| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رسمية محمد

 

 

 

 

الأربعاء 20 / 6 / 2007

 

 


بعض دروس واستنتاجات التجربة الاشتراكية المنهارة


رسميه محمد

ليست هي المرة الاولى في التاريخ, التي تسود فيها تشكيلة اجتماعية, أو مرحلة متطورة فيها, على نطاق العالم, أو على اجزاء كبيرة منه, كتشكيلة مرحلة العولمة الرأسمالية الحالية, وانما المرة الاولى التي تنتكس فيها تجربة تشكيلة جديدة, كان يؤمل لها أن تشمل العالم, واعني بها التجربة الاشتراكية, وهذا ماساعد في تنشيط منظري الايدلوجيا الرأسمالية وازدياد أوهامهم الى درجة اعتبار أن النظام الرأسمالي, هو نهاية التاريخ, كما ساعد في احباط عزيمة انصار التجربة الاشتراكية, الى درجة تخلي بعضهم عنها (1). فلم يعد أحد يجادل في أن عملية الانهيار قد وجهت ضربة قاصمة لقوى اليسار والديمقراطية والاشتراكية وادخلها في طور جديد من أزمتها الاخيرة التي تبدت منذ سبعينات القرن العشرين , نتيجة لعدة عوامل منها—
- رجحان كفة الموروث التاريخي, ذي الجوانب المحافظة والمتزمتة والمنغلقة على الذات, على الموروث التاريخي ذي الجوانب المشرقة الداعية للعقلانية والسير قدما في معارج الزمن والتقدم. – صعود التيارات الدينية بعد فترة من الانحسار استمرت مايقارب ثلاثة أرباع القرن . – الاخطاء التي وقعت فيها القوى والحركات الثورية على صعيد الستراتيج والتكتيك والثمن الباهظ الذي دفعته الشعوب جراء ذلك. – العامل الخارجي المتمثل بأخفاق التجربة الاشنراكية وانهيار الاتحاد السوفيتي فبقدر ما اطاح هذاالسقوط بكل العقائد والافكار المتشددة والانظمة الدكتاتورية التي كانت تتستر وراء ماركس وتعيق كل أشكال التكيف مع الازمات المعاصرة, بقدر ماكان ذا تأثيرات سلبية (مادية ومعنوية, سياسية وفكرية) ليس على الاحزاب الشيوعية والحركات اليسارية الثورية وحسب وانما على جميع قوى التقدم الاجتماعي والتحرر الوطني , وانصار السلام والديمقراطية.(2) . الازمة الراهنة للاشتراكية اذن هي أزمة عميقة لاينحصر أثرها في الاضطراب الذي أصاب الملايين من الناس في مشاعرهم وأحلامهم , واصابهم في وعيهم بل تطال النخب من الاشتراكيين , مفكريين وقادة أحزاب وأحزابا بكاملها, وتطال مشاعرهم وتطال صيغ تعاقدهم وأشكال نضالهم. وقد طرحت مع انهيار التجربة الاشتراكية قضية كبرى مثيرة للجدل والنقاش عبر عنها السؤالان الكبيران الاتيان( هل للاشتراكية مستقبل في بلداننا العربية وفي العالم .. وأي اشتراكية للمستقبل)(3) . الواقع أن البيريسترويكا السوفيتية كانت هي التي أطلقت على نطاق واسع في الثاني من الثمانينات النقاش حول اشتراكية المستقبل, غيرأن سقوط البيريسترويكا كان تعبيرا عن فشل المحاولة الاخيرة لتجديد الاشتراكية الواقعية من داخلها, وهو مااستتبع نقل النقاش الى دائرة جديدة من