| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   الأحد 7/8/ 2011

 

  لهذا السبب اغتالوا الزعيم عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز
(4)

رفعت نافع الكناني

السياسة التعليمية للثورة : العلم والمعرفة ، تربية ونظام وحياة ، وهما الوسيلة الحقيقية للتقدم والازدهاروالدافع لرفع جميع المستويات المعاشية والادبية والاجتماعية . لقد استوعبت ثورة 14 تموز كل الحقائق عن النظام التعليمي قبل الثورة من حيث تخلفة وضعف الخطط التربوية والتعليمية ، وما تتصف بة المدرسة العراقية من أطر جامدة متخلفة لا تدرك رسالتها الحقيقية ، وهكذا كانت المناهج ناقصة متحيزة جافة ، بعيدة كل البعد عن الحياة العلمية وعن كل ما يساعد على توسيع الفكر وتحريرة . وبعد انطلاق الثورة كان طبيعيا ان يتغير كل شيئ دخيل على الاهداف التي رسمتها الثورة ، وكان طبيعيا ان يتناول التغيير الجذري ، اول ما يتناول ، السياسة التعليمية المرسومة في العهد المباد ، والتي لاتريد ان تعترف بحق المواطن العراقي في التعليم والثقافة ، وضرورة توفيرهما لة كالماء والهواء سواءا بسواء .

لقد آن لنا ان ندرك بان العلم والثقافة والتربية هي ابرز مظهر من مظاهر انسانيتنا وتقدمنا الى الامام ، وهو عنوان يميزنا عن غيرنا من الامم التي مازالت دوننا في العلم والثقافة ، ويجعلنا نقف وقفة الند للند مع الامم المتحضرة التي توفرت لها اسباب الدراسة والثقافة والنمو وتكامل الشخصية . من هنا يجب ان ندرك فلسفة السياسة التعليمية الجديدة واهدافها النيرة ، والتي تهدف الى انماء مواهب الفرد العراقي واستكمال شخصيتة وتهيئتة لان يكون مواطنا صالحا ولبنة قوية في الصرح الجمهوري العتيد . اذن لابد ان نؤكد ونحن نتحدث عن ملامح الفلسفة التعليمية الجديدة لثورة 14تموز ، ان فلسفة الثقافة والتربية في ربوع دجلة والفرات ، انما تستند الى دعامتين اساسيتين قويتين :

1 -- دعامة موغلة في القدم ارسيت من قبل الاباء والاجداد عبر الاجيال الطويلة انبثقت فيها انوار الثقافة في بلاد الرافدين التي اتفق المؤرخون على انها من اقدم مسارح الحضارة والاشعاع الفكري ، ولا زال فلاسفة العالم يحنون رؤوسهم اجلالا واكبارا للمشرع الاول حمورابي العراقي ولالواحة الاثنى عشر الخالدة . كما يحنون رؤوسهم لفلاسفة وعلماء العصر الذهبي في عهد العباسيين ، فعلى التربية والتعليم ان يغرسا في ذهن الجيل الجديد هذة الحقيقة التاريخية الكبيرة ويصلا بين ثقافتة الحديثة وتراثهما القومي العريق .

2 -- اما الدعامة الثانية فهي الاخذ بالوان الثقافات المختلفة لجميع الامم وتقبل نسمات الحرية والنور والعلم التي تهب الى بلادنا من كل مكان ، والخوض في غمارها بشجاعة وعقيدة في بحور التيارات الفكرية والثقافية التي تنصب علينا من هنا وهناك لنقتبس الصالح منها والذي ينسجم وحاجاتنا الثقافية وتراثنا المجيد ، وننبذ منها تلك السموم الفكرية التي قد ينفثها الاستعمار بوسائل خفية للتشكيك في ايماننا بانفسنا وثقتنا وتراثنا المجيد ومستقبلنا الزاهر . وان نحصل على اخر ما توصل الية الفكر الانساني في العلوم والفنون والاداب والصناعات ... ذلك لان صراع اليوم بمفهومة الجديد ، هو صراع علمي بحت .

اذن يجب العمل الجدي المخلص لدعم المعلم والكتاب والمكتبة والمنهج والمختبر والحقل والمصنع وساحات اللعب وقاعات التمثيل والموسيقى والغناء والرقص والرسم وغيرها في حقل التربية والتعليم من اجل اعداد الجيل المؤمن الصالح . ومن اهداف هذة السياسة مكافحة الامية ونشر التعليم الاساسي على مقياس واسع في المدن والقرى والارياف ، ورفع المستويات الثقافية حتى تبلغ الذروة في مراحل التعليم العالي . ومن هذة الاهداف العناية بالتعليم الابتدائي والتدرج بة واعمامة حتى يبلغ حد الالتزام . والعناية بالتعليم الثانوي والمهني وتنويعة بحيث يفي بحاجاتنا الثقافية ويكفل التطور المستمر في ميادين الصناعة والزراعة والتجارة والفنون البيتية .

