| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

رفعت نافع الكناني
 refaat_alkinani@yahoo.com

 

 

 


 

                                                                                   السبت 12/2/ 2011

 

 نجحت الانتفاضة المصرية ... لانها مستقلة واساليبها مبتكرة

رفعت نافع الكناني

لا يختلف اثنان على ان الانتفاضة المجيدة للشعب المصري بقيادة طليعته الشابة المثقفة قد خطت خطوات كبيرة نحو تحقيق اهدافها باعلان تنحي الرئيس مبارك ... او بصحيح العبارة اجباره على الرحيل بالرغم من كبريائه الاجوف وشخصيته التي اصبحت مثارا للسخرية والعطف في آن واحد . وأكدت ان الشباب المنتفض في ميادين البلاد كافة قد ابهر العالم بحيويته المتجددة وانضباطه الكبير وسلوكيته الرصينة وشجاعته الفريدة التي واجه بها كافة اجهزة القمع البوليسية والامنية والتي تعتبر من اعرق واكبر واوسع المنظومات في هذا العالم . لقد تميزت الانتفاضة باستقلاليتها ووطنيتها ووضوح اهدافها . وبذلك استطاعت وبنجاح وأد مسرحية الاعلام الرسمي القائم على ( نظرية المؤامرة ) من خلال التهم الجاهزة التي تنظٌر على ان الانتفاضة الشعبية تدار وتدعم ويخطط لها من قبل اجندات لعدد من الدول والاحزاب والسفارات ... تبخرت هذه النظرية التي غالبا ما تقذفها الحكومات المتسلطة بوجه كل حركة او نشاط وطني يطالب باصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تختلف مع رؤى الحكومة وسياستها ، واضحى الاعلام الحكومي مثار للانتقاد والسخرية لما يحمله من خطاب بائس لم يقتنع به حتى القائمين عليه ، لقد اجهد نظام مبارك نفسه خلال الاسبوعين الماضيين لخلق شلة من الاعلاميين المرتزقة لتزييف الحقيقة الواضحة ، والنتائج تجلت بسقوط مدوي لاعلام النظام ورجاله الذين مارسوا سياسة الكذب واخفاء الحقيقة ووقوفهم ضد اردة شعبهم وثورته الظافرة .

هذا النجاح والتعاطف والالتفاف الواسع لثورة الشباب المثقف ، قابله من الجانب الاخر العناد والصلف والتحجر وعدم تفهم واستيعاب متطلبات المرحلة التي اعقبت يوم 25 /1 واصر الرئيس مبارك في عدم تخليه عن رئاسة البلاد ، بل انحدر الى استخدامه لكافة وسائل الترهيب والتنكيل واستعمال القوة المسلحة والتي لم تجدي نفعا امام اصرار الجماهير على مطلبها الاول والاخير وهو اسقاط الرئيس ونظامه ، وسقطت ورقة الارهاب الحكومي وما خلفه من ضحايا وخسائر كبيرة ... مما دفع الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير والتي قدرت بالملايين الى اتخاذ خطوات وصفحات اخرى اقتضتها ظروف الايام الاخيرة ومنها الاندفاع الجماهيري نحو مقر رئاسة الوزراء ومجلس الشعب ومجلس الشورى والاحاطة به ومنع المسؤولين من التوجة اليه ، مما اضطر الحكومة من ايجاد مواقع بديلة لها خوفا من غضب الجماهير. وهناك اساليب وخطوات اخرى سوف تتخذ حسب الموقف في الميدان وما تستجد من ظروف لاحداث لا يمكن توقعها في هذه المرحلة التي تحمل الكثير من المفاجأت . وفي اليومين الاخيرين لاحت الخطوات الفعلية لبدء العصيان المدني الشامل وبدأت ظاهرة الاضرابات والاحتجاجات في المصانع والدوائر والمؤسسات تطالب بتحسين ظروفها المادية اضافة لرفع شعارات تطالب مبارك بالرحيل الفوري ، ويعتبر دخول الطبقة العاملة وأييدها لثورة الشعب مؤشر مهم لما تمثله هذه الطبقة من ثقل في الساحة بكر في نجاح الثورة .

