| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   الأربعاء 17/8/ 2011

 

  لهذا السبب اغتالوا الزعيم عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز
(5) الاخيرة

رفعت نافع الكناني

للثورة منجزات وانجازات عديدة وكبيرة ، اشرنا للبعض منها في المقالات الاربعة السابقة ، وفي هذه المقالة ارتأيت ان اختم هذه المقالات بتأشير عدد من القوانين والتشريعات المهمة التي تعبر عن تطلعات الشعب العراقي ، ويمكن اعتبارها توثيق وتسجيل لحقائق على الارض ... وليست مشاريع واطر لقوانين ومنجزات وهمية مكتوبة على اوراق صفراء كما يحدث الان في ايامنا هذه.

فالثورة تعرضت لانواع  كثيرة من المؤامرات الداخلية والخارجية وبمختلف الاشكال ، منها الاستفزازي ومنها الدعائي ومنا العمل العسكري المباشر . وبرغم ذلك استطاعت في عمرها القصير ان تجسد وطنيتها وعراقيتها بتنفيذ مشاريع عملاقة وسن وتشريع قوانين كبيرة لمصلحة الوطن والعراقيين جميعا دون تفريق وتمييز . اردت في هذه المقالة ان القي الضوء على مسألة مهمة تميزت بها قيادة الزعيم عبد الكريم قاسم واعوانه  ، وهي ان كافة القوانين والتشريعات المتخذة كانت لمصلحة الشعب العراقي بكافة انتماءاته ومكوناته ، شملت الجانب الاقتصادي والاجتماعي  والسياسي والاداري ، ولم نرى في خضم هذه المرحلة من عمر العراق المعاصر ان قوانين وتشريعات صدرت لصالح طبقة الحكام والمسؤولين الذين يقودون دفة الحكم والادارة في البلاد من خلال امتيازات ورواتب عالية منحت لهم ولعوائلهم ، بالرغم من ان معارضي الثورة واعدائها قد وصموا قائد الثورة بصفة الدكتاتورية ، بل  وزادوا على ذلك بسلب هويته العراقية والعربية والتشكيك بوطنيته  ... ولكن خابت ظنونهم وانكسرت سهام الغدر التي ارادوا بها طمس هذا الارث الكبير والنيل من اول رجل عراقي يحكم بلده ويخدم شعبه بعد ان خضع العراق لحكام اجانب من غير العراقيين على مدى قرون عديدة .

قانون النفط  رقم  80  لسنة 1961
صدر هذا القانون بتاريخ 11 / 12 / 1961 وبه استعاد العراق سيادته على الاراضي التي لم يستثمرها اصحاب الامتياز في التنقيب عن النفط في الاراضي العراقية ، واعادتها دون مقابل الى العراق . وتقدر هذه الاراضي بحوالي اكثر من 99.5 % من اراضي البلد. علما بان اصحاب الامتياز هي  ( شركة نفط العراق  IPC ) وشركتي نفط الموصل والبصرة المتفرعتين عنها .. والتي ابتدأت في استخراج النفط لاول مرة في العراق عام 1927 من حقول بابا كركر في كركوك . لقد ادار المفاوضات الزعيم عبد الكريم قاسم بنفسه نظرا لاجادته اللغة الانكليزية ، مطالبا الشركات بتعديل الاتفاقيات النفطية من خلال اشراك العراق برأسمال الشركات المستثمرة وفي مجالس اداراتها وزيادة حصته من واردات النفط  وتوسيع الاستثمار في المناطق المتفق عليها لوجود احتياطات كبيرة من النفط غير مستغلة لغرض النهوض باقتصاد العراق وتلبية متطلبات التنمية فيه . استمرت المفاوضات اكثر من سنتين دون ان تبدي الشركات اية مرونة او تنازل بل اقدمت على تخفيض الانتاج من الحقول النفطية العراقية التي تحت تصرفها وما نتج عن ذلك من تقليل نسب واردات العراق المالية من نفطه ، وما يمكن ان يؤدي هذا الاجراء من وقف عجلة البناء والتنمية والتقدم ، مما اضطر الحكومة العراقية الى اعلان القانون  رقم 80 والذي تم بموجبه استعادة اراضي الامتياز غير المستغلة من قبل هذه الشركات النفطية .

