نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

 

 

 

 

الثلاثاء 7 / 2 / 2006

 

 
 

 

خفقة قلب ... لماذا ؟

 

رشيد كَرمة

كنت ُرغم كل الإبداعات الأدبية المتنوعة والمتوفرة حينها مولعاً بما تنتجه أدبيات الحزب الشيوعي العراقي , وتحديدا في جريدة الحزب المركزية في سبعينات القرن العشرين حيث برزت الى الواجهة جريدة طريق الشعب كمنبر إعلامي راق ٍ والتي إحتفلت مع قرائها بالعدد 1000...وكان للإحتفال مغزى و أكثر من معنى في ظل تحالف غير متوازن ٍ ومريب مع أقذر منظمة مافيات تربعت على عرش سلطة العراق لأكثر من ربع قرن , وكان لكل بداية إسبوع إشراقة أخرى على الناس والوطن يرسمها شغيلة الفكر من الشيوعيين على شكل صحيفة إسبوعية متنوعة ذات فكر نير ٍمتحرر يزخر بالحياة والبهجة والتصميم لبناء غد ٍ أفضل وأجمل , وكان لإسم الصحيفة (( الفكر الجديد )) دلالة واضحة .
وإذا كانت جريدة طريق الشعب محاطة برعاية أفضل كوادر الحزب الثقافية ولجنته المركزية كونها لسان حال الحزب ,فإن لجريدة ألفكر الجديد الأسبوعية حصتها من الرعاية أيضا , وإذا كان لطريق الشعب من رهبان * نذروا أنفسهم للكلمة والناس وهم كثيرون أثروا الثقافة العراقية ولازالوا , فانني أعتبر يوسف الصائغ واحدا من رهبان جريدة الفكر الجديد ,
ولأن إختلفت مع يوسف الصائغ يوم الإمتحان الأصعب ** وسلكت طريقي بالعهد الذي قطعته على نفسي أن أكمل مشوار المحبة والعطاء بينما سلك هو طريقا أعلن ودونما مبرر عقد طلاق لقصة حب ظن أنها فاشلة ***!! ولم يكتفي بهذا بل تطوع لخدمة الفاشية والقتلة عبر قيادته لفيلق ٍ وهمي كان النظام البعثى بحاجة اليه .
رغم انني أعرف ٌ كما يعرف الجميع أن الغالبية العظمى من رموز ثقافتنا العراقية وفي مختلف المجالات من شعر ورواية ومسرح وسينما وتلفزيون وفن تشكيلي وموسيقى ومعهم آلافا ً مؤلفة ً من متنوري العراق ومثقفيه [ حوصروا ] يوم الإمتحان بل قل يوم الغدر ولم يتطوعوا لخدمة الدكتاتورية ,لابل ان البعض منهم إنزوى بهذه الحجة وتلك ومنهم من مات كمدا ً وغيضا ًومنهم من تمارض ومنهم من أصابه الوهن نتيجة المرض , ومنهم من صفي جسديا سواء داخل العراق أو خارجه ومنهم من إنتحر , ناهيك عن إستشهاد الكثير منهم في سجون ومعتقلات النظام البعثي , بل ويمكنني القول إن أكثرهم كان يتحين الفرصة للإفلات من قبضة الجلاد وليس في نيتي الدخول في تفاصيل وإن كانت تبدو مهمة لي ,
ولقد شاءت الصدف ان اكون في إيران في الربع الأول من الثمانينات وفي أزقة تواجد العراقيين في جنوب طهران( كُوجه مروي ) ,تعرفت ُ على تنظيم ديمقراطي عراقي جديد من خلال جريدته المركزية _ الغد الديمقراطي _ وفيه طالعت موضوعا قد يكون للراحل الرائع ( مصطفى عبود ) تحت عنوان ,,خفقة قلب,, تمنى فيها ان نتعاطف مع مثقفينا الأسرى في العراق , حيث آلة القتل مستمرة بالدوران وتحصد خيرة أساتذتنا ومعلمينا ومناضلينا ومنهم من أشار اليه بالإسم يوسف الصائغ !!!!!
حقيقة الأمر بكيت للمحنة التي عانى منها شعبنا وفي طليعتهم المثقفين ..وبكيت حينما لم أطالع الا إسم الصائغ فقط , وكنت قد إلتقيت حينها وأثناء قراءة الموضوع مع من يدافع عن موقف الصائغ ومبررات إرتداده ومن ثم نشره في جريدة الجمهورية البعثية موضوعا لا أحسبه إلا هروبا من موقف وإختلالا ً في التوازن وإنحيازا لقوة الشر .
ولما كنت قد إلتقيت الشاعر الجميل والمبدع (( كريم ناصر )) في تلك الأيام في طهران وأسسنا لمشروع إصدار نشرة شهرية تهتم بالشأن العراقي والعراقيين وهمومهم تحت إسم القاعدة الديمقراطية كتبت وبإسم مستعار ( احمد النعماني ) حيث كنت سكرتير تحرير النشرة موضوعا ردا على كاتب مقالة خفقة قلب ,,صببت جام غضبي على من يبرر إنحياز المثقف لجانب السلطة مهما كانت هذه السلطة ولعنت من شرع للديمقراطية السياسية دون الإجتماعية وشتمت من يروج للمداهنة مع القتلة ويبرر أفعالهم .
ومن هنا فإنني وبرحيل الرجل المتعدد المواهب (( يوسف الصائغ )) لم أشعر بخفقة القلب لأنه يخفق كما خفق وسيظل يخفق للكثيرين ممن لم يسيؤا للأمانة ولم ينافقوا ولم يتطوعوا لخدمة دكتاتورية قل نظيرها في التاريخ , ولكنني في نفس الوقت أختلف مع الرائع ( الفريد سمعان ) حينما يلغي وبجرة قلم كل ما أنتجه الشاعر والقاص والرسام والعازف والأديب والكاتب والصحفي القدير , يوسف الصائغ , حيث يقول الشاعر سمعان عنه في موضوع نشر في الصفحة الثقافية في موقع الطريق تحت عنوان ...قميص عثمان :

