نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

رشيد كَرمة

 

 

 

 

الثلاثاء 2 / 5 / 2006

 

 

 

ياسيد الحزن يا عراق *


رشيد كَرمة

أقامت لجنة تنسيق منظمات الجالية العراقية في مدينة يتبوري / السويد , مهرجانا إستذكاريا_ الذكرى الثالثة لأكتشاف المقابر الجماعية التي تضم رفات الشهداء من شيبة وشبيبة العراق من الجنسين ومن مختلف القوميات والأديان والمذاهب وهو حدث سيظل لفترة طويلة شاهد إثبات على ( لا عدالة ) الأنظمة أيا كان شكلها ولونها وآيديولوجيتها **, فبؤسا ً لكل القوانيين التي تحكم الإنسان و العالم وسحقا لكل المبررات والأعذار التي يسوقها الدجالون والمثاليون , فالموت ليس حق بأي شكل من الأشكال , وستبقى كلمة (( آه )) وهي آخر كلمة إستغاثة أطلقها ويطلقها الشهداء دون سابق إتفاق ومعرفة , نتذكرها مدوية تثير فينا الشجن والحزن والأسى ولوعة العاشق لأنها تمثل مدلولات وأسئلة وإحتجاجات أزلية لمعاناة بني البشر على مر التاريخ ولا غرابة في ان يكون معنى الآه لماذا ؟ وبأي ذنب .....؟وهلم جرا.....
ومن هذا المعنى جاء جهد الأحزاب والنوادي العراقية في أمسية 30 نيسان حيث إمتلأ مدخل القاعة بصور عظام وهياكل للبشر قد تكون لأخي وقد تكون لأبي وقد تكون لطفلة شرعت باللعب مع قريناتها حتى داهمها غاز الخردل في حلبجة ,,,,ورغم الإتفاق على موعد إبتداء الحفل الساعة الخامسة والنصف ألا ان العادة السيئة لابد منها وهو الإنتظار الى ساعة إضافية حرصا على التقاليد ليس إلا ..وستضاف الى عادتنا مسألة فن الإنصات التي ستأخذ وقتا طويلا كي نتعود عليها فبرغم طلب عريفة الحفل (جمانه ) بإغلاق أجهزة الهواتف الخلوية ألا ان البعض لم يمتثل لذلك بل ان سيدة محجبة جالسة في الصف الأول والقريبة من المسرح أجرت إتصالا هاتفيا أثناء العرض المسرحي الذي قامت بتوليفه وإخراجه _أنوار البياتي _ عن نص لمثقف كردستاني رائع هو شيركو بيكس حيث يقول في ( القصيدة الخرساء ) :
آه عراق ..
آه بغداد , غريقة سحر النفط / جذابة العالم كله
نحن في هذا البلد
بلد العشق والنار الأزلية
نتشكل من هذا وذاك ...آه بغداد ..آه عراق ...من كان المٌغَيب ؟ ولعل إستخدام المرايا في المسرح لم يكن حديثا ويوظف عادة لخدمة النص حيث تشرك مخرجة العمل المسرحي التجريبي أنوار البياتي جمهور الحاضرين الذين تنعكس شخوصهم على المرايا للإجابة والبحث عن السؤال ولتوكيد حقيقة اننا جميعا معنيون بما حصل وما يحصل هنا وهناك .
مديد هو دخان هذه الغابة الحزنى كقامة خارطتي
مديد هو دمع هذه الجبال بل أطول من دجلة والفرات
مديدة هي صرخة أزقة شوارع هذا الجسد حتى حضرة الله
مديدة ,مديدة هي غربتي ......
لقد توزع المسرح في قاعة بيت الشعب في (همار كولن ) بين رموز المقبرة , المحرقة التي دمرت العراق وبين بقايا من ستر ينزع فيه الفرد سره ويخلد لوحدته , ولحلمه ولربما أضاف للعمل شيئا من رومانسية اللون البنفسجي وشكل ملابس نسائية في ظل خراب عام وشامل إ ذ وقع الطائر ( العقاب ) في الأسر في ظل إختلاط الحابل بالنابل وفي ظل ضياع جميع المقاييس .:
كيف دخلت المديات الى حضني الأبيض ؟
كيف دخل اللصوص هؤلاء ...؟ كيف وصلوا الى فراشي ......؟
كيف خصي الجواد ؟
وأنى سرق هذا الوطن العظيم ؟؟؟
فلقد فندنا كل تنبؤات السياسيين والإقتصاديين والسي .آي . أي,,والكي .جي .بي ,,اليسار واليمين والخمارة وقاعات المؤتمرات ...
وجعلنا إسطرلاب السياسة ينخدع ...