قانون الاصلاح الزراعي  رقم  30  لسنة 1958
صدر هذا القانون بتاريخ  30  ايلول  1958 واعلنه في بيان تاريخي مساء يوم 29 ايلول 1958 السيد رئيس الوزراء والقائد العام  للقوات المسلحة الزعيم عبد الكريم قاسم ، اي بعد ايام من نجاح ثورة 14 تموز ،  ليبين للعالم وللعراقيين  بصورة خاصة قرب نهاية الاقطاع في العراق بتطبيق قانون الاصلاح الزراعي ... وبذلك ابتدأت الثورة اولى خطواتها في سبيل احقاق الحقوق لطبقة الفلاحين التي تمثل في ذلك الزمن بحدود 70 % من اجمالي عدد سكان العراق  . ان روح القانون هو ايجاد حل عادل ومنصف لتثبيت اعمق المقومات للعدالة الاجتماعية ، وذلك باعادة توزيع الملكية الزراعية توزيعا عادلا وتبديل العلائق الاجتماعية البالية ، ورفع مستوى معيشة الملايين من فلاحي العراق وتطوير الانتاج الزراعي ودعم الاقتصاد الوطني وازدهاره . الحقيقة المؤسفة تتجسد قبل الثورة بوجود ما يقارب ( 1,4 ) مليون عامل في الزراعة بدون شبر واحد من الارض ، اضافة لثلاثة مليون شخص اخر يعيشون في الريف دون ان تتاح لهم فرصة التملك ولا فرصة العمل المستديم . اما الوجه الاخر من هذه الحقيقة المؤسفة هو وجود ( 3619 ) شخصا يمتلكون اراضي تتراوح مساحتها من الف الى حوالي مليون دونم وكانت المساحة التي يمتلكها هؤلاء تقدر ب ( 18 ) مليون دونم من ضمنها ( 6 ) مليون دونم يمتلكها ( 272 ) شخصا فقط في حين ان المساحة المقدرة للاراضي المملوكة الصالحة للزراعة هي ( 22 ) مليون دونم . من هذا يتضح ان الفلاحين وهم الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب العراقي يرزخون طوال قرون عديدة تحت نير استغلال شديد الوطأة تفرضه عليهم علاقات انتاجية جائرة وتدعمها انظمة الحكم البائد المتفسخ ، وسيتضح ان الاصلاح الزراعي سيكون في مداه التاريخي القاعدة الاساسية للاصلاح الاجتماعي في العراق الجمهوري .

قانون الاحوال الشخصية  رقم 188 لسنة 1959
من مهام ثورة 14 تموز تحقيق المبادئ الاساسية التي قامت من اجلها . وحقوق المرأة العراقية وضمان حريتها من اهم ما تميزت به انجازاتها ، حيث الفت لجنة من كبار موظفي وزارة العدل ممن لهم المام في الشؤون القانونية والشرعية فاعدت لائحة قانون الاحوال الشخصية والتي استهدفت فيها الاخذ بأهم الاحكام الي جاء بها القانون المدني واخذت بها البلاد الاسلامية ، وكان لها سند في الشريعة الاسلامية او كانت لا تتعارض واحكامها . لقد وجدت اللجنة ان قوانين البلاد الاسلامية قد ذهبت في حكم تعدد الزوجات مذهبين فمنعه التشريع التونسي بصورة مطلقة وعاقب عليه ، وقيد التشريع المغربي المنع بالخوف  من عدم العدل فاختارت اللجنة مذهبا وسطا بينهما ، فمنعت الزواج باكثر من واحدة الا بأذن من القاضي وفق شروط حددها القانون . كذلك اختارت اللجنة في احكام الطلاق بما هو المتفق عليه في الشريعة ، كما اخذت بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الأرث وفقا للقانون المدني الذي استمد هذه الاحكام من قانون توسيع الانتقال العثماني . يعتبر هذا القانون حسب اراء المختصين بانه اول تشريع وضعي يخص مسائل الاحوال الشخصية في العراق ، والنظرة المتوازنة والمعاصرة فيما يتعلق بحقوق المرأة ويعد من افضل القوانين التي تخص الاحوال الشخصية في البلاد العربية والدول المجاورة . وقد نشر في صحيفة الوقائع العراقية للعدد  280  في 30 كانون الاول 1959.

قانون العفو الشامل عن الجرائم السياسية رقم 23 لسنة 1958
اتجه العهد الجمهوري الى العفو الشامل عن الجرائم السياسية التي وقعت في العهد الملكي ، وفي سبيل تحقيق هذه الاهداف والسير بها نحو الطريق الصحيح قامت وزارة العدل العراقية باصدار القانون رقم 23 لسنة 1958 وعهدت بانجازها وتنفيذها الى لجان خاصة . هذا القانون شمل العفو العام عن الجرائم السياسية المرتكبة بين اول ايلول سنة  1939 الى ما قبل 14 تموز 1958 الخاص بالعفو العام عن البرزانيين عند قيامهم بالحركات البرزانية في الفترة من سنة 1945 حتى سنة 1947 . كما ان الوزارة الفت لجنة خاصة لتدقيق اضابير المسجونين السياسيين ورفع التقرير اللازم عنهم الى وزارة العدل وقد قامت اللجنة باعمالها واصدرت عدة قرارات تضمنت الايصاء بالعفو عن عدد كبير منهم ، وصدرت المراسيم الجمهورية بحقهم . كما الفت لجنة اخرى لدراسة اضابير الموظفين المفصولين في العهد المباد لاسباب سياسية فاصدرت اللجنة عدة توصيات بشأن الكثير من هؤلاء فاعيدوا الى وظائفهم الاصلية او اخرى مماثلة .