لقد طغت على المشهد السياسي خلال اليومين ( الخميس والجمعة ) مستجدات جديدة تجلت وتكشفت بوضوح وعلانية بعيدا عن الخوف والتردد ... وهي ان جموع غفيرة من المحامين والاطباء واساتذة الجامعات والمفكرين والفنانين والشخصيات السياسية وعدد كبير من منظمات المجتمع المدني ، قد نزلت بقوة لميدان التحرير مساندة لثورة الشباب ومؤيدة لمطالبه بتنحي الرئيس واسقاط النظام بالكامل . كما ان شوارع العالم بمختلف ثقافاته قد شهدت مسيرات شعبية تأييد لثورة شباب مصر ونصرتها . وبالمقابل هناك شبه اجماع من قبل حكومات العالم بتأييد مطالب وتوجهات الشعب المصري ومناصرة تطلعاته نحو الديمقراطية والعيش الكريم والتداول السلمي للسلطة . وهناك مؤشر جديد على الموقف الامريكي بات واضحا ، وهو قناعة واشنطن بنهاية نظام مبارك وحتمية سقوطه بسبب انضمام طوائف مختلفة كانت بعيدة عن الميدان من مختلف الطبقات ، ويجب عليها في ضوء هذه المستجدات الاخيرة التعامل مع الاحداث بواقعية ، ولخصت مطالبها بتغيير فوري يحقق اصلاحات ملموسة وجذرية وشاملة ، والغاء حالة الطوارئ . ان هذا الموقف الجديد اربك قادة النظام المصري واخذ بعض اركانه يطلق التهديدات بحتمية وقوع انقلاب من قبل الجيش او استخدام القوة في النهاية ، وتصريح سليمان نائب الرئيس خير دليل على العقلية المخاراتية التي لا يمكنها من التعامل مع الواقع الجديد وما تتطلبه المرحلة الجديدة بعد سقوط النظام واركانه. وفي النهاية وكما هو متوقع ... رحل الرئيس وهوى نظامه ومصر امام مرحلة جديدة.

اليوم الشعب المصري وقواه الوطنية امام امتحان صعب ، يجب ان يثبتوا للعالم انهم شعب عريق متحضر وينبذ العنف والطرق غير الشرعية في التفرد واستغلال هذا النجاح الباهر لمصلحة فئة او حزب او طائفة ... ان هذا النجاح قد جير للشعب بكافة قواه الوطنية بقيادة طليعته الشابة المثقفة الواعية من خلال اصراره على تحقيق النصر النهائي ... والعالم ينظر لهذه التجربة الثورية بعين الاحترام والتقدير والاعجاب . اذن يجب ان تهيأ الظروف الصحيحة لهذه المرحلة الجديدة والسير بخطى ثابتة نحو الطريق السلمي لتداول السلطة ... نحو نظام ديمقراطي ومدني يحقق العدالة الاجتماعية ويحترم حقوق الانسان وخياراته ويقدس حرية الرأي والعقيدة من دون ضغط او اكراه من هذا الطرف او ذاك . كما ان هناك التزامات يجب التقيد بها لطمأنة المجتمع الدولي ، خاصة الولايات المتحدة الامريكية ودول اوربا الغربية ودول منطقة الشرق الاوسط ، منها العمل على المساهمة الجادة في صنع السلام والاستقرار في منطقة الشرق الاوسط ، الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي لا تسبب المساس بسيادة مصر واستقلالها ، حماية الاستقرار والعبور الامن في قناة السويس لجميع الدول ، الحفاظ على العلاقات المميزة مع الدول الصديقة التي دعمت ثورة الشعب وتنمية المصالح المشتركة ومنح التسهيلات لادامة التواصل لخدمة مصالح البلدين. العمل بفعالية مع المجتمع الدولي لمكافحة الارهاب والتطرف بكل اشكاله وتجفيف منابعه ومصادر تمويله ، المساهمة الفعالة من خلال دور مصر كدولة لها وزنها في المنطقة والعالم على ارساء اسس الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية .

 

 

free web counter