خلال البحث عن العوامل التي أدت الى الانهيار والسعي من أجل الاجتهاد في الاجابة عن أسئلة من نوع هل الانهيار يعود لمجرد خطأ في التطبيق أويعود الى أن التطبيق قد تم في المكان الخطأ أو أنه يعود الى قصور في النظرية نفسها واذا كان العطب يطال النظرية فما علاقة اللينينية بالانهيار, وهل شكلت اللينينية منبعا للستالينية , بل ماهي علاقة ماركس نفسه بالانظمة التي تداعت(4). وبالموقف من تفسير عملية الانهيار وكيفية التعامل مع نتائجها وخلفياتها, مع مدلولاتها وأفاقها داخل الاحزاب اليسارية, فقد تم تشخيص ثلاثة اتجاهات :
1/ الاتجاه المحافظ المتسم بالركود والانشداد الى الماضي والدفاع عنه, كما لو أن شيئا من نوع ما أعتبر زلزالا,لم يحصل.
2/ الاتجاه العدمي المتسم بالليبرالية والتحلل من الالتزامات السياسية والفكرية.
3/ الاتجاه التجديدي الذي يسعى باستمرارللاقتراب من الواقع والتعامل بموضوعية مع الظواهر(5). غير أن ممثلي هذا الاتجاه رغم تميزهم أو ادعائهم التميز مازالوا غير قادرين على تجاوز الازمة, ولم يفلحوا بعد في رسم ملامح مشروع اشتراكي على أسس جديدة يكون ملهما لفعل تاريخي واسع ,يعمل على استعادة ثقة الجماهير , اذ لم تعد الجماهير تثق في أن أصحاب المشاريع الكبرى قادرون على أن يعيدوا صياغة مشاريعهم في شكل أفضل لكي يساهموا في اعادة وترشيد حركة التاريخ من جديد. هنا بالذات تكمن الازمة الراهنة التي تواجه الاشتراكية في حاضرها ومستقبلها وتواجه الاشتراكيين وتواجه كل الطامحين الى التحرر من الاستغلال والقهر الرأسماليين , من ذوي المصلحة في ذلك وهؤلاء هم الاكثرية الساحقة من البشر في كل البلدان(6) . لكن العجز عن صياغة مشروع اشتراكي جديد لايعني أن النقاش حول قضية الاشتراكية ظل يراوح في مكانه منذ انهيار التجربة الاشتراكية, فقد شهدت عملية اعادة التفكير في قضية الاشتراكية تقدما ملموسا, فمن خلال دراسة التجربة المنهارة تم التوصل الى العديد من الاستنتاجات النظرية والعملية الهامة منها :
1- لقد حصل الانهيار بفعل القصور النظري(التخلف الفكري, الركود والجمود العقائدي) والاخطاء التطبيقية (الاقتصادية والسياسية والادارية)لبناء التجربة الجديدة في التاريخ, وبفعل عمليات التخريب المتواصلة لاعدائها(الداخليين والخارجيين) التي امتدت وبضراوة متناهية, منذ انتصار ثورة أكتوبر حتى بداية التسعينات, ولم يحصل بسبب المثال الاشتراكي وقيمه النبيلة الانسانية, وما يؤمنه من عدالة اجتماعية واطلاق لقوى الانسان المبدعة, والغاء استغلال الانسان لاخيه الانسان , ومن حرية حقيقية, وتقدم على اساس أحدث منجزات العلم والتكنولوجيا, واعلى انتاجية وتنظيم (7).
