نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رياض مثنى

 

 

 

 

الجمعة 31/3/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

أحياء ميلاد الحزب في سجن ابو غريب


رياض مثنى

أعتاد الشيوعيين ان يحيوا كل عام في 31 اذار في سجن ابو غريب ميلاد حزبهم وكانت نكهة خاصة تختلف عنها في الاماكن الاخرى....حيث تفننوا في ابتهاجهم بهذه المناسبة العزيزة على قلوبهم ، و على ما اذكر في عام 1988 كانت اعداد رفاقنا باضطراد¬( طبيعي ما عدا الرفاق الذين اعتلوا اعواد المشانق في ذلك التاريخ) و كان لابد من ايجاد وسيلة لتفويت الفرصة على وكلاء الامن الذين يتربصون للايقاع برفاقنا ، حيث اعتمدت الدائرة الامنية في السجن على تحفيز وكلائها قبل ايام من المناسبة ، وكانت توعدهم بمحفزات ،لذا اتفق الجميع على تحديد موعد معين يشارك به الجميع باحياء المناسبة ، و ذلك باستغلال الوقت الممتد ما بين تعداد الصباح و الذي يجري عادة الساعة السابعة صباحا و فترة الفطور حيث يتجه اغلب السجناء الى الاقسام و تبدو الساحة الكبيرة شبه خالية ، الا في يوم 31 اذار حيث تعج الساحة بكرنفال صغير يعده رفاقنا ، و كل يحمل في جيبه حلوى يوزعها حال تبادل التهاني ، و هذا بطبيعة الحال لا يعني خلو الساحة من وكلاء الامن بالعكس ففي هذه السنة كان تواجدهم كثيف و لكن تجمعنا و تلاحمنا كان يخيفهم و من المفارقات التي اقدم عليها احد رفاقنا(وجيه جبار) مطاردة احد وكلاء الامن و دس في جيبه قطعة حلوى ، مما افزع هذا الوكيل و فر هاربا تاركا المهمة التي اوكلت اليه... و من المفارقات الاخرى التي لا يمكن للمرء ان ينساها هو تباين الاراء عند بعض الرفاق بضرورة الحذرو عدم تمكين الاجهزة الامنية من الصاق تهمة(تنظيم داخل السجن) وهذا الاحتفال حسب بعض الرفاق ممكن ان يفسر على اساس تنظيم( و هم بطبيعة الحال محقين بهذا التصور)...لذا و بناءا على هذا التقييم قرر احد رفاقنا الا يساهم مع المجموع في احياء الحفل في الساحة الكبيرة و لكنه المصيبة لم يحتمل ان تفوته المناسبة بدون ان يحييها حتى و لو بطريقته الخاصة و التي تلخصت ، بان يضع علبة حلويات مع شربت على مكان مرتفع و يتقبل التهاني (من الرايح و الجاي باعتبار مكانة على درب اللي يمرون) لذا اكثر رفيق تعرض الى الايذاء هو رفيقنا العزيز (طلال محسن، الذي قضى اكثر من نصف محكوميته في المحجر) .
و لا يفوتني ان اذكر عميد الشيوعيين في السجن الرفيق الغالي (نشاة فرج سموعي) الذي كان راية بمثابة قرار غير قابل للنقاش خاصة بمناسبة مثل عيد الحزب ، حيث كان يوصي الرفاق قبل يوم من تاريخ الاحتفال ان يهتموا بالملبس و حلاقة الذقن و لبس الزي الشعبي و يقصد مثلا (لبس الشروال بالنسبة الى رفاقنا الاكراد) و ضرورة عدم التطيرو اذكر مرة عنف احد الرفاق كونة لم يحلق ذقنه في هذا اليوم فما كان من الرفيق العزيز
(طلعت عمر علي) الا ان سارع و حلق ذقنه .
اما شيوخ الحزب فكانت همتهم لا تقل عزيمة عن رفاقهم الشباب فكانوا ما يمتلكونه من روح النكته و الدعابة تجعلنا نحلق خارج جدران السجن ، ونحيي المناسبة باحلى صورها ، فلا زالت صور الاحبة الراحل سيد جاسم (ابو فايق) و ابو سعد و ابو شروق و ابو يوسف و ابو ماجد و الراحل ابو مها حية و المفرح انهم لا زالوا يسطرون اروع الملاحم في نضالهم ضمن صفوف الحزب.
في هذا اليوم يتوسط ابو فايق(الذي تقصد ارتداء اليشماغ الاحمر) رفاقه محسن و زيد و ابو سعد و سعد و ابو حيدر و ابو زينب و محمود و حسن و الراحل ابو داليا ، محتضنا فلينة ممتلئة بشربت زبيب موزعا على المارة المهنئين بهذه المناسبة..علما ان ابو فايق كان من المحذرين بضرورة الصيانة و لكن عندما نسألة( شنوا القصة ابو فايق)
يجيبنا (خلي يعذرنا رفيقنا سلام عادل مو بيدي ما اكدر اذا مو بهذا اليوم احتفل جاي اشوكت) ..اما الاحبة شموع الحزب (ابو جمال و ابو فرات) فكانوا اكثر من رائعيين في احياء هذه المناسبة حيث ابو جمال بنكاته الرائعة و ابو فرات بقصائده الحماسية يشاطرهم بذلك طرائف(استاد سعدي و فناننا الرائع حسين علي غضبان).
و لا يفوتني ان اذكر الرفيق الراحل( رؤوف حسون مهدي) الذي كان مشهورا بطبخة اللذيذ و الذي يدخل بانذار بهذا اليوم لكي يقدم اشهى الماكولات . من الرفاق الرائعيين الذين نالو ا قسطا كبيرا من الايذاء على يد الاجهزة الامنية في السجن هم الاحبة سمير شمعون و و الفنان التشكيلي مؤيد رحيم حسن
و من المشاركات الاخرى هي غناء رفيقنا (جواد هادي علي) الذي يمتلك صوت جهوري و لكن من باب الحذر يبدأ يدندن ثم و بغفلة يرتفع صوتة بحيث يسمع(سابع جار ) لذا اكثر من مرة يحذره ابو يوسف الذي هو الاخر بعد ان يمل من التحذيرات(ينسجم مع جودي و تنطلق حناجرهم لتسمعنا اجمل الاغاني).
دوما بعد الانتهاء من احياء المناسبةتبدأ حفلات الامن باستدعاء الشيوعيين ويتم حجرهم و ضربهم و حرمانهم من مواجهة الاهل... و لكنها تبقى بنكهتها و عبقها الطري عالقة في هذا السفر النضالي لحزب الشهداء.