((((لأنه بالأساس كان مهزوزاً ومخاتلاً ولذلك فأن معظم ما كتبه بشتى الأشكال والأساليب لم يكن له أهمية لانه يفتقر للصدق والكياسة .. وقد حمل سلة العار على رأسه منذ زمن بعيد وتورط مع نفسه واهله وشعره والقيم النبيلة .))))
ومن الواجب هنا ان أتذكر ما قاله الشاعر الراحل يوسف الصائغ وكان بمعية ( إبراهيم اليتيم )في أحد أماسي إتحاد الأدباء _ بغداد _ في السبعينات بصدد نتاج نجيب محفوظ إذ بارك الأخير نهج انور السادات وإتفاقية كامب ديفيد حيث قال الصائغ :علينا ان نكون حذرين مما يكتب بعد موقفه الأخير اما نتاجه قبلها فهو منتمٍ لنا بشكل وآخر .


* الرهبان ::إشارة الى من ذاد وتحلى بخصال ٍ ألراهب الزاهد من أجل الزاد الثقافي للناس
** الأمتحان الأصعب : يوم غدر البعث وعلى رأسهم الجلاد صدام بالحركة الوطنية العراقية وفي مقدمتهم الشيوعيين في نهاية السبعينات فكان أصعب الإمتحانات قطعا ً
*** قصة حب فاشلة . براءة الشاعر يوسف الصائغ من الشيوعيين ومن تاريخ الحزب الشيوعي على مدى ربع قرن , نشرت وبتلذذ ٍ وبمغزى من قبل أجهزة النظام ومن قبل من عادوا اليوم بلباس جديد!!!