2- أن أدوات البحث والتحليل والاستنتاج التي ارتبطت بأسم الاشتراكية القديمة لم تعد صالحة كلها اليوم للبدء بالنقاش حول ما نحن معنيون به من قضايا تتعلق بالمستقبل , في ظل هذا النوع من التطور العاصف في المعارف وفي ظل هذا النوع من التوحش عند الرأسمال المعولم , وفي ظل هذا الحشد من التناقضات التي تترافق مع تطور الرأسمالية المعاصرة, وفي ظل كل المتغيرات التي يعجز المرء عن تحديدها وتحديد اتجاهات سيرها,بما في ذلك ما ارتبط منها بالحدث الامريكي وبتداعياته (8).
3- أن الماركسية , والمقصود بها فكر ماركس المتحرر والمسترجع لقوته الاصلية , ضرورية أكثر من أي وقت مضى, فالماركسية حية لان الرأسمالية التي قامت الماركسية بتشحيصها أفضل تشخيص ,هي حية بدورها . ولقد أستشف سارتر ذلك عندما كتب في (نقد الفكر الجدلي) ( الماركسية غير قابلة للتجاوز لان الظروف التي ولدتها لم يتم تجاوزها بعد (9) .
4- أن النظرة الى الاشتراكية بوصفها عقيدة في التاريخ , باتت متفادمة اذ تسود القناعة بأن التاريخ لايمكن استيعاب حركته استيعابا كاملا وعليه فأن النضال من أجل الاشتراكية لم تعد تفرضه حنمية تاريخية ما وانما الطموح الاخلاقي الانساني الى عالم أفضل (10)
5- برزت في المقدمة قضية الديمقراطية وحقوق الانسان وما أكد ذلك فشل جميع الانظمة الاجتماعية بهذه الدرجة أو تلك في تحقيق هذه القضية الاساسية , وانكشف الى أي حد أهينت شعوب وجماهير كانت رافعة لاحزاب تدعي النضال من أجل الديمقراطية وخقوق الانسان والعدالة ولكن بالواقع والممارسة كانت شيئ مختلف. بعض الدروس الاساسية
درس الطبعة الاولى من الاشتراكية – حيث برهنت على امتلاكها شحنة قوية لتحطيم العالم القديم ولكن تبين من خلال التجربة أن شحنتها لبناء العالم الجديد لم تكن بقوة الشحنة لهدم العالم القديم.هذا أول درس من دروس التجربة السابقة.
الدرس الثاني- برهنت التجربة على ان القاعدة النظرية للتجربة الاولى كانت ضعيفة لعدم توفر الخبرة التاريخية في هذا المجال. الدرس الثالث- أن توازن القوى العالمية هام جدا فيما يتعلق بصيرورة الاشتراكية نفسها, بمعنى أخر لايمكن فصل تطور الاشتراكية في بلد واحد فقط عن تطور العملية الثورية بمجمعها. الدرس الرابع- كما ان للثورة قوانينها فاللردة أيضا قوانينها – الامر الذي يستوجب البحث عن قانون اسمه قانون الارتداد وهو قانون لايقع خارج اطار الديالكتيك نفسه الذي ينبت الماركسية على أساسه. الدرس الخامس- برهنت التجربة على أن تجاهل الصراع الطبقي في الاشتراكية قد أدى الى خدمة سيئة جدا لها. هذه القضية بحاجة الى تعميق وفهم أكثر , لماذا وكيف يكون الصراع الطبقي في ظل الاشتراكية وكيف يمكن التحكم به. الدرس السادس- أن حل مشاكل الاشتراكية بطرق رأسمالية لايؤدي الا الى انبعاث الرأسمالية . تلك كانت مشكلة الاتحاد السوفيتي والاشتراكية منذ الستينات (11) ..وليس بالامكان وضع نقطة انتهاء في هذا الموضوع فلا زال الموضوع مفتوحا ويحتاج الى المزيد من البحث منا ومن غيرنا.....

