| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 14/1/ 2009

 

مجالس المحافظات... وبعض الملاحظات

رفعت نافع الكناني

يلاحظ المواطن ان غالبية اعضاء المجالس البلدية الحالية، وتشمل هذة التسمية اعضاء مجالس النواحي والاقضية ومراكز المحافظات، قد رشحوا انفسهم مرة ثانية لعضوية مجالس المحافظات. غير ابهين باحترام انفسهم اولا وجماهير شعبهم ثانيا وسمعة الجهات التي ينتمون اليها ثالثا، وكان الاحرى بكتلهم واحزابهم ان تمنعهم وتحجب مشاركتهم ثانية في الانتخابات المزمع اجرائها نهاية شهر كانون الثاني كما هو معلن، وأختيار عناصر اخرى بديلة، مؤهلة وكفوءة ونظيفة وذات خبرة في مجال البناء والاعمار وتقديم الخدمات، نظرا لآن غالبية هؤلاء الذين وصلوا لمقاعد هذه المجالس، اسعفتهم سفينة القائمة المغلقة، حيث حوت هذه السفينة الانسان المثقف المخلص الى جانب الكثرة الغالبة من الذين تنطبق عليهم صفة الشخص الامي الذي لا يفقه من فن الادارة والسياسة والعمل المتخصص بشيئ. اضافة لعدم الوعي الكافي والاهتمام الجدي من قبل الجماهير لاهمية انتخابات المجالس البلدية من حيث الترشيح او الاشتراك في الاقتراع، مما انعكس هذا الواقع على عمل هذه المجالس وما رافق أداءها من سلبيات كبيرة وخطيرة على ارض الميدان. مما اوجد حالة من عدم الثقة من قبل الشعب العراقي بمختلف توجههاته واطيافه تجاه اعضاء تلك المجالس وخيبة امل من الاعمال والمشاريع التي انجزت والاموال الطائلة التي اهدرت بمشاريع اغلبها لم يجني المواطن والبلد الفائدة المرجوة من تلك المشاريع، واصبح البلد ساحة اختبار للعناصر غير الكفوءة والجاهلة . واكتشف المواطن حجم الكذب والخداع الذي مورس ضده من خلال الظواهر السلبية الكثيرة التي بانت ظاهرة للعيان اولها الفساد المالي والاداري، وأخرها المكاسب غير القانونية لأسس منح الرواتب والمخصصات وما يشاع عن النية في منحهم رواتب تقاعدية تفوق اضعاف ما يستلمه موظف قضى اربعة عقود من عمره في خدمة وطنه وشعبه من خلال العمل الوظيفي . صحيح ان تجربة عمل هذه المجالس حديثة في بلدنا وممارسة جديدة اعقبت التغيير في الواقع السياسي في العراق بعد عام 2003 في حين ان مفهوم المجالس البلدية قديم قدم الانسان، لكن فكرة المجالس البلدية في العصر الحديث نشأت بشكل واضح ومتطور بعد بزوغ فجر الثورة الصناعية في اوربا وخاصة انكلترا بالتحديد. وتركز عمل هذه المجالس على دعم الجهود لتوفير الخدمات الاساسية البلدية وبعض النشاطات الادارية.
من هذا الواقع يتبين ان الفكرة الرئيسية لاختيار هذه المجالس هو الطريق الانتخابي الذي يسلكه الافراد الذين يحق لهم التصويت في العملية الانتخابية لهذه المجالس وأنها بالتالي ليست دوائر حكومية او مؤسسات دولة كما يشاع ويريد البعض تكريس هذا المفهوم . أن ملامح عملها لم يتسم بالشفافية والوضوح والدقة، واعتقد ان عمل هذه المجالس يجب ان يكون تحت المراقبة والمساءلة والاختبار المستمر بعيدا عن الانفراد والارتجال والتسرع، والامتناع عن التستر والدفاع عن الاعضاء الفاسدين من قبل كتلهم واحزابهم ... وصدق الدكتور العلامة علي الوردي حين قال ( التكتم على العيوب والتستر عليها هو الذي يضعف الشعب ) لان تجربة المجالس البلدية في العراق مرت بظروف معقدة وجوبهت بفعل عدواني شرس من قبل قوى داخلية وخارجية مختلفة ارادت لهذه التجربة الفشل تشفيا بالعهد الجديد، اضافة لعناصر ارادت من الانضمام لهذه المجالس من اجل الكسب المادي والمعنوي والاستفادة من هذا المنصب، والوجاهة التي يوفرها في ظل مجتمع تسوده الاعراف