| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   الأحد 28/8/ 2011

 

 الدكتاتوريات العربية انظمة مقدسة يجب اطاعتها !!

رفعت نافع الكناني

بعد ان فقدت الحكومات المستبدة شرعيتها التي اكتسبتها منذ عقود بشتى الوسائل المتسلطة والطرق الملتوية العقيمة ، من خلال براكين الغضب التي سطرتها اغلب شعوب منطقتنا العربية في وجة حكومات ونظم اوغلت في اذلال شعوبها وقهرها وتجويعها وسلب حريتها ونشر كل ما يؤدي الى تحييدها واخراجها من ساحة الصراع . طغت هذه الايام موجة عارمة منظمة ومخطط لها ، ومدعومة من قبل دول ووسائل اعلام كثيرة تخاطب الشعوب العربية بوقاحة ساذجة بتقديم فروض الطاعة والولاء للحاكم باعتباره ولي امرهم ويجب اطاعته حتى لو كان ظالما وباغيا ومتسلطا وسارقا . اي ما معناه وبصريح العبارة ان الرضا عنه والسكوت على ظلمه وجوره هو ما يرضي الله ورسوله حسب اعتقاد هذه الفئة من وعاظ السلاطين .

ان هذا الدعم المقدس غير المحدود من قبل بعض رجال الدين والمؤسسة الدينية المرتبطة بمصالح الحكام والسلاطين ، تعطي الحق المطلق للحاكم المستبد الاوحد سواء كان اميرا او ملكا او رئيسا للجمهورية لكسب شرعيته وديمومته ما دام وجوده وشرعيته مدعومة ومؤطرة بفرمان الهي مقدس من قبل هؤلاء الدعاة تضمن بقاءه على رأس السلطات الى ما شاء الله. هذه النظرية تقوم على تنمية ثقافة الخضوع والخنوع والولاء التام واليأس وحرمة التفكير بالمس بمكانة وقدسية الحاكم ونظامه ، مهما كان لونه وشكله وعمله ، لانه مؤتمن على املاك الناس ودمائهم واعراضهم . وبذلك يصبح هذا المستبد وليا على شعبه من الناحية الدنيوية والدينية . وبذلك لا يحق لشعبه شرعا وعرفا المطالبة بحقوقه وحريته من خلال التظاهر او التجمع .

هذا التوجه المفاجئ الجديد من قبل رؤساء الحكومات وخاصة الجمهورية منها ، صوب التعلق بفتاوي اهل الدين والشرع لنصرتهم ودعمهم وتسويغ شرعية بقائهم ، وحرمة اي عمل ضدهم مهما كان نوعه وشكله سواء التظاهر السلمي لنيل مكاسب مشروعة او المطالبة بحقوق مسلوبة ، انما يؤشر على ان هناك مأزق حقيقي امام هؤلاء المستبدين بعد ان بدأت دورة السقوط المتتابع لانظمتهم الشمولية تأخذ طريقها المتسارع . فهذه الحكومات الجمهورية ظهرت بداية الامر وهي تحمل لواء العلمانية والليبرالية والتحرر والدفاع عن الحريات المدنية وحقوق الانسان ، وقد حاولت طيلة عقود من عمرها في محاربة ومنع الاحزاب والمنظمات الدينية من العمل العلني وعزلها عن الحياة السياسية . وقد اتبعت في سبيل ذلك اشد انواع القهر والمطاردة ضد هذه المجموعات وخاصة في العراق ومصر وتونس وليبيا .

اليوم بعد هذا الحراك السياسي والثوري الجماهيري الذي يسيطر على الساحة في كافة البلدان العربية من شرقها الى غربها ، وما حققته الجماهير في تونس ومصر وليبيا وقبلها العراق ، نرى ان اغلب هذه الانظمة الايله للسقوط تنتهج اسلوبا جديدا في سياستها لادارة هذه الازمة ، والتي ستعصف بعروشهم حتما ، انها وبسطحية وغباء سياسي مطبق اخذت بالسير في طريق ما يسمى بنظرية استحضار الدين وفتاويه لدعم انظمتها الدكتاتورية ، والوقوف ضد مطامح ومصالح جماهيرها المشروعة وبدعم جمهرة من علماء الدين الموالين للسلطة ، ومؤسسات دينية اخرى مدعومة من دول خليجية نفطية تنظًر لقضية نصرة الحاكم ضد آمال ومطالب شعبه في الحرية والعدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة .

هذا النفاق السياسي والخواء الفكري اتبعته انظمة عربية كثيرة في فترات حكمها الطويل ، ففي العراق اتبعة صدام حسين بعد اندحاره في حروبه الخاسرة الواحدة تلو الاخرى ، بما اطلق عليه الحملة الايمانية وعلى نفسه قائد الحملة الايمانية . وفي مصر الصراع معروف للقاصي والداني من عداوة وصراع عنيف وطويل بين الحكومة المصرية والتيارات الدينية من الاخوان المسلمين الى المجاميع السلفية والوهابية . واخرها ما كان يتبعة العقيد معمر القذافي بالجماعات الدينية والتي كان يطلق عليهم ( الزنادقة ) من قتل وتشريد طيلة فترة حكمة التي جاوزت الاربعة عقود من الزمن ... ورأيت بأم عيني ما فعلته الطائرات بالجبال التي كان الاسلاميون يتحصنون بها على الطريق الساحلي الممتد من بنغازي الى درنه ، حيث انها احرقت بالقنابل الفسفورية والنابالم ولم يعد للبساط الاخضر الذي كان يغطي سفوحها من وجود الى الوقت الحاضر ... واليوم يطالب القذافي نصرة ولي الامر ودعمه وعدم رفع السلاح ضده وبدعم وتنظير من مشايخ ودعاة دين مأجورين . الانظمة العربية الدكتاتورية فقدت شرعيتها وقدسيتها ورياح التغيير آتيه لامحال .
 

free web counter