| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   الأثنين 12/3/ 2012

 

عيد المرأة العالمي .. مناسبه للوقوف مع تطلعاتها المشروعه

رفعت نافع الكناني

يحتفل العالم في يوم 8 آذار من كل عام بعيد المرأة العالمي ، للتذكير بما عانته هذه الانسانه من ظلم وتهميش واستغلال خلال عصور طويله من عمر الانسانيه . ناضلت المرأة في كل بقاع المعموره نضالا طويلا وشاقا من اجل نيل حقوقها والغاء جميع انواع التمييز ضدها وما عانته من هذا الظلم الموروث ، واصبحت قضيه المرأة هي قضيه المجتمع ككل ، وهذا لا يعني انها قضيه ضد الرجل وتريد استلاب دوره في عمليه بناء الوطن والاسرة ، بل انها العنصر المكمل لعمليه البناء تلك ، ولا يمكن ان يتقدم المجتمع ويخطو خطوه الى الامام من دون مساهمه فاعله للمراه في كافه ميادين العمل . وان المرأة عليها النضال العنيد الذي لاهوادة فيه لنيل حقوقها بنفسها وتحقق ذاتها وتطلعها نحو غد افضل .

من خلال هذه المناسبه لزاما علينا ان نقف باحترام على ما تصبو له المرأة من حقوق مشروعه ، وان نبارك لها ما حصلت عليه من خلال عملها الدؤوب ونضالها العنيد في نيل تلك الحقوق المشروعه خلال الخمسين سنه الماضيه وما افرزته حركات التحرر في المنطقه العربيه وخاصه في مصر والعراق وسوريه ولبنان وتونس ... الخ خلال تلك الحقبه من الزمن وما للتعليم والعمل والتأهيل من نتائج على وضع المرأة بالرغم من قله وبساطه تلك الحقوق والمكتسبات ، في ظل نوع وطبيعه العلاقات المجتمعيه وما يكتنف تلك المجتمعات من تخلف وجهل واميه واعراف قبليه ودينيه تسيطر على افكار وتوجهات الناس وتفرض شروطها ونظرتها بالقوه في اغلب الاحيان ضد هذه التطلعات والحقوق .

امعنت النظم الدكتاتوريه والفرديه في تهميش دور المرأة ، وصنع مجتمع بموروث ذكوري يهين على المرأة بالرغم من التطور العلمي والثقافي الذي اصبحت عليه في العقود الاخيره . وسمحت تلك الانظمه باطلاق العنان لعناصر متطرفه وقوى فاسدة من مختلف التوجهات لتكبيلها بصيغ جديده وشعارات زائفه ، بعد ان كانت تلك الحكومات ترفع عاليا شعار العلمانيه والتحرر عند تأسيسها .. فتاره تطلق شعار الحمله الايمانيه واخرى الحفاظ على التقاليد والعادات وثالثه احترام الموروث والاعراف الدينيه .. واصبحت اكثر تلك الحكومات الفاسده ترفع شعار القيم والدين والمبادئ والاخلاق والتي هي ابعد ما تكون عن عمقه الحقيقي الانساني .

تململ الشباب ذكورا واناثا قبل اكثر من عام ، وبالتحديد في شباط 2011 بعد ان عانت جماهير المنطقه العربيه من كبت للحريات وسلب لارادة الشعوب وسرقه لموارد الامه وانظمه حكم شموليه وانتخابات مزيفه علامه 99% وتفرد بالسلطه من قبل الملوك والرؤساء والامراء واولادهم . ابتدأت الحركات الشبابيه باعلان المطالبه بحقوقها والمطالبه بتغيير أسس أللعبه السياسيه في الواقع العربي الذي يتصف بابشع انظمه التسلط والهمجيه والقوة المفرطه ضد شعوبها . وكانت المرأة العربيه في طليعه الصفوف مع اخيها الرجل ، لقد لعبت المرأة دورا كبيرا في تأجيج الشارع العربي والهمت الشعوب وعيا اكبر في المشاركه الفعاله لطلب التغيير وتأسيس انظمه ديمقراطيه اساسها الدوله المدنيه .