اليسار تجديد الاشتراكية
قد شهد تشكيكا متزايدا في فاعليته الوضيفية في العقدين الاخيرين, والزعم بعدم جدوى التمييز التقليدي بين اليمين واليسار, وذلك بالاستناد الى حجج عديدة من بينها الزعم بموت الايديولوجيات , وقد حاول العديد من المفكرين دحض هذه الحجج ومنهم بوبيو حيث أكد أن وصول المشاريع التغييرية التي حملتها قوى يسارية معينة الى طريق مسدود لايعني في نظره موت ايديولوجية اليسار. وأن معيار التمييز بين قوى تناضل من أجل ضمان المساواة بين البشر وقوى تسعى من أجل الحفاظ على أشكال اللامساواة القائمة بينهم , يظل هو المعيار الوحيد للتمييز بين اليسلر واليمين الذي صمد أمام الزمن. ومن ناحيته لاحظ عالم الاجتماع الان تورين أن الصمت التاريخي الذي يحيط بنا لاتفسره قوة السيطرة التي تلف العالم فحسب ,بل هو ناتج ايضا عن قصور اليسار عن تقديم مقترحات ملموسة . فأذا لم يعد في وسعنا الاستماع الى صوت اليسار فذلك يعود الى انه لم يعد لديه مايقوله (12).مما تقدم نخلص الى أن المهام التاريخية الراهنة تبدو أكبر من قدرة اليسار في المدى الزمني المنظور. أي أن اعادة تكوين اليسار عملية مرتبطة بهذه المهمات ذاتها , فلكي يكون قادرا على لعب دوره التاريخي يحتاج الى تجديد يطال كل بناه الفكرية والسياسية والتنظيمية, واهم نقطة على جدول أعمال هذا التجديد انما تطال كما يشير د مروه ثلاثة امور—
الامر الاول- الديمقراطية, فالديمقراطية التي هي عملية صعبة, هي بالنسبة لليسار الان المسألة الاساسية. اذن على اليسار أن يطلق كل سلوك معاد للديمقراطية. فأن كثير من الاتهامات التي وجهت لاحزاب اليسار مايبررها , فقد اتسمت قبل كل شيئ بالافتقار للديمقراطية الحقيقية , حماية للقادة من التحديات التي يمكن أن تواجههم من بين صفوف الحزب نفسه , وقد ضمنت الاحزاب الشيوعية ذلك بمبدأ المركزية الديمقراطية والاصرار على الوحدة مهما كانت زائفة (13) .أن عملية التجديد والمقرطة للاحزاب الحاملة لمشروع التغيير ضرورية وحاجة موضوعية باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى , لان الاحزاب كمؤسسات على الطراز اللينيني لم تعد صالحة لحركة التغيير في العصر الجديدهنا يصح التساؤل عن مفهوم الحزب من طراز جديد وتأتي الاجابة على السؤال من قبل بعض الباحثين والمفكرين والمؤمنين حقا بالتغيير,هو الحزب الذي يكون ديمقراطيا بالمعنى الدقيق للكلمة في حياته الداخلية, ويوضح د مروه مفهوم الديمقراطية الداخلية للحزب هو أن ينص نظامه الداخلي على وجود مؤسسات ديمقراطية حقيقية منتخبة بحرية, وأن تكون هذه المؤسسات المتخبة مستقلة بعضها عن بعض,وان تكون هيئة الرقابة محكمة دستوريةحقيقية,تتألف من شخصيات مقر بنزاهتها واستقلالها وكفاءتها ,وأن تتمتع بصلاحيات كاملة للبت بأي موضوع من المواضيع التي تطرح عليها والتي ترى انها قضايا تحتاج الى تدخلها ,وان يكون قرارها ملزما غير قابل للطعن, و أن احد الشروط الاساسية لديمقراطية الحزب هي مصداقيته سواء كان في السلطة أو في المعارضة , هو الحزب الذي يكون في ان معا في صراع مع الدولة وفي تكامل معها.وأن حزب من هذا النوع قادرا على احياء السياسة والفعل السياسي واخراجهما من ازمتهما المتفاقمة من خلال كسب ثقة الجماهيرواحترامهم وهو مايوازي في اهميته تجديد النظرية واحيائها واعادة الاعتبار لها (14). الامر الثاني الواقعية- فالواقعية تعني ,هنا عدم القفز فوق الظروف الموضوعية, وفوق المراحل و والالتزام ,في صياغة الخطط النضالية, بالمعرفة الدقيقة للواقع, لكي نكون قادرة على تغيير هذا الواقع نحو الافضل, وتوفر كل الشروط الضرورية لذلك. الامر الثالث- الفكر. والمقصود بالفكر هنا الفكر الاشتراكي , كفكر للتغيير , يستند الى العلم , اذ لابد من جهد لكي تصبح الاشتراكية , في ان معا أهدافا ممكنة التحقيق ,وطموحا للتغيير الكبير يجري النضال لتحقيقه في المدى الابعد (15). وفي هذا المجال أود ان اشير الى ان تجديد الاشتراكية باتت قضية مصيرية على صعيد الحزب نفسه من جانب وعلى صعيد المجتمع من الجانب الاخر, اذ أن قدرة التيار العلمي المبدع على التعبير عن نفسه وفرض مواقفه تضعف بل تمحو كلا من التيار العدمي والتيار المحافظ داخل الحزب. وفي جميع الاحوال برهنت التجربة أن التيار الاخطر بينهما هو التيار الذي يتوقف النضال ضده. لقد كانت البيروسترويكا مناسبة لانتعاش التيار العدمي الذي قامت القوى الاشتراكية الحقيقية بنضال جدي ضده . ومع انهزام هذا التيار نتيجة لتطور الحياة نفسها يمكن أن يظهر على السطح خطر التيار الثاني اذا لم تستطع قوى الاشتراكية العلمية أن تملأ الساحة وأن تجيب على الاسئلة التي تطرحها اليوم.من جانب اخر أن غياب البديل العقلاني المتمثل بالاشتراكية , عن الثقافة السياسية في المجتمع يساعد على نمو الحركات الرجعية التي تحتضن الامراض كالعنصرية والتفرقة بين الجنسين والاصولية باتجاهاتها التدميرية الحالية . اننا محكومين بالبحث عن الوسائل التي تعيد الى حركة الاحتجاج ضد الظلم والقهر والاستغلال بوصلتها ,وتحرر هذه الحركة من العناصر المدمرة فيها لصالح العناصر البناءة ولصالح العناصر الواعية فيها ضد العناصر العمياء.مما يجعل الدعوة الى نظام اجتماعي مختلف جوهريا أكثر ضرورة من أي وقت (16)


