| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

rashid_karma hotmail .com

 

 

 

                                                                                   الثلاثاء 6/9/ 2011

 

نحن أهل فرح.. ولم لا؟

رشيد كَرمــــــة 

غصت قاعة البيت الثقافي العراقي في مدينة يوتبوري ـ السويد ـ مساء الثاني من أيلول بالناس , أعرف منهم الغالبية,أُناسٌ طيبون,وأكثر من هذا وطنيون,حريصون على العراق وتراثه, متلهفون لرؤية العراق معافى من الدكتاتورية العسكرية والمدنية والدينية,حفلٌ مميز نُظِمَ بمناسبة عيد الفطر, ضيف الأمسية فنان جنوبي ,إستولى على الساحة الغنائية العراقية منذ مطلع السبعينات وقبلها بقليل,,حفظت العراقيات قبل العراقيين "ترتيلاته" وأغانيه, في العشق الممنوع,ولوعة الحب,ونخيل سماوة العراق,والسماء ونجومها,والغربة وعذابها المر, وغزل البنات,,وسرقة الكلمات من الشفاه العاشقة ونهر الغراف والكَرمة بل والعراق كله..

وقف الجميع لأستقباله,بل إستعانت إمرأة ضمن عائلة كوردية, من كوردستان العراق,بكرسي إعتلته كي ترى وجه العراق الجنوبي الذي يُراد له البكاء والعويل, وطمسه في دهاليز التراث السلبي فقط,إنه (حسين نعمة) هتف رفيقي التكريتي : عاش (حسين النعمة ) ألمحتُ لكل الوجوه وأنا أترصد الفرح من مكاني في سيمائهم لم أجد أجمل وأنقى منها,كانت عائلة كبيرة في فرح كبير,وحلم أكبر, شاهدت الكوردي والمسيحي والبصري والكربلائي والكظماوي والبصري والسماوي والنجفي وأهل الديوانية , والناصرية,كلٌ يغني ويرقص من مقعدهِ وإن ذهبت به النشوة رقص من مكانه هكذا رصدت ( علاء, وطالب, ومحسن ,ومحمد ) وآخرين بل تلصصت على أقدام الكثيرات والكثيرين ممن أقعده الخجلْ ,بينما رأيت المًقْعَدْ (خليل الصالحي) الذي أصيب بطلقة (حزب البعث إبان إنتفاضة آذار) يرقص على عجلته الخاصة,ورأيت بناتنا وشقيقاتنا وزوجاتنا , وأشقائنا وأبنائنا والأزواج,وبينهم عدد كبير من العزاب والعازبات, يحركهم (النعمة حسين) بأعذب الألحان ,لعراقيين رحلوا ,وآخرين أحياء.

هتف (ابو يسرى) الله الله هذا عمل زامل سعيد فتاح , وآخر قال : كم هو جميل (محمد جواد أموري ) و(القرغولي) ربما لم يجد أو يقابل المطرب العراقي الجنوبي (حسين نعمة) مثل هذه الشريحة,وإن إلتقى فجمهور الحفل كان مميزاً ورائعاً .

شخصياً وقفت أنا وزوجتي وأبنائي لأستقباله,وكان الملفت للنظر أن كاميرات التصوير هي الشغل الشاغل للناس ,ولم لا ؟ إنه الفرح الذي يصنعه الناس ,إنها تجربة شجاعة ومميزة للبيت الثقافي العراقي لفنان قدّمَ نفسه كعاجزٍ أمام هذا الكم من الحنين وتلبية الرغبات و أكاد أجزم أن العفوية والتلقائية عند الحضور بددت توتره, بإختصار كان (حسين نعمة) ناجحا في التقرب والتواصل مع جمهور جله من المتعلمات والمتعلمين , أحاطوه بالحب ما دفعه لأن يتغلب على الخشية التي يهابها اي فنان لم يعرف ماذا يريد أن يقدم وماذا يريد الناس .

يذكر الراحل الفنان العراقي (قاسم محمد) عن بغداد العراق وتوقه للفرح الكثير وذكر في مقابلة متلفزة وصحفية في طريق الشعب لسان حال الحزب الشيوعي العراقي أن في بغداد وحدها كان أكثر من ألف مغني ومغنية ,, ونقل ابو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني: أن حنين * زار أبن سريج ** والغريض *** ومعبد **** في المدينة فلم يرَ يوم كان أكثر حشراً, ولا جمعا يومئذٍ, ودخلوا فلما صاروا في بعض الطريق, قال لهم (معبد) صيروا إلي , فقال(إبن سريج) أن كان لك من الشرف والمروءة مثل ما لمولاتي (سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب ) عطفنا إليك, ثم عدلوا إلى منزل (سكينة) وكانت الدار قد غصت بهم وغنى (حنين): هلا بكيت على الشباب الذاهب! فغناهم. فقالوا: ما كنا لنتقدمك ولا نغني قبلك , حتى نسمع هذا الصوت. فغناهم إياه.وإمتلأ الناس سروراً وبهجة,وكذلك فعل (حسين نعمة) مؤكداً للجهلة والغارقين في الظلام إننا نحن أهل فرح ,وغدأ أفضل من أمس !!


الهوامش
* حنين الحيري : من بني تميم,سكن الحيرة, ولم يكن في العراق يومذاك مغنياً غيره, عاصر الدولة الأموية.
** إبن سريج : غنى لأول مرة في زمن ( عثمان بن عفان) قالوا عنه :إنه يفتن الناس بالأغاني الخبيثة.
*** الغريض : وسمي كذلك لأنه يشبه الجمار"الأغيرض" ولصعوبة اللفظ حذفت الألف, وكان يضرب العود وينقر الدف, وكان يَصّنِعْ نفسه ويبرقها, قبل أن يغني.
**** معبد : أحد أهم المغنين في العصر الأموي .

المصدر : كتاب الأغاني لأبو الفرج الأصفهاني

 

3 أيلول 2011 السويد


 

free web counter