نتيجه هذا النضال ، سقطت انظمه وحوكم رؤساء وهرب قادة وقتل اخرون ... وتشكلت حكومات ونصب آخرون وانتخبت لجان وهيئات ومجالس وبرلمانات ... وبقي السؤال الملح ... هل ان اسقاط الانظمه الدكتاتوريه والفرديه كان ممكنا بعد تلك الاحتجاجات السلميه الشعبيه التي تقاسم الرجل والمرأة في صنعها والتحضير لها ؟ وهل ان المرأة قد انصفت بعد نجاح مشاركتها في هذه الثورات والدور الكبير الذي لعبته على الساحه وفي ميادين التحرير ؟ وهل ان وضع المرأة في تلك البلدان اصبح احسن حالا بعد التغيير من خلال مشاركتها الفعاله والكبيرة في صنع القرار وتبوء المراكز السياسيه والاداريه المهمه ؟ وهل شرعت الحكومات الجديده قوانين جديدة منصفه للمرأة وفسحت المجال لها لتلعب دورا جديدا فعالا في هذه المرحله الجديدة ؟ وهل فسح لها المجال للمشاركه في الحياه السياسيه من خلال دخولها البرلمان بعدد يماثل نسبتها من مجموع سكان البلد ؟

من خلال هذا الواقع ، وفي نظرة بسيطه لواقع المرأة في تلك البلدان التي شهدت التغيير وبثقل كبير وفعال من المرأة ، ان المرأة لم تنصف ابدا واستخدمت كوسيله لكسب التأييد وتثوير الشارع العربي ، وكان قطاف نتائجها استيلاء التيارات الدينيه المتطرفه على الساحه بعد ان ازاح الشباب المثقف الواعي بصدورهم العاريه اعتى الانظمه الفرديه ... وتمت عمليه التفاف وهيمنه على مقاليد الامور بصيغه عجيبه وغامضه وبدعم وتمويل من دول خليجيه وربما دوليه نجحت مؤقتا في اختطاف الثورة من صانعيها ، الذين ارادوا تأسيس حكومات مدنيه تحقق فيها الحريات الشخصيه ونيل المرأة كامل حقوقها التي ناضلت من اجلها وقدمت كثير من التضحيات على مدى تاريخها الحديث.

نتيجه هذا الوضع الجديد ، الواقع يكشف عن همجيه ووحشيه تعامل بها المرأة من قبل احزاب اسست على واقع اسلامي اخواني وسلفي متشدد يريد ارجاع المجتمعات العربيه الى حضارة عصور مضت عليها حقب زمنيه طويله . فعمد الساسه الجدد بكل ما لديهم من قوة بالحط من كرامه ومنزله المرأة والعمل على اخفاء دورها في بناء المجتمع ، والدليل على ذلك ان تمثيل المرأة في البرلمان المصري الجديد هو (10) نساء من مجموع عدد اعضاء البرلمان البالغ
(508) بعد ان كان عددهن في زمن مبارك (64) . وتم التشدد على ما تلبسه في العمل والشارع والمدرسه وبالقوة والاعتداءات السافرة ، وطبقت على الناشطات مسأله في غايه البشاعه ما تسمى الكشف عن العذريه في مراكز الشرطه في مصر. وما اوصت به اللجنه العليا للنهوض بالمرأة في وزارة المرأة في العراق من توصيات تحدد شكل ونوع ملابس المرأة الموظفه اثناء العمل وما يمكن ان تتعرض له من مضايقات .

كنا نأمل من حكوماتنا المنتخبه .. انصاف المرأة وصيانه حقوقها الشرعيه وتكريس العمل على الارتفاع بوعيها وتعليمها ونيلها لحقوقها المشروعه في ارتقاء المناصب العليا في الدوله والمؤسسات المختلفه ، ورفع الحيف عنها وتكريمها واحترام كرامتها ومكانتها . فلا يمكن لايه ديمقراطيه ان تتطور من دون مشاركه مساويه للمرأة في كل ميادين العلم والعمل . كان الاجدر بالحكومات الجديدة ان تقضي على ظاهرة التخلف والجهل والتهميش التي تعيشه ، وان تنصفها من حالات الفقر والمرض وكثرة حالات الطلاق وارتفاع العنوسه ، وان تنصف ضحايا الارهاب من النساء الارامل وما تتعرض له الالاف نتيجه العنف الاسري وضحايا العنف السياسي والتطرف الديني وما خلفه من مئات الاف من الارامل والايتام ، وما تتعرض له النساء العربيات من بطاله يدفعها بالاتجار بجسدها من قبل عصابات متخصصه . والقائمه طويله يمكن ادراج ما تتعرض له ومن سلب لانسانيتها وتكبيل طموحها بحجه تطبيق الشريعه !! ان ثقافه اقصاء المرأة وتغييب دورها لا يمكن ان يستمر في عالم النظم المدنيه الحديثه والديمقراطيات الحقيقيه التي يجب احترامها مهما طالت فترة النقاهه العربيه الجديدة .
 

free web counter