الافاق المستقبلية
ان قراءة مستقبل اليسار والاشتراكية يستوجب علينا كما يشير ميليباند,أولا- الاجابة على السؤال الاساسي التالي- ماهو العيب الجوهري في الرأسمالية . أولا- أن رفض الرأسمالية ينطلق من عوامل اقتصادية, اجتماعية , سياسية واخلاقية, وثييقة الترابط فيما بينها. ثانيا- وهو الاهم ,هناك البرهان على أن القضايا التي تدين الرأسمالية والنظام الاجتماعي الذي يحتضنها تشكل جزء جوهريا من نظامها,وذلك مهما بلغت التحسينات التي بأمكانه تحقيقها. ولذلك تعد فكرة ( رأسمالية ذات وجه أنساني) فكرة مشكوك فيها . فمن الممكن بالتأكيد تخفيف أشد مساوئ ومظالم النظام الرأسمالي ولكن من غير الممكن ازالة اللاانسانية المتأصلة فيه.لان لاانسانيته تكمن في جوهره (17). فالنظام الرأسمالي يتحدد ويتسم بثلاثة تناقضات اساسية هي باختصار :
1-علاقة انتاج أساسية (العلاقة الرأسمالية) تحدد وضعية معينة لاستلاب العامل ووضعية للقوانين الاقتصادية الرأسمالية.
2- استقطاب عالمي لاسابق له في التاريخ.
3- عجز عن الحد من تدمير الموارد الطبيعية مما يهدد مستقبل البشرية. أن هذه التناقضات تجعل الاستمرار اللامحدود للانتشار الرأسمالي أمر مستحيل لعدم امكانية الرأسمالية التغلب عليها. حيث تحرم أولى هذه السمات المجتمع من الحد الادنى من التحكم في مستقبله بسبب اعطاء سلطة القرار ل(اليات السوق مما يدمر حكما الحياة الاجتماعية وتفرض على الشعوب القيود التي تتسم كلها بقانون المال من أجل المال وليس من اجل البشر(18) ويبقى التناقض جوهريا بين الوعد الذي يحمله التطور الهائل لقوى الانتاج من جهة,وبين الواقع اليومي الذي يواجهه العاملون باجور من جهة أخرى .لقد خلقت الرأسمالية, لاول مرة في تاريخ البشرية, امكانية ضمان حد أدنى لحياة كريمة امنة ماديا وكريمة أخلاقيا لجميع سكان الكوكب, ولكنها عاجزة ,بسبب جوهر طبيعتها وغاياتها ,عن تحويل هذا الوعد الرائع الى واقع(19). أن التحدي الحقيقي الذي تتصدى له الشعوب يتلخص في مقولة مفادها ضرورة تجاوز حدود الرأسمالية من أجل بقاء الانسانية. والخيار الحقيقي قد أصبح اليوم كالتالي أما أن تتيح النضالات الاجتماعية تجاوز منطق اليات الرأسمالية , وفي غياب ذلك سيؤدي فعل هذه الاليات الى انتحار جماعي للانسانية وتدمير الكرة الارضية(20) يشير ميزاروش أن الاتجاهات الحالية لتطور العالم , متجسدة بظواهر واضحة تستوجب النضال الجدي لوقف فعلها التدميري خلال العقود القادمة. ويؤكد أن مفهوم الطريق الثالث للديمقراطيين الاجتماعيينفي أوربا ليس