وجعلنا الـتأريخ وديالكتيك التأريخ وقانون الأضداد وقانون التطور و,,ووو
والكنائس والجوامع وكل نظريات ماركس ترتمي في التيه
وهاهو الجلاد مستأنس تحت ((((السقوف الأسمنتية ))))...
آه آه آه
لم تتوسط خارطة العراق في المسرح بل تركت أجزائه تتراخى ولم تستقر الراوية ( أنوار البياتي ) الضحية في مكان معين رمزا للقلق والألم , كما انها رمزت لبؤس الأم العراقية المتشحة بالسواد وممثلة لجيل شاخ قد ينقل سؤاله ومعاناته لجيل ثان ( عبير نجاح )ولربما جيل ثالث ( أماني الواسطي ) اللآئي حملن ضوء الشموع الى المقبرة التي إختلطت فيها حبات الصخور وذرات التراب وبقايا بشر
لا أعرف ما الذي أرويه لكم
أهذا كل ماتبقى من ضفائر ........
أهذه حلمة ثدي أم .....
أهذه مقل أم ....
أهذا رأس أبي .....
انا لا أعرف كيف أفرق هذه الأشياء بعضها عن البعض....
لقد حاولت انوار البياتي تطويع نص يحتاج لوقت كاف في زمن قصير مما أخل بإيصال الفكرة الرئيسية ,وهي على أية حال كان عليها ان تحفظ النص بدلا من قرائته فالمسرح يعتمد على حركة وتعبير كل اطراف الجسد والوجه إضافة للصوت والإلقاء ومقاطع الكلمات كما ان الإنارة التي نفذها ( هادي الواسطي ) لم تكن بالمستوى المطلوب شأنها شأن المؤثرات الصوتية وكان بالإمكان الإستعداد جيدا لأي فعل مسرحي سيما وان انوار البياتي من مواليد 1953 بغداد خريجة أكاديمية الفنون قسم المسرح شاركت في عدة أعمال مسرحية وسينمائية وتلفزيونية في داخل العراق وخارجه
شاركت في مسرحية الجرة المحطمة _ بيراندلو _ إخراج بدري حسون فريد 1974
مسرحية عائد الى حيفا _ غسان كنفاني
كَلكَامش إخراج سامي عبد الحميد
الصغير الكبير لمسرح الستين كرسي للمخرج أديب القليجي
مسرحية شفاه حزينة _ لطيف صالح
وكان آخر عمل لها في بغداد قبل مغادرتها العراق بيت برناردا إلبا
غارسيا لوركا . إخراج سامي عبد الحميد
غادرت العراق إبان تعرض الحركة الوطنية للهجمة الشرسة متوجهة الى إيطاليا ومن ثو جيكوسلفاكيا واليمن وإلى كردستان وسوريا ثم بلغاريا حيث درست مادة التمثيل الدرامي ومنحت ماجستير تمثيل بدرجة ممتاز
كانت مسرحية عرس الدم للوركا عملا تطبيقيا في بلغاريا
مثلت في مسرحية الخادمات _ جان جينيه من إخراج جواد الأسدي وهي مرحلة مهمة من مسيرتها المسرحية ولقد عرضت المسرحية في برلين ضمن أنشطة ثقافية متعددة
مثلت في أكثر من مسلسل تلفزيوني سويدي يعالج فيه النص كيفية تنشئة الجيل المهاجر
بيترا ريفينيه في ( المرأة الراقصة )
لعلني بهذه العجالة لم أشبع موضوعة المسرح ولكنني أشرت بشكل وآخر لأهمية الحاجة إليه واتمنى للرائعة انوار البياتي الإستفادة من إمكانيات النوادي والبيوت الثقافية العراقية لتنشئة جيل مسرحي يعطي للعراق ثقافة نحن بأمس الحاجة اليها


* سيد الحزن ياعراق ...عنوان قصيدة للشاعر عدي كرماشة ألقيت في الأمسية
* *
إقتباس من برقية النادي العراقي في بوروس إلى ذكرى المقابر الجماعية

إلى ذوي ضحايا المقابر الجماعية في ربوع وادي السلام والأنفالات في كردستاننا الحبيبة
الى شهداء إنتفاضة آذار المجيدة وإلى كل من سقط صريعا من أجل درء خطر الدكتاتورية البعثية :

ستبقى صوركم حية ًفي ضمائرنا وسيبقى مشهد المقابر الجماعية الشاهد الأبرز على وحشية الجلادين والعلامة الفارقة لسوء الأنظمة العربية والإسلامية والعالمية .....
نشد على أيادكيم يامن تقرعون جرس الذكرى والخزي والعار للقتلة ....


النادي العراقي في بوروس