وقد اهتمت حكومة الثورة عن طريق ( مديرية البعثات ) من تهيئة الفرص الملائمة للمواطنين لغرض القيام بدراسات علمية او فنية لايمكن ان تهيؤها المعاهد العراقية ، لذلك اتبعت لتحقيق ذلك وضع برنامج ونظام جديد للبعثات والمساعدات المالية ، وينص هذا النظام تشكيل لجنة عليا للبعثات برئاسة وزير المعارف وتمثل فيها الوزارات كافة . وتقوم هذة اللجنة بوضع خطة عامة للبعثات ، وتعيين فروعها ودرجاتها حسب حاجة البلد للاختصاصات . وحدد النظام الحد الادنى للقبول ب 70% لمعدل السنة الاخيرة مضافا اليها درجات الدروس ذات العلاقة بالاختصاص . وتدل الاحصائيات الرسمية على ان عدد الطلبة الذين بعثوا للخارج كان ( 509 ) عام 58 – 59 و (3040 ) في عام 59 – 1960 يقابلة ( 203 ) زمالة قبل الثورة 57 - 1958 . وهذا يعني اتساع وتنوع علاقاتنا الثقافية مع كثير من دول العالم ، والمعونات الكبيرة التي قدمتها هذة الدول للطلبة العراقيين بموجب هذة الاتفاقيات .

جامعة بغداد : ومن اهداف الثورة الاهتمام الكلي بجامعة بغداد لتضاهي اكبر جامعات العالم المعروفة وتشجيع النشر والبحوث العلمية الاصيلة والعناية بالمجمع العلمي ومديرية الاثار العامة . وكانت الخطوة الاولى في هذا المضمار ، الغاء قانون 1956 والاستعاضة عنة بقانون جامعة بغداد لسنة 1958 . وبموجبة الغي المجلس التأسيسي وحل محلة مجلس الجامعة الذي اجتمع لاول مرة في تشرين الثاني 1958 . وحصل خلال هذة العملية الاعتراف بقيام جامعة بغداد وضم الكليات القائمة اليها ... وبعد ذلك انتخبت ضاحية الجادرية الواقعة في المنعطف الجنوبي من بغداد لتكون مركزا تقوم علية ابنية جامعة العراق الاولى . وقد امتاز هذا الموقع الفريد بكونه محاطا بنهر دجلة من جهاتة الثلاث بحيث ان اي توسع يحصل في مدينة بغداد لن يختلط بالجامعة ، وبذلك يتحقق لها الانعزال والبعد عن ضوضاء المدينة وصخبها . اضافة لجمال الطبيعة الذي يتميز بة موقعها الذي هوبمثابة شبة جزيرة . هذا الموقع افاد الجامعة الانعزال الذي تتطلبه طبيعة عملها . كما ان مشروع ابنية الجامعة من المشاريع التي اعطتها حكومة الثورة الاولوية من حيث التصاميم اللازمة التي تعد من اجمل تصاميم الجامعات في العالم كله.

هذا جزء قليل من النشاط الذي يخص السياسة التعليمية في العراق بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 والذي بيناة في اعلاة ، ولم نتطرق لعدد كبير من المشاريع التي تخص المؤسسة التعليمية والتي انجزت او في قيد التنفيذ بسبب العدد الهائل من مشاريع البناء والتأهيل والاعمار في كافة مؤسسات الوزارة من التوسع في التعليم الابتدائي والتعليم الثانوي والتعليم التجاري والصناعي والزراعي وفتح دور المعلمين والمعلمات والفنون البيتية والمنزلية الى فتح الاقسام الداخلية لايواء الطلبة الى برنامج التغذية المدرسية الى فتح المكتبات ومشروع مكافحة الامية وتطبيق التعليم الالزامي . ومن انجازات وزارة المعارف انها استجابت لضرورة ايجاد منظمات لتنظيم المعلمين والطلاب فأسست نقابة المعلمين واتحاد عام للطلاب لحل مشاكل اعضائها . اضافة للكثير من المنجزات سواء في قطاع العلوم او الرياضة او الفنون والتي لا يمكن من تبيانها في هذا المقال القصير ... ان لغة الحقائق هذة تخرس كل الابواق المغرضة والمشككة التي لايسرها الاعتراف بمكاسب ثورة 14 تموز 1958 ، لدوافع ذاتية او عقد شخصية او بتوجية ومباركة السلطات الدكتاتورية التي اعقبت انقلاب 8 شباط 1963 ليغطوا على جريمتهم القذرة في اغتيال الثورة وقادتها .

 

free web counter