قانون الكسب غير المشروع وقانون انضباط  موظفي الدولة رقم 16 لسنة 1958
كان من اهم اهداف الثورة المباركة حماية ابناء الشعب من فساد العهد المباد الذي اشتهر بعض المتنفذين من رجاله ومن احاط بهم من اعوان ومحسوبين بالكسب غير المشروع على حساب الشعب ، فعهد الى وزارة العدل احضار لائحة تقضي على ذلك الفساد وتحاسب المفسدين على ما كسبوا ، وصدر قانون الكسب غير المشروع على حساب الشعب رقم 16 لسنة 1958 ، وبعد ان انجز هذا العمل وانتج ثماره اتجهت النية الى حماية البقية الباقية من الموظفين فعمدت الوزارة الى وضع مشروع قانون انضباط موظفي الجمهورية العراقية بحيث يتماشى والتشريعات الحديثة ليكون بديلا عن القانون الحالي الذي وضع في ظروف خاصة تختلف كل الاختلاف عن الظروف الحالية . فوضع تشريع جديد يستهدف العدالة ويضمن حقوق الموظفين ويحميهم من العقوبات التعسفية والفصل الكيفي الذي كان يجري بحقهم اعتباطا وحسب رغبات المسؤولين .

قانون الضمان الاجتماعي رقم  27  لسنة 1960
من المهام التي اولتها الثورة اهمية خاصة ومميزة ، هو العمل على تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية التي تعتبر الثمرة التي من شأنها النهوض بالشعب العراقي وتطويره اجتماعيا وبناء صرح اجتماعي شامخ يليق بالعهد الجمهوري . اذن تشريع قانون الضمان الاجتماعي هو ضمان اكيد طول حياة العامل وخاصة عند بلوغه الشيخوخة. شمل هذا القانون العمال والمستخدمين لدى الدوائر الرسمية وشبة الرسمية غير الخاضعين لقانون التقاعد وصناديق الاحتياط ، وكذلك عمال ومستخدمي شركات النفط مهما بلغ عددهم واينما وجدوا ، اضافة للعمال والمستخدمين في القطاع الخاص . ويمكننا القول ان العراق حقق نجاحا واضحا في ميدان الضمان الاجتماعي بين اقطار الشرق الاوسط  رغم حداثة عهده بتطبيق نظام من هذا النوع .

قانون مصلحة المبايعات الحكومية رقم  173 لسنة  1959
شرع هذا القانون بالنظر لاهمية وجود مؤسسة حكومية للتبادل التجاري تأخذ على عاتقها امر المساعدة على تصريف المنتجات العراقية عن طريق العقود التجارية الدولية وتضع حاجة العراق الكبيرة الى الاستيراد في خدمة الصناعة الوطنية وتجارة التصدير عن طريق المقاطعة الكلية او النسبية ، وان تأسيس المصلحة في الوقت الحاضر اقتضته الضرورات العلمية التالية :

ا -  تنفيذ الاتفاقيات التجارية عن طريق لا يؤدي الى الضغط على التجار واجبارهم على الاستيراد او التصدير الى بلد معين .

ب -  تعريف بعض المنتجات العراقية التي تحتاج في تعريفها الى مساندة الحكومة وتدخلها كالسمنت والسكر وتهيئة جهاز متمرن على اسلوب التعامل التجاري .

ج -  مراقبة الاسواق مراقبة دقيقة والعمل على حماية المستهلك مما قد يحدث من النقص في تسويق المواد الضرورية او الكمالية .

وقد روعي في هذه المصلحة ان تمارس فعالياتها لمساعدة التشبث الفردي والمؤسسات التجارية الخاصة في ميدان التصدير والاستيراد لا ان تكون مزاحمة لها فنصت المادة الثانية على ان المصلحة تستهدف تحقيق النفع العام لا الربح وليس لها مزاحمة المؤسسات التجارية الاهلية الا بمقدار ما يتعلق الامر بمراقبة الاسعار او تصريف الفائض في الانتاج .

 

free web counter