الااوهام الاماني للحفاظ على نظام لايمكن تبريره,فالاستقطاب الاجتماعي بات في واقعنا الراهن أشد منه في أي زمن قبله. مما يدحض توقعات الديمقراطيين الاجتماعيين بزوال اللامساواة, أوعلى الاقل تقليصها عن طريق الضريبة التصاعدية. ويستنتج أن للحركات الراديكالية مستقبلا في كل العالم , بل أن الانسانية لامستقبل لها الا اذا كان لمثل هذه الحركات مستقبل. ان فناء البشر في نهاية المطاف سيتم عن استمرار الدمار الذي يحدثه رأس المال وحينذاك لن يكون العالم صالحا الا لحياة الصراصير, اذ يقال أن بوسعها تحمل الاشعاع النووي(21). أن المرحلة الانتقالية التي نحن فيها هي مرحلة صعبة وخطيرة ومعقدة لكن القوى الثورية في بلداننا وفي العالم لاتزال تمتلك رغم الهزات والخيبات والاحباطات القدرات الفكرية والنضالية على تجاوزها والخروج من أزمتها الراهنة ,فلا زا ل مفهوم اليسار, وراء انتزاع الحقوق الاجتماعية الاساسية, ولم ينته الامر عند هذا الحد,فقضية عدم المساواة بين الناس في كل بلد على حدة وعلى مستوى العالم ككل مازالت تطرح نفسها كمشكلة جدية , يظهر بعدها المأساوي في العالم الثالث خصوصا, لايمكن كما يقول بوبيو, أن نغمض أعيننا عن رؤية ثلثي أو أربعة أخماس أو تسعة أعشار سكان العالم يعيشون في حالة فقر . لهذا مازال تحدي الشيوعية قائما رغم سقوط نظمها , لان جوهر الصراع الذي يدور حول العدالة الاجتماعية أعمق بكثير من جولات التاريخ والسياسة في مواجهة هذه الحقيقة , يخلص بوبيو الى ان مثال المساواة هو النجم القطبي الذي يهدي اليسار في مهمته التي لم ينجزها بعد , ويكاد لم يباشر بها(22).,


1- انور خلوف-نهج-عدد 69 ص102
2- عبدالله حنا-نهج عدد-66 ص83
3- د كريم مروه-الطريق اللبنانية عدد-3 ص 18
4- د ماهر الشريف-الطريق اللبنانية عدد6- ص- 5
5- وثائق المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العراقي
6- د كريم مروه-مصدر سابق
7- ث ج عدد 292 ص7
8- مصدر سابق ص19
9- نحو تجديد المشروع الاشتراكي ص
10- د ماهر الشريف-الطريق اللبنانية- عدد 5-6 ص 56
11- د قدري جميل-النهج-عدد 62 ص50
12- د ماهر الشريف ث ج عدد 292ص19
13- مصدر سابق ص180  
14- د مروه الطريق اللبنانية عدد 1 ص 34
15- د مروه - اليسار العربي وقضايا المستقبل-نقلا عن الحوار المتمدن
16- د مروه - الطريق اللبنانية العدد 6 ص11
17- مصدر سابق
18- د سمير امين- نحو تجديد المشروع الاشتراكي-ص302
19- مصدر سابق
20- ث ج عدد 2956
21- اشتفان ميزاروش-ث ج عدد 294 ص102
22- كامل شياع ث ج عدد293 ص 57