| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رسمية محمد

 

 

 

السبت 11/12/ 2010



العملية السياسية الى اين ؟

رسميه محمد

انتهت الانتخابات منذ تسعة اشهر , ولم تنته اصدائها , لم تنته الاسئلة التي اثارتها نتائجها واثارتها الالية التي حكمت اجرائها وتحكمت به ( قانون الانتخابات ) , واثارتها القواعد التي اعتمدت في تشكيل اللوائح وفي ترتيب وتركيب التحالفات , واثارتها الادوات التي استخدمت لاقناع الناخبين هنا وهناك وهنالك , بهذا المرشح او ذاك بهذا الشعار او ذاك ولا برامج الا في القليل النادر وانتهت الانتخابات بمفاجأت بعضها كان متوقعا وبعضها فاق التوقعات , الا ان المهم هو انه اشار الى ولادة مجلس نيابي جديد . كان مفترضا به ان ينقلنا الى وضع جديد تستعيد فيه الروح المدمرة عند العراقيين عناصر الحياة المفقودة او المؤجلة , وتستعيد القيم حيويتها التي افقدتها اياها الاوضاع الشاذة , بعد ان شوهتها , وتستعيد السياسة مضمونها الثقافي والاخلاقي التي يربطها ويربط اللاعبين في مجالها بقضايا الناس وقضايا البلاد .

فما الذي حصل خلال هذه الفترة , بل ما الذي حصل خلال كل الفترة المنصرمة منذ سقوط النظام الدكتاتوري المباد لحد الان؟ وما هي دلالاته , وماهو المتنظر حصوله لاحقا , وما هي الاثار التي خلفها وسيخلفها على مصير العراق السابق والاحق مما حصل ويحصل من احداث ؟ , ولعل هذا ما يجعلنا نقول اليوم ببساطة وطيبة شعبنا , في السر وفي العلن , بعد هذه الانتخابات بالذات ما اشبه الليلة بالبارحة ؟

لا يعنيني كمواطنة كثيرا , ولا يعني اكثرية العراقيين الذين قاموا بواجبهم في اختيار ممثليهم في البرلمان , بوعي ام بدون وعي وممن تقاعسوا لاسباب مشروعة و غير مشروعة , عن القيام بهذا الواجب , لا يعنينا ما يجري من صراع بين الرابحين وما يعانيه المنتصرون بسبب انتصارهم , ما يعنيني ويعني اكثرية العراقيين هو ان نكون في مواقعنا المختلفة في مستوى القدرة على الاجابة عن الاسئلة الانفة الذكر باكثر ما يمكن من الصدق والمسؤولية والواقعية . ان اول ما يتبادر الى الذهن حين نستعيد الفترة منذ سقوط النظام الدكتاتوري المباد لحد الان هو ان النخب السياسية المتنفذة قد فشلت لحد الان بالمعنى السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اثبات جدارة بتأسيس بلد مستقل بشكل حقيقي وبناء دولة حديثة تمتلك مقومات الحياة والاستمرار والتطور .

ان ما يجري من صراعات بين النخب السياسية المتنفذة من اجل مصالحها الضيقة , يعطل حتى الحلم لدى المواطن العراقي بمعاودة المحاولة من جديد لتأسيس وتثبيت كيان عراقي مستقل واقامة دولة ديمقراطية , دولة مؤسسات وقانون والتذكير بالاسباب التي ادت الى الفشل لحد الان في تحقيق ما اشرنا اليه هو الغاية الحقيقية من هذه المناقشة . وتتلخص هذه الاسباب , وتكاد تنحصر في سبب هو الاهم والاكثر حضورا في المرحلة الراهنة , واعني به الخرق الفظ المتواصل للدستور في موضوع الطائفية وفي المواضيع اساسية اخرى,

واحتماء السياسيين العراقيين في كل العهود , داخل السلطة وعلى تخومها وحتى بعيدا عنها , احتمائهم بالطائفية , وان بنسب متفاوتة , لتأمين مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية واصرارهم , بدرجات متفاوتة , وبحسب الظروف والمراحل , على جعل ديمقراطيتنا العراقية ناقصة ومشوهة , واتساءل كيف تعامل السياسيون داخل الحكم وخارجه مع هذا الواقع الطائفي ومع النص الدستوري الذي يدعو الى تغييره ؟ وكيف تعاملوا مع النصوص التي تؤكد على الحرية ؟ . لقد دلت الفترة المنصرمة من العملية السياسية ان الطبقة السياسية التي هيمنت على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية في البلاد وامسكت بالقرار من مواقع السلطة وحولها – وفي ظل ضعف القوى الديمقراطية وتبعثرها واختلافاتها وخلافاتها , وفي ظل ماواجهته من قمع ومحاصرة – قد خرقت الدستور بشكل فظ – وهذا مايتجسد الان بشكل فاضح في موضوعة تشكيل الحكومة , فما ان تتوصل النخب السياسية الى المراحل النهائية في تشكيل الحكومة , حتى تثار امور جديدة تعيد ماتم التوصل اليه الى نقطة الصفر , ويجري هذا مترافقا مع ابتداع صيغا للديمقراطية تفقد الحرية السائدة في البلاد من مضمونها الحقيقي. وكانت قوانين الانتخاب المتغيرة وفق اهواء ومصالح اصحاب القرار النموذج الابرز لهذه الصيغ ولكنها لم تكن النموذج الوحيد فماذا كانت النتيجة ؟ في ظل هذه الامور وامور اخرى غيرها , اضافة الى صعوبات اخرى مرتبطة بمصالح داخلية وخارجية دولية واقليمية ادت في الحصلة الى تعطيل قيام دولة ديمقراطية حديثة تكرس كيان العراق في المنطقة وتشرع استقلاله . وان استمر الحال على هذا المنوال فانه سيؤدي الى انفجار يقود البلاد الى المزيد من الكوارث والدمار التي سوف لن تدخر اية جهة من اثارها .

ان المسألة الجوهرية التي ينبغي ان تكون موضع النقاش والاهتمام لدى العراقيين , وان تتمحور حولها كل الجهود في هذا المنعطف من تاريخ العراق , هي مستقبل العراق الوطن والشعب . فمن هم الذين يضعون هذه المسالة الجوهرية في قلب اهتماماتهم ؟ .

ان المصلحة الوطنية تقتضي من القوى الوطنية والديمقراطية من كل الاتجاهات ان ترتفع الى مستوى المسؤولية في مواجهة قضايا البلاد في هذا المنعطف التاريخي الحاد , وفي مقدمة ماينبغي العمل لتحقيقه الدفاع عن الحريات ضد كل محاولات تضييقها او خنقها , والنضال لايجاد صيغة صحيحة وثابتة للديمقراطية , على مستوى المجتمع والفرد , بديلا من الديمقراطية القائمة التي تزداد تشوها وزيفا , وتعبئة الجماهير حول هذه المهمات .

ان التغيير الذي تحتاج اليه البلاد للخروج من ازماتها المتعددة لا يمكن ان يتحقق في الاتجاه الصحيح الا اذا انتظمت في النضال لتحقيقه القوى ذات المصلحة في احداثه من مواقعها المختلفة . وهذا يقضي بالضرورة ان تنفض القوى الوطنية والديمقراطية – الغبار عن اوضاعها وتستعيد دورها الحقيقي في هذه الحركة للتغيير .



 

free web counter