانقلابيين جرائم كبيره وخطايا اكبر من خلال فتره حكمهم التي استمرت عده شهور. فتم  في هذه الفتره القصيره  المتمثله بتسلط المتخلف الذي تحركه غريزته وسلوكه المنحرف من احداث خلل كبير في بنيه وشخصيه العراقي ، والعبث بدعائم التعايش والسلم الاهلي وعدم احترام الحريات الشخصيه وحقوق الانسان ،   واشاعه الممارسات الخاطئه فكريا واجتماعيا واقتصاديا ، لتخلق جيل جبل وشًب على ممارسه الاجرام والاغتصاب والقتل بدم بارد ، اضافه لما افرزته ايام حكمهم القصيره من جرائم بحق الوطن ، منها ما تسبب في ضياع اراضي الوطن وتقليص خياراته البحريه ، اضافه لهدر حقوقه النفطيه بالغاء القانون رقم ( 80 ) ، ونشر ثقافه القتل والكراهيه والارهاب ، والغى قانون  رقم 188 لسنه 1959 الذي ينص على حقوق المراه ومساواتها بالرجل . لقد كان القطار الامريكي الذي جلبهم لسده الحكم يخطوا  بخطى  مسرعه وخارج السكه التي يسير عليها ...  فدمر وسحق وبطش كل من كان في طريقه فاهلك الحرث والنسل وجفت منابع الرافدين واحال ربيع العراق الى  صحراء قاحله .

نصف قرن مضى على  جريمه الاباده الجماعيه في شباط الاسود من عام 1963  ...  مطلوب وبالحاح من الساده رؤساء السلطات التشريعيه والتنفيذيه والقضائيه ، وجميع اعضاء مجلس النواب العراقي المنتخب ، وقاده الاحزاب الحاكمه ، والتيارات السياسيه المختلفه ، ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان ، وكل الخيرين من ابناء شعبنا العراقي الحر ...  العمل على جعل يوم  8 شباط من كل عام  يوم  حداد وطني على ارواح  ضحايا الانقلاب ، والعمل على اعاده الاعتبار وبطريقه مشرفه وليست خجوله لثوره 14 تموز 1958 ورجالها الابطال وعلى رأسهم ابن العراق الشهيد عبد الكريم قاسم ، والعمل الجاد لتعويض كافه العوائل المنكوبه بفقد ابنائها وبناتها ، وتكريم كافه ضحايا السجون والمعتقلات من ابناء العراق الغيارى والذين جلهم من اصحاب الفكر والمبادئ وطليعه العراق المثقفه . وادخال هذه الجريمه ماده في كتب التاريخ لتبقى لطخه عار في جبين كل من تأمر على العراق والعراقيين ، وسد الطريق في المستقبل لكل من يريد بالعراق سوءا من خلال تسويغ فكره الانقلابات والاستقواء بالخارج .    

لنعمل سويه لبناء اسس لديمقراطيه صحيحه وليست عرجاء بمشاركه كافه القوى الوطنيه والديمقراطيه والليبراليه التي تؤمن بمقومات الدوله المدنيه الحديثه ...  من خلال اقرار قانون انتخابي عادل يضمن التحول الى ديمقراطيه ناضجه تحمي الهويه العراقيه لجميع مكونات الشعب من دون اقصاء او تهميش بعيدا عن مبدأ اقتسام السلطه وفق مبدأ المحاصصه الذي يرتكز على الطائفه والقوميه والمذهب ، والذي أسس لنظريه تقاسم المواقع السياسيه والاداريه وكل مراكز النفوذ ...  مما تسبب في احداث خلل كبير في أسس الوحده الوطنيه وظهور الهويات الفرعيه كمظهر وعلامه داله من مظاهر هذه المرحله التاريخيه من عمر العراق ، وما اصاب البلد والشعب من جراء ذلك من كوارث وازمات وسياده مظاهر الارهاب والقتل الجماعي والتخريب والتهجير وفقدان الامن والخدمات وتأخر تنفيذ المشاريع وشيوع ظاهره البطاله واستفحال آفه الفساد بكل انواعها وكل ذلك انعكس على حياه المواطن ومعيشته .

free web counter