| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الثلاثاء 9/11/ 2010

 

الدم العراقي ووقفة مع الوطن
(2)

رشيد كَرمــــــة 
 

إستكمالاً لمقال سابق ,حملت أيادٍ عراقية أصيلة في المهجر السويدي,باقات ورد وشموع,متجهة صوب مقبرة مدينة (بوروس) لزيارة قبر الرفيق الراحل نصير الحزب الشيوعي العراقي (فراس ـ إسماعيل عبد الجَبّان) ضم الوفد(ابوهدى الطريق, زهير توما, الحاج رحمن سردار الفيلي , أمير القوشي,رشيد كَرمة) لم يكن الطريق إلى المقبرة سهلاً,فلقد إمتلأت جميع الطرقات بالحافلات,وكثرة من الناسِ نساء ورجالاً صغاراً وكباراً سابلةً حاملين معهم أكاليل من الورد والزهور وشموعاً ومصابيح, كان هذا آخر يوم من اسبوع عيد الأرواح(الهلوين)وقفنا بصمت وأوقدنا الشموع ,وإستذكرنا مواقف,وداعبنا بعضنا قلت: لأمير القوشي(أبو عمار)أرجو أن تطل على قبري بعد رحيلي وتشرب نخب علاقاتنا,عقب (زهير توما) ضاحكا: سأجلب لك قنينة وأضعها حيثما كنت,نم قرير العين.قال الحاج رحمن: هل تذكر كان هنا قبراً واحداً ساعة حللنا في هذه المدينة بعد نجاتنا من مذبحة البعثيين وطاغيتهم المقبور(صدام حسين)نهاية السبعينات واليوم علق ( أبو سنان ـ أبو هدى الطريق): صار في المقبرة معارف كثر,واتفقنا حينها أن نزور بعضهم رغم ضيق وقتنا, إذ كنا نعد في مقر النادي العراقي في بوروس أمسية حزينة وأستنكار ووقفة تضامن مع أشقائنا وشركائنا في الوطن العراقي من المسيحين والمسيحيات إثر هجمة برابرة العصر على كنيسة سيدة النجاة في بغداد.لوحنا على قبر (عدنان الصوفي ,وآرام نوري صديقنا إمام جامع بوروس فارق الحياة في سن الأربعين وهو يؤم الناس بالصلاة,عرجنا على قبر أم كريم ـ حسنة عبد الله,ومن ثم وقفنا على قبر الراحلة نازلي الجزراوي,وأخيرا أوقدنا الشمعة الأخيرة عند الصديقة الراحلة (آن غوستافسون),همست لرفاقي جميعهم :هذا أيضاً وطن,وخجلت دمعتي واستقرت في مآقيها,عدنا إلى النادي العراقي,وجدت بحراً من الشموع على الموائد والمناضد,دون التيار الكهربائي ما أضاف للجو من حزن,رن هاتفي الخلوي وإذا برفيقي (أديسون هيدو) من مدينته التي تبعد أكثر من ستين كيلو متراً ينبئني ان بالإمكان مشاهدة شاهد عيان كان في داخل كنيسة النجاة وذلك من خلال ثلاث أفلام صورت له ولبناته,تقاطر العراقيون على مقر النادي ,حصلنا على الأفلام, ومن خلال شاشة عرض كبيرة,ووسط ظلام يقهره إحتراق الشموع , تسمرت العيون على الأب المفجوع وبناته المرتعباتْ, كادت حناجرنا أن تبوح بما نحمل من أسى ووشائج حميمة تجاه ما يجري من دم عراقي على أرض الوطن , ولكننا ودون إتفاق أمرناها وخنقنا عبراتنا ,أطل علي رفيقي (أبو صبا ) من مدينة يوتبوري بصوت باكٍ ليدلني على مشاهدة ما يًعرَض في أحد الفضائيات , أجبته نعم رفاقك يشاهدون الآن وهم كاظمين,لملمت أوراقي وطويت كلمة التأبين, وأشرت على رفيقي أن ينسى, قصيدة شعرٍ أعددناها للمناسبة فكلمات الرجل ووصف بناتنا المنكوبات كان أكثر من كلمة , وأقوى من قصيدة,ويبقى لنا نحن المهمومين بالألم الإنساني أن نتصدى ونعري الهمج وألاعيب سياسة الآحزاب الدينية ونحملهم مسؤولية ما يعصف بالوطن وناسه,ويبقى الحزن طالما هناك متاجرة بأرواح البشر,دونما مسائلة من ضمير يعي حقيقة الوطن ولغة الدم.


السويد 8 تشرين الثاني 2010

 


 


 

free web counter