| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الخميس 9/12/ 2010

 

 لا لثقافة الحياد!

رشيد كَرمــــــة 
 

أرجو أن لا تستغرقنا أيامنا بأزمانها الأبدية حيال ما كنا نتوقعه جميعاً بعد رحيل الدكتاتورية البعثية على يد الرجل الأمريكي, فالمؤمل شئ والمرتجى شيئاً آخر تماماً, وأغلب المثقفين من نساء ورجال عابوا على البديل السئ, والمتمثل بسطوة احزاب الإسلام السياسي من خلال الدين, عدا السياسي المقيد داخل إطار حزبه أولاً والمحاط بظروف غاية في التعقيد محلية وإقليمية وعالمية ثانياً, وثالثاً المحنط وديدنه الحياد فهو في الواقع أصم وأعمى وأخرس لذا راهنوا على هامش الديمقراطية الضيقة جداً, علّها البديل الديمقراطي من خلال كم الحديث عن الديمقراطية لبناء بلد مًنهار سطا عليه في وضح النهار رجال الدين ومادتهم شرائح واسعة جدا من البسطاء أنهكتهم سياسة النظام المقبور, والزلازل السياسية في العالم! وهذا الرهان نوع من التفاؤل العبثي ليس إلا, فالديمقراطية ممارسة وسلوك تعتمد على النخبة المثقفة,التي تستمد قوتها من الثقافة النوعية و غايتها الإنسان وحاجاته في حياته اليومية والتي تسلك طرقاً عدة في إيصالها للناس الذين غيبتهم الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة, وأشاعت فيهم روح اليأس والقنوط, والخدر وعبادة رجل السلطة بالرشوة والرعب والقسوة, ومن مميزات المجتمع العراقي الحالي الهوة الواسعة بين مثقف وآخر, وبينهم وبين من سواهم أكثر من هوة واوسع من شق,إذ إختلطت المفاهيم بين الديمقراطية نفسها كممارسة, مما أدى إلى التناقض بين الفرد والدولة, وبين الفرد والحزب, وبين الفرد والمجموعة مع المؤسسة, ودخل العراق بناسهِ مرحلة التيه الحقيقي, والحوار الذي يجري في مؤسسة مجلس البرلمان العراقي يتجاهل النُخَبْ الثقافية والتكافؤ, ويتجنب التقدم, ويَحْذَرْ الحوار الجاد والمهم والضروري , ويخشى (الثقافة) لأن الأخيرة لا تعرف الحياد, وما يجري اليوم في العملية السياسية العراقية قائم على الحياد و التقية والتوافق والمصلحة التي تصب في خانة هذه الطائفة أو تلك.
ونصيب المثقف, والثقافة عموماً في طور المطاردة والوأد, لأن الثقافة لا تعترف باللون الرمادي فإما أن تكون مع التقدم أوضده, يقول الراحل (عبد الرحمن منيف) : أما أن يساعد المثقف في التغلب على الصعوبات والتحديات,أو أن يثير مجموعة من القضايا الفرعية والهامشية,لا ليشغل نفسه بها وإنما ليشغل الآخرين. بل أنه يثير معارك جزئية من شأنها أن تؤخر وتتعب, وبالتالي أن تساهم في إبقاء حالة التخلف. وهذا ما يجري في عراق اليوم .
من أمسية الجمعة الماضية للنادي العراقي في بورس / مملكة السويد, والتي درجنا على ديمومتها ما أفاض به الزمن علينا من زحمة البحث عن زادٍ بعرق الجبين دونه التسول على أبواب السلطات القذرة, ومنها سلطة ولاية الفقيه, التي يجري إستنساخها في عراق ألف ليلة وليلة , تناولنا ثقافة الحياد وعدمه و طرح (عماد المحمداوي "أبو هدير") الدور الإيجابي لإنحياز المُضيفْ والديوان والعشيرة العراقية في ظروف تأريخية للثقافة لإلتزامها الجانب الإنساني وحماية المعوز وأورد مثالاً لما لعبته الدواوين العراقية في حماية المتعلم والمناضل ضد السلطات, رغم أن (المَحْمِي) يختلف عنهم بكل الصفات عدا صفة الأنسنة, وروح التحدي للظلم والإنحياز للغد المشرق (التقدمي) وليس (الرجعي) وهو يقصد الديوان التابع للعشيرة التي كانت المرجع الإجتماعي وليس الديني , فألأخير دائما عدو التقدم لأنه (الضد) وفي الذاكرة ان بعضاً من السياسيين العميان أو العميان السياسيين قالوا في ندوات عدة في داخل العراق وخارجه : أن لا وجود لكلمة رجعي في ظل النظام الحالي وذلك لوجود وممارسة لحالة ديمقراطية.
والحق أن الديمقراطية ممارسة حداثية تشترط الحوار والإلتزام والإنتماء للتحضر والتقدم . والسؤال : أين هي الديمقراطية والحداثة في منع الفنون التشكيلية كالرسم والنحت والموسيقى والمسرح والغناء ؟ وأين هو وجه التقدم في منع السفور والفرح والخمر والنوادي الإجتماعية وأدبيات ونشاطات إتحاد الأدباء؟
الذي وُصف بقلة الأدب من مدعٍ ساذجٍ وخَرِفْ أنه مرجعيه دينية ! ويفترض أنه في غاية الأدب ويعتمد دستوره وفقهه ِالذي ينص بـ(جادلوهم بالتي هي أحسن.....).
في الأمسيةِ ايضا النقيض الذي راهن على موقف الحياد للمؤسسة العشائرية, التي إستغلها وأهانها النظام المقبورالذي أسس مبدأ (الفصل) حتى في صغائر الأمور, وهو ما عدّ عاراً وعيباً اليوم. في حين طرح آخرون الوجه البغيض لثقافة الحياد في العشيرة والسَلَفْ والديوان, حد أن عشيرة قاتلت أخرى بسبب (فأرة) والسبب هو الحياد, وهو ما يعني رفض المشاركة في صناعة الحياة بأدوات وعقل معاصر لما يجري لذا لابد من رفض لهذا. فهل سيخرج الحياديون من أزمتهم الأخلاقية وينحازوا لقيم إنسانية باتت هي معيار كل شئ؟
 


السويد 9 كانون الاول 2010

 


 


 

free web counter