| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

الأربعاء 7/1/ 2009



 زَينب (*) لـَم تَلطُم !!

رشيد كَرمـــة

من وحي عاشوراء, والذي إرتبط بوجداننا مع مافيه من ذكرى معركة الغاضرية (**) وخطبة الحسين المدوية :(
ألا وأن الدعي بــن الدعي قــد ركز بين السِلة والذلة , وهيهات منا الذلة , يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون , وحجور طابت وطهرت , وأنوف حمية , ونفوس أبية لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام )

الحسين : هو الأبن الثاني لعلي بن أبي طالب مـــن فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبد الله , وإسم " حُسين " مصغر لأسم أخيه الحسن , وهما من الأسماء المستحدثة في الأسلام , قُتل ونحو حوالي المائة من أهله و أصحابه في بداية 61 هجرية فــي كربلا , وأصل الكلمة الأسم آشوري إذ تتألف مــن مقطعين " كرب ": وتعني قرب والمقطع الآخر" لا " وهو تحريف آرامي كما يذكر الراحل ــ هادي العلوي ـ لكلمة إيل : أي إله . فيكون معنى " كربلا " قرب الآله , ويصرُالمُعَلِم ــ عدنان عيسى ــ منذ سنين عديدة على أن كربلا تعني ( مركز الكون ) !!؟؟
ورغم نشأة الأخوين في بيئة واحدة , ألا أنهما كانا قد إختلفا كثيرا ً, فالحسين أكثر حزما ً, وأقلُ ترفا ً, والأشهر معارضة ً والأميل ُ الى الجدية ِ, شجاعا ًغير هياب لم يتردد مـــن توجيه النقد للحكم الأموي وكان يستغل موسم الحج للقاء عدد أكبر من الحجاج لألقاء خطبه التحريضية كقوله في جمع منهم كما ورد في" تحف العقول ": أسلمتم الضعفاء في أيديهم , فمن بين مستعبد مقهور ومستضعف على معيشته مغلوب .. وكان أكثر إهتماما من أخيه بالقضايا المعيشية للناس وإنعكس ذلك على سلوكه الشخصي مع الفقراء , إذ كان يسعى للتخفيف من معاناتهم ضمن محيط نشاطه اليومي للفقراء, كما كان الحسين الأشد ُ إندفاعا ً في القتال ــ جاء في شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد م4ج16ص4 في رواية عــن علي بن أبي طالب : أنا أحدثكم عني وعن أهل بيتي , وأما الحسن فصاحب جفنة, ولو إحتدم القتال لم يغني عنكم شيئا ًفي الحرب, وأما أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منا ـــ [ وفي لسان العرب والقاموس المحيط الجفنة تعني القصعة والجفنة إذا ملئت شَحماً ولحماً فهي جفنة رَذُوم، ويقال جفنة مرتكِحةٌ، إذا كانت مكتنِزةً بالثَّريد, وبينما توفي الحسن بطعام مسموم من قبل إحدى زوجاته التسع ــ جعدة بنت الأشعث ــ قاتل الحسين جيشاً جرارا ًوتنقلُ المصادر عن احد شهود المعركة " فوالله مارأيت مكثورا ًقط قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ًمنه " .وقد تزوج الحسين من أربع نساء وكان بينهن إحدى أميرات البلاط الساساني وإسمها شهربانويه ــ جاء في بحار الأنوار للمجلسي 10/257 أنها إنتحرت في نهر الفرات بعد مقتله ــ وضمن التأريخ الحديث شاع أن مؤسس الجمهورية الأسلامية الأيرانية الأمام الخميني أوعز من طهران الى المرجع الديني آية الله الخوئي المقيم فــي النجف العراقية بالثورة علــى البعثيين فأجابه آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي : أنا حَسني .. نسبة الى مهادنة الحسن بن علي معاوية بن أبي سفيان .

ولقد إبتكر العراقيون وسيلة ناجعة ً لإحياء إستشهاد الحسين وتتمثل في مقارعة الأستعمار ونقد الحكومات الظالمة , ولم تخلو مطاليبهم من دعوات للسلام والتآخي وذلك عبر تنظيم مواكب العزاء هنا وهناك , وتشتهر محلة العباسية الشرقية فــي كربلا بطرح الآراء السياسية التي يـُحظر تناولها في الصحف والإجتماعات , لذا يجري إستغلال المناسبات الدينية ومنها الحسينية ففي عام ـ1951ـ كان مصدق قد حقق نجاحا سياسيا ً وإجتماعيا ً وإقتصاديا ً في ايران وكذلك جماعة الوفد في مصر ضد القصر والملك فاروق فكانت الردة في كربلا تقول :

                وتحررت ايران ومصر الأبية         واحنا يا بو حسين ظلينا بهبية
                              يا حيدر الكرار               فكنا من الاستعمار