والتقاليد والقيم العشائرية ، من كل ذلك بات المواطن العراقي اخيرا يؤمن وبأصرار من فائدة العملية الديمقراطية التي ابتعد عنها في انتخاب المجالس اول مرة، بل يمكن القول ان ايمانه بالتجربة الديمقراطية زاد من وعيه بأهمية الطريق السلمي الموصل لصناديق الاقتراع لتغيير العناصر غير الكفوءة التي سبق ان تربعت على كراسي تلك المجالس في ظروف مشوشة. وكان المواطن لا يمتلك الوضوح والمعرفة الكاملة لعمل تلك المجالس وأهميتها بالنسبة له ولعملية بناء الوطن وأعماره ...
هذه الظروف توجب على الدولة والمؤسسة البرلمانية والقوى السياسية ان تحدد شروط ومواصفات عضو المجلس البلدي الذي يروم الدخول في هذا المعترك الشريف ، من خلال تحديد شروط العمر المناسبة والتحصيل العلمي وذلك لتوفر الاعداد الكبيرة من حملة الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراة وعلى مستوى اصغر مدينة في العراق، اضافة لعامل الخبرة العملية في الادارة والعمل الفني والتقني الذي يجب ان يكون الفيصل للاختيارالصحيح للاشخاص الذين ينتخبهم المواطن ليكونوا مؤهلين للجلوس تحت قبة هذه المجالس المحلية .فالعمل في المجالس البلدية من اهم مقوماته هي الرغبة في التطوع الاختياري لخدمة المجتمع الذي يعيش فيه والعمل بكل اخلاص وتفاني ومصداقية لحشد الطاقات الكامنة في تطوير ومراقبة عمل الاجهزة الحكومية لا ان تصبح جزء منها ويصعب التفريق بين عمل الجانبين، وعند ذلك تتداخل الخنادق وتتكاثر المشاكل والمعوقات في بلد هو احوج ما يكون الى التخطيط السليم لعملية التنمية والاعمار... وللتذكير يجب ان نعي ان عضوية المجالس البلدية، ليست واجهات للاحزاب السياسية، او منظمات المجتمع المدني، وأنما هي نمط من الادارة المشرفة المستقلة، والمكملة للادارات المدنية والبلدية. وعملها يجب ان لا يجير لصالح الجهة التي اوصلته لهذا المنصب.
اذن الواجب يحتم علينا جميعا المشاركة الفاعلة والواعية، لان الاشتراك في عملية الاقتراع واجب وحق كفله القانون ويجب ان يحميه، وفعل مسؤول من قبل المواطن ليؤكد تمسكة بالخيار الديمقراطي الذي نصبو اليه لبلوغ الهدف المشترك في عراق ديمقراطي مستقل موحد، من خلال الاختيار الصحيح لاعضاء هذه المجالس الذي يجب ان تتوفر فيهم القدرة والكفاءة وتحمل شرف خدمة العراق وشعبه... فلا تخدعكم الوعود الفارغة والشخصيات الفاسدة التي اثبتت الوقائع فشلها في خدمة الشعب الذي ائتمنهم وفضلوا مصالحهم الشخصية وتمسكهم لنيل الحقوق والامتيازات الخاصة بهم. وارتأي التوجه نحو تشكيل مجلس استشاري من ذوي الخبرة في مجال البناء والتشييد وقطاع الخدمات والصحة ونظافة البيئة في كل مجالس المحافظات ومن خارج اعضاءه لأن العقد القادم من الزمن يجب ان يكون نهاية المعاناة للشعب العراقي، وأن يكون العمل جادا ومخلصا ومكثفا ، فهل يمكن ان يعقل ان بلدا مدمرا مثل العراق لا يستمر يوم العمل فيه لاكثر من وجبة من ثماني ساعات والعراق يملك من الظروف الجوية الملائمة للعمل ثلاثة وجبات وبالتناوب، كما هو معمول به في كل دول العالم وذلك لاختصار الوقت لتنفيذ المشاريع الواعدة الذي يحتاجها البلد بعد توقف الاعمار منذ زمن بعيد نتيجة الحروب الارهاب والفساد.... واخيرا كنت اتمنى مخلصا ان تكون همم اعضاء المجالس البلدية الحاليين او المرشحين للدورة الجديدة، والذي ائتمنهم الشعب لهذه المسؤولية النبيلة مساوية لتلك الهمم والعمل المتصل ليلا ونهارا في رفع البوسترات والصور الكبيرة لشخوصهم المكلفة الثمن وباعداد كبيرة فاقت ما رفعت لصدام حسين !!!

 

free web counter