للتوضيح لأخوتنا العرب (ابو حسين على بن ابي طالب وهو ايضا حيدر الكرار), والكرار هو الكثير الكر أي الانقضاض على الاعداء... و(هبية) محنة شديدة أصلها من الهبوة وهي الغبرة واشتقاقها على وزن شقية , ولكي يستقيم وزن الابيات يجب تسكين تاء تحررت وادغام ألف ( فُكنَمن الأستعمار ) في ميم من الساكنة ,,,,,,,, وفي عهد المشير عبد السلام عارف الذي شكل انقلاب 8 شباط الدموي عام 1963 برعاية آيات الله السيد محسن الطباطبائي والشيرازي على ثورة تموز كانت الردة :

          سجل يا أمن وأخبر مُشيرك                  لو ثار الشعب شنهو مصيرك

كتب المثقف الراحل والمفكر والباحث التراثي " هادي العلوي " فصلا ً مقتضبا ً عن الحسين فـــي كربلا جاء فيه :
اخذ شيعة العراق يقيمون مجالس تعزية في شهر محرم من كل سنة منذ وقت طويل يرجع الى القرن الرابع الهجري ويصحب هذه المناسبة ايضا طقوس إحتفالية تتم في الشوارع والساحات وتتضمن مشاهد مسرحية تعيد تصوير الحدث وفي غضون العصر العثماني صارت الاحتفالات تمتد خمسين يوم تبدأ من أول محرم وتنتهي بالعشرين من صفر الذى يصادف اربعينية الحسين ويسمي عوام الشيعة هذا اليوم مرد الراس ويقصدون به اليوم الذي رود فيه رأس الحسين الى جسده تبعا لبعض الروايات وتشتمل طقوس محرم بوجة عام على فعاليتين اساسيتين هما مجالس التعزية وشعائر اللطم .
أحدث َمقتل الحسين رد فعل مماثل لما احدثة قتل حِجرُ بن عدي الكِندي بأمر معاوية وكان ذلك الحدث قد اعتبر امتحانا لإمكان خضوع العرب لسلطان مستبد لم يتعودوا عليه في جاهليتهم , روى الطبري ان عبد الله بن مطيع مـــــن زعماء الحجاز توسل بالحسين ان لا يجازف بالخروج الى الكوفة قائلا له : والله لئن هلكت لنسترقن بعدك
( 4/261 ) يريد أن يقول : ان اقدام الامويين على قتل الحسين سيسهل عليهم اخضاع العرب لسلطانهم بينما تحول صمود الحسين واستبساله الى امثولة حيث يروى مثلا ان مصعب بن الزبير تذكره في قتاله ضد عبد الملك بن مروان بعد ان تشتت جيشه واحس بالوهن فانشد :

                  وان الأُلى بالطف من آل هاشم            تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

والقى بنفسة في أتون المعركة ليقاتل منفردا حتى قتل وكان مصعب مــــن اعداء الحسين .
ويشيد أكثر المؤرخين ومنهم أبو مخنف مؤرخ كربلا الأوثق إلى شجاعة زينب بنت علي التي طأطأ الكثير رؤوسهم لخطابها , بعد مقتل أخيها وذويها , وذكر المؤرخون بأن علي بن الحسين عليه السلام قال وهي تستنطق ضمائر الناس في خطبتها المشهورة : يا عمة اسكتي ففي الباقي من الماضي اعتبار، و انت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة، ان البكاء والحنين لا يردان مَن قـد أبادهُ الدهر، فسكتت. ولم يذكر التأريخ أنها لطمت وشقت كما يريد أنصار المغالاة .

 

(*) أبرزت ( كربلا ) شخصية نسوية متميزة هي زينب اخت الحسين وكانت متزوجة من ابن عمها عبد الله بن جعفر فتركته والتحقت بالحسين عند خروجه ِمن المدينة واصطحبت معها إبنتها وإبنين آخرين لزوجها من إمرأة أخرى قتلوا جميعهم في كربلا . ويـدلُ إلتحاقها به , أنها توقعت احتمالات كالتي حدثت فتهيأت لاداء دور فيها . وقد تولت بعد مقتل الحسين مسؤولية الأسرة بنساءها وصبيانها الأسرى وقامت في اثناء ذلك بالتحريض ضد الامويين وحاكمهم في الكوفة وأنقذت علي بن الحسين (زين العابدين ) من القتل بأمر يزيد , وكان علي مريض أثناء المعركة فلم يشارك فيها ,, وقد اختفت زينب بعد ذلك ولم يعرف مصيرها وليس للمرقدين المنسوبين اليها في دمشق والقاهرة أساس تاريخي يثبت انها مدفونة في اي منهما وحادث اختفاء زينب على يد الاموين من الاحداث الغامضة في تاريخ الاسلام . ( ص77 هادي العلوي ــ شخصيات غير قلقة في الإسلام ) .
(**) الغاضرية : نسبة إلى قبيلة من بني أسد كانوا يسكنون هناك ..


السويد 7/1/2009 
 

free web counter